زيارة كيري تضع مزيدًا من الضغط على البرلمان العراقي لتمرير تشكيلة العبادي

مهلة مجلس النواب لنفسه للمصادقة على الحكومة المقترحة تنتهي غدًا

زيارة كيري تضع مزيدًا من الضغط على البرلمان العراقي لتمرير تشكيلة العبادي
TT

زيارة كيري تضع مزيدًا من الضغط على البرلمان العراقي لتمرير تشكيلة العبادي

زيارة كيري تضع مزيدًا من الضغط على البرلمان العراقي لتمرير تشكيلة العبادي

في وقت يكاد يكون مثاليا بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي - المهدد بالاستجواب وسحب الثقة من قبل البرلمان - ومحرجا للبرلمان المتمسك بمواقفه، جاءت زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بغداد أمس، وذلك قبل يومين من نهاية المهلة (تنتهي غدا) التي ألزم البرلمان بها نفسه، وهي عشرة أيام لتمرير التشكيل الوزاري، ومدة شهر للملف الشائك الآخر، وهو التعيينات بالوكالة فيما يخص الهيئات المستقلة ووكلاء الوزارات والمديرين العامين والقيادات الأمنية والعسكرية.
وكانت الولايات المتحدة الأميركية أوصلت طوال الفترة الماضية عدة رسائل إلى القيادات العراقية تقضي بدعم العبادي لما تبقى من فترة توليه الحكومة (تنتهي عام 2018)، وذلك بسبب الحرب ضد تنظيم داعش، والأزمة الاقتصادية التي يمر بها العراق، الأمر الذي يجعل عملية تغيير رئيس الوزراء أمرا بالغ الصعوبة في هذه المرحلة.
كيري الذي التقى رئيس الوزراء حيدر العبادي وعددا من كبار المسؤولين العراقيين، من بينهم نظيره العراقي إبراهيم الجعفري، ركز في مباحثاته على دعم العراق في مواجهة «داعش» حاملا معه دعما ماليا بنحو 155 مليون دولار أميركي للنازحين.
وقالت الخارجية العراقية في بيان لها إن الجعفري أشاد خلال لقائه كيري بـ«الدعم المقدَّم من قبل الولايات المتحدة الأميركية والمجتمع الدولي للعراق خصوصًا أنَّ العراق يمر بظروف استثنائيّة تتمثل في التحديات الأمنيّة والاقتصاديّة». وأضاف أن «العراق لن ينسى الدول الصديقة التي تقف إلى جانبه في زمن المحنة».
إلى ذلك، أكد عضو الأمانة العامة لكتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أمير الكناني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «البرلمان كان قد ألزم نفسه بمهلة العشرة أيام للتصويت على التشكيلة الوزارية ومدة شهر للهيئات المستقلة، وهو ما يعني أنه في حال لم يتمكن من تحقيق ذلك سيفقد مصداقيته أمام الشارع العراقي، لا سيما أن العبادي قام بما يتوجب عليه القيام به حيال هذه الجزئية». وبشأن الخيارات المتاحة لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي فض الاعتصامات بناء على قيام البرلمان بتحديد موعد العشرة أيام، قال الكناني إن «الصدر ليست لديه سوى الوسائل السلمية للضغط في محاولة منه لدفع عجلة الإصلاح الحكومي إلى الأمام».
وحول ما إذا كان العبادي لم يعد يتحمل أي مسؤولية بعد أن قدم التشكيلة الوزارية، قال الكناني «العبادي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأن عملية الإصلاح ليست فقط تغيير الحكومة بل هناك قضايا كثيرة لم ينهض بها العبادي، وهي التعيين بالوكالة، التي هي مخالفة قانونية تعود إلى زمن صدام حيث يوجد قانون لمجلس قيادة الثورة المنحل، ولايزال نافذا، ويتعلق بملف التعيين بالوكالة، وأمده ثلاثة أشهر؛ حيث إن العبادي لم يتخذ الخطوات اللازمة بشأن ذلك فضلا عن إصلاح المنظومة القضائية والأمنية، وهي من اختصاصاته».
وبشأن طبيعة الموقف الأميركي المساند للعبادي وانعكاسه على مواقف الكتل السياسية، لا سيما التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي، قال الكناني إن «ماتسرب إلينا يفيد بأن الأميركيين ليسوا راغبين في هذه المرحلة بتغيير العبادي، بل هم مع بقائه لعدة أسباب، من أبرزها، قضية الحرب ضد «داعش»، ووجود قوات أميركية، بشكل أو بآخر، وخبراء وهناك قضايا كثيرة تجعل من الصعب تغيير رئيس الوزراء لكونهم يخشون التغيير غير المحسوب، مشيرا إلى أن «الأميركيين يخشون أيضا قوة التيار الصدري في الشارع حيث لايزال هو التيار الرافض للوجود الأميركي في العراق، وبالتالي فإنه يهمها بقاء كثير من زعامات الخط الأول في العراق لكونها تملك علاقات جيدة معهم».
وحول الدور الإيراني في العراق، قال الكناني إن «إيران حسنت أوضاعها مع الولايات المتحدة الأميركية بعد نجاح مفاوضاتها فيما يتعلق بالملف النووي، وبالتالي أصبحت جزءا من ترتيب الأوراق في المنطقة، وهو ما يعني عدم تقاطعها في مثل هذه الأمور مع الأميركيين كثيرا»، مضيفا أن «إيران لا تريد أن تخسر العراق؛ لأنه لولا العراق لما تمكنت إيران من تخطي أزمتها الاقتصادية خلال فترة العقوبات الاقتصادية التي فرضت عليها».
إلى ذلك، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأن تكون جلسة التصويت على الكابينة الوزارية علنية، فيما وصف عدم نقل الجلسة بـ«خيانة الشعب وكتم الحقائق». وقال الصدر في بيان له، أمس: «لست أنا من يطالب بل الشعب أجمع يطالب الجهات المختصة بأن تكون جلسة البرلمان التي يصوت فيها على الكابينة الوزارية التي طرحها العبادي جلسة علنية وتنقل بالنقل المباشر على كل القنوات العراقية، ليعلم الشعب من يصوت ومن يحجم عن التصويت». وأضاف الصدر، أنه «من المفروض أنهم صوت الشعب وهو ما لا يجب حجبه عنهم بأي صورة من الصور وإلا عُدّ ذلك خيانة للشعب وكتمًا للحقائق».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم