مؤلفا السيرة الذاتية للمرشح الجمهوري وعائلته: ترامب يحمل تناقضات هائلة ومصاب بجنون العظمة

بلير ودي أنطونيو قضيا أعوامًا في البحث والكتابة عن حياته ويعتزمان التصويت ضده * ميلانيا زوجة ترامب الحالية ظهرت عارية عام 2000.. وظهرت مرة ثانية شبه عارية على سجادة تحمل شعار الولايات المتحدة

مؤلفا السيرة الذاتية للمرشح الجمهوري وعائلته: ترامب يحمل تناقضات هائلة ومصاب بجنون العظمة
TT

مؤلفا السيرة الذاتية للمرشح الجمهوري وعائلته: ترامب يحمل تناقضات هائلة ومصاب بجنون العظمة

مؤلفا السيرة الذاتية للمرشح الجمهوري وعائلته: ترامب يحمل تناقضات هائلة ومصاب بجنون العظمة

* كيف كان يدير ترامب عائلته كزوج لثلاث زوجات وأب لخمسة أبناء وكيف تعامل مع الفشل في تجربتي طلاق صاحبتهما أخبار عن الخيانة والفضيحة
* رشح ذاته للرئاسة لأول مرة على سبيل الدعابة في الثمانينات في مجلة «سباي» الساخرة بنيويورك.. وتطرق علنا لفكرة الترشح خمس مرات
* بمجرد أن نشر ترامب تدوينة معلقا على هجمات بروكسل مذكرا بدعوته إلى فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة تحولت التغطية إلى «ما هو رأي ترامب في أحداث بلجيكا»؟
* لفهم ترامب وكيف سيكون البيت الأبيض في حال فوزه يستدعي ذلك دراسة جادة لجذوره وتكوينه النفسي وتاريخ سفره وعلاقاته الخارجية
* اشتهر والد ترامب بالدخول في اللحظة الأخيرة قبل إبرام صفقة عقارية إذ تكون العقود على الطاولة
* عاش ترامب على مدار عقود كرجل مستهتر في نيويورك وفي الوقت ذاته أدى دور الثري الأرستقراطي الملتزم بإقامة مؤسسة تحكمها العائلة
* لا يدير ترامب شركاته أو عائلته بنظام ديمقراطي.. بل يبدو أن نزعته لأن يكون صاحب تركة جعلته يقترب بدرجة ما من شخصية قيادات الدول التي تحكمها عائلات ملكية في الخارج
* يتفق مؤلفا الكتابين عن حياته على أن المنطق الذي يسود في خطب ترامب يتعلق بجمهوره المحلي وليس له صلة بأي توجه أو رؤية خاصة
* سياسة ترامب العائلية أشبه بتجربة مسبقة للرؤى السياسية في المجتمع الدولي

في إطار البحث في الظاهرة الأكثر استنزافا في السياسة الأميركية في الوقت الحالي، أجرت الشقيقة مجلة «المجلة» حوارا مع اثنين من الخبراء الأميركيين في التاريخ الشخصي والتكوين النفسي للمرشح الرئاسي الجمهوري المتصدر دونالد ترامب، وهما غويندا بلير ومايكل دي أنطونيو، وكلاهما ألف كتابا مسهبا عن حياة ترامب. رسم الاثنان صورة لرجل يحمل تناقضات وقوة هائلة وعيوبا خطيرة؛ رجل يتسم بالمرونة والبراغماتية، غير آيديولوجي بالمرة ولديه عزم وطيد على النجاح في أي شيء يختاره لتعريف النجاح؛ وفوق كل ذلك، رجل يملك حسا حريصا على عقلية الولايات المتحدة وشعبها ومؤسساتها، ويعرف كيفية التأثير على النظام واستخدامه وقلبه من أجل تحقيق أهدافه.
ورغم أن التغطية العالمية لظاهرة دونالد ترامب تتسم بالإسهاب، فإنه يصعب الاستيعاب الكامل لتحولها إلى قضية محورية تستهلك الوقت والجهد في النقاش العام الأميركي إلا إذا كنت عشت في هذه البلاد طوال الشهور القليلة الماضية. في هذا الموسم الانتخابي، حقق ترامب انتصارات كبيرة، في ولاية بعد الأخرى. وفي المدن التي يزورها لعقد تجمعات سياسية، يؤجر أكبر مركز مؤتمرات أو ملعب كرة قدم متاح - وفي حين ينتشر رجال الشرطة حول المكان في محاولة عابثة لمنع حدوث اضطرابات مدنية، يتدفق المؤيدون بالآلاف وأحيانا بعشرات الآلاف ليحتلوا كل المقاعد. وينتظر مئات أو آلاف آخرون في صفوف خارج الإستاد أملا في أن يخرج البعض مبكرا تاركين مكانا لغيرهم. كذلك في أماكن العمل والحرم الجامعي وحتى في المدارس الابتدائية، أصبح ترامب موضوعا لنقاش يومي ساخن.
حماس مؤيديه
إذا أدرت التلفزيون على أي قناة إخبارية، من المرجح أن تجد تغطية متتابعة لترامب وحماس مؤيديه وكثافة المسيرات التي تجوب الشوارع معارضة له، وأحدث محاولات النخبة الجمهورية وكذلك الديمقراطية لعرقلة حملته الانتخابية. أوقفت الشبكات بصفة مؤقتة حوارات المشاهير المعتادة أو الأخبار الإنسانية العامة التي عادة ما تحتل أغلب برامجها: وقد كشفت بيانات مسح لجمهور المشاهدين أن التغطية الإخبارية المتعلقة بترامب أصبحت كل ما تحتاج إليه الشبكات للحفاظ على نسب مشاهدتها. عندما قام الرئيس أوباما بزيارته التاريخية إلى كوبا في شهر مارس (آذار)، وهزت التفجيرات الإرهابية الدموية أرجاء بروكسل، بدا أن هناك بعض اللحظات التي ستعود فيها أخبار متنوعة إلى دورة الأخبار. ولكن بمجرد أن نشر ترامب تدوينة علق فيها على هجمات بروكسل، مذكرا بدعوته إلى فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة «حتى نعرف ما هي المشكلة» - تحولت التغطية إلى «ما هو رأي ترامب في هجمات بروكسل؟»، ومنها عودة إلى ما هي آراء ترامب عامة، وما هو رأي الأميركيين فيه، وماذا يعني ذلك بالنسبة لأميركا ذاتها؟
كانت تلك نجاحات يومية لمقدم برنامج تلفزيون الواقع الناجح الذي يتصف ببراعة هائلة في التعامل مع الإعلام الأميركي؛ وهو أيضا مطور عقاري مزدهر يملك حسا قويا بكيفية السيطرة على الساحة العامة؛ وفوق كل ذلك هو أميركي ذكي لديه جذور راسخة في تاريخ مجتمع البروتستانت الأنجلوساكسون ذوي البشرة البيضاء، يعرف جيدا «ما الذي يؤثر في الشعب الأميركي» وكيف يستخدم الروح الأميركية لتحقيق مصلحته.
ماذا سيعني فوز ترامب بالرئاسة للولايات المتحدة والعالم؟
قالت غويندا بلير، مؤلفة سيرة ذاتية لعائلة ترامب مكونة من 592 صفحة في كتاب بعنوان «عائلة ترامب: ثلاثة أجيال من البنّائين ومرشح رئاسي»: «إنه ترشح للرئاسة كقوة معطلة سوف تقلب كل شيء. ولا يهم من سيصاب على طول الطريق».
وقال مايكل دي أنطونيو، مؤلف كتاب آخر عن حياة ترامب بعنوان «لا يكفي مطلقا: ترامب والبحث عن النجاح»: «ترامب خطير ونقي وبسيط».
من خلال حوارات شاملة مع هذين الكاتبين البارزين بشأن حياة ترامب وزمنه، يمكن الشعور ببعض المرارة تجاه ترامب، والتي يشعر بها كثيرون من النخبة في الإعلام الأميركي، الذين يشنون، ومعهم الطبقة السياسية، حملة شعواء تبدو بلا طائل لنزع الثقة عنه. تشهد مشاعرهم على وجود جانب آخر في ظاهرة ترامب: وهي أن النخبة الأميركية تجد ذاتها على خلاف كبير مع قطاع عريض من الجمهور الأميركي المنتمي إلى الطبقة العاملة، وأغلبهم من أصحاب البشرة البيضاء والذين يشعرون بأنهم على هامش «الحلم الأميركي». ولكن هذا أيضا أصبح ميزة إضافية لترامب. عندما أعلن المرشح الرئاسي الجمهوري السابق ميت رومني، الذي خسر أمام أوباما في انتخابات عام 2008، تصميمه على تدمير ترامب، كان رد المرشح الجمهوري المتصدر بأن وصف رومني بـ«الفاشل» و«الخانق»، مؤكدا على أن عداء رومني سوف يساعده بالفعل في استطلاعات الرأي. وحتى الآن يبدو أنه على صواب.
يتفق كلا الكاتبين، في حديثهما عن آرائهما بشأن ترامب إلى «المجلة»، على أنه بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية المقبلة، الوقت الحالي هو الأنسب لفهم ترامب وكيف سيكون البيت الأبيض في المستقبل في حالة فوزه. من وجهة نظر السياسة الخارجية، يستدعي ذلك دراسة جادة لجذوره وتكوينه النفسي وتاريخ سفره وعلاقاته الخارجية، للتعرف على تكوين السياسات التي من المرجح أن يتبناها هذا الرجل إذا تحول من أنجح رجال الأعمال في البلاد إلى أقوى رجل في العالم. يحفز ذلك أيضا على البحث في دوره كأب وزوج - إلى درجة اعتبار سياسته العائلية أشبه بتجربة مسبقة للرؤى السياسية في المجتمع الدولي.
وبغض النظر عما إذا كان ترامب سينجح أو يخسر في الانتخابات المقبلة، يبدو أن التعرف على ترامب مكون أساسي لتشخيص نبض وطبيعة الولايات المتحدة الأميركية.
من هو دونالد ترامب؟
أوضحت غويندا بلير: «إنه متفوق على جميع رجال الأعمال الموهوبين الذين يدركون ما تريده السوق. ففي صناعة العقارات بمدينة نيويورك في الثمانينات، وجد أنه إلى جانب فكرة الأثرياء عن العقارات الأرستقراطية الأنيقة المميزة التي تبدو أقل من قيمتها، كانت هناك مجموعة أخرى من أصحاب الملايين والمليارات الذين لم يريدوا أيا من ذلك ويرغبون في التفاخر. كانت تلك سوقا لم يطرقها أحد من قبل، حيث الأثرياء الذين يريدون منازل مبهرة للغاية، وقد بناها لهم ونجح في ذلك. وفي مجال الكازينوهات، وجد سوقا مشابهة للأشخاص الذين يرغبون في المقامرة في أماكن كبيرة وبراقة تزخر بالبهرجة - في أتلانتك سيتي ولاس فيغاس - فقرر الدخول فيها مباشرة».
في مرحلة مبكرة من عمله في مجال الأعمال، اتفق ميل ترامب إلى البهرجة مع شخصية متوهجة تسعى إلى تصدر عناوين الأخبار والتأثير على الخيال الشعبي. كان المليونير الثري الذي يستطيع التحدث والتفكير كجامع قمامة يحظى باحترام منافسيه الأثرياء وبحب رجل الشارع. وفي الوقت الذي يتوخى فيه الحذر داخل قاعة الاجتماعات بشركته، أدخل «فن الصفقات» في الثقافة الشعبية وذلك في البداية عن طريق كتاب يحمل الاسم ذاته محققا أفضل مبيعات، ثم بعد ذلك أصدر لعبة تم تسويقها بين الشباب والتي حملت ببساطة اسم «لعبة ترامب».
والد ترامب
قد ترجع السرعة التي صعد بها ترامب سلم الثروة والشهرة مع الاحتفاظ بعلاقة وثيقة مع عقلية الرجل العادي إلى نشأته: من جهة، لم تكن قصة ترامب تتعلق برجل تحول من الفقر إلى الثراء، حيث كان والده فريد ترامب أيضا ثريا، وإن لم يكن بحجم الثراء الذي حققه ابنه. من جهة أخرى، كان ترامب بالفعل جديدا على غرف الاجتماعات الداخلية في ناطحات السحاب في مانهاتن. وذلك لأن والد ترامب لم يكون ثروته عن طريق بناء ناطحات السحاب الفاخرة، بل بإنشاء إمبراطورية من الوحدات السكنية الخاصة بالطبقة الوسطى في مناطق نيويورك الخارجية مثل بروكلين وكوينز. ومن أجل السيطرة على هذا القطاع، لا يمكن للمرء أن ينأى بذاته عن احتياجات وأسواق الطبقة العاملة. وكانت نتيجة النشأة في ثقافة الشركات الواقعة على أطراف نيويورك مثل كوني آيلاند في بروكلين أن اكتسب ترامب لكنة وحس يمتلكه قطاع كبير للغاية من سكان نيويورك البالغ عددهم 8 ملايين شخص.
من أجل التفاوض حول صفقة في كوني آيلاند، يجب التصرف مثل البلطجي. وكما أشارت غويندا بلير: «إحدى وسائل ذلك أن تدخل الغرفة وتبحث عن أقوى شخص بها وتسدد له لكمة». بدلا من ذلك، يمكنك أن تستخدم تكتيكات قديمة في المفاوضات شديدة التوتر والتي قد تكون مألوفة لدى رجال الأعمال في البلدان العربية أو أي مجتمع تقليدي: «اشتهر والد (ترامب) بالدخول في اللحظة الأخيرة قبل إبرام صفقة عقارية، إذ تكون العقود على الطاولة وتستعد الجرافات للعمل، عندما يبدأ في إعادة التفاوض، فيقلل المقابل ويقتطع قليلا من المال هنا وقليلا منه هناك. في الوقت ذاته، لا يجد الآخرون أي خيار سوى الموافقة على شروطه».
كانت قصص تلك الكسور الضئيلة الإضافية التي جمعها فريد ترامب لبناء إمبراطوريته لبناء منازل للطبقة المتوسطة مصدر إلهام للأشخاص الذين سكنوا تلك المنازل. يحب الجميع الشخص الفائز - وقد كان الفائز الذي ينتصر على حساب الراضين عن ذاتهم والقانعين.
شقيق ترامب سقط جراء إدمانه الكحوليات
في مانهاتن، القريبة ولكنها بعيدة في الوقت ذاته، لم تكن تلك التكتيكات منتشرة، ويبدو أن ترامب الابن فاجأ منافسيه الأرستقراطيين عندما طبقها معهم. كان دافع ترامب رغبة عازمة وواضحة على تحقيق ثراء فاحش من جهة، ومن جهة أخرى، كان يخشى الفشل المأسوي المُذل. كان شقيق ترامب الأكبر، فريدي الصغير طيارا محبا للمرح ويحبه الجميع. سقط فريدي، الذي كان وسيما ولطيفا واجتماعيا، ضحية لإدمان الكحوليات وتوفي في عمر 43 عاما. يعني ذلك أن ترامب وجد خياراته منحصرة ما بين إدمان الكحوليات وإدمان الثروة والشهرة.
بعد مرور عقود، استثمر صورته كرجل أعمال نفعي ماهر في نيويورك بالظهور على التلفزيون من خلال برنامج الواقع «المتدرب»، الذي تصدرت نسب مشاهدته في أوقات الذروة لفترة. كان المكان في غرفة الاجتماعات في شركته، وفي كل موسم تتابع الحلقات مجموعة صغيرة من الشباب الذين يحاولون جمع المال لصالح شركة ترامب بينما يدخلون في منافسة شرسة مع بعضهم البعض. وفي كل حلقة يواجه المتدرب الذي حقق أقل قدر من النجاح احتمالية فقدان وظيفته - ويتشوق المشاهدون لمتابعة ترامب وهو ينطق قراره الأسبوعي قائلا: «أنت مطرود».
ذكرت غويندا قائلة: «أحب المشاهدون متابعة الشباب الناشئ وهم يقومون بأعمال غير معقولة مثل بيع عصير الليمون في الشارع». كان الأمر أشبه بمشاهدتهم وهم يُطردون من الجنة.
رشح ذاته للرئاسة لأول مرة في الثمانينات
كان ترامب، مثل كثير من رجال الأعمال الناجحين، يعطي ببذخ للحملات الانتخابية للمرشحين الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء. خرج اقتراح بأن يرشح ذاته للرئاسة لأول مرة على سبيل الدعابة في الثمانينات في مجلة «سباي» الساخرة الشهيرة في نيويورك، والتي توقف إصدارها. ولكن تطرق ترامب علنا لفكرة الترشح خمس مرات قبل أن يتخذ الأمر بجدية أخيرا. على مدار عقود، بدا أنه يتبني آراء ليبرالية اجتماعيا في قضايا مثيرة للجدل داخل أميركا مثل حق الإجهاض، وفي حالات أخرى بدا أنه يتحدث من وجهة نظر جمهوري محافظ. وأخيرا في فترة رئاسة أوباما، تبنى ترامب خطاب نشطاء ينتمون إلى أقصى اليمين والذين يشككون في أن يكون أوباما قد ولد خارج الولايات المتحدة وبذلك ربما لا يُسمح له قانونا بتولي الرئاسة. يشار إلى أن الديمقراطيين والإعلام الليبرالي سخروا بلا رحمة من ترامب عندما أعلن عن ترشحه للرئاسة في العام الماضي، حتى أن موقع «هافنغتون بوست» أعلن أنه سينشر تقارير حملة ترامب الانتخابية في قسم أخبار الترفيه. وحتى الرئيس أوباما أساء إلى ترامب مرارا في وجهه أثناء حفل عشاء المراسلين السنوي في البيت الأبيض. ولكن كما اتضح مع مرور الوقت، استهانت تلك النخب الأميركية كثيرا بقدرات ترامب.
زوجة ترامب العارية
في تناول السؤال حول كيفية إدارة ترامب للبلاد إذا تم اختياره رئيسا، ربما يكون من المهم أن نسأل كيف كان يدير عائلته، كزوج لثلاث زوجات وأب لخمسة أبناء، وكيف تعامل مع الفشل في تجربتي طلاق صاحبتهما أخبار عن الخيانة والفضيحة.
* أضغط على هذا الرابط لمتابعة تفاصيل جديدة ومثيرة عن حياة ترامب وعائلته على موقع الشقيقة مجلة «المجلة»



كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
TT

كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)
عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

فيما كانت الستينية كاميليا محمود تعبر بسيارتها أحد شوارع مدينة نصر بالقاهرة، لفتتها مطاعم كثيرة تزدحم واجهاتها بمواطنين اصطفوا لشراء «ساندويتش شاورما»، ما أثار لديها تساؤلات حول انتشار المطاعم السورية «بهذا الشكل المبالغ فيه»، على حساب نظيراتها المصرية، مبدية مخاوفها من «هيمنة اقتصادية سورية قد يكون لها تبعات أكبر في المستقبل».

كاميليا، التي كانت تعمل موظفة بإحدى شركات القطاع الخاص قبل بلوغها سن التقاعد، رصدت خلال السنوات العشر الأخيرة انتشاراً كبيراً للمطاعم السورية في مختلف الأحياء والمدن المصرية لا سيما مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) حيث تقطن. لم تستغرب الأمر في البداية، بل على العكس كان حدثاً جاذباً، ولو بدافع استكشاف ما تقدمه تلك المطاعم من نكهات جديدة وغير معتادة في المطبخ المصري، من الشاورما إلى الدجاج المسحب والكبة وغيرها.

صبغة شامية

خلال أكثر من عقد من الزمان، منذ تكثف التوافد السوري على مصر، زاد عدد المطاعم التي تقدم مأكولات سورية، لدرجة صبغت أحياءً بكاملها بملامح شامية، لا تُخطئها العين، ليس فقط بسبب أسياخ الشاورما المعلقة على واجهاتها، ولا الطربوش أو الصدرية المزركشة التي تميز ملابس بعض العاملين فيها، بل بلافتات تكرس هوية أصحابها وتؤكد ارتباطهم بوطنهم الأم، فعادة ما تنتهي أسماء المطاعم بكلمات من قبيل «السوري»، «الشام»، «الدمشقي»، «الحلبي».

طوابير أمام أحد المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

محاولات تكريس الهوية تلك «أقلقت» كاميليا وغيرها من المصريين ممن باتوا يشعرون بـ«الغربة» في أحياء مثل «6 أكتوبر»، أو «الرحاب (شرق القاهرة)» التي باتت وكأنها «أحياء سورية وسط القاهرة». وتتساءل كاميليا في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «ألا يقتطع وجود السوريين من حصة المصريين في سوق العمل؟ ألا يشكل وجودهم خطراً سياسياً لا سيما مع هيمنة اقتصادية في قطاعات عدة؟».

بين «العشق» و«القلق»

رغم مشاعر القلق والغربة، فإن السيدة لا تخفي «عشقها» للمأكولات السورية. فهي تحرص بين الحين والآخر على الذهاب مع أسرتها لأحد تلك المطاعم، مستمتعة بنكهات متنوعة من أطباق «الشاورما والفتوش والكبة وغيرها». فـ«الطعام السوري لذيذ ومتنوع وخفيف على المعدة، وله نكهة مميزة»، وبات بالنسبة لها ولغيرها «عنصراً مضافاً على المائدة حتى داخل المنزل». وبالطبع لا يمكن لكاميليا إغفال «جودة الضيافة»، لا سيما مع كلمات ترحيبية مثل «تكرم عينك» التي تدخل كثيراً من البهجة على نفسها كما تقول.

حال كاميليا لا يختلف عن حال كثير من المصريين، الذين غيرت المطاعم السورية ذائقتهم الغذائية، وأدخلت النكهات الشامية إلى موائدهم عبر وصفات نشرتها وسائل إعلام محلية، لكنهم في نفس الوقت يخشون تنامي الوجود السوري وتأثيره على اقتصاد بلادهم، الأمر الذي بات يُعكر مزاجهم ويحول دون استمتاعهم بالمأكولات الشامية.

ومع موافقة مجلس النواب المصري، الثلاثاء الماضي، على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين، تزايدت حدة الجدل بشأن وجود الأجانب في مصر، لا سيما السوريون، وسط مخاوف عبر عنها البعض من أن يكون القانون «مقدمة لتوطينهم»، ما يعني زيادة الأعباء الاقتصادية على البلاد، وربما التأثير على حصة المواطن المصري في سوق العمل وفق متابعين مصريين.

مجلس النواب المصري وافق على مشروع قانون لتنظيم أوضاع اللاجئين (الشرق الأوسط)

تزايد عدد السوريين في مصر خلال العقد الأخير عكسته بيانات «المفوضية الدولية لشؤون اللاجئين» حيث ارتفع عدد السوريين المسجلين في مصر لدى المفوضية من 12800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153 ألفاً في نهاية عام 2023، ليحتلوا المرتبة الثانية بعد السودانيين ضمن نحو 670 ألف لاجئ وطالب لجوء مسجلين لدى المفوضية من 62 جنسية مختلفة.

جاءت هذه الزيادة مدفوعة بالحرب السورية، ودفعت مواطنيها إلى دول عدة، بينها مصر، لتبدأ المفوضية في تلقي طلبات اللجوء منذ عام 2012، مؤكدة دعمها «الفارين من أتون الحرب».

ومع ذلك، لا تعكس البيانات التي تقدمها مفوضية اللاجئين العدد الحقيقي للسوريين في مصر، والذي تقدره المنظمة الدولية للهجرة، بنحو 1.5 مليون سوري من بين نحو 9 ملايين مهاجر موجودين في البلاد.

