الائتلاف يجتمع مع مسؤولين بريطانيين و{خروقات النظام} على قائمة البحث

إلوود أكد دعم بلاده لمطالب الشعب السوري {بالخلاص من النظام الديكتاتوري}

سكان محليون من معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا يتفحصون الأضرار التي ألمت بمسجد بعد انفجار سيارة مفخخة أمس (رويترز)
سكان محليون من معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا يتفحصون الأضرار التي ألمت بمسجد بعد انفجار سيارة مفخخة أمس (رويترز)
TT

الائتلاف يجتمع مع مسؤولين بريطانيين و{خروقات النظام} على قائمة البحث

سكان محليون من معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا يتفحصون الأضرار التي ألمت بمسجد بعد انفجار سيارة مفخخة أمس (رويترز)
سكان محليون من معرة النعمان بريف إدلب شمال سوريا يتفحصون الأضرار التي ألمت بمسجد بعد انفجار سيارة مفخخة أمس (رويترز)

بحثت الهيئة الرئاسية والسياسية في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في إسطنبول، مع وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية توبياس إلوود، والمبعوث البريطاني الخاص إلى سوريا غاريث بايلي، تطورات العملية السياسية في سوريا، وأفق الحلّ المنتظر من مفاوضات جنيف، غير أن المعارضة لمست حذرًا بريطانيًا وأوروبيًا حيال الاتفاق الأميركي - الروسي حول الملف السوري ومصير بشار الأسد. يأتي ذلك، في الوقت الذي تجتمع فيه الهيئة العليا للمفاوضات في الرياض اليوم لحسم موقفها النهائي من مشاركتها من مفاوضات جنيف المقبلة، واستمرارية الهدنة من عدمها.
وأبلغ أعضاء الائتلاف المسؤولين البريطانيين، أن نظام الأسد «ما زال غير جاد في عملية الانتقال السياسي»، مؤكدين أن «الخروقات المستمرة من طرفه لاتفاق وقف الأعمال العدائية تهدد العملية السياسية برمتها». وقدموا شرحًا مفصلاً لجهة «عدم التزام النظام بالهدنة ومحاولة إفشالها، وعرقلته وصول المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، ورفضه إطلاق سراح المعتقلين، مما ينعكس سلبا على العملية التفاوضية في جنيف»، مذكرين بأن «الجولات السابقة في جنيف لم تسفر عن نتائج ملموسة بسبب تهرب النظام من أي طرح جدي في عملية الانتقال السياسي أو التوصل لأي جدول أعمال حتى الآن».
بدوره أكد إلوود دعم بلاده للائتلاف الوطني السوري وللثورة السورية، و«مطالب الشعب السوري بنيل الحرية والكرامة والخلاص من النظام الديكتاتوري». واعتبر عضو الائتلاف السوري سمير النشار، أن «المشكلة في أن لا البريطانيين ولا الفرنسيين ولا مختلف حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، لديهم صورة واضحة عن طبيعة الاتفاق الروسي الأميركي حيال الملف السوري».
وأكد النشار، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتفاق الروسي الأميركي لا يطرح هواجس وشكوكا لدى المعارضة السورية وحدها حول طبيعة التوافقات، لأن فرنسا وبريطانيا وحتى دول الخليج العربي وتركيا لا تمتلك صورة واضحة عن طبيعة هذا الاتفاق، فهم في مرحلة انتظار إلى حين توضيح الصورة حول مصير الأسد لاتخاذ المواقف النهائية».
وتابع النشار: «لمسنا حذرًا شديدًا من المسؤولين البريطانيين، حيال الاتفاق الأميركي الروسي، فهم لا يمتلكون معلومات عن فحوى الاتفاق»، مؤكدًا أن «المعارضة أبلغت كل الموفدين الدوليين، بأن أي اتفاق لا يقنع المعارضة سيكون تهديدًا حقيقيًا للهدنة التي بدأنا نلمس تدهورها من خلال العمليات العسكرية في ريف حلب وإدلب وريف اللاذقية وحمص»، مشددًا على أن زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الخليج ربما يكون هدفها طمأنة دول الخليج العربي، خصوصًا المملكة العربية السعودية الشريك الأكبر لها في المنطقة، وأن يشرح لها ما هي سياسة واشنطن تجاه سوريا. ورأى أنه «من المهم أن يكون هناك توضيح أميركي نهائي حيال مصير الأسد ومسألة رحيله، لأن السوريين يعتقدون أن أي حلّ لا يلحظ رحيل الأسد لن يكتب له الحياة».
إلى ذلك، قال جورج صبرة، عضو الوفد المفاوض الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات، لـ«الشرق الأوسط»: «اجتماعنا اليوم في الرياض يهدف بالأساس إلى تقييم التطورات واكتشاف مدى القدرة على اختراق جولة جنيف المقبلة من عدمه، حتى لا نذهب إلى المفاوضات من أجل المفاوضات وهدر الوقت، بل لا بد لنا من التأكد من أن الجولة المقبلة ستقودنا إلى حل حقيقي يوفر جوًا للانتقال السياسي».
ولفت صبرا إلى أن الاجتماع سيقيّم كل ما أسفرت عنه جولة المفاوضات السابقة والنتائج التي ترتبت عليها، إلى جانب تشخيص مدى إيجابية جولة المفاوضات المقبلة وهل ستحقق الهدف المنشود أم لا.
وأوضح أن نتائج اجتماع الهيئة بالرياض ستمكّن الهيئة العليا للمفاوضات من اتخاذ موقف أكثر صرامة وجدية، قبيل انعقاد جولة المفاوضات المقبلة المقررة من قبل المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا خلال هذا الشهر.
وأكد أن الوقائع على الأرض تشير إلى أن النظام السوري لا يزال يرتكب المجازر ويستخدم الغازات السامة، وتحلل من كل الالتزامات المتعلقة بالهدنة، مما يدعو الهيئة العليا للمفاوضات إلى جمع أكبر كمّ من المعلومات التفصيلية عن كل ما حدث ويحدث على الأراضي السورية، لتقيّم ما يجري على الأرض، ومدى الالتزام بالهدنة، وفيما إذا كانت المعارضة ستشارك في الجولة المقبلة من مفاوضات جنيف أم لا.
وحول ما يتعلق بالتحرّك والمباحثات الروسية الأميركية حول سوريا، أكد صبرة أن الهيئة تسمع كثيرا عن حديث ومباحثات الطرفين فيما يتعلق بالهدنة واستمراريتها ودفع النظام للالتزام بشروط الهدنة، غير أن الوقائع على الأرض تقول غير ذلك، فالنظام يخرق الهدنة بأبشع الطرق في جميع المناطق، وكل ما يفعله يشير إلى أنه يريد ضرب العملية السياسية من أساسها.
وحول ما يتعلّق بتنصل رموز من العلويين من الأسد ضمن ما ورد في «إعلان وثيقة إصلاح هوياتي»، أكد صبرا صحة ذلك، مبينا أن هذا التوجه يدلّ على مصداقية ما أفصحت عنها قوى الثورة السورية، بأن النظام انتهى، إلا أنه ممسوك بحلفائه الإيرانيين والروس وميليشيات «حزب الله»، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة رغم أنها أتت متأخرة، فإنها سترفع صوت جميع السوريين أينما كانت مواقعهم لمواجهة النظام وإعلان حقيقة أن هذا النظام انتهى ولا يمكن أن يكون له أي دور في مستقبل سوريا.



قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
TT

قتال عنيف في منبج... وتوتر في حمص والساحل

رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)
رجال موقوفون في إطار حملة على خلايا موالية للنظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

بينما واصلت السلطات السورية الجديدة حملاتها لملاحقة خلايا تتبع النظام السابق في أحياء علوية بمدينة حمص وفي الساحل السوري، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الجمعة، بأن قتالاً عنيفاً يدور بين الفصائل المدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد في منطقة منبج شمال سوريا.

