حوار القاهرة ـ الرياض الاقتصادي.. تكامل استراتيجي على ضفتي البحر الأحمر

استثمارات واتفاقات بمليارات الدولارات تكلل 5 أشهر من الاجتماعات

حوار القاهرة ـ الرياض الاقتصادي.. تكامل استراتيجي على ضفتي البحر الأحمر
TT

حوار القاهرة ـ الرياض الاقتصادي.. تكامل استراتيجي على ضفتي البحر الأحمر

حوار القاهرة ـ الرياض الاقتصادي.. تكامل استراتيجي على ضفتي البحر الأحمر

في إطار علاقات استراتيجية وثيقة تجمع بين الرياض والقاهرة، اجتمع مجلس التنسيق السعودي المصري على مدار خمسة أشهر، في لقاءات تناوبت كل من الرياض والقاهرة استقبالها، في إطار خطة عمل كان من شأنها التوافق على رؤى استراتيجية من شأنها أن تسفر عن كثير من المكاسب الاقتصادية في عدد كبير من المجالات، والتي كان من أبرزها اتفاقية خاصة بتنمية سيناء، ومذكرات تفاهم متعددة في مجالات الإسكان والسياحة والبتروكيماويات والكهرباء وغيرها.
وتأكيدًا على العلاقات الوثيقة بين البلدين الشقيقين مصر والسعودية، والتي تشمل العلاقات الاقتصادية والسياسية، تم الاتفاق على تشكيل مجلس تنسيق سعودي مصري في أواخر العام الماضي، للتنسيق المشترك في تنمية وزيادة التعاون في مختلف مجالات التنمية التي تهم البلدين، اللتين تقعان على ضفتي البحر الأحمر، وهو أحد أهم شرايين الملاحة الدولية.
وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، تم التوقيع على إعلان القاهرة الموقع في مدينة الرياض، والقاضي بأن يعقد المجلس اجتماعاته بشكل دوري بالتناوب بين البلدين، وذلك برئاسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، من الجانب السعودي، والمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، من الجانب المصري، وبحضور أعضاء المجلس المختصين من الجانبين لمناقشة وتوقيع الاتفاقات التي بين البلدين.
وخلال الاجتماعات المتوالية التي عقدت بالتناوب بين البلدين، والتي ترأس جانبًا منها بالنيابة وزيرة التعاون الدولي سحر نصر من الجانب المصري، ومن الجانب السعودي وزير المالية إبراهيم العساف، أسفرت اللقاءات عن الإعلان عن كثير من الاتفاقيات الاقتصادية والتنموية الهامة في مختلف القطاعات، والتي من المنتظر أن يتم توقيعها في القمة التي تجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العاصمة المصرية القاهرة.
وأسفرت الاجتماعات الخمس السابقة التي عقدت بالتناوب بين الرياض والقاهرة، عن توقيع عدة اتفاقيات في مختلف القطاعات، منها اتفاقيتان ومذكرة تفاهم لتنمية شبه جزيرة سيناء بمبلغ 1.5 مليار دولار، وتمويل توريد حاجات مصر من المشتقات البترولية لمدة 5 سنوات مقبلة، فضلاً عن مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات السعودية في مصر.
وأكدت نصر في تصريحات سابقة على قوة العلاقات الاستراتيجية بين مصر والمملكة العربية السعودية، معتبرة أن اجتماعات المجلس التنسيقي المصري السعودي ما هي إلا خطوة في طريق علاقات تعاون أكبر خلال الفترة القادمة.
وقالت إنه سيتم كذلك التوقيع على مذكرة تفاهم لتفعيل الاستثمارات والتفاعل بشأن المشاريع الاستثمارية بين الجانبين وتشجيع المستثمرين السعوديين على الاستثمار في مصر. وسيتم تطوير شامل لمستشفى «القصر العيني» لتحسين الخدمات الصحية المقدمة للمرضى وإحداث طفرة في الأجهزة الطبية.
ويعد مشروع تنمية سيناء من المشروعات الهامة والاستراتيجية لكل من مصر والسعودية معًا، فسيناء تحتاج لتوفير كثير من الخدمات التنموية والبنى التحتية الأساسية، لتخفيف العبء عن المدن المصرية المكتظة بالسكان، وتغيير خريطة التجمع السكاني في مصر، وخلق مدن ومجتمعات جديدة، تؤدي بالتبعية إلى خلق استثمارات وفرص عمل جديدة تساعد في تحقيق معدلات النمو الذي تأمل مصر في تحقيقه. بالإضافة إلى تعزيز الجانب الأمني للبلدين، الذي لا يقل أهمية عن الجانب التنموي، فسيناء هي الامتداد الغربي للمملكة العربية السعودية والشرقي لمصر وتطويرها يقلل من فرص توطن الإرهاب.
ووقعت وزيرة التعاون الدولية سحر نصر الاتفاقية الخاصة بتنمية سيناء مع الصندوق السعودي للتنمية، والذي تتولى القوات المسلحة المصرية تنفيذه، حيث يتضمن المشروع إقامة كثير من المشروعات بمحافظتي شمال وجنوب سيناء المصريتين، من بينها إنشاء طريق محور التنمية بشمال سيناء وأربعة وصلات فرعية، وإنشاء عدد من التجمعات الزراعية و26 تجمعا سكنيا تشمل منازل ووحدات صحية ومدارس، وتحقيق التنمية المستدامة وتوفير فرص العمل لأهالي سيناء، كأحد أهم الطرق للقضاء على التطرف والإرهاب.
وبالإضافة إلى ذلك، سيتم تمويل مشروعات صغيرة ومتوسطة بمنحة سعودية بمبلغ 200 مليون دولار، في إطار مبادرة الرئيس السيسي لدعم مشروعات الشباب بفائدة لا تتعدى 5 في المائة.
وخلال اجتماعات المجلس السابقة تم إنهاء الخطوط العريضة لمذكرات التفاهم بين البلدين في مجالات الإسكان، خصوصًا تطوير جزء من العاصمة الإدارية، ومشروعات في مجال السياحة في شرم الشيخ، وأيضًا في مجال البتروكيماويات، إضافة إلى مذكرة تفاهم بين وزارة الكهرباء السعودية ونظيرتها المصرية للتعاون في المجالات السلمية لاستخدام الطاقة الذرية، واتفاقية بين وزارتي الزراعة في البلدين للتعاون في مجالات الزراعة، واتفاقيتين بين وزارتي العمل، ووزارتي النقل للتعاون في مجالات النقل البري والبحري.
وفي السياق ذاته، تم خلال اجتماع المجلس الأخير في الرياض التوقيع على 3 اتفاقيات بين وزارات المالية والتربية والتعليم والثقافة والإعلام في كلا البلدين، وذلك لمنع الازدواج والتهرب الضريبي، وتنفيذ البرنامج التربوي التعليمي، والتعاون في المجالات الإعلامية والثقافية.
وأشاد السفير ناصر حمدي سفير مصر بالرياض، بنتائج اجتماعات المجلس التنسيقي المصري السعودي، ونجاحه في تناول سبل دعم العلاقات والأطر التعاقدية التي تربط بين البلدين الشقيقين مصر والسعودية، وذلك على مدار اجتماعاته السابقة.
وقال في تصريحات سابقة له أثناء الاجتماع الأخير للمجلس إن «الاجتماعات مهدت بالكامل لدعم العلاقات الثنائية وحتى يتم التوقيع على ما تم الاتفاق عليه خلال زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر، ولقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي».
وأكد على أهمية الدور الكبير الذي لعبته هذه الاجتماعات في وضع إطار تعاقدي جديد للعلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين في جميع المجالات للبدء في انطلاقة جديدة، وتنفيذ تلك الاتفاقيات، ووضع آفاق جديدة للعلاقات الثنائية بين البلدين.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.