عدن على «صفيح صيف ساخن» مع ازدياد انقطاع التيار الكهربائي

«الهلال الإماراتي» يعيده إلى لحج والضالع.. وصندوق التنمية الكويتي يعرب عن استعداده للمساعدة في التنمية

نائب الوزير مبارك التميمي في جولة ميدانية ({الشرق الأوسط})
نائب الوزير مبارك التميمي في جولة ميدانية ({الشرق الأوسط})
TT

عدن على «صفيح صيف ساخن» مع ازدياد انقطاع التيار الكهربائي

نائب الوزير مبارك التميمي في جولة ميدانية ({الشرق الأوسط})
نائب الوزير مبارك التميمي في جولة ميدانية ({الشرق الأوسط})

ازدادت ساعات انقطاع التيار الكهربائي في عدن مع دخول فصل الصيف، ومعه ازدادت مخاوف السكان من ارتفاع درجة الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة. وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إن الانقطاعات وصلت هذه الأيام إلى نصف عدد ساعات اليوم، كاشفين عن أن هذه الانطفاءات زادت في الآونة الأخيرة وبشكل مقلق، بسبب مستويات ارتفاع درجات الحرارة، وما يعني ذلك بالنسبة للأطفال والشيوخ والمرضى خاصة، مطالبين الرئاسة والحكومة والمنظمات الإنسانية برفع هذه المعاناة المؤرقة عنهم، الناتجة عن عجز في الطاقة.
وقال نائب وزير الكهرباء والطاقة، م. مبارك التميمي، إن إجمالي الطاقة المنتجة من محطات عدن جنوبي البلاد، تقدر بنحو 170 - 190 ميغا وات، فيما العجز الحالي قدره 140 ميغا وات، متوقعًا أن يزيد هذا العجز عند دخول فصل الصيف، الذي يرتفع فيه الطلب على الطاقة نظرا للحرارة الشديدة.
وكشف نائب الوزير لـ«الشرق الأوسط»، أنه وقبل نحو ثلاثة أسابيع زارهم وفد من هيئة كهرباء أبوظبي والهلال الأحمر الإماراتي، متوقعا أن تكون هذه الزيارة، وملامسة الوفد لمعاناة الكهرباء في عدن، من شأنها مساعدة مؤسسة الكهرباء في تغطية ذلك العجز، من خلال تمديد بعض عقود شراء الطاقة الموجودة حاليا، وتزويد الشبكة بقطع غيار لصيانة محطات التوليد في خور مكسر والمنصورة والحسوة.
وأوضح التميمي أنه يأمل خيرا بعد ملامسة وضعهم الصعب، خاصة بعد أن انتهت فرق الصيانة التابعة لإدارة النقل في عدن من صيانة الخط الناقل شمال عدن، للمناطق التي كانت محرومة من خدمة الكهرباء منذ قرابة العام. كما أنهت فرق الصيانة ذاتها في وقت سابق من صيانة الخط الممتد من الحسوه إلى جعار في أبين شرق عدن. وأشار إلى أن صيانة خطوط النقل المذكورة آنفا والممتدة إلى كل من أبين والحبيلين والضالع تمت بدعم من قبل الهلال الأحمر الإماراتي.
بدوره، قال مدير عام منطقة عدن، المهندس مجيب الشعبي لـ«الشرق الأوسط» إن أزمة الكهرباء باتت معروفة للجميع وسببها التوليد القائم الذي لا يغطي الطلب المتزايد، خاصة في فصل الصيف. وأكد أن مشكلة العجز قائمة منذ سنوات وليست وليدة اليوم، مؤكدا متابعته لكل الجهات في الدولة خلال الثمانية الأشهر التالية لتحرير عدن من الميليشيات المسلحة منتصف يوليو (تموز)، ولكن دون فائدة مرجوة في الواقع.
وعن سؤال الصحيفة لماهية الحل لهذه الانطفاءات المتكررة وكذا العجز المتزايد اجاب الشعبي «طبعا لتغطية العجز مطلوب 200 ميجا وات لمواجهة الطلب للطاقة خلال فصل الصيف».
