ليبيا.. معضلة اسمها الغويل

«حكومة الإنقاذ» في طرابلس تواجه «حكومة التوافق»

ليبيا.. معضلة اسمها الغويل
TT

ليبيا.. معضلة اسمها الغويل

ليبيا.. معضلة اسمها الغويل

تعكس قرارات منسوبة إلى خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الليبية، حالة ارتباك في المسار السياسي الذي تمر به البلاد، خصوصًا بعد وصول المجلس الرئاسي لـ«حكومة التوافق الوطني» برئاسة فايز السراج، إلى العاصمة أواخر الشهر الماضي. وللعلم، حكومة الغويل تباشر أعمالها من العاصمة طرابلس منذ صيف 2014، وهي غير معترف بها دوليًا، لكنها تعتمد في شرعيتها على «المؤتمر الوطني العام» المنتهية ولايته. وتحميها عدة ميليشيات.
الغويل من مدينة مصراتة، بيد أن عددًا كبيرًا من قادة هذه المدينة أصبحوا يقفون مع السراج. وحين اعتزم «المجلس الرئاسي»، المدعوم من أطراف دولية، دخول طرابلس، أغلقت جماعة الغويل مطار امعيتيقة الجوي في المدينة، لكن السراج تمكن من الدخول عبر البحر آتيًا من تونس. وهنا زاد الغويل من تحذيراته ودعا «رئيس المجلس الرئاسي» ومن معه إلى مغادرة العاصمة، والعودة من حيث أتوا. لكن بعد ذلك، أي يوم 5 أبريل (نيسان) الحالي، صدر بيان موقَّع عليه من حكومة الغويل تقول فيه إنها قرّرت التخلي عن السلطة.

لقد اعتقد البعض أن خليفة الغويل، رئيس ما يعرف بـ«حكومة الإنقاذ» الليبية، كان يقصد ببيان إعلان تخليه و«حكومته» عن السلطة تسليم السلطة لغريمه السياسي فايز السراج. إلا أنه كانت هناك ملاحظتان على البيان الصادر من حكومته. الملاحظة الأولى أنه لم يكن ممهورًا بإمضاء الغويل كما هو معتاد. الثانية أن البيان لم يتضمن أي كلام صريح عن تسليم السلطة للسرّاج، لكنه قال: «نُخْلِي مسؤوليتنا، ونبرأ أمام الله تعالى أولا، ثم أمام أبناء شعبنا الكريم، من أي تطورات قد تحدث مستقبلا».
هذه لغة فسَّرها البعض هنا على أنها تشير إلى وجود خلافات ما، تجري في الخفاء. لكن الغويل قطع طريق التكهنات، وظهر في الواجهة مجددًا، بقوله إنه لا علاقة له ببيان التخلي عن السلطة المنسوب لحكومته، وإنه مستمر في عمله.
بعض القادة المحبَطين في العاصمة يتداولون مثلا يقول إنه حين تتعرض للهزيمة عليك أن تتفحص، أولا، المحيطين بك. ومع ذلك توجد مخاوف من تحركات غير محسوبة من جانب زعماء أُخذوا على حين غرة.
* من هو الغويل؟
تبدو شخصية الغويل، أمام متغيرات سريعة مرت على طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية، شخصية «رجل حالم»، كما يصفه أحد أنصاره.. قائد لم يتوقع أن يكون كثير من مساعديه المقربين منه، يعملون، في الخفاء، مع خصومه. مثلا كانت توجد مؤشرات لدى قائد لواء الصمود، أحد الأولية التي تعتمد عليها حكومة الغويل، بأن زعماء لميليشيات تابعة للواء، تعمل بطريقة مريبة، وقد تنحاز للسراج. حين جاء أعضاء المجلس الرئاسي كانت هذه الميليشيا تطلق النار ابتهاجا.
ويقول أحد مساعدي الغويل المخلصين إنه حين أعلن رفضه دخول السراج لطرابلس، كان يعتقد أن غالبية القوات ما زالت بين يديه، ميليشيات موالية له تسيطر على مطار امعيتيقة وتسيطر على الشوارع وعلى البحر.. استمر على هذه الثقة أكثر من ثلاثة أيام، رغم الاضطراب المفاجئ في مواقع الميليشيات.
