«المرحلة الانتقالية» على طاولة جنيف الأربعاء ودي ميستورا في طهران اليوم

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: المفاوضات لن تكون مباشرة بين وفدي النظام والمعارضة

المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق بعد زيارة التقى فيها وزير الخارجية النظام السوري وليد المعلم ضمن جولة دولية تسبق انطلاق محادثات جنيف الأربعاء (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق بعد زيارة التقى فيها وزير الخارجية النظام السوري وليد المعلم ضمن جولة دولية تسبق انطلاق محادثات جنيف الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

«المرحلة الانتقالية» على طاولة جنيف الأربعاء ودي ميستورا في طهران اليوم

المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق بعد زيارة التقى فيها وزير الخارجية النظام السوري وليد المعلم ضمن جولة دولية تسبق انطلاق محادثات جنيف الأربعاء (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي ميستورا يتحدث للصحافيين في دمشق بعد زيارة التقى فيها وزير الخارجية النظام السوري وليد المعلم ضمن جولة دولية تسبق انطلاق محادثات جنيف الأربعاء (إ.ب.أ)

ينهي المبعوث الدولي لحل الأزمة في سوريا ستيفان دي ميستورا اليوم الثلاثاء جولته التحضيرية للدورة الثالثة من مفاوضات جنيف في طهران، على أن تنطلق المحادثات يوم الأربعاء مع وفد المعارضة بانتظار وصول وفد النظام نهاية الأسبوع الجاري بحجة مشاركة عدد من أعضائه في الانتخابات البرلمانية. وكشفت مصادر معنية بالمفاوضات لـ«الشرق الأوسط» أنها لن تكون مباشرة بل ستتخذ الشكل نفسه الذي قامت عليه الجولات السابقة.
وفيما يتجه طرفا الصراع السوري إلى طاولة المفاوضات من جديد من دون شروط مسبقة معلنة، يتمسك كل منهما بـ«مبادئ» يرفض الحياد عنها ما يهدد بانهيار العملية السياسية في أي لحظة. إذ يرفض النظام البحث بمصير رئيسه بشار الأسد ويختصر المرحلة الانتقالية بحكومة وحدة وطنية، في وقت تجزم المعارضة بعدم قبولها بأن يكون هناك أي دور للأسد في هيئة الحكم الانتقالي التي تشدد على وجوب أن تستلم كل الصلاحيات التنفيذية.
ويبدو دي ميستورا حاسما بموضوع جدول أعمال الجولة الثالثة من المفاوضات، إذ أكد بعد لقائه وزير الخارجية السوري وليد المعلم يوم أمس في دمشق، أنه سيتم التركيز على «عملية الانتقال السياسي وعلى مبادئ الحكم الانتقالي والدستور»، واصفا المحادثات المرتقب انطلاقها الأربعاء بـ«بالغة الأهمية». وأضاف: «نأمل ونخطط لجعلها بناءة ونعمل لجعلها ملموسة».
من جهته، شدّد المعلم على «جاهزية الوفد السوري للمحادثات اعتبارا من 15 أبريل (نيسان) الحالي بسبب الانتخابات البرلمانية المرتقبة» الأربعاء القادم، باعتبار أن خمسة من أعضاء الوفد النظامي مرشحون للانتخابات التشريعية. وأكد وزير خارجية النظام على «الموقف السوري بشأن الحل السياسي للأزمة والالتزام بحوار سوري بقيادة سوريا ودون شروط مسبقة» وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا».
وقال دي ميستورا إنه بحث مع المعلم أيضا «أهمية حماية واستمرار ودعم وقف الأعمال القتالية الذي كما تعرفون لا يزال هشا لكنه قائم»، مضيفا: «نحن بحاجة للتأكد من استمرار تطبيقه على رغم بعض الخروقات». كما تناولت المباحثات مع المعلم مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وأوضح الموفد الدولي أن النقاش تطرق إلى «مسألة زيادة إيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة المناطق المحاصرة وإلى جميع السوريين»، منوها بتمكن برنامج الأغذية العالمي من إيصال مساعدات جوا الأحد إلى مائتي ألف شخص محاصرين في مدينة دير الزور. وأضاف: «هذا يظهر تصميمنا على محاولة الوصول إلى كل مكان، حيث نستطيع حتى لو من خلال وسائل معقدة كإلقائها من الجو».
ومن المرجح أن يكون دي ميستورا غادر دمشق متجها إلى العاصمة الإيرانية طهران، حيث ينهي الجولة التحضيرية للدورة الثالثة من المفاوضات. وهو ما أعلنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابري أنصاري قائلا إن « المبعوث الأممي لحل الأزمة في سوريا سيصل إلى طهران مساء اليوم (الاثنين)». ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن جابري أنصاري قوله إن « الجولة الجديدة من المفاوضات السورية - السورية ستعقد في جنيف في 13 أبريل الحالي بحضور ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية»، مشيرا إلى أن إيران «وبناء على سياستها الثابتة دعت على الدوام لحل الأزمة سياسيا، ولقد كان التعاون جاريا في مختلف مراحل الجهود التي قام بها دي مستورا والتي نأمل أن تساعد في حل الأزمة بالنهاية».
وبحسب مواقع مقربة من النظام، فإن وفده إلى جنيف سيحمل معه ردا على «وثيقة المبادئ الأساسية» التي وزعها دي ميستورا على المشاركين في اختتام الدورة السابقة من المحادثات. وفي هذا الإطار، قال وزير إعلام النظام عمران الزعبي إن رد الحكومة السورية سيكون «في ضوء المصلحة الوطنية وهو قيد الدراسة». واعتبر الزعبي أن التفاهم على «حكومة موحدة موسعة» هو المدخل إلى إحداث الانتقال السياسي في البلاد، مشددًا على أنه «لا حكومة موسعة إذا تم استبعاد أطراف معينة»، ولافتًا إلى أن دمشق لا تحاول تحديد آلية العملية السياسية وأن من حددها هو القرار الأممي 2254.
بدوره، يتجه وفد المعارضة إلى جنيف وهو غير متفائل بتجاوب النظام أو بإمكانية تحقيق خروقات كبيرة في الجولة المقبلة من التفاوض. وفي هذا السياق، قال عضو الوفد المفاوض فؤاد عليكو لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الجولة ستكون مفصلية باعتبار أننا سندخل مباشرة بالحديث عن الانتقال السياسي للسلطة، فإذا لم يتجاوب النظام فستكون نهاية العملية السياسية». وأضاف: «طالما هم يتمسكون بنظرية أن الانتقال السياسي يعني الإصلاح السياسي وتشكيل حكومة وحدة وطنية دون المس بالرئيس ومركزه وصلاحياته، وطالما لا يوجد تقدم يُذكر على صعيد الحل السياسي باعتبار أنّه مرتبط كليا بمصير الأسد باعتباره جزءا من المشكلة ومفتاح الحل يكمن برحيله».
ولا يبدو أن الأميركيين والروس تمكنوا من التوصل لأي تفاهم يُذكر بما يتعلق بمصير الأسد، وهو ما تؤكده التصريحات الروسية الأخيرة التي حثّت على تأجيل البت بالموضوع. وفي هذا السياق، أكد مدير مركز «جسور» السوري المتخصص، محمد سرميني لـ«الشرق الأوسط» «وجود اتفاق بين موسكو وواشنطن على المضي قدما بالمحادثات السورية - السورية وهذا أمر مهم طالما الروس يضغطون على النظام لتحقيق تقدم في هذا المجال، إلا أن ذلك لا يعني التوصل إلى اتفاق كامل على كافة أجزاء المشهد السوري، باعتبار أن الاتفاقيات التي تتم تبقى حاليا مرحلية».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.