وأشار «المرصد السوري» الذي يتخذ من بريطانيا مقراً له، إلى مقتل ما لا يقل عن 28 عنصراً من الفصائل الموالية لتركيا في الاشتباكات في محيط مدينة منبج. وذكر «المرصد» أيضاً أن الجيش التركي قصف بعنف مناطق تسيطر عليها «قسد».

وجاء ذلك في وقت قالت فيه «قوات سوريا الديمقراطية» إن القوات الموالية لتركيا شنّت هجوماً واسع النطاق على عدة قرى جنوب منبج وشرقها، مؤكدة أنها نجحت في التصدي للمهاجمين الذين يحاولون منذ أيام السيطرة على المنطقة المحيطة بسد تشرين على نهر الفرات.

جانب من تشييع مقاتلَيْن كرديين قُتلا في معارك منبج ودُفنا في القامشلي بشمال شرقي سوريا يوم الخميس (أ.ف.ب)

وتريد تركيا طرد «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تشكّل عماد «قوات سوريا الديمقراطية» من المنطقة؛ بحجة أنها فرع سوري لـ«حزب العمال الكردستاني» المصنّف إرهابياً.

إلى ذلك، في حين كان التوتر يتصاعد في الأحياء ذات الغالبية العلوية في حمص خلال عمليات دهم بحثاً عن عناصر من النظام السابق وتصل ارتداداته إلى الساحل السوري، اجتمع نحو خمسين شخصية من المجتمع الأهلي بصفتهم ممثلين عن طوائف دينية وشرائح اجتماعية في محافظة طرطوس مع ممثلين سياسيين من إدارة العمليات العسكرية (التي تولت السلطة في البلاد الآن بعد إطاحة نظام الرئيس السابق بشار الأسد). وعلى مدى أربع ساعات، طرح المشاركون بصراحة مخاوف المناطق الساحلية؛ حيث تتركز الغالبية الموالية للنظام السابق، وتم التركيز على السلم الأهلي والتماسك المجتمعي في سوريا عموماً والساحل السوري خصوصاً، بعد تقديم إحاطة سياسية حول الوضع في الداخل السوري والوضع الدولي، والتطورات الحالية وتأثيرها في الواقع السوري.

قوات أمنية خلال عمليات التمشيط في حمص الجمعة (أ.ب)

قالت ميسّرة الجلسة الصحافية، لارا عيزوقي، لـ«الشرق الأوسط»، إن المشاركين في الجلسة التي نظّمتها «وحدة دعم الاستقرار» (s.s.u) مثّلوا أطيافاً واسعة من المجتمع المحلي، من مختلف الطوائف الدينية، والشرائح الاجتماعية، بالإضافة إلى مشاركة ممثلين سياسيين من إدارة العمليات. وأكدت لارا عيزوقي أن أبرز مطلب للوفد الأهلي كان ضرورة إرساء الأمن، مشيرة إلى تقديم اقتراح بتفعيل لجان حماية محلية؛ بحيث تتولى كل منطقة حماية نفسها في المرحلة الراهنة لمنع الفوضى، مع الاستعداد لتسليم المطلوبين، على أن تُمنح ضمانات فعلية لمنع الانتقامات.

معتقلون يُشتبه بأنهم من النظام السابق في حمص الجمعة (أ.ب)

وتابعت لارا عيزوقي أن الافتقار إلى الأمن، وحالة الانفلات على الطرقات، أديا إلى إحجام كثير من الأهالي عن إرسال أولادهم إلى المدارس والجامعات، وبالتالي حرمانهم من التعليم. وأشارت إلى أن الجلسة الحوارية تضمّنت مطالبات بالإفراج عن المجندين الإلزاميين الذين كانوا في جيش النظام السابق رغماً عنهم، وجرى اعتقالهم من قِبل إدارة العمليات.

ولفتت إلى أن الوفد الأهلي شدد أيضاً على ضرورة وضع حد لتجاوزات تحدث، مضيفة أنه جرت مناقشة مطولة لما جرى في قرية خربة معزة؛ حيث أقر الأهالي بخطأ حماية المطلوبين، وأن ذلك لا يبرر التجاوزات التي حصلت أثناء المداهمات.

