محافظ عدن يرصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن الإرهابيين

عيدروس الزبيدي قام بجولة في المدينة دون حراسات وأدى صلاة الجمعة

تعز ثالث اكبر مدينة ما زالت محاصرة من قبل الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
تعز ثالث اكبر مدينة ما زالت محاصرة من قبل الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
TT

محافظ عدن يرصد مكافآت مالية لمن يدلي بمعلومات عن الإرهابيين

تعز ثالث اكبر مدينة ما زالت محاصرة من قبل الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)
تعز ثالث اكبر مدينة ما زالت محاصرة من قبل الميليشيات الانقلابية (أ.ف.ب)

أعلن محافظ عدن رئيس اللجنة الأمنية العليا اللواء عيدروس الزبيدي عن تخصيص جوائز ومكافآت مالية للمواطنين وللجهات، التي سوف تقدم بلاغات ومعلومات، تخدم جهود مكافحة الإرهاب وإفشال مخططات الإرهابيين في العاصمة المؤقتة عدن. جاء الإعلان بعد عودة المحافظ من الإمارات، عقب زيارة استمرت عدة أيام، أجرى خلالها الكثير من اللقاءات والمشاورات، مع عدد من القادة الإماراتيين والخليجيين، تناولت سبل تعزيز الأمن والإعمار في عدن، وجهود مكافحة الإرهاب في عدن والجنوب.
المحافظ الزبيدي نوه إلى النجاحات الكبرى التي تحققت في الحملات الأمنية ضد المتطرفين، وعناصر الإرهاب في مدينة المنصورة ومختلف مديريات العاصمة عدن، معبرًا عن تقديره البالغ لدور الأجهزة الأمنية ودول التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية، مؤكدًا الحرص المشترك بين قيادة العاصمة عدن، والسلطات المختصة في دول التحالف، مشيدًا بدور الأشقاء بدولة الإمارات العربية المتحدة في دعم مواصلة جهود مكافحة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين في كل مكان.
وجدد محافظ عدن التحية لأهالي وأبناء عدن ولدورهم الكبير في دعم ومساندة الحملات الأمنية وكشف الإرهابيين والمتورطين في عمليات زعزعة الأمن والاستقرار، مؤكدًا أن الحملات الأمنية سوف تتمدد خارج الحدود الإدارية للعاصمة عدن، إلى المناطق التي تشكل حزامًا أمنيًا لعدن، مشددًا على أن الاصطفاف الواثق والخلاق بين المواطنين في عدن وقوى الأجهزة الأمنية والسلطة المحلية والمقاومة، الذي تجسد في تحرير عدن، سيبقى الضمانة الكبرى، على إقامة البنيان الجديد للعاصمة الحديثة الآمنة في عدن.
إلى ذلك تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي صورا كثيرة للواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن مساء أول من أمس وهو يتجول من دون أي حراسات في سواحل مدينة التواهي ومتنزهات فن سيتي بمديرية صيرة. وتظهر الصور والفيديوهات التي التقطت له تهافت المواطنين وأطفال عدن لالتقاط الصور معه وأخرى وهو يقف لتناول عصير الليمون في أسواق مدينة عدن القديمة «كريتر» كما أدى صلاة الجمعة مع المواطنين في مسجد أبان التاريخي بكريتر، في رسالة تحدٍ للإرهابيين ولوسائل الإعلام المعادية، عنوانها «عدن مدينة آمنة مستقرة ولا وجود للإرهاب والتطرف مكان في أوساط سكانها المحليين».
من جهة ثانية أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر اهتمام الحكومة بالعاصمة المؤقتة عدن وتقديم الخدمات التنموية في المجالات التعليمية والصحية والمياه والكهرباء وملف الجرحى والاهتمام بأسر الشهداء، وتقديم كافة أوجه الدعم في مختلف المجالات التي تتطلبها المحافظة.
رئيس الوزراء أشاد بدور المقاومة الشعبية في التصدي للجماعة الانقلابية في عدن، مؤكدًا أن الحكومة ماضية في حفظ الأمن والاستقرار في العاصمة المؤقتة عدن وكافة محافظات الجمهورية. جاء ذلك خلال استقباله أمس الجمعة في الرياض قيادة المقاومة الشعبية بعدن بحسب وكالة سبا الحكومية.
وفي اللقاء قال علي الأحمدي الناطق الرسمي باسم المقاومة الشعبية «إنهمّ في المقاومة الشعبية مع شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي والحكومة، ولدينا آمال كبيرة بعد توليكم منصب رئيس مجلس الوزراء في دمج المقاومة الشعبية في الجيش وعودة المحاكم إلى أعمالها، وقيام دور الأمن بمهامه». فيما تطرق عبد الرحمن الشيخ وكيل عدن إلى ما تعانيه المحافظة من ظروف صعبة جراء انعدام بعض الخدمات التنموية، وما يعاني منه الجرحى من صعوبات وعدم التمكن من سفرهم إلى الخارج في ظل استمرار مطار عدن الدولي بعدم استئناف نشاطه.
مدير عام مديرية البريقة هاني اليزيدي هو الآخر أكد «أن المقاومة الشعبية لديها الاستعداد لتسليم جميع الأسلحة إلى الجيش الوطني وعلى الجيش أن يتحمل مسؤوليته في حفظ الأمن والاستقرار في عدن»، بينما طالب نائب مدير مطار عدن الدولي منيف الزغلي بإعادة فتح المطار واستئناف نشاطه.
وعلى صعيد التطورات الميدانية في جبهات القتال بين ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح من جهة وقوات الجيش الوطني والمقاومة من جهة ثانية، هناك هدوء حذر ومواجهات خفيفة ومتقطعة تشهدها جبهات مديريات بيحان بشبوة شرق العاصمة عدن وكرش الحدودية بمحافظة لحج القريبة من عدن.
لكن سقطت فتاة شابة بقرية محمد علي برصاص قناصة الحوثيين بمديرية الزاهر محافظة البيضاء جنوب غربي صنعاء، ونقلت الفتاة أمس الجمعة إلى مشافي عدن في حالة خطرة بحسب إفادة ناطق المقاومة طحطوح الحميقاني ببالزاهر غرب البيضاء.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.