مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

40 دولة ومنظمة في مؤتمر «بين نهج الإعمار ونهج الدمار» في العاصمة عمّان

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال
TT

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

مؤتمر الوسطية العالمي يدعو إلى محاربة التطرف وتقديم نهج الاعتدال

قال رئيس المنتدى العالمي للوسطية، الإمام الصادق المهدي: إن «نهج الإعمار يبدأ بمعرفة حقيقة الدمار الذي تعاني منه الأمة»، داعيا إلى البدء بصحوة فكرية في مختلف البلدان الإسلامية، والعمل على توضيح مشروعية التعايش الديني في الإسلام، واحترام التعددية الدينية في المجتمع الواحد».
جاء ذلك أمس في العاصمة الأردنية عمّان، خلال افتتاح فعاليات مؤتمر «بين نهج الإعمار ونهج الدمار». ويهدف المؤتمر، الذي يشارك فيه نحو 40 دولة ومنظمة وهيئات فكرية وتيارات حركية، إلى تسليط الضوء على التحديات وآفات العصر التي تواجه العالم العربي والإسلامي، من تطرف وإرهاب. ويبحث المشاركون فيه على مدار يومين، آليات وسبل إعمار البلدان الإسلامية وتمكينها في مختلف المجالات، ومحاربة الفكر المتطرف، ونشر مبادئ الوسطية والاعتدال.
وينظم أعمال المؤتمر، الذي يشارك فيه عشرات العلماء ورجال السياسة من مختلف البلدان الإسلامية، المنتدى العالمي للوسطية «مستقل» الذي يتخذ من العاصمة عمّان مقرا له.
وأضاف المهدي: «ولغايات تحقيق الإعمار في البلدان الإسلامية، لا بد من العمل على وقف الحروب والاقتتال الداخلي، وإدراك أن التحول في تركيا من علمانية تعادي الدين إلى علمانية تصادقه، إنما هي خطوة في الاتجاه الصحيح».
وقال الأمين العام للمنتدى، مروان الفاعوري: «الوسطية لا تعني الوقوف في منتصف الطريق بين الخير والشر، ولا بين الإسلام والإرهاب، لكنها انحياز كامل نحو الحق والعدل والحرية، فالإسلام جاء وسطا بين الأديان والثقافات، ورسالته إحقاق الحق ومواجهة الظلم وإعلان حرية الإنسان».
وعد نائب رئيس البرلمان التونسي، عبد الفتاح مورو، أن «الأمم لا تقام من دون علمائها وشبابها الذين يبنون الواقع ويخططون للمستقبل، فعندما نسعى إلى بيان أن الإسلام هو دين الوسطية والاعتدال، فلا بد من بذل الجهود من قبل الصغير قبل الكبير، لمواجهة التحديات الكبيرة التي تتعرض لها أمتنا».
ودعا مورو إلى «ضرورة وجود طريق ومنهج لعلماء الأمة، لمعالجة مختلف القضايا العالقة التي أدت إلى تراجع البلدان العربية والإسلامية في مختلف الحقول، وأن يكف رجال الدين والسياسة في الأمة عن الخطابات والتنظير، وأن يبدأوا النزول إلى واقع الناس ومعايشته».
وأكد نائب أمين عام حزب العدالة والتنمية التركي، ياسين أقطاي، أن اقتراب حزب العدالة والتنمية من هموم الناس، وتسخير كوادره لخدمة الناس وحل مشكلاتهم، هو سر نجاح الحزب واستمراره في السلطة طيلة 14 عاما. وقال: «لا شك أن تركيا تشكل قصة نجاح منذ 14 عاما، منذ أن تولى حزبنا السلطة عبر الديمقراطية وصناديق الاقتراع، التي أفرزته لقيادة البلاد عبر انتخابات حرة ونزيهة لا يمكن لأحد أن يشك في نزاهتها». وأكد أقطاي أن جملة من الأسباب أدت إلى استمرار تميز الحزب في الوصول إلى السلطة، منها الاهتمام بمجال الرعاية الصحية للمواطنين، قائلاً: «إذ إن الجميع في بلادي يتلقون أفضل الرعاية الصحية بمختلف المستشفيات، وبمستوى يفوق الدول الأوروبية»، وأضاف أن الحزب سخر نفسه لخدمة الناس بشتى المجالات، فتم بناء قرابة 20 ألف كيلومتر من الطرقات، وتم تجديد مختلف الطرقات في جميع أنحاء البلاد، وقال: «صرفنا كل الأموال لخدمة الناس، ولذلك كان من الطبيعي أن يكون الحزب خيارهم في السلطة».
ويشارك في أعمال المؤتمر رجال سياسة ودين من دول (السعودية، وتركيا، وتونس، والكويت، وسوريا، والسودان، والمغرب، وموريتانيا، والجزائر، ولبنان، ونيجيريا، وباكستان)، بالإضافة للدولة المستضيفة الأردن.
ومن أبزر القضايا التي يبحثها المشاركون: «دور الإعلام والمحطات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي في الاستقرار والتنمية، والتصدي لحملات التطرف والعنف»، و«حقيقة الوحدة والانتماء إلى الأمة.. التأصيل الشرعي والحقيقة الفطرية والضرورة الاجتماعية»، و«علاقة الانتماء بالعمران البشري»، و«توظيف الحوار والتعددية في مواجهة المتطرفين ودعاة العنف»، و«دور المؤسسات التعليمية والشبابية والأهلية في نبذ العنف والتعصب».



بن عزيز: عشرات المعتقلين لدى الحوثيين قتلوا تحت التعذيب

حرب غزة اتخذها الحوثيون وسيلة جديدة للانتقام من خصومهم اليمنيين (أ.ف.ب)
حرب غزة اتخذها الحوثيون وسيلة جديدة للانتقام من خصومهم اليمنيين (أ.ف.ب)
TT

بن عزيز: عشرات المعتقلين لدى الحوثيين قتلوا تحت التعذيب

حرب غزة اتخذها الحوثيون وسيلة جديدة للانتقام من خصومهم اليمنيين (أ.ف.ب)
حرب غزة اتخذها الحوثيون وسيلة جديدة للانتقام من خصومهم اليمنيين (أ.ف.ب)

اتهم رئيس هيئة أركان الجيش اليمني الفريق صغير بن عزيز، الجماعة الحوثية، بقتل عشرات المعتقلين في سجونها تحت التعذيب، داعياً إلى ضغط دولي من أجل وقف انتهاكاتها، خصوصاً فيما يتعلق بتعذيب السجناء وتجنيد الأطفال.

تصريحات بن عزيز جاءت وسط تقارير حكومية وحقوقية عن تصاعد الاعتقالات الحوثية في أوساط السياسيين، بمن فيهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، إلى جانب توجيه الجماعة الموالية تهماً لمعتقلين بالتخابر مع الولايات المتحدة وإسرائيل، في ظل مخاوف حقوقية من إعدامهم.

رئيس الأركان اليمني مجتمعاً في مأرب مع بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن رئيس هيئة الأركان العامة قائد العمليات المشتركة الفريق صغير بن عزيز، ناقش في مأرب مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن دافني ماريت، التدخلات الإنسانية للجنة والمنظمات الدولية في اليمن.

وتطرق اللقاء إلى أوضاع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلات ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، والدور المعول على الصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية إزاء الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها الميليشيا، وفق ما أوردته وكالة «سبأ».

وفيما جدد رئيس هيئة الأركان اليمني التأكيد على تقديم كل أوجه الدعم للجنة الصليب الأحمر والتعاون معها وتقديم التسهيلات لإنجاح مهامها قال إن الميليشيا الحوثية تمادت في انتهاك القوانين الإنسانية وارتكاب الجرائم بحق المعتقلين الذين تحتجزهم قسرياً في أقبيتها، وتمارس بحقهم أبشع الانتهاكات، مشيراً إلى وفاة العشرات من المختطفين تحت التعذيب في معتقلاتها.

وجدد بن عزيز التأكيد على التزام القوات المسلحة اليمنية بالقانون الدولي والإنساني والمواثيق الدولية، انطلاقاً من التزامها بالدستور والقوانين النافذة، متهماً الحوثيين بالاستمرار في تجنيد الأطفال للقتال والزج بهم في حروبهم وعملياتهم الإرهابية، وإصرارهم على تعميق المعاناة الإنسانية، والتنصل من الالتزامات والاتفاقات المتعلقة بملف الأسرى والمختطفين والمخفيين.

وشدد رئيس الأركان اليمني على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي مواقف رادعة وحازمة إزاء الميليشيا الحوثية التي تعرقل كل جهود تخفيف الأزمات التي فرضتها على الشعب اليمني.

اعتقالات في صنعاء

مع توارد الأنباء عن تصعيد الحوثيين من انتهاكاتهم، ندد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني بأشد العبارات بحملات الاعتقال التي قال إنها استهدفت في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة للجماعة العشرات من قيادات وقواعد حزب «المؤتمر الشعبي»، من بينهم أعضاء في اللجان الدائمة الرئيسية والفرعية للحزب.

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

وحسب الوزير اليمني، فإن الجماعة «تفرض رقابة صارمة على ما تبقى من قيادات الحزب بمناطق سيطرتها، من الصفين الأول والثاني، وعلى برلمانيين وشخصيات سياسية وقبلية، وقيادات سابقة في الدولة، كما تفرض على عدد منهم الإقامة الجبرية، وتمنعهم من السفر، وتفرض عليهم إجراءات معقدة وضمانات بالعودة لمن يستدعي وضعهم الصحية السفر للخارج لتلقي العلاج».

ووصف الإرياني هذه الممارسات الحوثية بـ«الإجرامية»، التي قال إنها وصلت إلى حد إجبار أهالي المخفيين قسراً من السياسيين والصحافيين والإعلاميين والحقوقيين والنشطاء، على الصمت، وتهديدهم بإجراءات إضافية في حال تناول هذه الجرائم عبر وسائل الإعلام.

وأضاف أن هذه التصرفات الحوثية تؤكد «أنها ميليشيا إرهابية ترفض مبدأ الشراكة، ولا تقبل التعايش مع أحد، وتنتهج القوة والعنف والإرهاب لتكريس سيطرتها، ولا تلقى أي اعتبار لحقوق الإنسان»، على حد تعبيره.

وطالب وزير الإعلام اليمني، في تصريحات رسمية، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، والعمل الجاد لوقف الجرائم والانتهاكات الممنهجة، والشروع الفوري في تصنيف الميليشيا الحوثية منظمةً إرهابيةً، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية، وتكريس الجهود لدعم الحكومة لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.

تنديد حقوقي

في سياق ردود الفعل الحقوقية على انتهاكات الجماعة الحوثية، دانت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» مساعي الجماعة لإعدام نحو 11 مواطناً من أبناء منطقة تهامة اليمنية بتهمة التخابر مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

وقالت الشبكة، في بيان وزعته على وسائل الإعلام، إن الجماعة الحوثية «مستمرة في استخدام القضاء أداة لقمع المناوئين لها والرافضين لممارساتها الإجرامية بحق المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتسعى بكل الوسائل الإجرامية والإرهابية لإسكات الأصوات المدنية الحرة وإخضاعها».

عشرات المعتقلين في سجون الجماعة الحوثية قضوا تحت التعذيب (أ.ب)

وأضافت أن الجماعة خلال سنوات الانقلاب استخدمت القضاء أداة لتصفية حساباتها مع خصومها السياسيين، وقامت بإصدار أحكام الإعدام بحق المئات من الصحافيين والناشطين والنساء.

وأوضحت البيان الحقوقي أن الحوثيين أصدروا أكثر من 400 حكم بالإعدام بحق معارضيهم من السياسيين والمدنيين، وكانت الجريمة الأكبر التي نفذوها بحق المختطفين، هي القيام بإعدام 9 من أبناء تهامة وسط ميدان التحرير في العاصمة صنعاء منتصف سبتمبر (أيلول) 2021 في واحدة من أبشع الجرائم الحوثية التي ارتكبت ضد المدنيين اليمنيين بدم بارد.

وأكدت الشبكة أن جرائم الإعدام الحوثية تشكل انتهاكاً خطيراً لقواعد القانون الدولي الإنساني، والاتفاقيات الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وميثاق روما المشكل للمحكمة الجنائية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة وقواعد لاهاي وغيرها من الاتفاقيات التي جرمت أي اعتداء أو تهديد لحياة الأفراد.

ودعت «الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان»، الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، إلى التدخل العاجل والضغط لإيقاف الأحكام الجائرة بحق المختطفين الذين أصدر الجماعة الحوثية بحقهم أحكام إعدام أو أحكاماً بالسجن، والعمل على إنهاء معاناتهم وإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.


اعتراف حوثي بـ1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر

الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
TT

اعتراف حوثي بـ1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر

الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)
الأصوات الحقوقية تتعالى لوقف الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين (أ.ف.ب)

بالتوازي مع رصد تقرير يمني حقوقي أكثر من 400 جريمة ارتكبها عناصر الجماعة الحوثية في العاصمة المختطفة صنعاء ضد المدنيين خلال عام، أقر تقرير أمني للجماعة بتلقي 1941 شكوى من الانتهاكات خلال 3 أشهر، وسط اتهامات لعناصرها بالمسؤولية عن تلك الانتهاكات.

وفي حين أفادت مصادر حقوقية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بارتفاع منسوب الانتهاكات التي ارتكبها مشرفون وعناصر أمن حوثيون ضد السكان، تنوعت الانتهاكات بين أعمال القتل والاعتداء والملاحقة والدهم والخطف ونهب الممتلكات ومصادرة الحقوق وفرض الإتاوات.

عناصر من الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (الشرق الأوسط)

ومع غياب حصول الضحايا على الإنصاف، اعترف تقرير أمني صادر عن الجماعة الحوثية بأن ما يسمى «جهاز المفتش العام» التابع لداخليتها في حكومة الانقلاب غير المعترف بها تلقى خلال الفصل الثالث من العام الهجري الحالي 1941 شكوى من الانتهاكات بزيادة نحو 519 شكوى، مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، الذي سجلت فيه 1422 شكوى.

وجاءت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء في الترتيب الأول بواقع 381 شكوى تلتها محافظة ريف صنعاء بالمرتبة الثانية بواقع 242 شكوى، ثم عمران بعدد 189، وذمار بـ136 شكوى، ومحافظة إب بعدد 129 شكوى، وصعدة (المعقل الرئيسي للجماعة) بنحو 109 شكاوى، كما توزعت بقية شكاوى وتظلمات المواطنين تباعاً على محافظات الحديدة وحجة والمحويت وريمة والجوف وتعز والضالع.

وزعمت الجماعة الحوثية أنها أحالت كثيراً من تلك الشكاوى إلى بعض جهاتها المختصة التي لم تسمها، بينما ألغت بعضاً منها بزعم أنها تندرج ضمن ما تسميه «الشكاوى الكيدية» المقدمة ضد عناصرها.

وكان المتحدث باسم وزارة داخلية الحوثيين عبد الخالق العجري، قد أقر في وقت سابق بتلقي مركز الشكاوى التابع لهم أكثر من 6535 شكوى ضد عناصر جماعته، وزعم حينها أن أغلب تلك الشكاوى لا تزال قيد المتابعة، واتخاذ ما يلزم من إجراءات.

