وزيرة التعاون الدولي في مصر: العلاقات الاستراتيجية مع السعودية تحولت لبرامج تنمية تجسد الترابط

سحر نصر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن بلادها لا تخضع لشروط البنك الدولي.. والأزمة في الديون الداخلية وليست القروض الخارجية

سحر نصر («الشرق الأوسط»)
سحر نصر («الشرق الأوسط»)
TT

وزيرة التعاون الدولي في مصر: العلاقات الاستراتيجية مع السعودية تحولت لبرامج تنمية تجسد الترابط

سحر نصر («الشرق الأوسط»)
سحر نصر («الشرق الأوسط»)

قالت الدكتورة سحر نصر، وزيرة التعاون الدولي في مصر، إن العلاقات الاستراتيجية المصرية - السعودية تخطت مرحلة التفاهم السياسي والدعم، لتتحول في الفترة الراهنة إلى تنفيذ برامج تنموية ومشاريع اقتصادية تعود بالنفع على البلدين، منوهة بأن الزيارة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى القاهرة التي تبدأ غدا ستعطي دفعة كبيرة للتعاون على جميع المستويات. وقالت نصر في حوار مع «الشرق الأوسط»، إن الجانبين السعودي والمصري، سيوقعان على عدد من الاتفاقيات المهمة في مختلف المجالات خلال الزيارة.
والدكتورة سحر نصر هي منسقة أعمال الجانب المصري في «مجلس التنسيق المصري السعودي»، كما ترأست وفد مصر في الاجتماع الخامس للمجلس الذي عقد بالرياض الشهر الماضي. وكشفت الوزيرة في حوارها أن اجتماعات المجلس ستتواصل خلال الفترة المقبلة لمتابعة تفعيل مذكرات التفاهم التي تم توقيعها، ومنها الخاصة بـ«برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء». كما أكدت أن المؤسسات الدولية والدول الغربية لديها رغبة في دعم مصر اقتصاديا، نافية التهديد بوقف المساعدات بسبب انتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في مصر. وذكرت نصر أن هناك فجوة تمويلية تعاني منها مصر تقدر بنحو 27 مليار دولار، تعمل على سدها من خلال جلب استثمارات، واستكمال الباقي عن طريق القروض والمنح الدولية، مشددة على أن أزمة مصر في ديونها الداخلية وليست في القروض الخارجية.

* بداية؛ كيف تنظرين إلى الزيارة المرتقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر، من حيث أهميتها والعائد المنتظر منها، في ضوء العلاقة الخاصة بين مصر والسعودية؟
- زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر أقل ما توصف بأنها تاريخية، حيث إنها الزيارة الخاصة الأولى عقب توليه الحكم في المملكة، وتأتى تتويجًا للعلاقات المتميزة بينه وبين الرئيس عبد الفتاح السيسي. ولطالما ظلت العلاقة بين مصر والسعودية علاقة استراتيجية على جميع المستويات؛ السياسية والاقتصادية والاجتماعية. لكن على مدار السنوات الأخيرة نمت تلك العلاقة في ضوء حرص الرئيس السيسي على تعزيزها، وتحولت العلاقة المتميزة والتفاهم السياسي بين البلدين إلى برامج تنموية ومشاريع استثمارية تعود بالنفع على كليهما، وتجسد هذا الترابط. ولذلك أخذت العلاقة منذ قدوم الرئيس السيسي ثلاثة محاور أساسية تضاف إلى البعد السياسي؛ وهي تبادل اقتصادي، وثقافي، وأيضا تعليمي.
ما نقوم به حاليا وخلال الفترة الماضية، هو تحويل هذه العلاقة الوطيدة إلى تنفيذ تنموي على أرض الواقع، يتضح ذلك من خلال «إعلان القاهرة»، واجتماعات مجلس التنسيق المصري السعودي الذي شهد التوقيع على كثير من الاتفاقيات، منها المتعلق بتنمية شبه جزيرة سيناء، وكثير من المشاريع الاستثمارية التي أعلن الملك سلمان عزمه القيام بها في مصر، ولا ننسى المنحة السعودية لمستشفى قصر العيني الذي يؤدي دورا كبيرا في خدمة المرضى من محدودي الدخل في مصر.
* إذن هناك اتفاقيات وتفاهمات معينة تعتزمون التوقيع عليها خلال الزيارة؟
- بالفعل.. من المنتظر أن يتم خلال الزيارة التوقيع على كثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي تم التوصل إليها خلال اجتماعات مجلس التنسيق المصري السعودي التي عقدت خلال الفترة الماضية بالتناوب بين القاهرة والرياض، حيث عقد آخر اجتماع في 20 مارس (آذار) الماضي بحضور الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي نيابةً عن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع.. وذلك في مجالات منع الازدواج الضريبي، والزراعة، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والكهرباء، والإسكان، والتربية والتعليم، والعمل، والنقل البحري والموانئ، والثقافة، والإذاعة والتلفزيون، فضلاً عن اتفاقيات المشاريع المتضمنة في برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء، بإجمالي 1.5 مليار دولار، واتفاقية قرض بشأن مشروع محطة كهرباء غرب القاهرة، واتفاقية قرض بشأن مشروع مستشفى قصر العيني.
* عقدت 5 اجتماعات لمجلس التنسيق المصري السعودي منذ انطلاقه.. ما حصيلة تلك الاجتماعات، وإلى ماذا انتهت؟
- اجتماعات مجلس التنسيق المصري السعودي مستمرة، وستتواصل لمتابعة مذكرات التفاهم التي تم توقيعها، ومنها مذكرة اتفاق بشأن برنامج الملك سلمان بن عبد العزيز لتنمية شبه جزيرة سيناء بمبلغ مليار ونصف المليار دولار أميركي، بين وزارة التعاون الدولي والصندوق السعودي للتنمية، واتفاقية تمويل توريد مشتقات بترولية بين الصندوق السعودي للتنمية والهيئة المصرية العامة للبترول وشركة «أرامكو السعودية» لتجارة المنتجات البترولية، بشهادة وزارة التعاون الدولي لمدة 5 سنوات، ومذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات السعودية بمصر بين وزارة الاستثمار (المصرية) وصندوق الاستثمارات العامة بالمملكة العربية السعودية بشهادة السيد محافظ البنك المركزي المصري، واتفاقية تمويل توريد مشتقات بترولية لمدة ثلاثة أشهر، واتفاقية لتمويل توريد مشتقات الغاز الطبيعي بقيمة 250 مليون دولار أميركي.
* هل لوجود العاهل السعودي في مصر أثناء التوقيع على تلك الاتفاقات دلالة معينة؟
- بالفعل؛ الزيارة ووجود العاهل السعودي، سيعطي دفعة كبيرة لمثل تلك التفاهمات.. وسنقدم للوفد السعودي مشاريع استثمارية كثيرة للتوقيع عليها والبدء في تنفيذها انطلاقا من الرغبة السعودية الحقيقية للتعاون مع مصر.
* بالحديث عن التعاون المصري - السعودي والعلاقات المتنامية بين البلدين، ما حجم الدعم السعودي المقدم إلى مصر منذ ثورة «30 يونيو»؟
- ما قدم من السعودية إلى مصر يدل على حجم العلاقة الوطيدة بينهما والوقوف في الشدائد. فعقب 30 يونيو 2013 قدمت السعودية لمصر 5 مليارات دولار أميركي (منها مليارا دولار وديعة لدى البنك المركزي، ومليارا دولار لوزارة البترول، ومليار لدعم الموازنة العامة للدولة). ثم عقب المؤتمر الاقتصادي (شرم الشيخ) قدمت المملكة حزمة تمويلية قدرها 4 مليارات دولار (منها مليار دولار وديعة في البنك المركزي، و3 مليارات دولار مشروعات تنفذ من خلال الصندوق السعودي للتنمية، وخط ائتمان)، بالإضافة إلى المنحة التي أعلن عنها خادم الحرمين للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
* وماذا عن الدعم الخليجي بشكل عام؟
- هناك أيضا دعم إماراتي، فقد سبق أن قدمت دولة الإمارات وديعة مالية في البنك المركزي تقدر قيمتها بملياري دولار في يونيو (حزيران) 2013، ومثلهما في يونيو 2015. وتم التوقيع على اتفاق منحة إطاري في أكتوبر (تشرين الأول) 2013، بموجبه تعهدت الإمارات بتقديم منحة لا ترد لجمهورية مصر العربية تقدر بنحو 4.911.5 مليار دولار لتنفيذ مشروعات في مجالات الكهرباء والطاقة والإسكان والصحة والتعليم والنقل وتدريب العمالة الصناعية والدراسات الاستراتيجية، ومليار دولار دعم للموازنة العامة للدولة، تم تحويلها بالفعل في 30 يونيو 2013، فضلاً عن توفير احتياجات مصر من الوقود لعام 2013 بقيمة 1.049 مليار دولار. وفي ما يتعلق بدولة الكويت الشقيقة، فقد أعلنت عن حزمة مساعدات تقدر بـ3 مليارات دولار (مليارا دولار وديعة في البنك المركزي) وقد تم تنفيذ هذا التعهد، ومليار دولار دعم موازنة.
* هل تتفاوض مصر على منح أو قروض جديدة في الفترة الحالية، أو حتى ودائع في البنك المركزي، في ضوء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها، والنقص الشديد في العملة الصعبة؟
- في وزارة التعاون الدولي، دورنا ووظيفتنا الأساسية أن ننسق العمل بين الوزارات المختلفة حول مشاريعها التنموية، بحيث نحاول أن نوفر لها التمويل اللازم من خلال عرض المشاريع الاستثمارية، وكذلك البحث عن منح دولية وقروض. وهذا عمل مستمر لا ينقطع، نتفاوض عليه باستمرار، وعندما نصل إلى أي شيء يتم الإعلان عنه من خلال اتفاقات رسمية.
وهناك برنامج للحكومة الحالية بقيادة المهندس شريف إسماعيل، هذا البرنامج مستمر لنحو ثلاث سنوات، ونعمل على تحقيقه، ويشمل تطلعات واحتياجات كثيرة نرغب في مواكبتها، منها توفير فرص عمل، وبناء مدارس، ومستشفيات.. وغيرها، وبالتالي علينا أن نوفر له التمويل اللازم.
* ما حجم الفجوة التمويلية التي تعاني منها مصر والتي تكفي لتمويل تلك المشاريع المخططة؟
- وفقا لبرنامج الحكومة الحالي، المعروض أمام مجلس النواب (البرلمان) للتصديق عليه، فإن هناك فجوة تمويلية تقدر بنحو 27 مليار دولار. نأمل أن يتم سدادها من خلال جلب استثمارات أجنبية أو مصرية، على أن يتم استكمال الباقي عن طريق القروض والمنح الدولية.
* لكن ألا تشكل تلك القروض مزيدا من الضغط على حجم مديونية مصر؟
- إطلاقا.. المحفظة المالية لوزارة التعاون (قروض – منح) توازي نحو 3.8 في المائة من الدين العام، والباقي دين داخلي، بمعنى أنها نسبة ضئيلة للغاية. أنا أنظر إلى المنح والقروض الدولية على أنها استثمار للأجيال المقبلة.. فمثلا قرض يتم أخذه لبناء مستشفى يضمن رعاية صحية جيدة.. أو مدرسة تخرج جيلا متعلما ومنتجا، أليس هذا فيه نفع للأجيال المقبلة واستثمار في المستقبل.
والدين الخارجي الكلي ما زال في حدود النسبة المعقولة؛ حيث يبلغ 15 في المائة فقط من الناتج المحلي. الخطر هو في الدين الداخلي (أذون الخزانة والسندات الحكومية) وليس الخارجي.
* لكن في النهاية هي ديون على عاتق الدولة التي تعيش أوضاعا اقتصادية صعبة؟
- القروض حل مؤقت، ولا بد من عودة السياحة وزيادة التصدير والإنتاج، وهذا ما تعمل عليه الحكومة الحالية، لكنه سيأخذ بعض الوقت.
* ما إجمالي قرض البنك الدولي المقدم إلى مصر.. وهل هناك دفعة جديدة تحصل عليها مصر في الفترة المقبلة؟
- إجمالي القرض المتفق عليه بالكامل مع البنك الدولي لمصر هو 8 مليارات دولار، مقدمة على 4 سنوات، وهو ضعف أي رقم خصص لمصر في السابق. وهو مقسم كالتالي: 3 مليارات في إطار برنامج الحكومة الشامل للتنمية الاقتصادية ودعم الموازنة العامة، وهذا سيقدم على دفعات عقب إقرار برنامج الحكومة في البرلمان. ومليارا دولار لمشاريع تنموية وخيرية يتم العمل عليها بالفعل في مشاريع صرف صحي وبرنامج «تكافل» و«كرامة». و3 مليارات دولار مشاريع تنموية خاصة متوافق عليها ويتم تنفيذها بالفعل.
* عند الحديث عن قرض من البنك الدولي تحديدا، دائما ما يثار أن هناك شروطا معينة أو إصلاحات متعلقة برفع الدعم مثلا، يطلبها البنك للموافقة على منح القرض؟
- هذا أمر غير صحيح، فليس هناك أي شروط أو قيود وضعها البنك على مصر للموافقة على إقراضها، والدليل على ذلك أن الحكومة أعدت برنامجها وقدمته إلى البرلمان للموافقة عليه أولا، وفي حال تمت الموافقة، فسوف تتقدم بعد ذلك بالمشاريع المخطط لها إلى البنك الدولي للحصول على قيمة القرض. وبالتالي إذا كانت هناك شروط، فكان الأوْلى أن تقدم المشاريع تلقائيا للبنك دون العرض على البرلمان الذي قد يغير البرنامج. وفي أسوأ الظروف، وإذا كان ما يقال صحيحا، فإن للبرلمان الحق في تعديل ذلك البرنامج، وأن يجعل أولوياته مختلفة، وما سيصدر عنه في النهاية سيقدم للبنك الدولي.
ما تحقق من رفع للدعم هو جزء من برنامج الإصلاح الحكومي المخطط له منذ فترة بوصفه ضرورة لإعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية، وبالتالي هو قرار مصري لا تدخل فيه دوليا.
* وهل من المتوقع أن يرفض البرلمان برنامج الحكومة المقدم؟
- لا أعتقد ذلك، فهو برنامج جيد يحتوي على خطط طموحه ومشروعات اقتصادية تنموية كبيرة.
* ما تعليقك على تهديد البرلمان الأوروبي مؤخرا بوقف المساعدات المقدمة إلى مصر بسبب ما قيل عنها «انتهاكات حقوقية» تحدث بالداخل؟
- أي شيء من هذا لم يحدث، المساعدات والاتفاقات التي أعلن عنها جميعها مستمرة، وسفير الاتحاد الأوروبي كان هنا في مكتبي منذ فترة قليلة، وأكد دعمه مصر اقتصاديا، وقال في اليوم نفسه لبيان الاتحاد الأوروبي إن الأمور تسير كما هي، فالتعاون الاقتصادي مستمر كما هو مخطط له، والمنح سارية، والصرف يتم في مواعيده. يجب أن ننظر إلى الفعل وليس الأقاويل.
* هل الأزمات السياسية التي تحدث لمصر مثل قضية مقتل الطالب الإيطالي ريجيني تعرقل مخططات الوزارة؟
- المؤسسات الدولية والدول الغربية متعاونة جدا مع مصر، ولديها رغبة حقيقية في دعم مصر اقتصاديا خلال الفترة الراهنة.. فمصر لها وضع استراتيجي وأهمية كبيرة على صعيد منطقة الشرق الأوسط والعالم.
* هناك بعض التوترات بين مصر وأميركا، خصوصا بعد ثورة «30 يونيو».. هل أثر ذلك على حجم المساعدات التي تقدم إلى مصر؟
- على صعيد المساعدات الاقتصادية الأميركية والمنح والمشاريع المتفق عليها، لا يوجد أي تأثير على مصر.
* ما أبرز المشاريع التنموية التي تعمل عليها الوزارة حاليا في إطار المنح المقدمة؟
- تقوم الوزارة بمتابعة ما يزيد على 250 مشروعا في كل القطاعات الاقتصادية، بإجمالي حجم تمويلات يناهز 30 مليار دولار. وهذه المشروعات تتوزع بين قطاعات البنية الأساسية، مثل الكهرباء والطاقة والصرف الصحي ومحطات المياه، إلى جانب تطوير قطاعات الطرق البرية والسكك الحديدية، بالإضافة إلى الخدمات الاجتماعية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وتعمل الوزارة بالتنسيق مع كل الوزارات المعنية وشركاء التنمية على تنفيذ المشروعات بفعالية وكفاءة ووفقا لجداول تنفيذية مخطط لها جيدا، لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية، ويتم رصد المشكلات التي تعوق تنفيذ المشروعات أولا بأول، والتدخل لحل أي مشكلة تواجه التنفيذ، من خلال آلية عمل مشتركة، تتولى وزارة التعاون الدولي تنسيقها على المستوى القومي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».