صناعة السيارات في الصين تعتمد خطة توسعية لا توازيها زيادة المشترين

توقعات بإنتاج يفوق نظيريه الأميركي والأوروبي مجتمعين

إعلان في مدينة غوانزو الصينية عن سيارة «كاديلاك» مغمورة في حوض تحت الماء مع أسماك الزينة (غيتي)
إعلان في مدينة غوانزو الصينية عن سيارة «كاديلاك» مغمورة في حوض تحت الماء مع أسماك الزينة (غيتي)
TT

صناعة السيارات في الصين تعتمد خطة توسعية لا توازيها زيادة المشترين

إعلان في مدينة غوانزو الصينية عن سيارة «كاديلاك» مغمورة في حوض تحت الماء مع أسماك الزينة (غيتي)
إعلان في مدينة غوانزو الصينية عن سيارة «كاديلاك» مغمورة في حوض تحت الماء مع أسماك الزينة (غيتي)

يعد مصنع سيارات «كاديلاك» الجديد، الواقع في ضواحي مدينة شنغهاي الصينية، من مزارات التصنيع الحديث الرائعة، وهو ذلك النوع من المصانع التي يحلم صناع السيارات في جميع أنحاء العالم ببناء مصنع مماثل له، ولكن نادرا ما يمكنهم تحمل التكاليف.
وتعمل المئات من الروبوتات، التي تقوم بمختلف المهام والأعمال بالمصنع، على تجميع الجسم الرئيسي لسيارة «كاديلاك» الجديدة طراز «سي تي 6». ويجري تجميع الجسم الخارجي للسيارة الجديدة المصنوع من معدن الألمنيوم خفيف الوزن باستخدام مثبتات الليزر، وهي أساليب حديثة للغاية في تجميع السيارات كانت شركة «جنرال موتورز» الأميركية أول من استخدمها في مصانعها بالولايات المتحدة. وتعمل روبوتات ياردلونغ الصينية، على غرار مثيلاتها الميكانيكية الأميركية في ولاية ألاسكا، على سحب عربات الأدوات التي يبلغ طولها خمسة أقدام إلى خط تجميع السيارات.
يقول بول بيوتاو، رئيس خط التصنيع لدى شركة «جنرال موتورز» في الصين، إن «خطوط الإنتاج تبدو على غرار خطوط تكنولوجيا صناعة الطائرات أكثر من كونها خطوط إنتاج سيارات تقليدية، حيث نرى هياكل السيارات المصنوعة من الصلب التي يجري تجميعها في موقع واحد».
ويأتي ذلك المصنع الجديد بوصفه جزءًا من خطة التوسع الجريئة للغاية التي اعتمدتها شركات صناعة السيارات في الصين، التي تعد أكبر سوق للسيارات الجديدة في العالم والأمل الأكثر إشعاعا لتلك الصناعة العملاقة خلال الـ15 عاما الماضية. لكن الاقتصاد الصيني يشهد تباطؤا كبيرا في الآونة الأخيرة، مما يترك لكثير من صناع السيارات عديدا من المصانع العاملة، وما لا يكفي من المشترين.
وتعتزم شركة «جنرال موتورز» افتتاح مصنع جديد في الصين، في مقاطعة ووهان، بتكلفة مليار دولار في مطلع العام المقبل. كما تخطط شركة «فولكسفاغن»، المنافس الرئيسي لشركة «جنرال موتورز» في الأسواق الصينية، لافتتاح مصانع كبرى لتجميع السيارات خلال العام المقبل إلى جانب مصانعها الحالية والموجودة في مدن فوشان، ونينغبو، وبيتشنغ، وتهدف إلى بناء مصنع آخر في مدينة تشينغداو بحلول عام 2018. وتخطط شركة «هيونداي» الكورية إلى استكمال تشييد مصنعها الواقع إلى جنوب العاصمة بكين بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) ، وبناء مصنع آخر في مدينة تشونغتشينغ بحلول العام المقبل، بينما تدخل شركات صناعة السيارات الصينية مثل «غريت وول» و«تشانغان» على خط بناء مزيد من المصانع بقدرات تصنيعية كبرى.
وتتوقع مؤسسة «سانفورد بيرنشتاين» للأبحاث ارتفاع قدرات صناعة السيارات في الصين إلى مستوى 22 في المائة خلال العامين المقبلين، مما يزيد الطاقة الإنتاجية إلى 28.8 مليون من السيارات العادية، والسيارات الصغيرة، والسيارات الرياضية متعددة الاستخدامات على أساس سنوي. وتكاد هذه النسبة تقترب من مجموع ما تنتجه الأسواق الأميركية والأوروبية مجتمعة، وهي نسبة تفوق جميع التقديرات والتوقعات، التي تفيد بأن ترتفع المبيعات في الأسواق الصينية حتى مستوى 25 مليون سيارة خلال العام المقبل.
وتندفع شركات صناعة السيارات نحو التوسع والتمدد داخل السوق الصينية في الوقت الذي يشهد فيه النمو الاقتصادي في البلاد أدنى مستوى له منذ أكثر من ربع قرن من الزمان. وتعمل الصين في الوقت الراهن على إغلاق مناجم الفحم في مختلف أنحاء البلاد إلى جانب خطط أخرى بإغلاق مصانع الصلب. ويتجه منحنى الصادرات الصينية نحو الهبوط المستمر. وبدأت الوحدات السكنية الخاوية في الانتشار في كثير من المدن الصينية. ومن واقع القلق المتزايد حول التلوث والاختناقات المرورية المتكررة، تعمد كبريات المدن الصينية إلى الحد من عدد السيارات التي يجري تسجيلها سنويًا.
ولكن على سطح الأحداث، تبدو مبيعات السيارات في الصين متمتعة بقوة كبيرة؛ حيث صار لمزيد من العائلات الصينية المقدرة على شراء السيارات الجديدة ويتدفق كثير من المشترين على مختلف صالات العرض. ولقد ارتفعت مبيعات السيارات العادية، والسيارات الصغيرة، إلى جانب السيارات الرياضية متعدد الاستخدامات بواقع ثماني نقاط مئوية خلال العام الماضي ومنذ آخر ارتفاع مسجل تحققه في عام 2014.
وليس كل المشترين من فئة المثقفين والمتعلمين الصينيين أو من أصحاب الأعمال الرفيعة داخل البلاد، لكنهم كذلك من بين فئة المستفيدين من النمو، الذي تضاعف ثماني مرات، لأجور طبقة العمال الكادحين خلال السنوات العشر الماضية أو نحوها. ولقد كان تشو غينكاو، وهو من سائقي الشاحنات، يقف مؤخرا في أحد معارض شركة «فولكسفاغن» للسيارات انتظارا لسداد مبلغ 12.300 دولار لقاء سيارة «سانتانا» البيضاء الجديدة التي ابتاعها. ولقد فسر ذلك بأن حياته لا معنى لها من دون سيارة يمتلكها.
وأضاف السيد غينكاو قائلا: «نفعل ذلك حتى لا نضطر إلى المشي يوميا».

* تراجع الازدهار
هناك إشارات على تراجع الازدهار في مبيعات السيارات داخل الصين الذي استمر منذ عام كامل تقريبا. فعقب تراجع مبيعات السيارات عبر ثلاثة أشهر على التوالي، قررت الحكومة الصينية في سبتمبر (أيلول) الماضي خفض ضريبة المبيعات على السيارات بمحركات (1.6 لتر) أو أقل بواقع 5 نقاط مئوية، وذلك حتى نهاية عام 2016. ولقد كان المستفيدون الرئيسيون من ذلك القرار هم شركات صناعة السيارات الصينية المحلية، وأغلبها تابعة للحكومات البلدية أو حكومات المقاطعات، التي تعمل على تجميع مكونات السيارات الرخيصة مع المحركات الصغيرة.
وكان من شأن تخفيض مماثل على ضرائب المبيعات أن سبب ارتفاعا في مبيعات السيارات بين عامي 2009 و2010. ولكن القرار كان قد شجع المستهلكين على الشراء العاجل بالأساس. وعندما انقضى أثر التخفيض على ضرائب المبيعات، اعتدلت مبيعات السيارات بالأساس خلال العامين التاليين.
ومع تخفيض الضرائب على المبيعات، والمقرر له أن ينتهي قريبا، سوف يكون عام 2017 من الأعوام الكبيسة على صناعة السيارات، حيث لن تشهد نموا يذكر خلاله، كما يقول ييل تشانغ المدير التنفيذي لمؤسسة «أوتوموتيف فورسايت» الاستشارية ومقرها في شنغهاي.
وتركز شركات صناعة السيارات متعددة الجنسيات على القطاعات الأكثر ربحية، التي تنمو تلقائيا ومن دون الحاجة إلى مثل تلك الحوافز. لكنها تحاول الانتهاء من فورة بناء المصانع الجديدة التي بدأت قبل ثلاث سنوات، حينما كان الاقتصاد الصيني في وضع أفضل من الآن.
ويقول ماثيو تسين، نائب رئيس شركة «جنرال موتورز» الذي يشرف على أعمال الشركة في الصين: «نرى أن الصين تتحرك بوتيرة يمكننا وصفها بأنها نمو معتدل».
* توقعات النمو
وتتوقع شركة «فولكسفاغن» أن ينمو سوق السيارات في الصين بمعدل أسرع قليلا من نمو الاقتصاد الإجمالي خلال هذا العام، وبمعدل أدنى قليلا من الاقتصاد الإجمالي بالنسبة لبقية العقد الحالي. كما تتوقع شركة «جنرال موتورز» أن تنمو سوق السيارات الصيني بمعدل أدنى من خمس نقاط مئوية على أساس سنوي وحتى نهاية العقد الحالي، وهو ما يعادل الإضافة المحققة في سوق السيارات اليابانية، أو خمسة أضعاف سوق السيارات الأسترالية عن الفترة نفسها.
وتخطط الشركتان لموافاة أغلب النمو المتوقع باستكمال بناء المصانع التي شرعوا بالفعل في بنائها، أو التي سوف ينتهون من تشييدها بالكامل قريبا. ولكن إذا تراجع الاقتصاد الصيني بصورة كبيرة خلال الفترة نفسها، فقد تواجه صناعة السيارات الصينية مطبا اقتصاديا هائلا من حيث الكمية الكبيرة من فائض الإنتاج.
يقول بيل روسو، المدير التنفيذي السابق لشركة «كرايسلر» الصين، الذي يشغل منصبا استشاريا في الوقت الحالي: «هل سوف يواصل أصحاب شركات السيارات ارتداء النظارات التي تعكس الواقع الوردي أم تراهم يتعاملون مع الأمر الواقع؟ أرى أن أغلب شركات صناعة السيارات متعددة الجنسيات سوف تتعامل مع الواقع وتعمل على تخفيض القدرات الإنتاجية الجديدة. ولست على يقين من توجهات صناع السيارات المحلية، فلديهم أحلامهم الخاصة، وعقلية: اصنع السيارة وسوف يأتي من يشتريها لا محالة».
بينما يهون كبار صناع السيارات الصينية المحلية من تلك المخاوف. حيث يقول تسوي دونغتشو، الأمين العام لرابطة ركاب السيارات الصينية «إنهم يرون سوق السيارات الصينية الصغيرة مفعمة بكثير من القدرات والإمكانات».
* اقتصاد مستدام في مقابل النمط الاستهلاكي
ويحتاج الاقتصاد الصيني إلى القوة المستمرة في أسواق السيارات. في حين تريد الحكومة التحول إلى نموذج جديد وأكثر استدامة من النمو الذي يستند إلى إنفاق المستهلكين.
ومنذ عام 2009، والصين تعتمد بشكل هائل على الزيادة المطردة الكبيرة في القروض الاتحادية الموجهة إلى تشييد الطرق السريعة، وخطوط السكك الحديدية، وغير ذلك من استثمارات البنية التحتية في البلاد. غير أن تلك التوجهات أسفرت عن جبال من الديون، خصوصا بالنسبة للشركات المملوكة للدولة.
وساعدت المبيعات القوية للسيارات الصينية على تحقيق علامة فارقة وملحوظة خلال الشهور الأخيرة. ولقد تجاوز إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية الصينية مثيلاتها في الولايات المتحدة الأميركية، وفقا للبيانات الرسمية الواردة في هذا الصدد.
وإذا كانت المبيعات تشهد تراجعًا حادًا وكبيرًا، يكمن السؤال حول ما إذا كانت شركات صناعة السيارات المحلية ومتعددة الجنسيات سوف تحاول الشروع في زيادة التصدير من إنتاج المصانع الصينية، حيث تعد هذه المصانع من بين الأكثر تطورا في هذا المجال على مستوى العالم، ولأسباب ليس أقلها أنها الأحدث من حيث التشييد والبناء كذلك.
* معضلة التصدير
يمكن لشركة «جنرال موتورز» وغيرها من شركات صناعة السيارات الأخرى، من الناحية النظرية، محاولة تصدير مزيد من السيارات إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث إن الأسواق الأميركية هي الأخرى من الأسواق الصحية في المجال نفسها. وتتمثل إحدى العقبات المحتملة، رغم كل شيء، في أن الطاقة الإنتاجية الفائضة في الصين تكمن في السيارات الصغيرة أو «الثانوية»، التي لا يفضلها المستهلك الأميركي كثيرا.
وتستعد شركة «جنرال موتورز» بالفعل لشحن إحدى السيارات الرياضية متعددة الاستخدامات، موديل «بويك إنفيجين»، من مصانعها في شمال شرقي الصين إلى الولايات المتحدة. وسوف يكون وصول السيارة «بويك إنفيجين»، التي أنتجت بالكامل في الصين، وهي من كبرى أسواق مبيعات هذا الموديل حول العالم حتى الآن، أول طرح كبير لتلك السيارة المصنعة بالكامل في الصين داخل ثلاث صالات للعرض داخل الولايات المتحدة.
وتميل أفضليات المستهلكين الصينيين لأن تكون مختلفة عن مثيلاتها لدى المشترين الأميركيين. فالمستهلك الصيني، على سبيل المثال، يميل إلى الشكوى إذا ما كانت الأنسجة وغيرها من المواد داخل مقصورة السيارة ذات رائحة سيئة، وذلك وفقا لاستطلاعات الرأي التي أجرتها شركة «جيه دي باور وشركاه». ويقول كثيرون في صناعة السيارات إنهم سوف يراقبون ردود فعل المستهلكين الأميركيين على السيارة «بويك إنفيجين» المصنعة بالكامل في الصين. ويؤكد السيد بيوتاو، من شركة «جنرال موتورز»: «لسوف نراقب ذلك أيضًا من جانبنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»



غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
TT

غوتيريش يحث من «كوب 29» العالم على سد فجوة تمويل بـ359 مليار دولار

زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)
زعماء العالم يلتقطون صورة جماعية في مؤتمر «كوب 29» (إ.ب.أ)

بينما حثَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من باكو حيث يُعقد مؤتمر «كوب 29»، القادة الدوليين على سد فجوة تمويل التكيف، البالغة 359 مليار دولار مع تفاقم الآثار المناخية التي تهدد الاستقرار العالمي والمجتمعات الضعيفة، كان لافتاً الانتقاد اللاذع الذي وجهه إلهام علييف رئيس أذربيجان، البلد المستضيف للمؤتمر، إذ انتقد علييف المنتقدين الغربيين لصناعة النفط والغاز في أذربيجان، واصفاً بلاده بأنها ضحية «حملة مدبرة جيداً من الافتراء والابتزاز».

وقد جددت مناقشات اليوم الثاني من فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في العاصمة الأذربيجانية، باكو، تطلعات دول العالم إلى التوصل لاتفاقات جادة؛ للتخفيف من عواقب التغير المناخي، التي باتت واضحة من خلال الفيضانات، والعواصف، وحرائق الغابات، وموجات الحرارة الشديدة، وسط تحذيرات متزايدة بشأن تفاقم أزمة المناخ العالمية، مع الدعوة لإيجاد أرضية نقاش مشتركة.

وصول الضيوف إلى مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي في استاد باكو (رويترز)

وعلى الرغم من مشاركة قادة وممثلين من نحو 200 دولة، فإن بعض القادة الدوليين قرروا عدم حضور المؤتمر، بمَن في ذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، الذي من المقرر أن تتولى بلاده رئاسة مؤتمر الأطراف في عام 2025. وفي الوقت نفسه، ألغى المستشار الألماني أولاف شولتس رحلته إلى باكو؛ بسبب انهيار تحالفه الحاكم الأسبوع الماضي.

وأعلنت أكبر بنوك التنمية المتعددة الأطراف في العالم هدفاً جديداً لجمع تمويلات للمناخ بشكل سنوي للدول النامية، بواقع 120 مليار دولار بحلول نهاية العقد.

احتواء الكارثة المناخية

في كلمته الافتتاحية، وجّه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً شديد اللهجة إلى قادة العالم، مؤكداً أن البشرية في سباق مع الزمن لاحتواء الاحتباس الحراري عند 1.5 درجة مئوية.

وعبّر غوتيريش عن قلقه من احتمال تجاوز هذا الهدف خلال العام الحالي، واصفاً عام 2024 بأنه «درس في تدمير المناخ». وأشار إلى أن تلك الكوارث المناخية، التي تضر بشكل خاص الدول الفقيرة، هي «قصة ظلم عالمي»، مطالباً الدول الثرية بالوفاء بتعهداتها.

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يلقي كلمته (إ.ب.أ)

وأعرب عن الحاجة الملحة لسد الفجوة المتزايدة في تمويل التكيف مع المناخ، التي قد تصل إلى 359 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2030.

رئيس الإمارات يدعو لتعاون دولي مستدام

من جهته، أكد رئيس دولة الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التزام بلاده بتسريع العمل المناخي، وبناء اقتصاد مستدام، مشيراً إلى أن الإمارات، التي استضافت مؤتمر «كوب 28» العام الماضي، قدَّمت «اتفاق الإمارات» بوصفه خريطة طريق لتحقيق انتقال عادل في قطاع الطاقة، موضحاً في الوقت نفسه أن التعاون الدولي البنَّاء يوفر فرصة جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي المستدام، عادّاً أن «العمل المناخي ليس عبئاً، بل فرصة للتقدم».

اتهام أذربيجان

وفي خطاب لافت، انتقد رئيس أذربيجان، إلهام علييف، وسائل الإعلام الغربية وبعض المنظمات البيئية التي وصفها بأنها «مزيفة»، متهماً إياها بشنِّ حملة تشويه ضد بلاده. ورد علييف على الاتهامات بأن أذربيجان «دولة نفطية» بتأكيده أن النفط والغاز «هبة من الله»، مؤكداً أن «الأسواق العالمية بحاجة إلى هذه الموارد، تماماً كما تحتاج إلى الذهب والشمس والرياح». جاء هذا التصريح في ظل تصاعد الدعوات للابتعاد عن استخدام الوقود التقليدي.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف يتحدث في حفل افتتاح المؤتمر (رويترز)

وقال: «لسوء الحظ، أصبحت المعايير المزدوجة، والعادة في إلقاء المحاضرات على البلدان الأخرى، والنفاق السياسي، نوعاً من أسلوب العمل لبعض السياسيين والمنظمات غير الحكومية التي تسيطر عليها الدولة ووسائل الإعلام المزيفة في بعض الدول الغربية».

واستهدف علييف، بشكل خاص، الدول الأوروبية التي وقَّعت على الفور صفقات لتوسيع مشترياتها من الغاز الأذربيجاني في أعقاب الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، وقال: «لم تكن فكرتنا. لقد كان اقتراحاً من المفوضية الأوروبية».

وأشار إلى اجتماعه مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في يوليو (تموز) 2022، عندما وقّع الاتحاد الأوروبي صفقة مع أذربيجان لمضاعفة إمدادات الغاز من البلاد. وقال: «إنهم كانوا بحاجة إلى غازنا؛ بسبب الوضع الجيوسياسي المتغير، وطلبوا منا المساعدة».

ويعتمد اقتصاد أذربيجان بشكل كبير على إنتاج النفط والغاز. وفي عام 2022، شكّل هذا الإنتاج نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد و92.5 في المائة من عائدات التصدير، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية.

وقال علييف: «بصفتنا رئيس مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، فسنكون بالطبع من المدافعين الأقوياء عن التحول الأخضر، ونحن نفعل ذلك. ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نكون واقعيين».

واختتم حديثه بانتقاد جماعات المجتمع المدني التي دعت إلى مقاطعة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين؛ بسبب الحكومة القمعية في أذربيجان، وبصمة الوقود التقليدي. وقال: «لدي أخبار سيئة لهم. لدينا 72 ألف مشارك من 196 دولة. ومن بينهم 80 رئيساً ونائب رئيس ورئيس وزراء. لذا اجتمع العالم في باكو، ونقول للعالم: مرحباً بكم في أذربيجان».

بريطانيا... وتعهدات مناخية طموحة

من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، إن بريطانيا ستخفِّض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة بحلول عام 2035. إذ تعهدت البلاد بهدف مناخي أكثر طموحاً في قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة (كوب 29).

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة خلال مؤتمر «كوب 29» (رويترز)

وقال ستارمر، في مؤتمر صحافي، خلال مؤتمر المناخ في باكو بأذربيجان: «في مؤتمر المناخ هذا، سُررت بإعلان أننا نبني على سمعتنا بوصفنا قائداً مناخياً، مع هدف المملكة المتحدة لعام 2035، «NDC (المساهمات المحددة وطنياً)»؛ لخفض جميع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 81 في المائة على الأقل عن مستويات عام 1990».

وقال ستارمر إن الجمهور البريطاني لن يثقل كاهله بسبب الهدف الجديد، الذي يستبعد انبعاثات الطيران والشحن الدوليَّين. وأضاف: «ما لن نفعله هو أن نبدأ في إخبار الناس بكيفية عيش حياتهم. لن نبدأ في إملاء ما يجب أن يفعلوه على الناس».

ويتماشى الهدف الجديد مع توصية من لجنة من مستشاري المناخ الذين قالوا الشهر الماضي إن الهدف يجب أن يتجاوز الخفض الحالي بنسبة 78 في المائة للانبعاثات، قياساً على مستويات عام 1990.

ازدياد اللاجئين بسبب الكوارث المناخية

وعلى هامش القمة، حذَّرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من ازدياد أعداد اللاجئين المتأثرين بتداعيات المناخ، في ظل تصاعد الصدمات المناخية وتكرارها.

وأشار المفوض الأممي، فيليبو غراندي، إلى أن اللاجئين غالباً ما يفرون إلى دول مجاورة تواجه هي أيضاً تحديات مناخية. وذكر التقرير أن 75 في المائة من اللاجئين الذين نزحوا بحلول نهاية العام الماضي يعيشون في مناطق تتعرض لكوارث مناخية متزايدة.

أزمة المناخ تتجاوز البيئة

من جهته، قال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، سيمون ستيل، إن أزمة المناخ لم تعد مجرد قضية بيئية، بل أصبحت ذات تبعات اقتصادية، إذ ُيقدَّر أن الكوارث المناخية قد تكلف بعض الدول حتى 5 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي.

وأضاف: «مع ازدياد التكاليف على الأسر والشركات نتيجة لتغيرات المناخ، يحذِّر الخبراء من أن ارتفاع التضخم قد يستمر ما لم تتخذ الدول إجراءات مناخية أكثر جرأة».

وتابع ستيل: «إن التأثيرات المناخية المتفاقمة ستؤدي إلى زيادة التضخم ما لم تتمكَّن كل دولة من اتخاذ إجراءات مناخية أكثر جرأة». وقال: «دعونا نتعلم الدروس من الجائحة: عندما عانى المليارات لأننا لم نتخذ إجراءات جماعية بالسرعة الكافية. عندما تضررت سلاسل الإمداد. دعونا لا نرتكب هذا الخطأ مرة أخرى. تمويل العمل المناخي هو تأمين عالمي ضد التضخم».