غياب الإنصاف

يشكو جميل محسن، وهو اسم مستعار لمالك متجر في صنعاء، من عدم حصوله على الإنصاف منذ تقديمه قبل نحو 45 يوماً شكوى عاجلة إلى الجهات الأمنية الحوثية بعد أن قام أحد مشرفي الجماعة بالتهجم عليه وعلى متجره الكائن في سوق السنينة غرب مدينة صنعاء بغرض نهب أمواله.

قادة حوثيون أمام أحد مقرات الشرطة في المختطفة صنعاء (إعلام محلي)

ويؤكد التاجر أن المشرف الحوثي، الذي يعمل في قسم شرطة السنينة التابع للجماعة، صادر لحظة اقتحام متجره بالقوة كمية من المواد الغذائية دون أن يدفع ثمنها.

ووفق ما رواه لـ«الشرق الأوسط»، برر المشرف الحوثي فعلته بأنه «من المجاهدين المؤمنين»، وأن على أصحاب المتاجر أن يقدموا الدعم المستمر للمجهود الحربي والمناسبات.

وسخر التاجر من دعوات الجماعة للمدنيين بمدن سيطرتها لتقديم شكاواهم إلى مراكزها بغية الحصول على العدالة، وذكر أنه منذ تقدم بشكواه لم ير أي تجاوب من قبل قادة أجهزة أمنها، ويضيف بمرارة: «كيف يمكن أن تقوم بالتسلط على الناس ونهبهم ثم تدعي أنك ستقوم بمعالجة مظلومياتهم»!

انتهاكات بالجملة

وثق تقرير حقوقي يمني ارتكاب جماعة الحوثي أكثر من 481 حالة انتهاك لحقوق الإنسان في العاصمة المختطفة صنعاء، خلال العام الماضي، وأوضح التقرير الصادر عن منظمة «دي يمنت» للحقوق والتنمية، أن الانتهاكات التي جرى رصدها شملت 10 مديريات هي: (صنعاء القديمة، الثورة، بني الحارث، الوحدة، شعوب، الصافية، معين، السبعين، التحرير، وآزال».

وتوزعت الانتهاكات بين جرائم القتل والإصابات، والاعتداء، والتعذيب والاختطاف، ونهب الممتلكات العامة والخاصة، وتجنيد الأطفال، والانتهاكات بحق المرأة والطفولة.

ووفق التقرير ارتكب أتباع الجماعة الانقلابية نحو 16 حالة قتل منها 9 حالات بالرصاص المباشر، و7 حالات قتل تحت التعذيب، إلى جانب 69 حالة اعتداء جسدي وإصابة بينها 23 حالة تعرضت لها نساء، و11 حالة تعرض لها أطفال.

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

كما جرى توثيق ارتكاب 65 حالة اختطاف وإخفاء قسري في مختلف مديريات صنعاء، بينها 9 حالات اختطاف نساء و7 أطفال، و67 حالة اقتحام للممتلكات العامة، و42 حالة فصل وتعسف وظيفي، و27 حالة تهجير قسري وهدم منازل.

وكانت تقارير حقوقية يمنية عدة قد سلطت في أوقات سابقة الضوءَ على آلاف الانتهاكات والخروق وأعمال القمع والتعسف التي ارتكبتها جماعة الحوثي ضد المدنيين القاطنين في مختلف المدن والمحافظات الخاضعة تحت سيطرتها، بما في ذلك أعمال القتل والخطف ونهب الممتلكات.


اليمن: تدخلات الانقلابيين في المساعدات فاقمت سوء التغذية

سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
TT

اليمن: تدخلات الانقلابيين في المساعدات فاقمت سوء التغذية

سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)
سوء التغذية بين الأطفال اليمنيين ارتفع وانتشرت الأمراض المعدية على نطاق واسع (الأمم المتحدة)

أظهر تحليل أجراه «برنامج الأغذية العالمي» أن قراره بتعليق توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بسبب الخلاف معها وتدخلاتها في توزيع تلك المساعدات، ساهم في انتشار سوء التغذية بشكل كبير في تلك المناطق حتى وصل إلى 165 في المائة في محافظة حجة، و80 في المائة في محافظة صنعاء.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن «برنامج الأغذية العالمي» عن توقف مؤقت في المساعدات الغذائية العامة؛ ما أثر على نحو 9.5 مليون مستفيد في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بسبب تحديات التمويل والمفاوضات المطولة مع الجماعة بشأن مستقبل المساعدات وتحديد قوائم المستفيدين.

عيادة متنقلة لعلاج سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

ومع أن المساعدات الغذائية التي يقدمها «برنامج الأغذية العالمي» هي سلة غذائية منزلية تغطي نحو 30 في المائة من احتياجات الأسرة الإجمالية من الطاقة فقط، إلا أن بيانات التحليل الجديد تظهر أنه ورغم أن هذا المستوى من الدعم لم يكن كافياً لضمان مستويات مقبولة من استهلاك الغذاء للأسر الأكثر ضعفاً، فإنه لعب دوراً حاسماً في منع الملايين من الوقوع في براثن الجوع الشديد.

وبحسب التحليل، فإن 61 في المائة من الأسر التي شملتها الدراسة التحليلية، وكانت تتلقى المساعدات من «برنامج الأغذية العالمي»، أصبحت تعاني من الحرمان الشديد من الغذاء نتيجة توقف توزيع هذه المساعدات، وهو ما يعادل 5.8 مليون شخص من نحو 9.5 مليون مستفيد في المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية.

وأكدت البيانات الأممية أن النازحين من بين الفئات الأكثر تضرراً من وقف المساعدات، خاصة في محافظة عمران التي تحتضن عدداً كبيراً منهم، حيث ارتفع معدل انتشار سوء استهلاك الغذاء بين الأسر النازحة إلى 41 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، مقارنة مع 25 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأوضح التحليل أنه تم إجراء عمليات محاكاة للأمن الغذائي باستخدام بيانات التقييم لوضع نموذج للتأثير المحتمل لاستمرار توقف المساعدة، والذي يتفاقم بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار المواد الغذائية. ونبه إلى أن النتائج أظهرت تدهوراً كبيراً في أنماط استهلاك الغذاء بين المستفيدين السابقين من مساعدات الغذاء العالمية بعد توقف المساعدة.

انخفاض حاد

أفاد البرنامج الأممي بأن استهلاك الغذاء في اليمن شهد انخفاضاً بشكل حاد في استهلاك العناصر الأساسية، وخاصة البروتين الحيواني والبقول، مما أثار مخاوف بشأن صحة المجتمعات المتضررة على المدى الطويل.

المساعدات الأممية تغطي نحو 30 % من احتياجات الأسر اليمنية (الأمم المتحدة)

وأوضح أن البيانات أظهرت أن مؤشر استراتيجية التكيف المنخفضة القائمة على الاستهلاك قد تفاقم مع توقف المساعدة مؤقتاً، وزادت معها النسبة المئوية للأشخاص الذين خفضوا أحجام الوجبات، وقيدوا استهلاك البالغين، وخفضوا عدد الوجبات يومياً.

وبحسب البرنامج، فإن اعتماد استراتيجيات التكيف القائمة على سبل العيش في الأزمات إلى مستويات الطوارئ بات مرتفعاً بالفعل بشكل مثير للقلق، حيث بلغ 78 في المائة، مما لا يترك مجالاً كبيراً لمزيد من التدهور.

وإلى جانب ذلك، أكدت نتائج التحليل الأممي أن التوقف المؤقت لتوزيع المساعدات الغذائية أجبر الأسر الضعيفة على اللجوء إلى تدابير أكثر يأساً، مثل إرسال الأطفال للعمل والهجرة إلى المناطق الحضرية؛ بحثاً عن فرص كسب العيش.

وفيما زاد سوء التغذية بين الأطفال وانتشار الأمراض المعدية على نطاق واسع بسبب نقص المناعة، تأثر النازحون داخلياً في مناطق سيطرة الحوثيين بشكل خاص، وفق البيانات الأممية.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإنه يواصل مراقبة انعدام الأمن الغذائي بين إجمالي السكان اليمنيين عن بعد، وأنه قد تمت مقارنة نتائج دراسة الرصد مع بيانات التحليل والتقييم المتعدد الأطراف، مما يوفر فهماً شاملاً لتطور حالة الأمن الغذائي في مناطق شمال اليمن.


مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
TT

مساعٍ يمنية حكومية لإيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)
رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تكافح الحكومة اليمنية من أجل إيجاد حلول مستدامة لأزمة الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن وغيرها من المدن مع حلول فصل الصيف، وسط تشديد رسمي على اعتماد أقل البدائل تكلفة في التوليد.

وفي حين تعد معضلة الكهرباء واحدة من أبرز التحديات التي تواجه الحكومات اليمنية المتعاقبة، زادت الصعوبات أمام حكومة أحمد عوض بن مبارك لجهة شحة الموارد للإنفاق على الوقود، وفاقم من ذلك توقف بيع النفط منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2022، بسبب هجمات الحوثيين على مواني التصدير.

رئيس الحكومة اليمنية بن مبارك مجتمعاً في عدن لحل مشكلة الكهرباء (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن بن مبارك ترأس في عدن في مقر وزارة الكهرباء والطاقة، اجتماعاً خُصص لمناقشة الإجراءات المنفذة لمعالجة انقطاعات الكهرباء، والخطط الجارية لتزويد محطات التوليد باحتياجاتها من المشتقات النفطية اللازمة للتشغيل، وتخفيف معاناة السكان.

وطبقاً لوكالة «سبأ»، اطلع رئيس الحكومة في الاجتماع الذي ضم وزراء المالية سالم بن بريك، والكهرباء والطاقة مانع بن يمين، والنفط والمعادن سعيد الشماسي، ورئيس لجنة مناقصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء ناجي جابر، ومدير المؤسسة العامة للكهرباء مجيب الشعبي، على الخطط والبرامج الموضوعة، وما يجري تنفيذه لتجاوز الإشكالات القائمة في أغلب مفاصل المنظومة الكهربائية، والجهود الجارية لتنفيذ أعمال الصيانة وتوفير المشتقات النفطية للتوليد، وتفاصيل الأحمال والعجز القائم.

وقال بن مبارك إن حكومته تتفهم بشكل كامل معاناة السكان الكبيرة بسبب انقطاعات الكهرباء، وحرصها على إيجاد حلول مستدامة وعاجلة في هذا القطاع الحيوي، واعترف أن مواطنيه لم يعد يحتملون المزيد من المعاناة في هذا الجانب، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم والقيام بواجباتهم.

وشدد رئيس الوزراء اليمني على أهمية مراعاة الاعتماد على أقل البدائل تكلفة في التوليد، وتقليل أعباء ملف الطاقة على الموارد العامة للدولة، مؤكداً أن الأموال المخصصة للكهرباء يجب أن تنفق بالطريقة الصحيحة ووفقاً لأسس حوكمة رشيدة، وتحقيق منظومة الرقابة على هذا القطاع بما ينعكس بشكل مباشر على تحسين الخدمة وتخفيف معاناة المواطنين.

مصفاة عدن

في سياق مشكلة الكهرباء والبحث عن حلول لها، أكد رئيس الوزراء اليمني حرص حكومته على إقامة أنشطة اقتصادية في مجالات مختلفة تعتمد على البعد اللوجستي لمدينة عدن، وفي مقدمة ذلك إعادة تشغيل مصافي عدن للقيام بدورها الحيوي في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية ورفد الاقتصاد الوطني.

رئيس الوزراء اليمني مجتمعاً مع مسؤولي شركة «مصافي عدن» (سبأ)

تصريحات بن مبارك جاءت خلال زيارة إلى شركة «مصافي عدن» في مديرية البريقة بالعاصمة المؤقتة عدن، للاطلاع على سير العمل فيها ومستوى الإنجاز في إعادة تأهيلها والسُّبل والآليات الكفيلة باستعادة نشاطها بشكل كامل.

واستمع رئيس الحكومة اليمنية - وفق الإعلام الرسمي - من إدارة المصفاة والمهندسين إلى شرح حول خطط وبرامج «مصافي عدن» لإعادة تأهيل المصفاة واستكمال صيانة وتشغيل محطة الكهرباء، وشدد بهذا الخصوص على ضرورة مضاعفة الجهود والتركيز على دراسات الجدوى لتشغيل المصفاة؛ كونها إحدى أبرز المنشآت الحيوية المعول عليها في رفد الاقتصاد الوطني.

وناقش بن مبارك مع المسؤولين في الشركة الخطط المستقبلية لعمل المصافي وتطبيق مبادئ الشفافية والمساءلة والارتقاء بكفاءة الأعمال الإدارية ودورها في تسلم وتسيير منحة التسهيل النفطي المقدمة من السعودية والإمارات.

وأمر رئيس الوزراء بن مبارك مسؤولي الشركة بتقديم إيضاحات حول أسباب تعثر إنجاز محطة كهرباء مصفاة عدن، ووضع خطة زمنية عاجلة لاستكمالها للمساهمة في تعزيز وتيرة العمل ونشاط المصفاة بشكل عام.

جانب من جولة تفقدية قام بها رئيس الحكومة اليمنية لمرافق «مصافي عدن» (سبأ)

وقال إن إعادة تشغيل «مصافي عدن» تحظى باهتمام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، وإن ذلك يتطلب الارتقاء بمستوى العمل في الجوانب الإدارية والاقتصادية وعدم الاكتفاء بالنظر إلى البعد التاريخي للمصفاة، مشدداً على تحديث أنشطتها بما يتواكب مع الاحتياجات القائمة.

وأكد بن مبارك استعداد حكومته لإصدار قرار بإعادة الامتياز لـ«مصافي عدن» باعتبارها منطقة حرة، وما يتطلبه ذلك من تهيئة واستعداد لضمان نجاح هذا النشاط، إضافة إلى تفعيل دورها في التخزين وتموين السفن وإعادة التصدير.

وأشار إلى أنه سيتم تخصيص اجتماعات لدراسة كل المواضيع المتعلقة بتفعيل نشاط «مصافي عدن»، وقال: «على الجميع تحمل مسؤولياتهم في إعادة الاعتبار لهذه المنشأة الحيوية وقيمتها»، بحسب ما نقله عنه الإعلام الرسمي.


اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بخطف المراهقين في إب لتجنيدهم

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد آلاف الأطفال والشبان في اليمن (فيسبوك)

بينما أخضعت الجماعة الحوثية منذ أسابيع مئات الأطفال والمراهقين لتلقي دروس تعبوية وتدريبات قتالية في أكثر من 626 مركزاً صيفياً مغلقاً ومفتوحاً في محافظة إب اليمنية، شكا السكان من تنامي ظاهرة خطف المراهقين وتوسعها، في أكثر من قرية ومدينة، وسط اتهامات مباشرة لقادة الجماعة بالوقوف وراء حوادث الخطف بدافع الابتزاز والاستغلال والتجنيد.

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي أقرّ في آخر خطبة له، بتجنيد 296 ألف عنصر وتدريبهم منذ بدء الأحداث في غزة، وشدّد على الاستمرار في أعمال التعبئة والحشد، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين والاستعداد للمواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل.

الحوثيون يدفعون الطلبة للمشاركة في تظاهرات تخدم أجندتهم (فيسبوك)

وأفاد مصدر أمني مناهض للجماعة الحوثية في إب لـ«الشرق الأوسط»، بتصاعد مقلق لظاهرة اختطاف المراهقين في المحافظة، كاشفاً عن أن مدينة إب (مركز المحافظة) ومديريات العدين وحبيش ويريم وغيرها سجلت أخيراً أكثر من 7 حوادث اختطاف أغلب ضحاياها من المراهقين.

واتهم المصدر، الذي طلب إخفاء معلوماته؛ حفاظاً على حياته، قادة الجماعة الحوثية بالوقوف وراء حوادث الخطف السابقة والحالية التي تشهدها إب وبقية مديرياتها (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بالتزامن مع ما تعانيه المحافظة من فوضى وانفلات أمني غير مسبوقين، مضافاً إليها معاناة معيشية بائسة يكابدها السكان.

وتمثّل آخر تلك الحوادث وليس أخيرها، بحسب المصدر، في تعرّض مراهق يدعى موسى الزهيري للخطف من مديرية العدين أثناء دخوله من قريته «بني زهير» إلى مركز المديرية لشراء بعض الاحتياجات، حيث لم يُكشف عن مصيره حتى اللحظة.

وذكر مقربون من أسرة المراهق لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم أبلغوا أجهزة أمن الجماعة في المديرية عن فقدانهم ابنهم، وأن الجماعة لم تحرك ساكناً حيال ذلك البلاغ.

ونقلت المصادر عن شهود في مديرية العدين أن مشرفين حوثيين حشدوا قبل أيام مجموعة من الأطفال والمراهقين في المديرية دون معرفة ذويهم، ثم اتجهوا بهم على متن حافلات صوب مركز المحافظة لإلحاقهم بالمخيمات الصيفية، وإشراكهم بمظاهرة طلابية تعتزم الجماعة تنفيذها.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

ورجحت المصادر أن يكون المراهق موسى الزهيري ضمن آخرين استقطبتهم الجماعة وأجبرتهم على الالتحاق بصفوفها.

وسبق اختفاء الزهيري تسجيل وقائع خطف أخرى تعرّض لها مراهقون وشبان في مديريات عدة في إب، منها تعرّض شقيقين، الأول عصام والآخر أدهم، للخطف على أيدي مجهولين في مديرية يريم شمال شرق إب، حيث يواصل أقاربهما حتى اللحظة عملية البحث عنهما بمناطق عدة؛ أملاً في العثور عليهما، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بالمسؤولية عن اختفائهما.

وعلى خلفية تكرار دعوات الجماعة الحوثية بتحشيد الطلاب إلى معسكراتها الصيفية والتي قوبلت بمزيد من الرفض المجتمعي، اتهمت مصادر في إب قادة ومشرفين في الجماعة بالوقوف وراء جرائم اختطاف المراهقين والأطفال بدافع التجنيد والانتقام من ذويهم لرفضهم إلحاقهم بالمعسكرات الصيفية.

ويؤكد سليم، وهو ناشط مجتمعي في مدينة إب، أن جرائم الخطف بمختلف أشكالها تشهد ارتفاعاً ملحوظاً كل عام أثناء تدشين الحوثيين لمراكزهم الصيفية.

ويقول إن الجماعة الانقلابية قامت مراراً باستقطاب وتحشيد الأطفال والشبان وخطف آخرين من قرى ومناطق متفرقة عدة في إب لتعزيز مخيماتها الصيفية بهم. داعياً الحقوقيين والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة وحقوق الإنسان إلى التدخل لمعرفة مصير المختطفين وأماكن وجودهم.

تسرب من التعليم

في بيان حديث، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن أن أكثر من 4.5 مليون طفل في اليمن خارج المدرسة، بسبب تداعيات سنوات من الصراع المسلح في البلاد. وأكدت المنظمة أن شركاء التعليم يعيدون تأهيل الفصول الدراسية وبنائها، ويقدّمون المساعدة التعليمية للملايين، ويعملون على إعادة الآخرين إلى المدارس. معتبرة أن الاستثمار في التعليم هو استثمار في مستقبل الأجيال.

الشبان اليمنيون يتلقون تعبئة متطرفة وتدريباً على استخدام الأسلحة (إعلام حوثي)

ومنذ انقلاب الحوثيين في أواخر 2014، خلّفت الهجمات التي تعرّض لها أطفال المدارس والمعلمون والبنية التحتية التعليمية آثاراً مدمرة على النظام التعليمي في اليمن وعلى فرص الملايين من الأطفال في الحصول على التعليم.

وبحسب «يونيسيف» كان للنزاع والتعطيل المستمر للعملية التعليمية في جميع أنحاء اليمن وتجزئة نظام التعليم شبه المنهار أصلاً أثر بالغ على التعلم والنمو الإدراكي والعاطفي العام والصحة العقلية للأطفال كافة في سن الدراسة البالغ عددهم 10.6 مليون طالب وطالبة.

ودمّرت الحرب - طبقاً للبيان- أكثر من 2.916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) أو تضررت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة سنوات من النزاع.


‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
TT

‏عبث الانقلابيين يهدد صنعاء القديمة بالخروج من «التراث العالمي»

عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)
عشرات المنازل التاريخية في صنعاء تهدمت جراء الإهمال والعبث (إعلام محلي)

كشف ناشطون يمنيون في المجال الثقافي عن توسع دائرة عبث الحوثيين بالطراز المعماري في مدينة صنعاء القديمة، ما يهدد بإسقاط المدينة التاريخية من قائمة التراث العالمي. وطالبوا منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة (اليونيسكو) باتخاذ موقف جاد تجاه ذلك العبث.

ووفق إفادات جمعتها «الشرق الأوسط» من 5 ناشطين، طال عبث الحوثيين 3 حارات في المدينة القديمة التي أُدرجت ضمن التراث العالمي قبل 38 عاماً، وهو أمر من شأنه أن يهدد بإسقاطها من قائمة التراث العالمي، خصوصاً أنها موضوعة الآن على قائمة «التراث العالمي المعرّض للخطر».

الحوثيون يخططون لتحويل صنعاء القديمة إلى مزار طائفي (إعلام حكومي)

وبيّنت الإفادات أن المسؤولين الحوثيين ورغبةً في الحصول على الأموال، مكّنوا تجاراً وميسورين من هدم عدد من المباني التاريخية وإقامة مبانٍ كبيرة مكانها، مستخدمين الخرسانة المسلحة والأحجار، وبشكل مخالف تماماً للطراز المعماري؛ شكلاً ومضموناً.

وتشهد حارات ‏سكرة وموسى ونصير، عبثاً غير مسبوق في الطابع المعماري للمدينة، وفق الناشطين؛ نتيجة تواطؤ المسؤولين الحوثيين، ‏وسماحهم لأغلب التجار بإزالة مبانٍ تاريخية وإقامة مكانها مبانٍ من الخرسانة والأحجار.

وبيّنت المصادر أن ‏حارة بالكامل تم تغيير دكاكينها المعروفة بطرازها المعماري وصغر حجمها وأبوابها، وأُعيد بناؤها بالإسمنت المسلح والأحجار، وتحويلها إلى محلات تجارية وفقاً للنموذج الحديث في البناء، خصوصاً بالقرب من باب السلام ‏وحارة نصير.

وتحوّلت حارة سكرة، وهي الحارة الجميلة في المدينة القديمة، إلى محال تجارية مخالفة للبناء التاريخي القديم، حيث تجاهل الحوثيون القانون الذي يجرّم مثل هذه الأفعال، كما تجاهلوا تحذيرات منظمة الأمم المتحدة للعلوم والثقافة من هذه التجاوزات، واستمروا في صرف تراخيص هدم وبناء، خلافاً لمعايير البناء وأدواته في المدينة.

وذكر الناشطون أن أحد التجار الكبار أقام عمارة شاهقة بالحديد المسلح في شارع الذهب القريب من بيت الشاعر الراحل عبد الله البردوني، الذي تضرر نتيجة الأمطار الغزيرة، وأن التاجر يواصل البناء الآن.

‏ ترميم دون المعايير

اشتكى النشطاء في مدينة صنعاء القديمة من الطريقة التي يدار بها مشروع إنقاذ وتأهيل المباني التاريخية، وقالوا إن عملية الترميم لا تتم باستخدام أنواع جيدة من المواد، وتتم بأدنى المعايير، ولهذا تتضرر المباني بسرعة وفي وقت بسيط.

كما انتقدوا ذهاب غالبية الأموال المخصصة للمشروع في صورة نفقات إدارية بما فيها سفريات واجتماعات وورش تدريب، وقالوا إن كثيراً من أصحاب المنازل المتضررة جراء الأمطار حاولوا إدراج منازلهم ضمن قوائم المنازل التي يتم ترميمها حالياً، لكن دون جدوى.

التغيرات المناخية زادت الأضرار التي تعرض لها كثير من المنازل في صنعاء القديمة (إكس)

ووفق ما ذكرته المصادر فإن شباناً من المدينة، الذين يستهدفهم المشروع الممول من الاتحاد الأوروبي، يحاولون منذ عامين الحصول على فرصة للتدريب والعمل، لكن مطالبهم قوبلت بالتجاهل.

وتؤكد «اليونيسكو» أن اليمن يشتهر بتراثه الثقافي الغني، بما في ذلك المواقع الأثرية والمدن ذات الأهمية التاريخية، مع وجود 5 مواقع تم ترشيحها للتراث العالمي، و9 مدرجة في القائمة المؤقتة.

وتقول المنظمة إن مواقع التراث الثقافي المبنية في اليمن تعد نافذة فريدة لفهم الحضارة غير العادية التي يبلغ عمرها 2200 عام، التي ازدهرت ذات يوم في شبه الجزيرة العربية.

وبحسب المنظمة الأممية، فإنه وبسبب النزاع المستمر، لا تزال مدينة صنعاء القديمة، ومدينة شبام القديمة المسورة، ومدينة زبيد التاريخية، وعديد من المراكز التاريخية المهمة في اليمن معرضة للخطر للغاية.

ولهذا أطلقت المنظمة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي في يونيو (حزيران) 2022 مبادرة «توظيف الشباب من خلال التراث والثقافة في اليمن»، بهدف تلبية احتياجات إعادة تأهيل التراث، والبرامج الثقافية، وتوفير فرص العمل للشباب اليمنيين.


الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
TT

الزيّاني في عدن حاملاً رسالة من ملك البحرين

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني مستقبلاً في عدن وزير الخارجية البحريني (سبأ)

وصل إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، الخميس، وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني، حاملاً رسالة إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وناقش مع المسؤولين اليمنيين القضايا ذات الاهتمام المشترك، وفق ما ذكره الإعلام الرسمي اليمني.

وأفادت وكالة «سبأ» بأن العليمي، ومعه عضوا المجلس عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، استقبل الزياني في قصر معاشيق، وأثنى على العلاقات المتميزة اليمنية مع مملكة البحرين، والدعم السياسي الكبير الذي تقدمه ضمن تحالف دعم الشرعية للشعب اليمني وقيادته الشرعية في مختلف المحافل الإقليمية والدولية.

وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني أثناء وصوله إلى مطار عدن (سبأ)

وتطرّق اللقاء، وفق الوكالة، إلى مستجدّات الوضع اليمني، والمواقف المشتركة إزاء التطورات في المنطقة، والتحديات المحدقة بالسلم والأمن الدوليين.

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني بالجهود التي تبذلها مملكة البحرين، ملكاً وحكومة وشعباً، من أجل إنجاح أعمال القمة العربية الثالثة والثلاثين المرتقبة، لما فيه مصلحة الأمة وتعزيز دورها الجماعي لمواجهة كل التحديات.

في السياق نفسه، التقى الزياني، رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك، وتطرّق اللقاء إلى جدول أعمال القمة العربية الـ33، المزمع عقدها الشهر المقبل، في البحرين، والتنسيق المشترك لإنجاح القمة، في ظل التطورات الإقليمية الراهنة.

ورأى بن مبارك في زيارة الزياني لعدن دلالة سياسية مهمة ضمن الموقف البحريني الثابت في دعم الشرعية اليمنية والحكومة لمواجهة التحديات في مختلف المجالات، وفق ما ذكره الإعلام الحكومي.

وأشار رئيس الوزراء اليمني إلى ألويات حكومته بموجب التحديات المستجدّة مع تصاعد الحرب الاقتصادية والعسكرية الحوثية هروباً من استحقاقات السلام، والإصلاحات الجاري تنفيذها لتخفيف وطأة الأوضاع المعيشية التي فاقمتها هجمات الحوثيين على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية.

رئيس الحكومة اليمنية يستقبل في عدن وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني (سبأ)

ونسبت وكالة «سبأ» إلى الوزير الزياني أنه جدَّد دعم بلاده للحكومة اليمنية، سواء بشكل ثنائي أم على المستوى الخليجي والعربي والدولي، لافتاً إلى الحرص على حضور ملف اليمن وأولويات الحكومة في مجلس التعاون وأعمال القمة العربية.

إلى ذلك، أفاد الإعلام الرسمي اليمني بأن الزياني التقى، بعد وصوله إلى عدن، نظيره وزير الخارجية شائع الزنداني، وناقش معه العلاقات الثنائية، وسُبل تعزيزها وتطويرها، واستعراض الأوضاع على الساحة اليمنية والتطورات الإقليمية.

وقال الزنداني إن بلاده «حريصة على إنجاح كل الجهود والمساعي الإقليمية والأممية لإحلال السلام، إلا أن الأعمال والسلوكيات التي تنتهجها الميليشيات الحوثية الإرهابية تشكل عائقاً أمام ذلك».

ونقل الإعلام اليمني الحكومي عن الزياني أنه أكد دعم بلاده لمجلس القيادة والحكومة الشرعية اليمنية، والموقف البحريني الثابت من إحلال السلام والاستقرار باليمن، والمنطقة عموماً، والحرص على إنجاح الجهود الإقليمية والدولية لإحلال السلام وإنهاء الحرب في اليمن.

وضمن اليوم البحريني الدبلوماسي الحافل في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، كان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي قد تسلَّم بقصر معاشيق أوراق اعتماد سفير مملكة البحرين، الشيخ علي بن عبد الرحمن آل خليفة.


«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
TT

«حرب غزة»: هل تنهار ترتيبات المعابر الصامدة منذ 2005؟

صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)
صورة نشرها أدرعي لدبابة إسرائيلية داخل معبر رفح (إكس)

لم يكن رفع العلم الإسرائيلي على دبابات تقتحم معبر رفح من الجانب الفلسطيني، لحظةً عاديةً في الحرب المستعرة منذ نحو 8 أشهر، بقدر ما كانت خطاً فاصلاً بين ما كان وما سيكون في اليوم التالي بعد نهاية القتال.

الاختراق الأول من نوعه لاتفاق المعابر الموقَّع عام 2005، يراه خبراء في الشؤون العسكرية والفلسطينية والقانون الدولي، في أحاديث منفصلة مع «الشرق الأوسط»، بداية ترتيبات إسرائيلية جديدة في اليوم التالي للحرب.

قلب الطاولة

في 7 مايو (أيار)، قلبت قوات إسرائيلية الطاولة على اتفاق المعابر، الموقَّع عام 2005، بين السلطة الفلسطينية وتل أبيب برعاية أوروبية، و«توغلت آليات عسكرية إسرائيلية في الجانب الشرقي برفح، حسب إعلان الجيش الإسرائيلي». وفي اليوم نفسه، قالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، إن شركة أمن أميركية خاصة تُجري تل أبيب مفاوضات معها لتولي إدارة معبر رفح.

وجاء الرد المصري سريعاً عبر نفي مصدر مصري رفيع المستوى لقناة «القاهرة الإخبارية» ما تداولته وسائل إعلام إسرائيلية بشأن تولي مصر مسؤوليات أمنية داخل قطاع غزة.

تزامن ذلك مع أنباء عن تعزيزات عسكرية مصرية على الحدود، وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الثلاثاء، إن «القوات المسلحة المصرية نشرت قوات وآليات شرقي وغربي معبر رفح في الجانب المصري»، وأوضحت أن «تلك القوات في حالة استنفار واستعداد تام».

ووسط حديث متصاعد على منصات التواصل عن مساس التحركات الإسرائيلية باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، أكد المتحدث باسم حكومة تل أبيب، أوفير جندلمان، الأربعاء، أن «عملية رفح لا تخالف على الإطلاق معاهدة السلام».

لكنَّ الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في وقت لاحق إن العملية الإسرائيلية في رفح «تتسبب في مشكلات مع مصر التي يحرص على العلاقات معها، وعلى المساعدة في تقدمها».

محددات مصرية

موقف مصر في هذا السياق ينطلق من محددات مهمة، كما يرى النائب مصطفى بكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشمل «التمسك بالاتفاقيات الموقَّعة لا سيما الأمنية في 2005، وما تضمنه من أن السلطة الفلسطينية هي التي تتولى إدارة المعبر في أراضيها».

فمصر، وفق بكري، «تدير الأزمة بحكمة وتلعب دورها في الوساطة وطالبت بفتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني لمرور المساعدات فوراً»، فيما «تسعى إسرائيل لترتيبات في اليوم التالي للحرب ولا تريد للسلطة الفلسطينية ولا لحماس وجوداً في الإدارة، وتسعى لوجود دولي وفرض سيطرتها الأمنية».

اختراق عابر

من جانب آخر، يعد ما قامت به إسرائيل بالسيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، «اختراقاً عابراً»، وفق اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري.

هذا الاختراق، وفق حديث سابق لفرج مع «الشرق الأوسط»، يعد «مجرد خطأ في تطبيق المعاهدة، ويواجَه عبر لجنة متخصصة تتكون من الجانبين المصري والإسرائيلي بالإضافة إلى الجانب الأميركي الراعي لمعاهدة السلام، وفق ما تنص الاتفاقية».

فرج يرى أن تلك التحركات «لن تخلق واقعاً جديداً»، ويعزو ذلك إلى أن «إسرائيل ليست من الغباء بأن تُحدث أزمة حالية مع مصر».

ترتيبات جديدة

في المقابل، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن غزة «إزاء ترتيبات إسرائيلية جديدة لليوم التالي للحرب عقب السيطرة الإسرائيلية على رفح».

مطاوع قال إن «السيطرة على رفح رغم مخالفته القانون الدولي يعد جزءاً من أهداف حرب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو»، إذ يعتقد الأخير أن خروجه عام 2005، من معبر رفح والمنطقة الحدودية، كان «سبباً في الإضرار بأمن إسرائيل وبالتالي لا يريد أن يغامر بتكرار ذلك الخطأ السابق، وفق ما يعتقد».

نتنياهو لا ينظر إلى مدى التداعيات القانونية، بل يضع، حسب مطاوع، «مخططه فقط موضع التنفيذ»، ويسعى لتحقيق 3 أهداف: «عدم إيجاد أي مهدِّد لأمن إسرائيل باعتقاده، والضغط بورقة رابحة في المفاوضات الحالية في القاهرة بشأن هدنة غزة، وإرضاء اليمين المتطرف في حكومته».

وبالتالي، فإن سيطرة إسرائيل على شرق رفح تعني، وفق مطاوع، «مؤشراً مهماً على وجود ترتيبات جديدة تنطلق من معبر رفح ونراها في اليوم التالي للحرب، وتفرض أمراً واقعاً جديداً».

سيناريوهات قانونية

لذلك، فإن اتفاقية المعابر، وفق أستاذ القانون الدولي العام محمد مهران، «باتت مهدَّدة بأن تُنسف بالكامل بعد الاجتياح الإسرائيلي الأخير، سواء من الناحية العملية بفرض سيطرة أحادية على المعبر، أو من الناحية النظرية باعتبار أن خرق بنودها يُفقدها قيمتها القانونية».

في مثل هذه الحالات، يتعين على الدول المتضررة، وفق تصريحات إعلامية لمهران، «اللجوء إلى الإجراءات القانونية الواردة بالاتفاقية، أو اللجوء لوسائل التسوية السلمية وفقاً للقانون الدولي، مثل رفع شكوى لمجلس الأمن».


تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

تنسيق مصري - أردني بوجه ترتيبات إسرائيلية في «رفح»

السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
السيسي يلتقي الخصاونة في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

زيارة في سياق معقد أجراها بشر الخصاونة، رئيس الوزراء وزير الدفاع الأردني، إلى مصر، حملت في طياتها «خطوات لتحرك وتنسيق أكبر» في وجه ترتيبات إسرائيل بـ«رفح»، بعد سيطرة قواتها على المعبر من الجانب الفلسطيني.

وهيمنت تطورات الحرب في غزة، على لقاء الخصاونة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسط «رفض مشترك للعملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل معبر رفح»، وفق ما أفاد به بيان للرئاسة المصرية عقب اللقاء.

وبحسب البيان المصري، جرى التأكيد على «الرفض الكامل والتحذير من الآثار الإنسانية الكارثية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، وتُعطّل المنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقي العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية». كما ناشد المجتمع الدولي لـ«الاضطلاع بمسؤولياته للتوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار، والمضي قدماً في إنفاذ الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية».

وحمل الخصاونة رسالة شفوية من ملك الأردن عبد الله الثاني، للرئيس المصري، بشأن الجهود المشتركة في ملف غزة ورفض تهجير الفلسطينيين، وفق ما ذكره رئيس الوزراء الأردني بمؤتمر صحافي مع نظيره المصري مصطفى مدبولي.

وكانت العملية الإسرائيلية الأخيرة في رفح الفلسطينية، محل رفض مصري أردني خلال اللقاء، كما ذكر الخصاونة، الذي دعا العالم لتحمل مسؤوليته إزاء تلك العملية. وأسفرت الزيارة عن تجديد الرفض المصري الأردني لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة، كما ذكر مدبولي.

وينطوي التصعيد الإسرائيلي في مدينة رفح وإغلاق المعبر على «تحديات أمنية جديدة في المنطقة»، وفق عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري، مجدي عاشور، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الزيارة «فرصة لتبادل وجهات النظر بين الأردن ومصر حول كيفية التعامل مع هذا التصعيد وتأثيره على الاستقرار الإقليمي».

وتوقع عاشور أن تحمل الزيارة «تحركا دبلوماسياً مصرياً أردنياً بصورة أكبر ضد الخرق الكبير»، مضيفاً أن «الحديث عن ترتيبات إسرائيلية جديدة أمر مرفوض، وكل السيناريوهات مطروحة للرد المصري وبالتأكيد في ظل تنسيق أردني».

مصر والأردن ترفضان العملية الإسرائيلية في رفح وتعطيل المعبر (الرئاسة المصرية)

بدوره، قال المحلل السياسي الأردني منذر الحوارات لـ«الشرق الأوسط» إن «التنسيق الأردني المصري بدا من اليوم الأول فاعلاً ومؤثراً في اتجاه أساسي هو رفض تهجير الفلسطينيين، وكان له أثر على المجتمع الدولي، ولم يتحقق التهجير حتى الآن على الأرض».

وناضلت مصر والأردن في إدخال المساعدات الإنسانية، وفق الحوارات، بعد «تضييقات إسرائيلية، ونجحا في ذلك بجهود مشتركة مع المجتمع الدولي»، في إشارة لعمليات الإنزال الجوي للمساعدات الإنسانية.

وتعكس زيارة الخصاونة إدراكاً مشتركاً لأهمية التنسيق بشكل أكبر، ومخطط إسرائيل وترتيباتها الأمنية بشأن فصل الضفة عن غزة، والسيطرة على القطاع، عبر بناء جدار عازل، وتنفيذ إجراءات أحادية مرفوضة عربياً ودولياً، على حد قول الحوارات.

من جهة أخرى، ناقشت الزيارة تعزيز العلاقات والتعاون الثنائي بين البلدين، بهدف تحقيق المصالح المشتركة في تحقيق التنمية الشاملة، لا سيما في ضوء الانعقاد الجاري بالقاهرة للدورة الثانية والثلاثين من اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة، برئاسة رئيسي وزراء الدولتين.


الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

الحوثي يتبنّى مهاجمة 112 سفينة وتجنيد 296 ألف عنصر

حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
حشد من أتباع الحوثيين خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية في اليمن مهاجمة ثلاث سفن في خليج عدن والمحيط الهندي، بينما توعّد زعيمها عبد الملك الحوثي بمرحلة خامسة من التصعيد دون خطوط حمراء، وتبنى مهاجمة 112 سفينة منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وتهاجم الجماعة المدعومة من إيران السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي منذ 19 نوفمبر الماضي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومحاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، وكذا السفن الأميركية والبريطانية، وأعلنت الأسبوع الماضي توسيع الهجمات إلى البحر المتوسط.

طائرة من دون طيار وهمية من صنّع الحوثيين معروضة في ساحة في صنعاء (إ.ب.أ)

وقال الحوثي في خطبة بثها تلفزيون «المسيرة» الذراع الإعلامية للجماعة، الخميس، إنه ليس أمام جماعته خطوط حمراء تحول دون تنفيذ الهجمات، التي قال إنها بلغت خلال شهر 25 عملية نفذت بـ71 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة.

وفي حين تبنى زعيم الجماعة الموالية لإيران مهاجمة 112 سفينة، قال إن العمليات التي نفذتها جماعته خلال هذا الأسبوع تمت بـ10 صواريخ باليستية ومجنّحة وطائرة مسيّرة.

وزعم أن لدى الجماعة خيارات استراتيجية حساسة ومهمة ومؤثرة، وأنها لا تكترث لكل التهديدات التي تلقتها ومستعدة لكل الاحتمالات.

وهدّد الحوثي باستهداف أي سفينة نقلت بضائع لموانئ إسرائيل، وقال إن المرحلة الرابعة من التصعيد التي كان أعلن عنها قبل أسبوع ستشمل استهداف أي سفن لأي شركة لها علاقة بالإمداد أو نقل بضائع لإسرائيل وإلى أي جهة ستتجه.

ومع تهديده بمرحلة خامسة من التصعيد، أقرّ بأن جماعته استغلت الحرب في غزة لمزيد من التعبئة والتجنيد، حيث بلغ عدد المتدربين في التعبئة والتأهيل العسكري 296 ألفاً داعياً إلى المزيد.

المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يردد الصرخة الخمينية خلال تجمّع في صنعاء (إ.ب.أ)

خطبة الحوثي، جاءت بعد ساعات من تبني المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع مهاجمة ثلاث سفن بالطائرات المسيّرة والصواريخ، من بينهما سفينتان إسرائيليتان، الأولى «ديجو» في خليج عدن والثانية «جينا» في خليج عدن، زاعماً إصابتهما. كما تبنى مهاجمة السفينة «فيتوريا» مرتين، الأولى في المحيط الهندي والأخرى في البحر العربي.

وكان الجيش الأميركي أكد، الأربعاء، إطلاق الحوثيين 3 طائرات مسيرة وصاروخاً باليستياً مضاداً للسفن إلى خليج عدن، من دون أن تسبب الهجمات أي أضرار.

50 سفينة في البحر الأحمر

تأكيداً للأضرار الاقتصادية الناجمة عن تصعيد الحوثيين، قالت وكالة الأنباء الألمانية، إن الجماعة هاجمت أكثر من 50 سفينة تجارية في البحر الأحمر خلال الفترة من 19 نوفمبر وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضيين، وفقاً لبيانات شركة التأمين الصناعي «أليانز كوميرشال».

ووفقاً للشركة، انخفضت لذلك حركة المرور عبر قناة السويس الآن بشكل ملحوظ، ففي بداية العام تراجع عدد السفن التي عبرت القناة بنسبة 40 في المائة عما كانت عليه في أوقات الذروة.

وأطلقت واشنطن تحالفاً دولياً، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمَّته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض، حيث شاركتها بريطانيا في 4 مناسبات.

وأثّرت هجمات الحوثيين على مصالح أكثر من 55 دولة وفقاً للجيش الأميركي، وهدّدت التدفق الحر للتجارة عبر البحر الأحمر، وهو حجر أساس للاقتصاد العالمي؛ إذ دفعت الهجمات أكثر من 10 شركات شحن كبرى إلى تعليق عبور سفنها عبر البحر الأحمر؛ ما تسبب في ارتفاع أسعار التأمين على السفن في المنطقة.

طلبة جامعيون في صنعاء يرفعون صورتين لزعيم الجماعة الحوثية ولمؤسسها شقيقه (أ.ف.ب)

وتشارك في مهمة الاتحاد الأوروبي (أسبيدس) فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليونان، وبلجيكا، إلى جانب فرقاطة دنماركية عادت من المهمة إلى قاعدتها، إثر تعرضها لعطل في نظام الأسلحة إثر هجوم حوثي. كما عادت فرقاطة ألمانية إلى قواعدها في انتظار إرسال أخرى بديلة.

وإلى جانب قرصنة السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها، تسببت إحدى الهجمات الحوثية، في 18 فبراير (شباط) الماضي، بغرق السفينة البريطانية «روبيمار» بالبحر الأحمر بالتدريج.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس».

وتسبب تصعيد الحوثيين في إصابة مساعي السلام اليمني التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.

وتقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة إيران في المنطقة وتسعى للهروب من استحقاقات السلام، وتتخذ من غزة ذريعة للمزايدة السياسية، كما ترى الحكومة اليمنية أن الحل ليس في الضربات الغربية لوقف هجمات الحوثيين، ولكن في دعم قواتها المسلحة لاستعادة الأراضي كافة من قبضة الجماعة، بما فيها الحديدة وموانئها.

وإذ بلغ عدد الغارات الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين على الأرض نحو 450 غارة، اعترف زعيمهم الحوثي بمقتل 40 من عناصره وإصابة 35 آخرين، جراء هذه الضربات.