تخفيض عنيف لتوقعات نمو التجارة العالمية

للعام السادس على التوالي.. نمو التجارة العالمية بأقل من 3 %

تخفيض عنيف لتوقعات نمو التجارة العالمية
TT

تخفيض عنيف لتوقعات نمو التجارة العالمية

تخفيض عنيف لتوقعات نمو التجارة العالمية

توقعت منظمة التجارة العالمية، أمس الخميس، نمو حجم التجارة العالمية بنسبة 2.8 في المائة هذا العام، وهو ما يقل عن التوقعات السابقة بنموها بنسبة 3.9 في المائة.
وتتوقع المنظمة نمو حجم التجارة بنسبة 3.6 في المائة في 2017، ليتم كسر حاجز 3 في المائة للمرة الأولى بعد 6 سنوات.
لكن المنظمة عدلت مرارا التقديرات الأولية على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث ثبت أن التوقعات الخاصة بالانتعاش الاقتصادي متفائلة أكثر من اللازم.
وهذه المرة الثانية، منذ الحرب العالمية الثانية، التي يسجل فيها نمو التجارة العالمية معدلات عند تلك الحدود، وذلك بعد المرة الأولى التي شهدتها الفترة من 1982 إلى 1984.
وكان من الطبيعي أن تنمو حركة التجارة العالمية، بأرقام تتجاوز 3 في المائة حتى عام 2006. ثم انكمشت حركة التجارة بعنف في 2009 بعد الأزمة المالية، ووصل معدل الانكماش إلى أكثر من 10 في المائة، ثم بدأ العالم في رحلة النمو البطيء منذ ذلك الوقت، وكل عام تتوقع المنظمة حدوث انفراج في نمو حركة التجارة، ولكن هذا لم يحدث.
وتوقعت المنظمة أن يصل نمو التجارة العالمية في 2016 إلى 4 في المائة، ثم خفضته إلى 3.9 في المائة، ثم خفضته مرة أخرى إلى 2.8 في المائة.
وتتغير التوقعات على خلفية الكثير من العوامل، مثل التوترات السياسية والسياسات النقدية المتباينة.
وتفسر المنظمة هذا التراجع في نمو التجارة العالمية، بالنمو الضعيف والمخيب للآمال للاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة، بعد الأزمة المالية.
وبلغت قيمة صادرات العالم 12.2 تريليون دولار في التسعة أشهر الأولى من 2015، وهو رقم أدنى من المسجل في نفس الفترة خلال 2014. ونفس الوضع فيما يخص قيمة الواردات التي بلغت 12.5 تريليون دولار فقط خلال التسعة أشهر الأولى من 2015، ما يعني أن بيانات التجارة المدققة عن عام 2015 بأكمله، والمتوقع صدورها قريبا من منظمة التجارة العالمية، ستُظهر انكماشا في حركة التجارة.
وتسيطر أوروبا وآسيا على ثلث حركة الصادرات والواردات العالمية، بينما يتبقى للولايات المتحدة وأميركا الشمالية نحو السدس، ويتقاسم الجزء الباقي من العالم السدس الأخير، وهذا ما يفسر تباطؤ حركة التجارة العالمية، مع تباطؤ نمو الاقتصادات الكبرى حول العالم.
وخلال هذا الأسبوع، كشفت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، عن نظرتها التشاؤمية بشأن انتعاش الاقتصاد العالمي، واصفة إياه بالـ«بطيء جدا» والـ«هش جدا» في مواجهة المخاطر العالمية المتزايدة.
وقالت لاغارد من فرانكفورت الألمانية: «النبأ السار هو أن الانتعاش مستمر، بلغنا النمو ولسنا في أزمة، أما النبأ غير السار فهو أن الانتعاش يبقى بطيئا جدا وهشا جدا، والمخاطر التي تؤثر على استمراره تزداد».
وأضافت مديرة صندوق النقد الدولي، أن «ديناميكية النمو فقدت»، في إشارة إلى تباطؤ اقتصاد الصين، وانهيار أسعار المواد الأولية، لافتة إلى أن انتعاش الاقتصاد جاء أقل مما كان متوقعا في كثير من الدول الغنية.
وتتوقع الحكومة الصينية أن يكون معدل النمو أقل من 7 في المائة خلال العام الحالي، وهو أقل من معدل النمو المحقق في 2015، والذي كان للأسف أقل معدل نمو في ربع قرن، إضافة إلى أن خطط الحكومة لإعادة هيكلة الاقتصاد مرتبطة بتشجيع الطلب المحلي، بدلا من التركيز على تحفيز الصادرات، وبالتالي ستؤدي بشكل غير مباشر إلى الإضرار بحركة التجارة العالمية.
وأشارت لاغارد إلى أن الغموض الاقتصادي يتفاقم بسبب تهديد الإرهاب والخطر «الصامت» للأوبئة والحروب والاضطهاد، التي تدفع الناس إلى الهرب.
وتسببت العمليات الإرهابية في أوروبا، في إغلاق الحدود بين الدول لبعض الوقت، وفرض إجراءات احترازية أكثر، ما يجعل المستثمرين الأوروبيين يميلون بشكل أكبر للتجارة داخل حدود الدول، مما يسبب خسائر مضاعفة للاقتصاد العالمي وحركة التجارة، هذا بالإضافة إلى أن انتشار الأوبئة يتسبب في زيادة إجراءات الحجر الصحي، وتعطل حركة التجارة، مثل الذي شاهده العالم وقت إصابة دول غرب أفريقيا بوباء الإيبولا.
وتابعت المديرة، أن الصندوق «في حالة تأهب»، داعية من جديد القوى الكبرى إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، والحفاظ على السياسات النقدية المرنة، والاستثمار في البنى التحتية.
ودعت لاغارد إلى «اتخاذ إجراءات حاسمة»، وجاء هذا التصريح قبل اجتماع مرتقب لوزراء مالية الدول الصناعية والدول الناشئة في 14 و15 أبريل (نيسان) الجاري في واشنطن.
وحذرت لاغارد من إجراءات «السياسة الحمائية» لتقييد التجارة بين الدول، بينما يتنافس المرشحون إلى البيت الأبيض في انتقاداتهم للتبادل التجاري الحر، وتهز أزمة المهاجرين حرية التنقل في أوروبا. وأكدت فشل هذه السياسة قائلة: «بالنسبة للبعض، الحل هو الانطواء وإغلاق الحدود والتقوقع في الحمائية، لكن التاريخ أثبت لنا مرارا، أن ذلك سيكون توجها مأساويا».
وسيكشف الصندوق خلال أسبوع تقديراته الجديدة للنمو العالمي، خلال اجتماع الربيع في واشنطن، وقد لمح إلى أنه سيخفض تقديراته.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».