يُشار إلى أن اشتباكات حصلت في طرطوس في 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لدى ملاحقة قوى الأمن الضابط في جيش النظام السابق محمد حسن كنجو الملقب بـ«سفاح سجن صيدنايا»، وهو رئيس محكمة الميدان العسكري التي تُتهم بأنها السبب في مقتل آلاف المعتقلين.

ومما طرحه أهالي طرطوس، في الجلسة، مطلب صدور عفو عام، إذ إن هناك مئات من الشباب المتعلم اضطرهم الفقر إلى العمل في الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام. ويريد ممثلو الأهالي بحث إمكانية ضم هؤلاء إلى وزارة الدفاع مجدداً، لتجنّب الانعكاسات السلبية لكونهم عاطلين عن العمل. وحسب لارا عيزوقي، كشف ممثل الإدارة الجديدة عن نية «إدارة العمليات» إصدار عفو عام يستثني المتورطين بشكل مباشر في جرائم النظام السابق.

مواطنون في حمص خلال قيام قوات أمن الحكم الجديد بعمليات دهم الجمعة بحثاً عن عناصر من النظام السابق (أ.ب)

ولفتت لارا عيزوقي إلى وجود ممثلين عن شباب بأعمار تتراوح بين 20 و30 سنة، وقالت إنهم يعتبرون أنفسهم ينتمون الى سوريا، لا إلى طائفة معينة ولا يريدون الهجرة ويتطلعون الى لعب دور في مستقبل سوريا، متسائلين عن كيف يمكن أن يحصل ذلك إذا تمّ تأطيرهم داخل مكوّن طائفي.

وحول تسريح الموظفين، عبّر مشاركون عن مخاوف من تسريح آلاف الموظفين لا سيما النساء من ذوي قتلى النظام واللواتي تعلن عائلاتهن -مع لفت النظر إلى اتساع رقعة الفقر وتعمّقها في الساحل خلال سنوات الحرب- حالة الإفقار الممنهجة التي طالت محافظة طرطوس بصفتها محافظة زراعية تدهورت زراعتها في السنوات الماضية.

أطفال في شاحنة بمدينة حمص الجمعة (أ.ب)

وشهدت مدينة طرطوس، بين مساء الخميس وصباح الجمعة، حالة توتر مع توارد أنباء عن جريمة قتل وقعت قرب «شاليهات الأحلام» حيث تستقر مجموعات من «فصائل إدارة العمليات». وحسب المعلومات، أقدم مجهولون على إطلاق نار على شخصين، مما أدى إلى مقتل أحدهما وإصابة الآخر. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن الأهالي طالبوا «هيئة تحرير الشام» التي تقود إدارة العمليات العسكرية، «بوضع حد للاعتداءات والانتهاكات التي تُسهم في زعزعة الاستقرار وضرب السلم الأهلي الذي تعيشه المنطقة».

وأشار «المرصد» إلى أن ملثمين مسلحين أعدموا أحد أبناء حي الغمقة الشرقية في مدينة طرطوس، وهو شقيق شخص مطلوب بقضايا جنائية، وذلك خلال تفقد القتيل شاليهاً يملكه في منطقة «شاليهات الأحلام».

وتشهد مناطق تركز العلويين في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية انفلاتاً أمنياً بسبب انتشار السلاح، وتحصّن مطلوبين من عناصر النظام السابق في أحياء وقرى، مما يثير مخاوف من تأجيج نزاع مناطقي.

يُشار إلى أن «إدارة العمليات العسكرية» استكملت، الجمعة، حملة التمشيط التي بدأتها في حمص يوم الخميس، وشملت أحياء العباسية والسبيل والزهراء والمهاجرين، بحثاً عن فلول ميليشيات النظام السابق. وأفيد باعتقال عشرات الأشخاص بينهم من أُفرج عنهم بعد ساعات فقط.