وعاد التيار الكهربائي إلى مدينة الضالع جنوبي البلاد، بعد انقطاع دام سنة كاملة. وقال مدير عام منطقة الكهرباء بمحافظة الضالع، عبد الله أحمد مثنى، إن فترة الانقطاع تجاوزت العام، موضحا أن حجم الأضرار كانت كبيرة جدًا، منوها بأن مصلحة الكهرباء بدأت أعمال الصيانة منذ شهر يونيو (حزيران)، عقب تحرير مدينة الضالع مباشرة، وهو ما يعني ثمانية أشهر كاملة استغرقت عملية الإصلاحات للشبكة والأبراج والمولدات.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إنه وبعد إطلاﻕ التيار مساء الاثنين فوجئ الفنيون بأضرار كبيرة خاصة في شبكة الضغط المنخفض، مشيرا إلى أن أضرار الحرب رافقها أيضًا أسباب تتعلق في قدم الشبكة التي تم إنشاؤها في ثمانينات القرن الماضي.
وأوضح أن استهلاك المدينة والقرى المجاورة لها تتراوح ما بين 5 إلى 6 ميغا فقط، كاشفا عن حجم العجز البالغ خمسة أضعاف الطاقة المتوفرة حاليا وهي 5 ميغا وات فقط وبنسبة 20 في المائة من الطاقة المفترض توفرها، منوها بأن احتياج المحافظة للطاقة قي الوقت الراهن يتراوح ما بين 30 - 33 ميغا وات، لافتا إلى أن تأخر إطلاق التيار ناتج عن وجود عجز في الطاقة المنتجة في عدن والتي تعاني من عجز يصل إلى 90 ميغا وات. وكشف مدير الكهرباء أن لديهم خطة لصيانة الشبكة على مستوى مديريات المحافظة، إلا أن الإمكانيات المادية والمالية لا تسمح في هذه الظروف التي بالكاد يتقاضى فيها الموظفون مرتباتهم الشهرية.
وأكد أن متابعة استخراج الـ20 ميغا وات التي وجه بها الرئيس هادي أثناء لقائه المحافظ جارية من قبل نائب وزير الكهرباء، الذي تواصل مع الهلال الأحمر الإماراتي وحصل على وعود منها.
وتمنى من المواطنين ضرورة تسديد الفواتير المستحقة للكهرباء حتى تستطيع مواصلة تقديم هذه الخدمة، مطالبا بقية المناطق التي ما زالت خارج التغطية الانتظار والصبر ريثما تتمكن المنطقة من استعادة وضعها قليلا، واعدا بإيصال التيار إلى كل المناطق التي تغطيها الشبكة العمومية.
إلى ذلك، بحث وزير الكهرباء والطاقة في اليمن، المهندس عبد الله الأكوع، مع هشام إبراهيم الرقيان نائب المدير العام للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، مجالات التعاون التي يسهم بها الصندوق في اليمن.
وأشار الوزير الأكوع إلى احتياجات اليمن لمزيد من المساعدات في ظل الظرف التي تمر بها إثر عمليات الانقلاب التي نفذتها الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، متطلعًا إلى مزيد من إسهامات الصندوق وبالذات مع قرب فصل الصيف الذي يتطلب توفير طاقة كهربائية عاجلة، بالإضافة إلى صيانة محطات الكهرباء في محافظتي مأرب وعدن.
وبحسب ما أوردته وكالة سبأ الحكومية، فإن الوزير استعرض خلال لقائه مدير الصندوق الكويتي تطورات الأحداث الجارية في اليمن واحتياجات هذه المرحلة.
من جانبه، أكد هشام إبراهيم الرقيان استعداد بلاده ممثلة بالصندوق الكويتي المشاركة في التنمية باليمن بكافة جوانبها، مشيرًا إلى أن الكويت تعهدت أثناء مؤتمر نيويورك لأصدقاء اليمن بتقديم 500 مليون دولار منها 50 مليون هبة و450 مليون قروضًا، ويمكن استخدامها في مجال الطاقة.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم