تصورات جديدة حول أسباب «ثورات البراكين الفائقة»

حدث منفرد منها قد يؤدي إلى تغطية قارة كاملة بالرماد

تصورات جديدة حول أسباب «ثورات البراكين الفائقة»
TT

تصورات جديدة حول أسباب «ثورات البراكين الفائقة»

تصورات جديدة حول أسباب «ثورات البراكين الفائقة»

هل حاولت أن تمسك بكرة من كرات الشاطئ تحت الماء؟ إذ إن القوة ذاتها التي تدفعها لكي تطفو وتقذف إلى الأعلى مسؤولة عن أكبر الثورات البركانية «الفائقة» supervolcanic eruptions في العالم، استنادا إلى تصورات جديدة عما يحصل للمواد البركانية المنصهرة الواقعة تحت ضغط شديد. والأكثر من ذلك فإن مثل هذه الثورات البركانية الكبيرة قد تحصل بمعدل 100 مرة أكثر مما كان يعتقد سابقا.

* ثورات فائقة
وكما يوحي الاسم، فإن مثل هذه الثورات البركانية هي أكثر تفجرا من الثورات العادية لأنها قادرة على إطلاق أكثر من 1000 كيلومتر مكعب من المواد في الثوران الواحد لتغطي قارة بأكملها بالرماد. وهي أيضا من النوادر، فقد مضت نحو 75 ألف سنة، قبل أن يشهد البشر انفجارات مثل هذه.
لكن الثورات الصغيرة تحصل أكثر من الكبيرة. لكن استقراء العلاقة بينهما لا يعمل جيدا. لكن يبدو من الحالات القليلة التي نعرفها أن الثورات الكبيرة الحقيقية تحصل أقل من المتوقع. وهذا مرده إلى أنها نادرة الحدوث جدا، لكي يجري إحصاؤها بشكل موثوق. بيد أنها قد تشير إلى آلية مختلفة تكمن وراء الثورات الكبيرة. في أي حال، تعتبر الثورات الكبيرة صعبة التوقع مقارنة بالنوع العادي.
ومصدر الثورات العادية هو ضخ المواد المنصهرة لنفسها إلى داخل التجويف، أو الحجرة البركانية التي تقوم بزيادة الضغط الداخلي، متسببة في انفجار البركان وتفجره أشبه بالبالون الذي يجري نفخه بسرعة.
والبراكين الكبيرة لها تجاويف أكبر أيضا، مع جدران ساخنة ومرنة، مما يعني تمددها وتوسعها كلما دخلت مواد منصهرة جديدة إليها من دون انفجار أعلاها.
وكان لوكا كاريشي من جامعة جنيف في سويسرا وزملاؤه قد قاموا بمحاكاة 1.2 مليون ثورة بركانية كبيرة وصغيرة، عن طريق تغيير عدد من العوامل، كمعدل تدفق الحمم البركانية الجديدة وتفاوت الضغط المطلوب لحصول الثورة والهيجان.
وتبين من اكتشافاتهم أن تجاويف المواد المنصهرة للبراكين الكبيرة، تمتلئ بشكل بطيء أكثر بالمواد المنصهرة الساخنة. والكميات الكبيرة منها هي أقل كثافة من القشرة الباردة المحيطة بها، تماما مثل الكرة التي تحتجز تحت الماء وتنقذف فجأة إلى السطح باندفاعة وثورة كبيرة.
ويؤدي مثل هذا القذف القوي جدا إلى زيادة الضغط على الحجرة عبر مئات الملايين من السنوات، حتى تصبح من القوة الكافية لكي تكسرها وتثور منها.

* مراقبة الخطر
وقام فريق آخر بقيادة ويم مالافايت من معهد الاتحاد السويسري للتقنيات في زيوريخ بإعادة محاكاة هذا الوضع في المختبر، فقاموا بحشر مادة من السيليكات التي تكون المواد المنصهرة بين حجرين من الماس أثناء تسخينها. وبلغ ضغط العينة هذه نحو 36 ألف ضغط جوي، بحرارة وصلت إلى 1700 درجة مئوية، التي تشابه درجة حرارة حجرة المواد المنصهرة. وقام مالافايت باستخدام الأشعة السينية لقياس كثافة السليكات السائلة ومقارنتها مع كثافة الصخور الصلبة الموجودة على سطح الأرض. وكان الفرق الشاسع بدرجات الحرارة الذي اكتشفوه، ما يكفي لاندفاع كميات كبيرة من السيليكات السائلة عبر الصخر الصلب الموجود فوقها، تماما كما أشار إليه فريق كاريشي.
ومن شأن الرصد البعيد للمواد المنصهرة ومراقبتها داخل البراكين الكبيرة، عن طريق استخدام التصوير الزلزالي، المساعدة على مراقبة خطر ثورات البراكين التي تسببها قوة الطفو هذه وفقا إلى كاريشي. «وكل ما ينبغي علينا عمله، هو تقدير سماكة هذا الجسم المنصهر، ومعرفة ما إذا كان ضغطه متناسبا مع حصول الثوران».
وأشارت هذه الآلية الجديدة لثورات البراكين الكبيرة إلى أنها قد تحدث بين 10 إلى 100 مرة أكثر مما كان يعتقد سابقا، وفقا إلى كاريشي، على الرغم من أن أحد محدوديات النموذج هذا هو الافتراض بأن المواد المنصهرة الجديدة التي تدخل القشرة تكون بالمعدل نفسه في كل مكان. لكن علماء طبقات الأرض يدركون سلفا أن ذلك غير واقعي. فمواقع مثل البركان الكبير الموجود في محمية «يالوستون» الوطنية في ولاية يومينغ في أميركا، تسجل معدلات عالية من تدفق المواد المنصهرة، «وبذلك يتوجب علينا البحث في جميع أرجاء المعمورة لتقدير معدل تدفق مثل هذه المواد»، كما يقول، لأن مثل هذه المعلومات من شأنها أن تقلل معدل حدوث الثورات التي يتوقعها هذا النموذج.



أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»
TT

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

أول قمر اصطناعي في العالم بنظام ذكاء اصطناعي «ممتد»

في أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، أطلقت جامعة هونغ كونغ الصينية قمراً اصطناعياً لرصد الأرض مزوداً بنظم ذكاء اصطناعي ممتد على نطاق واسع، يُدعى «قمر هونغ كونغ للابتكار العلمي والتكنولوجي للشباب (香港青年科創號) «Hong Kong Youth Science and Technology Innovation Satellite» ، كما كتب ساني تشيونغ(*)، بدعم من شركة «إيه دي إيه سبَيْس» ADA Space، المرتبطة بالحكومة المركزية الصينية واستراتيجيتها للاندماج العسكري المدني.

قمر اصطناعي متطور

يظهر هذا القمر الاصطناعي المتطور - الذي وصفته جامعة هونغ كونغ بأنه «أول قمر اصطناعي علمي بنموذج الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع في العالم» - الدور المتزايد لطموحات الصين الفضائية ويسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية لهونغ كونغ في التطوير التكنولوجي.

مراقبة بيئية وربما عسكرية

ويُزعم أن القمر الاصطناعي يركز على مراقبة البيانات البيئية والجغرافية، خصوصاً في هونغ كونغ ومنطقة خليج هونغ كونغ الكبرى. ومع ذلك، تشير قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة أيضاً إلى إمكاناتها للتطبيقات ذات الاستخدام المزدوج، حيث إنها توفر أدوات للاستطلاع العسكري، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات المدنية.

يمثل هذا الإطلاق خطوة حاسمة في استراتيجية الصين الأوسع لدمج الذكاء الاصطناعي مع تكنولوجيا الفضاء. وبينما يراقب العالم نفوذ الصين المتزايد في الفضاء، فإن تطوير مثل هذه الأقمار الاصطناعية ونشرها يستلزمان المراقبة الدقيقة لفهم نطاقها الكامل من القدرات والنوايا.

علامة فارقة في تطوير الفضاء

ما الذي يجعل هذا القمر الاصطناعي فريداً؟ يمثل قمر هونغ كونغ للشباب للابتكار العلمي والتكنولوجي تعاوناً مهماً بين الأوساط الأكاديمية والصناعة الصينية. إذ إنه أول قمر اصطناعي يتم تصميمه وتطويره ونشره مباشرة من قِبل جامعة هونغ كونغ؛ مما يُظهر خبرة الجامعة في تقنيات الفضاء المتقدمة.

يعتمد المشروع على قدرات وبنية تحتية لمعهد علوم الفضاء والأرض التابع للجامعة الذي تأسس في عام 2005. ويعمل هذا المعهد بصفته قاعدة هونغ كونغ لمركز الاستشعار عن بعد الوطني الصيني، والذي نشأ عن المختبر المشترك لعلوم المعلومات الجغرافية، وهو في حد ذاته تعاون بين الأكاديمية الصينية للعلوم وجامعة هونغ كونغ.

تصميم متميز

* الأول من نوعه. يعدّ قمر هونغ كونغ للابتكار العلمي والتكنولوجي للشباب أول قمر اصطناعي علمي في العالم يعتمد على قدرات الذكاء الاصطناعي واسعة النطاق، ويتميز بالكثير من التطورات التكنولوجية التي تعِد بإحداث ثورة في مراقبة الأرض.

* كاميرا استشعار دقيقة. تتمثل إحدى ميزاته الرئيسية في كاميرا الاستشعار عن بعد البصرية عالية الدقة التي تبلغ مساحتها أقل من متر؛ ما يتيح للقمر الاصطناعي التقاط صور عالية الدقة في نطاق متر واحد من الدقة. تضمن هذه القدرة المراقبة التفصيلية للأرض والميزات البيئية، وهو أمر بالغ الأهمية لمراقبة المناطق الحضرية والنظم البيئية والموارد الطبيعية.

* معالجة البيانات فوراً بشكل مستقل. بالإضافة إلى ذلك، تم تجهيز القمر الاصطناعي لمعالجة البيانات الذكية في المدار. على عكس النماذج التقليدية التي تعتمد على التحليل الأرضي، يشتمل هذا القمر الاصطناعي على نماذج ذكاء اصطناعي واسعة النطاق ويمكنه معالجة البيانات في الوقت الفعلي؛ مما يتيح الحصول على رؤى أسرع وأكثر دقة. وهذا مفيد بشكل خاص أثناء الكوارث الطبيعية أو التغيرات البيئية المفاجئة، حيث يمكن للمعلومات في الوقت المناسب أن تساعد بشكل كبير في جهود الاستجابة.

يمثل نشر نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة مباشرة على القمر الاصطناعي قفزة تكنولوجية؛ ما يسمح له بتفسير البيانات بشكل مستقل، واكتشاف الأنماط، وتوليد الرؤى دون نقل البيانات الخام إلى الأرض.

قمر اصطناعي يتجاوز النموذج التقليدي

من خلال تضمين الذكاء الاصطناعي، سيتجاوز القمر الاصطناعي وظيفة القمر الاصطناعي الفردي التقليدية ويصبح جزءاً من نظام بيئي أكبر. تقود «إيه دي إيه سبَيْس» تطوير شبكة مكونة من 180 قمراً اصطناعياً لتعزيز قدرات الاتصالات عبر الأقمار الاصطناعية العالمية ومعالجة البيانات.

وسيعزز هذا المشروع، قدرة الشركة على تقديم خدمات «الذكاء الاصطناعي الفضائي» المتقدمة، ووضع مدينة هونغ كونغ مركزاً عالمياً لاتصالات الأقمار الاصطناعية.

شبكة اتصالات إنترنت الأشياء

ومن خلال بناء شبكة سلسة للاتصال بإنترنت الأشياء عبر الأقمار الاصطناعية، تهدف الشركة إلى تقديم خدمات نقل بيانات فعالة وموثوقة وتحليل البيانات الضخمة، مع تطبيقات تتراوح بين إنترنت الأشياء الاصطناعي وإدارة الطوارئ.

إن نشر هذا القمر الاصطناعي لمراقبة الأرض باستخدام نموذج الذكاء الاصطناعي واسع النطاق يفتح مجموعة واسعة من الاحتمالات عبر مختلف القطاعات؛ ما يعزز الإنتاجية ويمكّن من إيجاد حلول مبتكرة. إن قدرات معالجة البايانات في الوقت الفعلي تشكل عامل تغيير كبيراً في الاستجابة للكوارث، حيث توفر معلومات فورية أثناء الأحداث مثل الفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات؛ ما يسمح بتعبئة الموارد بشكل أسرع.

بالنسبة إلى مخططي المدن، فإن الوصول إلى البيانات عالية الدقة في الوقت الفعلي من شأنه أن يسهل التخطيط الأفضل للبنية التحتية وإدارة المرور والمراقبة البيئية؛ مما يدعم تطوير المدن الذكية. بالإضافة إلى ذلك، ستفيد بيانات القمر الاصطناعي النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم.

