الحكومة اللبنانية تقر رفع مستوى الحماية الأمنية لمطار رفيق الحريري الدولي

المشروع يقضي ببناء سور جديد وشراء رادارات حديثة وأجهزة كشف متطورة بمعايير عالمية

الحكومة اللبنانية تقر رفع مستوى الحماية الأمنية لمطار رفيق الحريري الدولي
TT

الحكومة اللبنانية تقر رفع مستوى الحماية الأمنية لمطار رفيق الحريري الدولي

الحكومة اللبنانية تقر رفع مستوى الحماية الأمنية لمطار رفيق الحريري الدولي

أقرّت الحكومة اللبنانية مشروع رفع مستوى الحماية الأمنية في مطار رفيق الحريري الدولي بلبنان، وسارعت إلى تكليف وزارة الأشغال العامة بالقيام باستقطاب العروض عبر إدارة المناقصات، وفق دفاتر الشروط الذي أعدته اللجنة الفنية وحددت فيها الحاجات المتعلّقة برفع مستوى الحماية الأمنية، بما لا يتعارض مع الأشغال المقررة سابقًا.
ويأتي هذا القرار على خلفية التحذيرات التي تلقاها مطار بيروت من مطارات عالمية، وإنذاره بعدم اعتماده بالنظر لتراجع الإجراءات الأمنية فيه، والتدابير التي تحفظ سلامة الطائرات التي تهبط في المطار وتقلع منه. وهذا ما دفع بالحكومة إلى اختصار المهل والإسراع في إقرار الاعتمادات لتبدأ بعدها عمليات تلزيم الأشغال في كل أقسام المطار.
وزير البيئة محمد المشنوق، أوضح أن «إقرار خطة تجهيز المطار بوسائل الأمن وحماية السلامة العامة، تأتي في إطار حاجة لبنان الضرورية التي يعمل عليها لتطوير الجوانب الأمنية سواء في المطار أو غيره». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه الخطوات ضمن خطة تطوير المطار وخدماته، خصوصًا أن هناك ملاحظات وضعها خبراء أجانب كشفوا على المطار، وفضلوا أن تستكمل بعض الجوانب الأمنية والتقنية»، مشيرًا إلى أنه «خلال زيارة وزير الداخلية (نهاد المشنوق) الأخيرة إلى لندن جرى لفت النظر إلى قضية أمن المطار، من ضمن حالة الاستنفار الأوروبية بعد الذي حصل في مطار بروكسل».
وقال المشنوق: «هناك تجهيزات متطورة أكثر من تلك المعتمدة لدينا حاليًا، وتشكل صمام أمان، ووجدنا أن هذا الموضوع إن لم نعالجه اليوم بالتي هي أحسن، سنكون موضع مآخذ من مطارات العالم، خصوصًا أن المطارات العالمية تغيّر في التصنيفات، ولبنان يصنّف الآن بوضع جيّد، لذلك من الضروري استكمال التجهيزات، مثل آلات الكشف التي يجب أن ترصد السيارات الآتية من الخارج، بحيث إذا مرت في منطقة معينة تخضع لفحص إلكتروني دقيق».
ولفت وزير البيئة إلى أنه «لا توجد ثغرات أمنية في مطار رفيق الحريري الدولي، إنما هناك ملاحظات يجري العمل على معالجتها، ولذلك الحكومة سارعت اليوم إلى الموافقة على هذا الموضوع، وأوكلت إلى وزارة الأشغال إنجاز هذه المهمة بالاستناد إلى تقرير اللجنة الفنية ودفاتر الشروط الموضوعة بهذا الخصوص».
أما رئيس لجنة الأشغال النيابية النائب محمد قباني، فأشار إلى أن «التجهيزات الأمنية التي يتطلبها وضع المطار متعددة، وهي تبدأ ببناء السور الخارجي له، وتزويد هذا السور بكاميرات مراقبة دقيقة، وهذا ما يتطلّب رصد مبلغ 6 ملايين و400 ألف دولار».
وكشف قباني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «التجهيزات الأخرى تحتاج إلى 20 مليون دولار، كانت الحكومة رصدتها من ضمن الهبة السعودية قبل وقفها، لكن وزارة المال ستؤمن الآن هذا المبلغ من الخزينة اللبنانية». وأكد أن «هذا المبلغ سيصرف على شراء أجهزة إلكترونية حديثة ومتطورة جدًا، تتوافق مع المعايير المعتمدة في أهم مطارات العالم، مثل الرادارات التي ترصد مدارج المطار ومحيطه، والسيارات التي تتجول وتدخل إليه وتخرج منه، بالإضافة إلى أجهزة كشف متطورة لتفتيش المسافرين والأمتعة والبضائع»، مثنيًا على قرار الحكومة الذي اختصر المهل المتعلّقة بآليات التلزيم.
وعمّا إذا كان مطار رفيق الحريري الدولي تلقى بالفعل تحذيرات من مطارات عالمية، قال قباني: «لا علم لي بوجود تحذيرات رسمية، لكن المطار تلقى نصائح برفع الجهوزية الأمنية فيه، حتى تكون قادرة على مواجهة أي مخاطر محتملة».
وحول ما إذا كانت هذه التجهيزات قادرة على مواكبة مشروع توسعة المطار، أوضح رئيس لجنة الأشغال أن «مشروع التوسعة يحتاج إلى سنوات من خطط ودراسات واستملاكات وغيرها، في حين أن مسألة التجهيزات هي حالات طارئة ومستعجلة جدًا».
وكانت جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، ركزت على بندين أساسيين، هما أمن المطار، وحلّ أزمة جهاز أمن الدولة العالق على حبل تنازع الصلاحيات بين رئيس الجهاز اللواء جورج قرعة ونائبه العميد محمد الطفيلي. وفي وقت توافق فيه الوزراء على أن يكون هذا الأمر بندًا أول على طاولة جلسة مجلس الوزراء يوم 28 من الشهر الحالي، انصرف الجميع إلى بحث آلية تجهيز المطار بالأجهزة والمعدات المطلوبة.
وقد شدد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور قبيل الجلسة، على «ضرورة حل مشكلة أمن المطار، خصوصًا أن هناك تحذيرات دولية جدية بإيقاف الرحلات»، مثنيًا في الوقت نفسه على «أهمية الاقتراحات المطروحة لإيجاد المخارج في موضوع جهاز أمن الدولة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم