«ساحة الفردوس».. شاهد على خراب العراق منذ 2003

بعد أن كانت من أنظف مناطق بغداد أصبحت مكبًا للنفايات

رتل أميركي يدخل ساحة الفردوس في 9 أبريل 2003 قبل إسقاط تمثال صدام.. .. والساحة كما تبدو هذه الأيام (أ.ف.ب)
رتل أميركي يدخل ساحة الفردوس في 9 أبريل 2003 قبل إسقاط تمثال صدام.. .. والساحة كما تبدو هذه الأيام (أ.ف.ب)
TT

«ساحة الفردوس».. شاهد على خراب العراق منذ 2003

رتل أميركي يدخل ساحة الفردوس في 9 أبريل 2003 قبل إسقاط تمثال صدام.. .. والساحة كما تبدو هذه الأيام (أ.ف.ب)
رتل أميركي يدخل ساحة الفردوس في 9 أبريل 2003 قبل إسقاط تمثال صدام.. .. والساحة كما تبدو هذه الأيام (أ.ف.ب)

باتت ساحة الفردوس، رمز إسقاط نظام صدام حسين قبل 13 عامًا بعد أن أزالت القوات الأميركية تمثاله من المكان، معلمًا لحجم الخراب الذي أصاب العراق على يد قادته المتناحرين.
الساحة التي تبلغ مساحتها نحو ألفي متر مربع، وكانت تعتبر متنفسًا رئيسيًا وسط العاصمة لتميزها بالحدائق والنوافير الجميلة، أصبحت اليوم مكبًا للنفايات وتعاني إهمالاً واضحًا. وقال الإعلامي زياد العجيلي لوكالة الصحافة الفرنسية، إن هذه الساحة ظلت منذ السقوط الشاهد الرئيسي على خراب العراق. وأضاف: «لا تختلف الساحة البسيطة في مساحتها عن كل المتغيرات السياسية منذ تأسيس جمهورية العراق حتى اليوم».
المثير للدهشة هو حجم الخراب المحيط بالساحة رغم وقوعها قرب فندقي ميريديان وشيراتون من الجهة الغربية ومسجد «14 رمضان» شرقًا. وتتوسط الساحة شارع السعدون، أهم شوارع العاصمة كونه قلب المركز الرئيسي. وتحولت نوافيرها إلى مستنقعات للمياه الآسنة وتحولت حدائقها إلى أعشاب صفراء، كما تكسر عدد كبير من الأشجار المحيطة بالساحة، في حين تملأ النفايات المكان.
وتحول أحد جدران هذه الساحة إلى معرض للإعلانات والملصقات المهترئة.
وقالت سماح يوسف التي كانت تمر قرب الساحة محدقة حولها ردًا على سؤال لوكالة الصحافة الفرنسية: «عن أي فردوس تتكلم؟ لم يبق من الفردوس شيئًا، لا بد من تغيير اسمها الآن إلى ساحة النفايات والقاذورات».
وإزاحة تمثال صدام ليست أول تغيير يطرأ على هذه الساحة، فقد شهدت في الماضي عملية إزاحة تمثال «نصب الشهيد» للفنان الراحل رفعت الجادرجي إبان ستينات القرن الماضي. ومنذ التغيير الذي بدأ من ساحة الفردوس، لم يستقر أي تمثال في المكان بعد إزالة تمثال صدام حسين، بحيث يبدو أن شبحه لا يزال يطارد هذه الساحة. كما لم يستقر الوضع السياسي في البلاد منذ أن سلمت الولايات المتحدة الحكم إلى مجموعة من السياسيين الذين تقاسموا السلطة وفقًا للمحاصصة الطائفية.
وقد أطلق على الساحة اسم ساحة الجندي المجهول إبان عهد «الزعيم» عبد الكريم قاسم، وبقي الأمر كذلك إلى حين تسلم صدام السلطة، فقرر نقل التمثال إلى ساحة الاحتفالات في المنطقة الخضراء ووضع لنفسه تمثالاً برونزيًا مكانه.
وأجريت عمليات ترميم لهذه الساحة لكن لم تصمد بسبب سوء تنفيذ المشاريع التي منحت إلى شركات غير متخصصة على ما يبدو. وهذا جزء من الفساد المستشري الذي ينخر في البلاد.
وقال سامر عبد الستار (32 عامًا) وهو موظف في مصرف حكومي في منطقة الكرادة، إن الدمار والإهمال لا يطال الفردوس فقط، إنما يشمل العراق بأكمله. وأضاف: «كل المشاريع الخدمية منحت لشركات فاشلة يهيمن عليها الساسة الجدد الذين وضعوا بصمة خراب في كل بقعة في البلاد».
ويعاني العراق من بنى تحتية متهالكة بسبب تحكم السياسيين بعقود الإعمار التي تمنح بواسطتهم إلى شركات غير مؤهلة أو تصرف الأموال على مشاريع وهمية. وكانت السلطات العراقية قررت إعادة بناء وتأهيل نصب وساحة الجندي المجهول كرمز تراثي في ساحة الفردوس، لكن ذلك لم يتحقق. وقد وضعت مجموعة من الشباب المتطوعين تمثالاً من الجبس لم يصمد أمام عوامل الطقس والأمطار إلى أن رفعته السلطات من الساحة.
ويتذكر محمد علي الأمسيات التي كان يقضيها برفقة عائلته في الساحة التي وصفها بأنها «كانت تتميز بنظافتها وأضوائها». وأضاف الرجل البالغ من العمر 45 عامًا بتهكم: «لم يبق من الساحة سوى أطلالها. يجب على مؤسسات دائرة الآثار أن تعمل من أجل إدخالها في المواقع الأثرية لأنه على ما يبدو اعتبروها معلمًا أثريًا لا يتدخلون في صيانته».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.