ألمانيا أكبر الخاسرين من مغادرة بريطانيا «الأوروبي»

الأنظار تتجه نحو ميركل وقدرتها في الحفاظ على تماسك الاتحاد

وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله اعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خطرًا على الاقتصاد البريطاني والعالمي (إ.ب.أ)
وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله اعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خطرًا على الاقتصاد البريطاني والعالمي (إ.ب.أ)
TT

ألمانيا أكبر الخاسرين من مغادرة بريطانيا «الأوروبي»

وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله اعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خطرًا على الاقتصاد البريطاني والعالمي (إ.ب.أ)
وزير المالية الألماني فولفغانغ شويبله اعتبر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي خطرًا على الاقتصاد البريطاني والعالمي (إ.ب.أ)

من غير المعروف عن الشعب الألماني التعبير عن العواطف الجياشة، ولا يعد وزير المالية الألماني المعروف بصرامته المشهورة، فولفغانغ شويبله، استثناء عن ذلك.
ولكن عندما وجِه إليه سؤال في الآونة الأخيرة عما يمكن لألمانيا فعله إذا ما صوتت بريطانيا لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي، لم يملك إلا التعبير الصريح عن مشاعره، حيث قال الوزير الألماني المخضرم والبالغ من العمر 73 عاما: «سوف نبكي بحرارة».
ولقد أثارت تعليقاته سخرية الكثيرين. ولكن بالنسبة لألمانيا، وهي الدولة التي تجد نفسها وحيدة أكثر فأكثر في المستويات العليا من رئاسة الاتحاد الأوروبي، فإن تلك التصريحات تعكس شعورًا حقيقيًا بأن البلاد تقترب كثيرًا من المحك بشأن التصويت البريطاني على عضويتها في الاتحاد المقرر في 23 يونيو (حزيران) من هذا العام. ومن وجهة نظر شويبله، وغيره من كبار صناع السياسة الألمانية، فإن المغادرة البريطانية للات حاد الأوروبي ستعود بعواقب كارثية، على ألمانيا وعلى رؤية أوروبا المتكاملة التي سعت برلين لبنائها بثبات خلال السنوات الماضية.
وتعاني هذه الرؤية الأوروبية من المزيد من الضغوط بسبب أزمة الديون اليونانية المتفاقمة، وارتفاع تيار اليمين السياسي المتطرف، وأزمة اللاجئين والمهاجرين غير المسبوقة، وسياسات روسيا الانتقامية، وهي كلها عوامل ساهمت في تمزيق الوحدة الأوروبية خلال العامين الماضيين.
ولكن التصويت البريطاني لمغادرة الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يسبب جراحا أكثر خطورة لبقية الدول الأعضاء. ومع استطلاعات الرأي التي تظهر احتدام المنافسة حول المسألة، بدأت ألمانيا في مراجعة حساباتها بهدوء مع الخيار غير المستساغ، الذي يمكنها مواجهته إذا ما عزمت بريطانيا المغادرة، وهو إمكانية تفكّك الاتحاد الذي عملت بمنتهى العناية على بنائه. أما الخيار الثاني يكمن في لعبها دور البلد الأوروبي المهيمن، الذي منذ حملتها الكارثية وراء السلطة في الحرب العالمية الثانية، عمدت برلين على تجنبه بكل قوة وإصرار. وتقول دانييلا شوارزر، مديرة مكتب برلين لصندوق مارشال الألماني: «لا تريد ألمانيا أن تكون في هذا الموقف. فألمانيا تريد دورا قياديا في أوروبا، ولكنها لا تريد هذا الدور بمفردها».
إلى جانب فرنسا، كانت كل من ألمانيا وبريطانيا ومنذ فترة طويلة اللاعبين الرئيسيين والأكثر أهمية في الجهود الأوروبية الرامية إلى صياغة الوحدة داخل القارة العجوز. ولكن على الرغم من أن الألمان كانوا يقومون تقليديا بدور مسرع المشاريع، إيمانًا منهم بأن الاتحاد الفاعل هو المسار الوحيد وطويل الأجل نحو السلام والازدهار الأوروبي، فإن بريطانيا وفي نفس الفترة كانت تقوم مقام المكبح، من حيث مقاومة المحاولات المستمرة نحو التكامل التام بين مختلف دول القارة من الجانبين السياسي والاقتصادي.
والمقاربات شديدة التباين تعكسها الرايات التي ترفرف أعلى مباني البرلمان في برلين ولندن. فعلى أعلى مبنى البرلمان الألماني يرفرف علم الاتحاد الأوروبي بنجومه الشهيرة، جنبا إلى جنب مع العلم الوطني الألماني. ولكن فوق مبنى البرلمان البريطاني، يرفرف علم بريطانيا وحيدا.
ومع ذلك، فإن غياب بريطانيا بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، البالغ عددهم 28 عضوا حاليا، سيكون مؤثرا بقدر كبير. ومع فرنسا التي تعاني من مشكلات اقتصادية وسياسية عميقة، تجسد المملكة المتحدة القوة الوحيدة الكبيرة داخل الاتحاد الأوروبي، على الجانب الآخر في مواجهة ألمانيا. وتمتلك بريطانيا ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، وصاحبة أبرز المراكز المالية في القارة، ومقعدًا دائمًا في مجلس الأمن الدولي، وترسانة من الأسلحة النووية.
وإذا ما عزمت بريطانيا المغادرة - وهو الأمر المعروف إعلاميا باسم «الخروج البريطاني» أو «بريكزيت» - فمن شأن ذلك تعزيز القوى المناوئة للاتحاد الأوروبي في بلدان أخرى. ولقد حذر رئيس وزراء التشيك بالفعل من «الخروج التشيكي»، وأعربت الأحزاب الشعبوية في مختلف أرجاء القارة عن سعيها لإجراء الاستفتاءات المماثلة للاستفتاء البريطاني.
والقلق بشأن التداعيات المحتملة للقرار البريطاني بمغادرة الاتحاد الأوروبي لا يقتصر على أوروبا وحدها. حيث حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن الخروج البريطاني من شأنه «إلحاق أضرار إقليمية وعالمية خطيرة من خلال تعطيل العلاقات التجارية القائمة بين مختلف الدول».
وقالت شوارزر إنه في ذلك اليوم، وبعد التصويت على الخروج البريطاني، إذا حدث، سوف تواجه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ضغوطا هائلة للتدخل بقوة من أجل الحافظ على تماسك الاتحاد الأوروبي. وتساءلت شوارزر قائلة: «من غيرها بإمكانه أن يقوم بذلك في تلك اللحظات؟»
وقبل أقل من عام مضى، كانت فكرة الخروج البريطاني من تلقاء نفسها بدت وكأنها فكرة بعيدة المنال. ولكن الاستفتاء الذي تعهد به ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني، لاقى الكثير من الجدال والنقاش على غير التوقعات.
وأظهرت استطلاعات الرأي نوعا من «التعادل» بين المعسكرين، حيث أعرب معظم المحللين عن توقعات طفيفة بشأن بقاء بريطانيا ضمن الاتحاد، ولكنهم اعترفوا في الوقت نفسه بأن دعاوى المغادرة يزداد زخمها حينا بعد حين.
وليس للشعب الألماني، بطبيعة الحال، من كلمة في الاختيار البريطاني. ولقد ظل المسؤولون الألمان محجمين عن موازنة الأمر أو الضلوع فيه بصورة كبيرة. ولقد صرحت المستشارة ميركل أنها تعتقد أنه من مصلحة ألمانيا أن تبقى بريطانيا العظمى عضوا فاعلا في اتحاد أوروبي قوي وناجح - وهو تصريح يتسق مع تصريح الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومن المرجح أن يعاود استخدامه مجددا في زيارته المرتقبة للمملكة المتحدة خلال الأسبوع المقبل.
ولكن المستشارة ميركل ظلت بعيدة قدر الإمكان عن التدخل في مسألة الخروج البريطاني من الاتحاد، ربما بسبب الإقرار بالمصالح والالتزامات السياسية الألمانية في بريطانيا. وقالت إنها على ارتباط وثيق بسياسة الباب المفتوح الأوروبية حيال اللاجئين والمهاجرين، في نفس الوقت الذي يستخدم فيه أنصار الخروج البريطاني نفس القضية ذريعة لابتعاد بريطانيا قدر الإمكان عن أوروبا ومشكلاتها الحديثة.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
TT