لكن التقدير الأخير لا يُقره الرئيس السابق لرابطة الجالية السورية في مصر، راسم الأتاسي، الذي يشير إلى أن «عدد السوريين في مصر لا يتجاوز 700 ألف، ولم يصل أبداً لمليون ونصف المليون، حيث كان أعلى تقدير لعددهم هو 800 ألف، انخفض إلى 500 ألف في فترة من الفترات، قبل أن يعود ويرتفع مؤخراً مع تطورات الوضع في السودان». وكان السودان عموماً والخرطوم خصوصاً وجهة لكثير من السوريين عقب 2011 حيث كانوا معفيين من التأشيرات وسمح لهم بالإقامة والعمل حتى 2020.

دعوات مقاطعة

تسبب الوجود السوري المتنامي في مصر في انطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد السوريين، من بينها الدعوة لمقاطعة أحد المطاعم بسبب إعلان عن ساندويتش شاورما بحجم كبير، قال فيه مخاطباً الزبائن: «تعالى كل يا فقير»، مثيراً غضب مصريين عدوا تلك الجملة «إهانة».

حملات الهجوم على السوريين، وإن كانت تكررت على مدار العقد الماضي لأسباب كثيرة، لكنها تزايدت أخيراً تزامناً مع معاناة المصريين من أوضاع اقتصادية صعبة، دفعت إلى مهاجمة اللاجئين عموماً باعتبارهم «يشكلون ضغطاً على موارد البلاد»، وهو ما عززته منابر إعلامية، فخرجت الإعلامية المصرية قصواء الخلالي في معرض حديثها عن «تأثير زيادة عدد اللاجئين في مصر»، لتتساءل عن سبب بقاء السوريين كل هذه السنوات في بلادها، لا سيما أن «سوريا لم يعد بها حرب»، على حد تعبيرها.

وعزز تلك الحملات مخاوف من التمييز ضد المصريين في فرص العمل مع إعلان البعض عن وظائف للسوريين واللبنانيين والسودانيين فقط.

وانتقد رواد مواقع التواصل الاجتماعي المطاعم السورية باعتبارها «ليست استثماراً».

في حين طالب البعض بـ«إغلاق المطاعم السورية والحصول على حق الدولة من الضرائب»، متهماً إياهم بـ«منافسة المصريين بهدف إفلاسهم»، لدرجة وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة المطاعم السورية بدعوى «سرقتها رزق المصريين».

الهجوم على السوريين في مصر لا ينبع فقط من مخاوف الهيمنة الاقتصادية أو منافسة المصريين في فرص العمل، بل يمتد أيضاً لانتقاد شراء الأثرياء منهم عقارات فاخرة وإقامتهم حفلات كبيرة، وسط اتهامات لهم بأنهم «يتمتعون بثروات المصريين». وهو الأمر الذي يعتبره رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين في مصر المهندس خلدون الموقع «ميزة تضاف للسوريين ولا تخصم منهم، فهم يستثمرون أموالهم ويربحون في مصر، وينفقون أيضاً في مصر بدلاً من إخراجها خارج البلاد»، بحسب حديثه لـ«الشرق الأوسط».

زحام لافت على مطعم سوري بشارع فيصل بالجيزة (الشرق الأوسط)

ووسط سيل الهجوم على المطاعم السورية تجد من يدافع عنهم، ويتلذذ بمأكولاتهم، باعتبارها «أعطت تنوعاً للمطبخ المصري».

كما دافع بعض الإعلاميين عن الوجود السوري، حيث أشار الإعلامي المصري خالد أبو بكر إلى «الحقوق القانونية للسوريين المقيمين في مصر»، وقال إن «أهل سوريا والشام أحسن ناس تتعلم منهم التجارة».

ترحيب مشروط

كان الطعام أحد الملامح الواضحة للتأثير السوري في مصر، ليس فقط عبر محال في أحياء كبرى، بل أيضاً في الشوارع، فكثيراً ما يستوقفك شاب أو طفل سوري في إشارات المرور أو أمام بوابات محال تجارية، بجملة «عمو تشتري حلوى سورية؟».

ويعكس الواقع المعيش صورة مغايرة عن دعوات الهجوم والمقاطعة المنتشرة على منصات التواصل الاجتماعي، عبر طوابير وتجمعات بشرية لشباب وأطفال وأسر تقف على بوابات المحال السورية لا يثنيها زحام أو حر أو مطر، عن رغبتها في تناول ساندويتش شاورما، «لرخص ثمنه، ومذاقه الجيد»، بحسب مالك مصطفى، شاب في السابعة عشرة من عمره، التقته «الشرق الأوسط» وهو يحاول اختراق أحد طوابير «عشاق الشاورما» التي تجمهرت أمام مطعم في حي الزمالك.

