«القاعدة» يعدم 28 جنديًا في جنوب اليمن.. ويتهم «قطاع الطرق»

خبراء رجحوا أن العملية «انتقامية» بعد تكثيف الغارات الجوية ضد التنظيم

«القاعدة» يعدم 28 جنديًا في جنوب اليمن.. ويتهم «قطاع الطرق»
TT

«القاعدة» يعدم 28 جنديًا في جنوب اليمن.. ويتهم «قطاع الطرق»

«القاعدة» يعدم 28 جنديًا في جنوب اليمن.. ويتهم «قطاع الطرق»

أعدم تنظيم «القاعدة» في اليمن، أمس، أكثر من 28 جنديا في محافظة أبين الجنوبية (شرق عدن)، وذلك بعد أن نصب مسلحو التنظيم كمينا لرتل من السيارات المدنية التي كانت تقل المجندين، الذين يعتقد أنهم كانوا في طريقهم إلى محافظة المهرة، في أقصى جنوب شرقي البلاد. وقد تضاربت الأنباء عن مسؤولية التنظيم في المجزرة التي ارتكبت، بعد أن أصدر بيانا ينفي فيه صلته بها واتهم فيه أحد رجال القبائل بالتورط في الجريمة، غير أن أصابع الاتهام، تشير إلى ارتباط المجموعة التي نفذت الإعدامات بـ«القاعدة» وبالرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، في وقت ذهبت بعض المصادر اليمنية إلى ربط الحادثة بموعد بدء سريان وقف إطلاق النار واقتراب موعد استئناف المفاوضات في دولة الكويت بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين.
وقال العميد محمد أحمد ملهم، قائد «اللواء 111 ميكا» بمديرية احور الساحلية، في محافظة أبين، إن عدد ضحايا الجريمة الإرهابية بلغ، حتى عصر أمس، زهاء 30 قتيلا، إضافة إلى عدد من الناجين، متهما أحد زعماء العصابات المحلية المرتبطة بـ«القاعدة» بالوقوف وراء المجزرة. وذكر العميد ملهم لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعة الإرهابية نصبت نقطة في الطريق العام الرابط بين عدن – أبين – حضرموت، وأوقفت العشرات من الجنود، قبل أن تقتادهم إلى منطقة جبلية، وقامت بإعدامهم رميا بالرصاص، وأن قوات الجيش حصرت 28 جثة.
وفي الوقت الذي رجح العميد ملهم ارتفاع عدد القتلى، نظرا لوجود الكثير من الجرحى، فقد أكد العميد ملهم أن الجنود الضحايا ينتمون للمحافظات الجنوبية، وتحديدا لحج، أبين، حضرموت، وأن أغلبهم من مديريات الصبيحة (لحج)، مشيرا إلى أن الجنود، الذين جرى اعتراضهم: «كانوا في طريقهم إلى معسكراتهم في الغيظة بمحافظة المهرة وفي رماه وثمود بمحافظة حضرموت».
وذكر القائد العسكري أن قوة من «اللواء 111 – ميكا» وقبائل باكازم والمقاومة الجنوبية: «تحركت إلى موقع الجريمة وتم العثور على عدد من الضحايا قتلى وجرحى ولكنهم في حالة يرثى لها وتم نقلهم إلى مستشفيات احور وأبين وبعضهم إلى مستشفيات عدن». واتهم العميد ملهم أحد الأشخاص بقيادة المجموعة التي احتجزت وأعدمت الجنود، موضحا أن 200 مسلح من اللواء الذي يقوده ومن قبائل باكازم «قاموا بتأمين الخط الساحلي ونصب نقاط أمنية».
على الصعيد ذاته، قال يسلم غيرم، أمين عام المجلس المحلي (البلدي) بمديرية أحور إن «المتهم الإرهابي (ع. ع. الكازمي) هو من قام بالعملية الإرهابية»، وإنه «على علاقة بـ(القاعدة) وإن المخلوع صالح وميليشيات الحوثيين على علاقة بالجريمة الإرهابية وهم من يقف خلفها كون (القاعدة) تتحرك بتعليمات المخلوع نفسه»، حسب قوله، مشيرا إلى أن الاشتباكات التي دارت مطلع العام الجاري بين المتهم وعناصر من «القاعدة»، كانت عبارة عن «خلافات داخلية حول تقسيم الغنائم، التي يحصلون عليها من عمليات التقطع والنهب في تلك الطريق».