شركة في طليعة الذكاء الاصطناعي

إن نجاح مشروع القمر الاصطناعي الرائد هذا هو شهادة على خبرة شركة 國星宇航 (Guoxing Yuhang)، المعروفة دولياً باسم «إيه دي إيه سبَيْس» ADA Space التي تأسست عام 2018. ومنذ إنشائها، كانت الشركة في طليعة الذكاء الاصطناعي الفضائي. وقد أكسبتها إنجازاتها الاعتراف بها بصفتها مؤسسةً «عملاقة صغيرة» على المستوى الوطني، حيث اشتهرت بتخصصها وإبداعها ودورها في تطوير قطاع تكنولوجيا الفضاء في الصين.

وكانت مشاركة الشركة في تطوير مركبة استكشاف القمر الصينية أكدت بشكل أكبر براعتها التقنية. وفي عام 2023، دخلت الشركة في شراكة مع المركز الوطني لبحوث تطوير أمن المعلومات الصناعية لإنشاء مختبر استشعار إنترنت الأشياء في الفضاء؛ ما يعزز سلامة وموثوقية شبكات الأقمار الاصطناعية.

وشاركت مع مركز أبحاث تكنولوجيا صناعة الأقمار الاصطناعية التابع لجامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في الصين لتصميم عدد من الأقمار الاصطناعية المتطورة مثل قمر TFSTAR الذي أصبح أول قمر اصطناعي تجاري في العالم بهندسة «ثنائية النواة»، ويضم منصة ذكاء اصطناعي من الجيل الثاني. وقد تردد أنه يتمتع بقوة معالجة صور لا مثيل لها، تتجاوز قوة الأقمار الاصطناعية المماثلة بأكثر من 1000 مرة؛ ما يسلط الضوء على براعة الشركة في دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي القوية في تكنولوجيا الفضاء المدمجة.

مشاركة في معرض دفاعي بالسعودية

وحديثاً في عام 2024، قدمت ADA Space ابتكاراتها في معرض دفاعي كبير بالمملكة العربية السعودية لعرض قمرها الاصطناعي للذكاء الاصطناعي إلى جانب تقنية التوأم الرقمي ثلاثي الأبعاد المتقدمة للأقمار الاصطناعية. كما عرضت أول قمر اصطناعي في العالم بتقنية «بلوكتشين» مرئي في المدار «نيو سبيس 16» في المعرض.

الاستخدام المزدوج: التطبيقات المدنية والعسكرية

يسلط دمج الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية الضوء أيضاً على إمكانات الاستخدام المزدوج لمثل هذه الأنظمة. في حين تم بناء قمر هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا والابتكار للشباب لتطبيقات مدنية وعلمية، فإن قدراته يمكن أن تمتد بسهولة إلى الاستخدامات المتعلقة بالدفاع. تاريخياً، استخدمت الصين تقنيات الأقمار الاصطناعية التجارية لأغراض مزدوجة، وعدَّلتها للمراقبة العسكرية والاستطلاع والتخطيط الاستراتيجي.

في عام 2022، طور الباحثون العسكريون الصينيون نظام ذكاء اصطناعي يحوّل الأقمار الاصطناعية التجارية منخفضة التكلفة منصات مراقبة قوية، قادرة على تتبع الأشياء الصغيرة مثل السيارة بدقة ملحوظة. وحققت هذه التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي معدل دقة بنسبة 95 في المائة في تحديد الأهداف المتحركة، متجاوزة الأنظمة السابقة بكثير.

تُظهر مثل هذه التطورات إمكانات الأقمار الاصطناعية المتكاملة مع الذكاء الاصطناعي لدعم العمليات الاستخباراتية والعسكرية، حتى لو تم إنشاؤها في البداية لأغراض بيئية وتجارية.

ويجسّد قمر الذكاء الاصطناعي الجديد التابع لجامعة هونغ كونغ اعتبارات الاستخدام المزدوج المماثلة، حيث يسمح تصميمه المرن بمجموعة واسعة من التطبيقات، بما في ذلك الأمن والدفاع.

* «ذا دبلومات» - خدمات «تريبيون ميديا»