مصريون طالبوا بمقاطعة المطاعم السورية (الشرق الأوسط)

أما مدير فرع مطعم «الأغا» في حي الزمالك وسط القاهرة أيمن أحمد، فلم يبد «تخوفاً أو قلقاً» من تأثير حملات المقاطعة على المطاعم السورية، لا سيما مع «الإقبال الكبير والمتنامي على وجبات معينة مثل الشاورما والدجاج المسحب»، والذي أرجعه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى «النكهة المختلفة للمطبخ السوري التي أضافت طعاماً شعبياً جديداً أرضى ذائقة المصريين».

وكان إعجاب المصريين بالمطبخ السوري هو ما دفع مؤسس مطعم الأغا، رائد الأغا، الذي يمتلك سلسلة مطاعم في دول عربية أخرى، إلى الاستثمار في مصر ليفتح أول فروعه في الدقي (شمال الجيزة) عام 2021، ثم يقدم على افتتاح فرعين آخرين في الزمالك ثم مصر الجديدة، بمعدل فرع كل عام.

على النقيض، تُغضب حملات الهجوم المتكررة رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين بمصر، الذي يرفض الاتهامات الموجهة للسوريين بـ«أخذ رزق المصري والحصول على مكانه في الوظائف والاستثمار»، لا سيما أن «السوري استثمر وفتح مطعماً أو مصنعاً ووفر فرص عمل أيضاً ولم يأخذ محل أو مطعم مصريين».

استثمارات متنوعة

يتحدث الأتاسي بفخر عن الاستثمارات السورية في مصر، ووجودها في قطاعات اقتصادية عدة، منها أكثر من 7 آلاف مصنع سوري في مجالات مختلفة، في مدن العاشر من رمضان والعبور وغيرهما، لكن المواطن المصري ربما لا يرى من الاقتصاد السوري في بلاده سوى المطاعم «كونها أكثر اتصالاً بحياته اليومية».

ويبدي الأتاسي اندهاشه من كثرة الحملات على المطاعم السورية، رغم أن «أغلبها وخاصة الكبيرة فيها شركاء وممولون مصريون، وبعضها مصري بالكامل وبه عامل سوري واحد».

ليست الصورة كلها قاتمة، فإعلامياً، يجد السوريون في مصر ترحيباً، وإن كان مشروطا بـ«تحذير» من عدم الإضرار بـ«أمن البلاد»، وهو ما أكده الإعلامي المصري نشأت الديهي في رسالة وجهها قبل عدة أشهر إلى السوريين في مصر رداً على الحملات المناهضة لهم.

وهو ترحيب عكسته وسائل إعلام سورية في تقارير عدة أشارت إلى أن مصر «حاضنة للسوريين».

وهو أمر أكد عليه موقع الجالية بتأكيد الحديث عن تسهيلات قدمت لرجال أعمال سوريين وأصحاب مطاعم، من بينها مطاعم في حي التجمع الراقي بالقاهرة.

و«مدينة الرحاب» تعد واحدة من التجمعات الأساسية للسوريين، ما إن تدخل بعض أسواقها حتى تشعر بأنك انتقلت إلى دمشق، تطرب أذنك نغمات الموسيقى السورية الشعبية، وتجذبك رائحة المشاوي الحلبية، وأنت تتجول بين محال «باب الحارة»، و«أبو مازن السوري»، و«ابن الشام» وغيرها، وتستقطبك عبارات ترحيب من بائعين سوريين، «أهلين»، و«على راسي» و«تكرم عيونك».

«حملات موجهة»

انتشار السوريين في سوق التجارة لا سيما الغذاء فسره مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق رخا أحمد حسن، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بأن «بلاد الشام بشكل عام قائمة على المبادرة الفردية، فجاء السوري برأسمال بسيط وبدأ مشروعاً عائلياً وباع ما أنتجه في إشارات المرور، قبل أن يتوسع ويحول مشروعه إلى مطعم».

رصد حسن بنفسه تنامي الإقبال على المطاعم السورية في حي الشيخ زايد الذي يقطنه، لا سيما أنهم «ينافسون المنتج المصري في الجودة والسعر»، معتبراً الحملات ضدهم «تحريضية تنطوي على قدر من المبالغة نتيجة عدم القدرة على منافسة ثقافة بيع أكثر بسعر أقل».

وتثير حملات الهجوم المتكررة مخاوف في نفس الكاتب والمحلل السياسي السوري المقيم في مصر عبد الرحمن ربوع، وإن كانت «موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا وجود لها في الشارع المصري»، حيث يشير في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «على مدار السنوات الماضية لم تتغير المعاملة لا من الشعب المصري أو الجهات الرسمية في الدولة».

السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية في مصر (الشرق الأوسط)

وبالفعل، أثرت المطاعم السورية إيجابياً في سوق الأكل المصري، ورفعت من سويته، بحسب ربوع، رغم أنها لا تشكل سوى جزء صغير من استثمارات السوريين في مصر التي يتركز معظمها في صناعة الملابس، وربما كان تأثيرها دافعاً لأن تشكل الجزء الأكبر من الاستهداف للسوريين في حملات يراها ربوع «سطحية وموجهة وفاشلة»، فلا «تزال المطاعم السورية تشهد إقبالاً كثيفاً من المصريين».

ولا تجد تلك «الحملات الموجهة» صدى سياسياً، ففي فبراير (شباط) من العام الماضي وخلال زيارة لوزير الخارجية المصري السابق سامح شكري إلى دمشق، وجه الرئيس السوري بشار الأسد الشكر لمصر على «استضافة اللاجئين السوريين على أراضيها وحسن معاملتهم كأشقاء»، بحسب إفادة رسمية آنذاك للمتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، أشار فيها إلى تأكيد شكري أن «السوريين يعيشون بين أشقائهم في مصر كمصريين».

لكن يبدو أن هناك تطوراً أخيراً «أثار قلقاً كبيراً لدى السوريين وهو قرار إلغاء الإقامات السياحية»، فبحسب ربوع، معظم الأجانب في مصر وبينهم السوريون كانوا يقيمون في البلاد بموجب إقامات سياحية طويلة، لا سيما الطلاب وكثير ممن ليس لديهم عمل ثابت ويأتي قرار إلغاء تجديدها مقلقاً لأنه سيجبر كثيرين على الخروج من البلاد والعودة مرة أخرى كل فترة، وهو القرار الذي يرغب الأتاسي في أن يشهد إعادة نظر من جانب السلطات المصرية خلال الفترة المقبلة كونه «يفرض أعباءً جديدة على السوريين لا سيما الطلاب منهم».

«استثمارات متنامية»

ويشكل السوريون نحو 17 في المائة من المهاجرين في مصر، وهم «من بين الجنسيات التي تشارك بإيجابية في سوق العمل والاقتصاد المصري، وتتركز مشاركتهم في الصناعات الغذائية والنسيج والحرف التقليدية والعقارات»، وبحسب تقرير لـ«منظمة الهجرة الدولية» صدر في يوليو (تموز) 2022، أوضح أن «حجم التمويل الاستثماري من جانب نحو 30 ألف مستثمر سوري مسجلين في مصر، قُدر بمليار دولار في عام 2022».

وفي عام 2012 جاء السوريون في مقدمة مؤسسي الشركات الاستثمارية، عبر تأسيس 365 شركة من بين 939 شركة تم تأسيسها خلال الفترة من ما بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول)، بحسب بيانات «الهيئة العامة للاستثمار» في مصر.

ولا توجد إحصائية رسمية عن حجم الاستثمارات السورية في مصر الآن، لكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أشار، في تقرير نشره عام 2017، إلى أن «اللاجئين السوريين استثمروا في مصر 800 مليون دولار». وهو نفس الرقم الذي تبنته هيئة الاستثمار المصرية في تصريحات تداولتها وسائل إعلام محلية.

لكنه رقم يقول رئيس تجمع رجال الأعمال السوريين إنه «لا يعدو كونه الرقم التأسيسي الذي بدأ به السوريون مشروعاتهم في مصر، ثم تنامى مع الوقت»، إضافة إلى أن «هناك الكثير من الأنشطة الاقتصادية غير مسجلة في هيئة الاستثمار المصرية».

مطعم سوري في وسط البلد (الشرق الأوسط)

حملات الهجوم المتكررة على السوريين لن تمنعهم من الاستثمار في مصر، فهي من وجهة نظر الموقع «ناتجة عن نقص المعلومات وعدم إدراك لطبيعة وحجم مساهمة السوريين في الاقتصاد»، إضافة إلى أن «المتضرر الأكبر من تلك الحملات هما الاقتصاد والصناعة المصريان»، لا سيما أنها «تتناقض مع سياسة الحكومة الرامية إلى تشجيع الاستثمار».

فقد جاء المستثمر السوري بأمواله لمصر واستثمر فيها، و«أنفق أرباحه فيها أيضاً»، فهو بذلك قادر على «العمل... ولم يأت ليجلس في المقاهي».

بالفعل «لا يحصل السوريون على إعانات من الدولة، بل يعملون بأموالهم ويدفعون ضرائب، ومثل هذا الحملات تقلل من دور مصر التاريخيّ أنها ملجأ لكل من يضار في وطنه أو يتعرض للخطر»، بحسب مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الذي اعتبر الهجوم المتكرر عليهم «محاولة لإظهار السوريين بأنهم سبّب مشكلات البلاد، وهو غير صحيح».

وفي الوقت الذي يعول فيه الموقع على الإعلام لـ«نشر الوعي بأهمية وجود السوريين في مصر»، لا تزال الستينية كاميليا محمود حائرة بين «عشقها» للمأكولات السورية، و«مخاوفها» من التأثير على اقتصاد بلادها، ما يتنقص من متعتها ويعكر مزاجها وهي تقضم «ساندويتش شاورما الدجاج» المفضل لديها.