من جانبه، اعتبر سعيد عبيد الجمحي، الخبير اليمني في شؤون الإرهاب والجماعات الإسلامية، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن العملية التي أقدمت عليها «القاعدة»، تعبر «عن حالة من الغضب ورد فعل انتقامي لدى (القاعدة)»، جراء عمليات القصف الجوي التي استهدفت مواقع التنظيم، مؤخرا، مشيرا إلى تقصير حكومي في تأمين القافلة التي كانت تقل الجنود. وتوقع ردود فعل انتقامية من «القاعدة».
ومنذ قرابة الشهر، كثفت طائرات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية والطائرات الأميركية من دون طيار (درون) غاراتها على مواقع تنظيم القاعدة في محافظات حضرموت وأبين وشبوة ولحج وفي الأطراف الشمالية لمدينة عدن. وبحسب تأكيدات مصادر متطابقة، فقد كانت تلك الضربات الجوية موجعة للتنظيم وأدت إلى خسائر بشرية كبيرة في صفوفه، وخاصة الغارات الجوية التي استهدفت معسكرا تدريبيا للتنظيم في ضواحي مدينة المكلا، والغارات المماثلة التي استهدفت مواقع التنظيم في محافظتي لحج وأبين، خلال الأيام القليلة الماضية، في وقت ساهمت غارات طائرات التحالف، بشكل كبير، في تطهير مديرية المنصورة، في عدن، من الجماعات المسلحة التي ترتبط بـ«القاعدة».
إلى ذلك، كشفت التطورات الجارية في جنوب اليمن على صعيد انتشار الجماعات المتشددة، أن هناك نوعا من التحالف غير المعلن بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والجماعات المتشددة الأخرى، والميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، حيث توارت «القاعدة» عن الأنظار عندما اجتاحت الميليشيات والقوات المتمردة للمحافظات الجنوبية ولم تسجل أي عملية لعناصر ضد الميليشيات، وعقب تحرير عدن والمحافظات المجاورة من قبضة الميليشيات خلال شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، ظهر مسلحو «القاعدة» في عدن ولحج، إلى جانب وجودهم في شبوة وحضرموت، وخلال الأشهر الماضية استهدفت «القاعدة» القوات الحكومية والمقاومة الشعبية في الجنوب، وتبنت اغتيال العشرات من الضباط في الجيش الوطني وأجهزة الأمن والمخابرات، إضافة إلى عدد من القضاة وقادة المقاومة الشعبية، بصورة تتناقض، بشكل واضح، مع خطاب الجماعات الجهادية المتشددة التي تتخذ موقفا ممن يسمونهم «الروافض».
وطوال الأشهر الماضية، ظلت الحكومة اليمنية تجدد تأكيدها أن هذه الجماعات التي تعلن عن انتمائها لـ«القاعدة» وغيرها من المسميات، ترتبط ارتباطا مباشرة بالمخلوع صالح وأنها تنفذ أجنداته وتهديداته السابقة والموثقة بتحويل جنوب اليمن إلى مسرح للإرهاب والعمليات الإرهابية، إبان الثورة الشعبية التي أطاحت به عام 2011. وتدلل الحكومة اليمنية على صحة اتهاماتها بقيام القوات الموالية للمخلوع صالح بالانسحاب من محافظة حضرموت في الثاني من أبريل (نيسان) العام الماضي وتسليم المعسكرات والأسلحة ومؤسسات الدولة والبنوك لعناصر «القاعدة»، وهو ذات الأمر الذي وقع في محافظة أبين وغيرها من المناطق في جنوب البلاد، إضافة إلى أن السلطات تؤكد أن التحقيقات التي أجرتها مع بعض المقبوض عليهم بتهم التورط في الاغتيالات والتفجيرات الانتحارية التي شهدتها عدن مؤخرا، تثبت ارتباطهم بصالح وأركان نظامه السابق.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».