حتى قادة في ميليشيات مصراتة ممن تربوا تحت رعايته، رفعوا فوهات البنادق ضد حكومته، وسارعوا بمبايعة خصمه السراج. لكن كان لدى الغويل أوراق جديدة يمكن بها الضغط والتأثير في قواعد اللعبة. وهذا ما ظهر فيما بعد.
في الساعات الأولى من تحرك السراج ناحية العاصمة، ظهرت سيارات الـ«جي إم سي» السوداء في شارع السكة المهم في طرابلس، وفيها عناصر من قوات أجنبية مجهزة.. «ماذا يفعلون؟ لا أحد يعرف بدقة!». هكذا يفيد مصدر في لجنة المراقبة العسكرية.
ساد اعتقاد بأن القوات الدولية أرسلت رجالها للقبض على الشخصيات التي ترفض الاتفاق السياسي وتعرقل عمل مجلس السراج السياسي. خلال ذلك كانت الغيوم تَحُول دون رؤية واضحة لما يجري على الأرض. كانت هناك أيضًا عناصر من شركات أمن غربية تتواصل مع قادة ميليشيات في أزقة طرابلس.
هذا يعني أن كل من كان يضع خطة معينة بشأن تمركزات القوة ينبغي أن يعيد حساباته سريعًا. كان بعض وزراء الغويل يجدون صعوبة في المرور من الطرق نفسها التي كانوا يعبرون منها طيلة الشهور الماضية إلى مقار الوزارات. أصبحت مغلقة. لمدة نحو أربعة أيام استمر رجل «حكومة الإنقاذ» في إلقاء الخطب كقائد واثق في أتباعه.
تكرّر الأمر حتى بعد دخول رئيس المجلس الرئاسي إلى القاعدة البحرية على شواطئ العاصمة. وبينما قام بتهديد السراج ودعاه لمغادرة المدينة فورا، كان عدة قادة، ممن يعتمد عليهم الغويل، يهيئون الأجواء للمجلس الرئاسي نفسه. ويغيرون الولاء، وكأن الأمور أُعدَّت سلفا ليوم استقبال حكومة التوافق.
* سيرة شخصية
الغويل مقرّب من جماعة الإخوان. وهو أحد أبناء مدينة مصراتة الثرية التي تبعد عن طرابلس شرقًا بنحو مائتي كيلومتر. إنها المدينة نفسها التي تقع على البحر المتوسط وينتمي إليها الكثير من قادة الميليشيات والكتائب، وكثرة من زعماء السلطة غير المعترف بها دوليًا (حكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني العام)، بالإضافة إلى ضباط كُثُر على رأس جهاز الاستخبارات.
تخرَّج الغويل في كلية الهندسة في مدينة بنغازي عام 1986. وانخرط منذ وقت مبكر في العمل في القطاع الخاص، وحق نجاحات رغم هبوب عاصفة العقوبات الدولية التي ضربت نظام معمر القذافي في مطلع التسعينات واستمرت لمدة عشر سنوات.
ومع بداية الانتفاضة الشعبية المسلّحة التي دعمها حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتخلص من القذافي، في 2011، لم يبخل الغويل على «الثوار» وعلى «الثورة»، وقدّم ما يستطيع من دعم للإطاحة بالنظام القديم. ومن ثم اختير ليكون من بين القيادات الرسمية في مجلس إدارة مدينته، مصراتة.
وهنا يقول أحد قيادات هذه المدينة إن الغويل كان من بين الشخصيات التي شعرت بالظلم بسبب خلوّ الحكومات التي جاءت بعد القذافي من أي تمثيل قوي وحقيقي لمصراتة.. معتبرًا أن «معظم الحكام الجدد كانوا من الشرق». والحقيقة أن أكثر رجال مصراتة المعنيين هنا هم من الموالين لجماعة الإخوان و«الجماعة الليبية المقاتلة»، أو المتعاطفين معهما. وكان معظمهم يدير الأمور من وراء ستار.. يحتفظ بعلاقات جيدة مع ممثلين دوليين من الأمم المتحدة ومن عدة سفارات غربية. لا يفضل كثير منهم الظهور في الواجهة، بمن فيهم الغويل.
بدأ التفكير الجدّي في إنهاء حكم الميليشيات ونزع السلاح من أيدي الكتائب غير النظامية، على يد رئيس الحكومة الأسبق الدكتور علي زيدان منذ أواخر عام 2013. من هنا بدأت ليبيا تنقسم على نفسها. وقتها رأي الغويل أن البلاد أصبحت في مفترق طرق حقيقي، خصوصا في الأيام الأخيرة من حكومة زيدان.. أي في الربع الأول من عام 2014.
وبمرور الشهور تغيرت الحكومة، وجاء عبد الله الثني على رأس «حكومة مؤقتة»، ليتولى مقاليد السلطة التنفيذية. ظهرت ضغوط على المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) برئاسة ابن مدينة زوارة، نوري أبو سهمين، لكي يسلم السلطة للبرلمان الجديد برئاسة عقيلة صالح، ابن مدينة البيضاء.
حدث هذا بينما كانت غالبية القوة التي تتحكم بطرابلس تتكون من كتائب وميليشيات الزنتان.. هذه القوة كانت تميل إلى برلمان صالح، وحكومة الثني وتكره ميليشيات مصراتة. وبعدها، حصل صالح والثني على دعم قوي من الجيش الوطني الذي جمع شتاته الفريق أول خليفة حفتر. وكل هذا التكتل الذي انتقل معظمه للعمل من المناطق الشرقية من البلاد بدأ يتعامل مع فريق طرابلس برمته على أنه «زمرة مؤيدة للمتطرفين».
* المواجهة.. والمتواجهون
هنا شمر الغويل عن ساعديه من جديد، مع كثير من قادة مصراتة، وبدأوا خطة للعمل على «توحيد البلاد» و«حماية ثورة 17 فبراير من خصومها ومن الراغبين في الانقلاب عليها». بهذا وجد قادة مصراتة أنفسهم في تحالف قوي وواسع مع خصوم الجيش.. أي مع باقي الميليشيات المتطرفة في العاصمة وفي عدة مدن أخرى، منها درنة وبنغازي وسبها.
من هذا الخليط تشكلت قوات «فجر ليبيا». خاضت القوات معركة مطار طرابلس الدولي الشهيرة التي أدت لإحراقه بما فيه من طائرات. وجرى إنهاض المؤتمر الوطني المنتهية ولايته، وتشكيل حكومة أطلق عليها «حكومة الإنقاذ»، ترأسها في أول الأمر عمر الحاسي، القريب من جماعة الإخوان. وبدأت الحرب تنتقل من العاصمة لتمسك بأطراف الثوب من الجنوب ومن الشرق.
وكان الغويل يراقب وينتظر ما ستسفر عنه التطورات، بينما الجدل يدور في مصراتة عن جدوى التحالف مع المتطرفين والدخول في اقتتال مع زعماء الشرق، بدلاً من البحث عن حلول سياسية معهم. لكن هذا الصوت كان بعيدا، وغير واضح تحت دوي المدافع.
اعتمد مجلس حرب طرابلس، أي «قوات فجر ليبيا» والمتحالفين معها، على «مجالس ثوار المدن» في قتال الجيش والشرطة والبرلمان. كل مجلس ثوار كان يضم خليطًا من جماعة الإخوان ومن «الجماعة الليبية المقاتلة» ومن تنظيم أنصار الشريعة المصنف عالميًا تنظيمًا إرهابيًا. حين أعلن تنظيم أنصار الشريعة موالاة «داعش»، ظهرت مشكلة، وهي أن خطب الحاسي، بشأن الاستمرار في دعم «مجالس ثوار المدن» لم تعد تصلح، من مسؤول حكومي، أمام المجتمع الدولي.
* إلى القمة
وبدأ البحث عن رجل يخلف الحاسي. وقع الاختيار على الغويل الذي سبق ترشيحه، في صيف 2014، ليكون نائبا أول لوزير الدفاع في حكومة الإنقاذ. وجاء الغويل ليقود الحكومة غير المعترف بها دوليا، وبدأ في استخدام الوسائل السياسية لإصلاح ما يمكن إصلاحه، في ظل ظروف صعبة وتقاطعات متشابكة مع قادة ميليشيات. وبدلاً من الخطب الحربية، بدأ في ترديد كلام يصلح للتعاطي معه، مثل قوله إنه مع الحوار السياسي ومع المصالحة. ومع ذلك بدا أنه يعرف كيف يدافع عن تحالف طرابلس محليًا ودوليًا. وبدا أيضًا أنه يجيد، بلغته السلسة، تجميع الأنصار لكسب النقاط على حساب برلمان طبرق وحكومة الثاني وحفتر.
على الصعيد الدولي، تمكن منذ بداية 2015 من عقد لقاءات مع أطراف معتبرة وأرسل رسلاً إلى تونس والقاهرة وإلى بلدان أخرى للبحث عن مخرج، لكن تهور المتشددين في العاصمة، وعدم قدرتهم على إخفاء التحالف مع المتهمين بالإرهاب، ومع «داعش» أيضًا، كان يتسبب في كثير من الأحيان في إعادة طرح السؤال عن علاقة حكومة الإنقاذ والمؤتمر الوطني بالمتطرفين عمومًا.
رغم لغة الغويل الأقل تشددا من خطب أعضاء في المؤتمر الوطني وفي الميليشيات، فإنه يبدو أنه كان من الصعب عليه وعلى المجموعة التي معه أن تنخرط، إلى النهاية، في حوار الصخيرات الذي يسعى لجمع الأفرقاء الليبيين.. «ماذا عن الثوار؟»، كان هذا من الأسئلة التي طرحها الغويل على المشاركين في التفاوض.
«وماذا عن دماء الشهداء؟».. هذا سؤال آخر. اتخذ الغويل موقفًا رافضًا للسرّاج، خصوصًا بعدما زار هذا الأخير برلمان طبرق، والفريق أول حفتر، وبعد أن نُقل عنه أنه أثنى على عمليات الجيش الوطني في شرق البلاد. «هذا يعني أن السراج ضد مجلس ثوار بنغازي وضد ثورة فبراير».
هكذا اقتنع كل من الغويل وأبو سهمين والمفتي الليبي المقيم في العاصمة، الصادق الغرياني، وعدد من قادة الميليشيات الأخرى.
طوال الشهرين الماضيين ظل الغويل يعمل من أجل السباحة إلى شط الأمان، بينما كان تيار المياه يجذبه إلى الجانب المعاكس.
الصفقات ظلت تُعقد في الخفاء. في الليل تتحرك السيارات بأمراء الحرب للقاء مندوبي حكومات أجنبية ووكلاء استخبارات غربية. كانت المؤشرات تقول إن هناك أشياء غير طبيعية تجري في العاصمة.
وتلقى الغويل عرضا بالرضوخ لحكومة السرّاج مقابل عدم إدراج اسمه في قوائم العقوبات الدولية، لكنه رفض الموافقة، بينما كان زملاء له، من «الإخوان» و«الجماعة الليبية المقاتلة»، يدرسون هذا العرض مع قادة آخرين بعيدًا عنه. ومع ذلك، بدا أن الغويل لم يتنبه لكل هذه التطورات لعدة أيام.. أو أنه كان يؤجل اتخاذ موقف. ظل في المقابل يعمل كأن الدفة ما زالت بين يديه. يقول أحد مساعديه: «كانت لديه ثقة كبيرة في المحيطين به. لم يتصور أن العيب يمكن أن يأتي من أقرب المقربين له».
قبل دخول السرّاج إلى طرابلس بأسبوع، تحدث الغويل مع أحد كبار القيادات التي يعتمد عليها في طرابلس، عن مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عن العاصمة. الظلام وعدم وجود كهرباء يعني عدم وجود حياة. هذا أمر كان يزيد من الضغط على السكان ويدفعهم لمناهضة حكومة الغويل.
يكشف أحد مساعديه عن أن الغويل كان يناقش الأمر مع القيادي المشار إليه، على أساس أن مشكلة انقطاع الكهرباء مشكلة إدارية عادية تتعلق بتأخير مصرف ليبيا المركزي صرف المستحقات المخصّصة لشركة الكهرباء، بينما تبين فيما بعد أنها كانت خطة من خطط التمهيد للضغط على العاصمة من أجل القبول بدخول السرّاج. ويضيف أن «خطة خنق طرابلس» ظهر أنها شملت كذلك إفراغ المصارف من العملة الأجنبية ومن الرواتب، وإغلاق مخازن السلع التموينية وعرقلة عمل المراكز الطبية وسحب بطاقات شحن خطوط الهواتف الجوالة من منافذ البيع، وغيرها من إجراءات أصابت عموم سكان العاصمة بالإرهاق والغضب.
في خضم هذه الفوضى كان الغويل يحاول تهدئة أوضاع المدينة والتفكير في كيفية التصرف، إلى أن فوجئ، مثل كثيرين، بدخول السراج من البحر. الارتباك أصاب قادة في المؤتمر الوطني وفي الميليشيات، وانعكس على وزراء في حكومة الغويل، ونتج عن ذلك المزيد من التضارب في البيانات وفي الولاءات أيضًا.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».