زيلينسكي يتهم بوتين بارتكاب جرائم حرب «جديدة»

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو (ا.ف.ب)

اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يوم أمس (الجمعة)، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بارتكاب جرائم حرب جديدة في أعقاب الهجوم الصاروخي على مدينة دنيبرو بصاروخ جديد متوسط المدى.

وقال زيلينسكي في كلمته المسائية عبر الفيديو: «عندما يبدأ شخص ما في استخدام دول أخرى ليس فقط للإرهاب، ولكن أيضاً لاختبار صواريخهم الجديدة من خلال الإرهاب، فإن هذه بالتأكيد جريمة دولية».

وقال زيلينسكي إن سلوك روسيا «يسخر» من مواقف الصين ودول الجنوب العالمي الداعية إلى الاعتدال. داعياً مرة أخرى إلى رد فعل قوي من المجتمع الدولي.

كما وجه زيلينسكي نداء إلى مواطنيه والدبلوماسيين الأجانب العاملين في كييف. وقال إن أوكرانيا تعمل على تعزيز دفاعها الجوي. ومع ذلك، يجب أن يؤخذ كل إنذار بغارة جوية بشكل جدي، ويجب الاحتماء في حالة الخطر.

وفي الوقت نفسه، قال إنه لا ينبغي استخدام التهديد المحتمل من هجوم صاروخي روسي كذريعة للتوقف عن العمل، في إشارة إلى السفارات المغلقة جزئياً في البلاد.

وأضاف: «عندما تنطلق صفارة الإنذار، نذهب للاحتماء. وعندما لا تكون هناك صفارة إنذار، نعمل ونخدم»، مشيراً إلى أن بوتين سيواصل ترويع أوكرانيا «لقد بنى قوته الكاملة على هذا».