رصد 117 خرقًا للمتمردين منذ بدء الهدنة شملت 7 محافظات

محاولات مسلحة لعرقلة الجهود السياسية.. و«رسالة تسبق مشاورات الكويت»

مقاتل يمني موال للحكومة الشرعية في إحدى نقاط التفتيش بتعز التي شهدت أكثر حالات الخروقات (أ.ف.ب)
مقاتل يمني موال للحكومة الشرعية في إحدى نقاط التفتيش بتعز التي شهدت أكثر حالات الخروقات (أ.ف.ب)
TT

رصد 117 خرقًا للمتمردين منذ بدء الهدنة شملت 7 محافظات

مقاتل يمني موال للحكومة الشرعية في إحدى نقاط التفتيش بتعز التي شهدت أكثر حالات الخروقات (أ.ف.ب)
مقاتل يمني موال للحكومة الشرعية في إحدى نقاط التفتيش بتعز التي شهدت أكثر حالات الخروقات (أ.ف.ب)

تتواصل الجهود الدولية وجهود الحكومة اليمنية الشرعية في تهيئة الظروف الملائمة لمشاورات الكويت بين الفريق الحكومي والمتمردين في 18 من الشهر الجاري، وسط استمرار خروقات الانقلابيين في معظم جبهات المناطق، والتي وصلت إلى 117 خرقا في سبع محافظات، وأسفرت عن مقتل عدد من المدنيين أغلبهم في محافظة تعز وسط البلاد.
والتقى إسماعيل ولد الشيخ المبعوث الأممي إلى اليمن أمس مع ممثلي القوى السياسية اليمنية بحضور نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية والتأمينات عضو الفريق الحكومي في المشاورات عبد العزيز أحمد جباري، مؤكدا أهمية الجولة الجديدة من المفاوضات التي ستعقد في الكويت. وقال إن «مرجعيات التفاوض هي نفسها التي سبق إقرارها من قبل المجتمع الدولي والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216».
وأوضح ولد الشيخ أن أجندة مفاوضات الكويت تشمل خمسة محاور رئيسية هي وقف إطلاق النار والانسحاب من المدن وتسليم السلاح وإعادة مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى ملف الأسرى والمعتقلين، مؤكدا أن الأمم المتحدة تسعى إلى تحقيق سلام دائم في اليمن وفقًا لهذه المرجعيات.
وقد أكدت الأحزاب السياسية اليمنية على أهمية دعم جهود السلام الدائم وفقًا للمرجعيات المعتمدة وبما يضمن عودة الشرعية ومؤسسات الدولة للعمل وإنهاء الانقلاب وفقًا لنصوص قرار مجلس الأمن.
ويسود تشاؤم في الشارع اليمني تجاه الهدنة الهشة التي قد تنهار في أي لحظة جراء استمرار الخروقات من قبل المتمردين.
وبحسب خطة الأمم المتحدة، فإن اللجان المحلية تبذل جهودا في تثبيت الهدنة عبر لجان عسكرية رفيعة تخضع للأمم المتحدة، وتشارك فيها جميع الأطراف، ومهمتها التهدئة والرقابة على وقف إطلاق النار والأعمال القتالية في كل مناطق المواجهات. وفيما يمنع الاتفاق حشد أي تعزيزات عسكرية أو مهاجمة المواقع العسكرية، فإن المتمردين شنوا عمليات عسكرية ضد مواقع الجيش الوطني المؤيد للشرعية في كل من تعز ومأرب والجوف والبيضاء وحرض.
وبحسب المركز الإعلامي للثورة اليمنية فقد بلغت الخروقات أكثر من 45 خرقًا في محافظة تعز وحدها خلال 12 ساعة من بدء الهدنة، وشملت قصفا بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة على عدة مناطق في المدنية ومواقع للمقاومة كان أبرزها ثعبات والدمعة والشماسي والثورة والروضة والضباب وحيفان.
ويقول مختار الرحبي السكرتير السابق في الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يحصل من خروقات كبيرة من قبل المتمردين هو تصعيد واضح ورسالة تسبق مشاورات الكويت بأنهم لا يريدون السلام ولا يبحثون عن التوصل لحل لتطبيق القرارات الدولية».
وأضاف: «الانقلابيون أطلقوا صواريخ باليستية في أول دقائق من بدء سريان الهدنة، إضافة إلى استمرار القصف الوحشي ضد المدنيين في تعز، واستمرارهم في حشد التعزيزات في الوازعية والمناطق القريبة من ذباب، إضافة إلى جبهة نهم بصنعاء وصرواح بمأرب. ومع ذلك فإن الجيش ملتزم بالهدنة، ويتصدى لهذه الهجمات كدفاع عن النفس ولم يشن أي هجوم على مواقع الحوثيين».
ودعا الرحبي المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى أن تكون أكثر صرامة فيما يخص الخروقات، وقال: «يجب أن تشدد الأمم المتحدة على منع الخروقات وتدينها وتستنكرها أيا كانت الجهة التي اخترقتها حتى لو كان ذلك من طرف الشرعية».
وأضاف: «الجيش الوطني والمقاومة ملتزمان بالتهدئة ودائما تؤكد القيادات الحكومية والعسكرية على ذلك، بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإنجاح مشاورات الكويت التي تعد فرصة للخروج بحل لتنفيذ القرارات الدولية وبسط الاستقرار باليمن». وأشار الرحبي إلى أن الخروقات التي تقوم بها الميليشيات تهدف بدرجة رئيسية إلى استخدامها كورقة ضمن أوراق التفاوض وتحسين موقفها، وهو تكتيك استخدمه سابقا في مفاوضات جنيف.
وحصلت «الشرق الأوسط» على إحصائيات رصد للخروقات التي أقدمت عليها الميليشيات منذ أول ساعات الهدنة، وبحسب المركز الإعلامي للثورة اليمنية، فإن ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح صعدت من عملياتها العسكرية، في مختلف الجبهات، وهو ما يعد مؤشرا على وجود نية مبيتة لديها، لوأد الهدنة في مهدها، منذ الساعة الأولى لبدء سريان وقف إطلاق النار.
وفي هذا السياق، رصدت قوات الجيش والمقاومة الشعبية، عشرات الخروقات في مختلف الجبهات، منذ الساعة الأولى لبدء الهدنة، حتى مغرب أول من أمس. ورغم إعلان الميليشيا، التزامها بوقف إطلاق النار، إلا أن قواتها على الأرض، لم تتوقف، بل صعدت من وتيرة القصف والاستهداف للأحياء السكنية، وأيضا لمواقع الجيش والمقاومة.
وبلغت إحصائية خروقات الميليشيات الانقلابية للهدنة، 117 خرقا شملت سبع محافظات، هي تعز 59. والجوف 10. والبيضاء 14. ومأرب 9. وشبوة 8، والضالع 11. وصنعاء 6.
وكان لمحافظة تعز نصيب الأسد من خروقات الميليشيا، منذ الدقائق الأولى لوقف إطلاق النار، حيث باشرت الميليشيات، قصف الأحياء السكنية، والقرى، بمدينة تعز وضواحيها، بالمدفعية، وصواريخ الكاتيوشا، ما تسبب في سقوط ضحايا، وسجلت مصادر طبية، خلال الساعة الأولى من بدء الهدنة، مقتل مواطن بحي ثعبات، جراء قصف الميليشيات، إلى جانب إصابة عدد آخر، من المدنيين بينهم أطفال.
وفي محافظة الجوف دارت معارك عنيفة في مديرية المتون، بعد خرق ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع لوقف إطلاق النار، وأكد عبد الله الأشرف، المتحدث باسم المقاومة الشعبية، أن وتيرة المواجهات اشتدت، في المتون، جهة منطقة مزوية، في الوقت الذي تحشد ميليشيا الحوثي وقوات صالح عشرات المقاتلين لمهاجمة مواقع الجيش والمقاومة بالمديرية.
وفي مديرية عسيلان بمحافظة شبوة الجنوبية، قصفت ميليشيا الحوثي والمخلوع، معسكر اللواء 21 ميكا، بعسيلان، بصواريخ الكاتيوشا، وسقط أربع جرحى في صفوف منتسبي اللواء، بينما قتل أربعة من عناصر الميليشيات، بنيران قوات الجيش والمقاومة، التي اضطرت للرد على مصادر النيران، بمختلف أنواع الأسلحة.
كما أحبطت قوات الأمن والمقاومة الشعبية عملية تهريب كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر كانت في طريقها لميليشيات الحوثيين، بعد ضبط شاحنة تحمل أسلحة مختلفة في نقطة «الجلفوز»، بمدينة عتق عاصمة محافظة شبوة، وأوضحت أن شحنة الأسلحة كانت مموهة بمواد غذائية تم تعبئة الشاحنة بها لإخفاء ما بداخلها من أسلحة.
أما في محافظة صنعاء فقد هاجمت الميليشيات مواقع الجيش والمقاومة في مديرية نهم، بالقذائف المدفعية والصواريخ، وأكد عبد الله الشندقي، المتحدث باسم مقاومة صنعاء، أن الميليشيات، شنت هجوما فجر أول أيام الهدنة على جبل الهدياني، في محاولة لاستعادته من أيدي الجيش والمقاومة، فيما شهدت محافظة مأرب إحباط هجوم باليستي من منطقة قريبة من معسكر الصمع، بمديرية أرحب شمال شرقي صنعاء باتجاه محافظة مأرب، وتمكنت الدفاعات الجوية التابعة للتحالف العربي، من اعتراضه وتدميره بالجو.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).