«الشعبية» في غزة تهدد عباس وتحرق صوره.. وفتح تعد موقفها معيبًا وتطلب الاعتذار

الفصيل الثاني في منظمة التحرير يخرج عن المألوف بعد وقف مخصصاته

الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

«الشعبية» في غزة تهدد عباس وتحرق صوره.. وفتح تعد موقفها معيبًا وتطلب الاعتذار

الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)
الرئيس محمود عباس (أ.ف.ب)

تصاعدت حدة الخلافات بين الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، والجبهة الشعبية، أحد فصائل منظمة التحرير، إلى حد غير مسبوق. فقد قام أنصار الجبهة في غزة، بإحراق صور أبو مازن في ونعته بأوصاف شتى، في حضور قيادات الجبهة ومسؤولي فصائل أخرى، خلال مسيرة كان يفترض أن تكون لإحياء الذكرى 40 لاغتيال عمر النايف، أحد كوادر الجبهة في العاصمة البلغارية صوفيا. وفورا، طالبت حركة فتح الجبهة بالاعتذار للشعب الفلسطيني إزاء ما صدر عنها، «من دنو سافر» و«تصرفات نكراء».
وتحولت مسيرة الجبهة في غزة، التي حضرها مسؤولون كبار في الفصيل الثاني في منظمة التحرير، ومسؤولون في حماس والجهاد الإسلامي، إلى احتجاجية ضد عباس، وخرجت عن المألوف في الخلافات الفلسطينية. إذ أقدم عناصر الجبهة على إحراق صور عباس، ووضعوا بعضها على تابوت وأحرقوه. ثم نعتوا عباس بالبائع، وتوعدوه، بعد يوم من اتهامهم له بوقف مخصصات تنظيمهم. وكانت مسيرة الشعبية انطلقت من ميدان «السرايا» إلى ميدان «الجندي المجهول» وسط مدينة غزة، مع مظاهر غضب كبيرة ضد عباس.
وقال عضو اللجنة المركزية للجبهة، حسين منصور، «إن قرار قطع مخصصات الجبهة فردي، وفيه تطاول على المؤسسة التشريعية الأولى، وهي المجلس الوطني الفلسطيني»، رافضا السياسة التي وصفها بـ«الانتقامية»، مؤكدا أنها لن تنجح في ابتزاز الجبهة في مواقفها السياسية.
وأثارت تصرفات الجبهة الشعبية في غزة، غضبا كبيرا لدى حركة فتح التي استنكرت قيام مجموعة من أنصار الجبهة الشعبية بحرق صور الرئيس أبو مازن، أثناء فعالية نظمتها الجبهة في مدينة غزة. وقال منير الجاغوب، رئيس اللجنة الإعلامية في مفوضية التعبئة والتنظيم في حركة فتح، «إن ما قامت به الجبهة الشعبية اليوم، من حرق لصور الأخ القائد أبو مازن بغزة، ما هو إلا خطوة خارجة عن المسؤولية، وتعبير كبير لموقف سياسي فاقد لكل معاني القيادة، ويضع الجميع في الجبهة الشعبية أمام اعتذار كبير للفلسطينيين كلهم، وعلى رأسهم الأخ الرئيس أبو مازن، إزاء ما صدر عنهم من الدنو في عمل سافر، لا ينم عن أخلاق عهدناها لرفاقنا عبر مسيرة النضال والمقاومة».
وأضاف الجاغوب «أن هذه الفعلة النكراء، شكلت يوما معيبا بحق كل عناصر الجبهة الشعبية وقياداتها. ونحن في حركة فتح، نتطلع بكل مسؤولية، وننتظر التصرف الذي يليق بسيادة الرئيس من طرف الرفاق في الجبهة الشعبية، من اعتذار كامل ورسمي، وإجراءات وجب عليهم اتخاذها لتقديم موقف يواجه هذا الانزلاق والمس بشخص السيد الرئيس».
وكانت الجبهة قبل يوم واحد، قد اتهمت عباس بإيقاف مخصصاتها الشهرية، التي تدفع لها من الصندوق القومي لمنظمة التحرير، عقابا لها على مواقف سياسية مختلفة.
وقال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية رباح مهنّا، إن الرئيس محمود عباس اتخذ قرارًا شفويًا، بقطع مخصصات الجبهة الشعبية من الصندوق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية، عن شهري شباط وآذار، من دون الرجوع للّجنة التنفيذية. وبحسب مسؤولين في الجبهة، فإنها تلقت قرارًا شفويًا من قبل الدكتور رمزي خوري، رئيس الصندوق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بوقف مخصصاتها.
وأثارت اتهامات الجبهة ضد عباس ردود فعل مختلفة. لكن أي مصدر مسؤول لم يؤكدها.
وقال مسؤولون فلسطينيون، إن لا علم لديهم إذا ما كان عدم صرف مستحقات الجبهة، هو قرار أم أزمة مالية على غرار فصائل أخرى.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».