وزير الخارجية المصري: زيارة خادم الحرمين للقاهرة تحظى بحفاوة بالغة على المستويين الرسمي والشعبي

شكري أكد أن مواقف البلدين تعكس شراكة استراتيجية وتحقق الاستقرار للمنطقة

سامح شكري
سامح شكري
TT

وزير الخارجية المصري: زيارة خادم الحرمين للقاهرة تحظى بحفاوة بالغة على المستويين الرسمي والشعبي

سامح شكري
سامح شكري

وصف سامح شكري، وزير الخارجية المصري، زيارة خادم الحرمين الشريفين المرتقبة إلى مصر بـ«التاريخية»؛ حيث تعد اﻷولى منذ تولي الملك سلمان الحكم. وقال خلال محاضرة ألقاها في «مجلس الأعمال المصري - الكندي» بالقاهرة أمس إن «الكل ينتظرها على المستوى الرسمي والشعبي، لكونها تمثل رمزا للعلاقة الخاصة التي تربط البلدين».
وأوضح شكري أن «الزيارة ستكون فرصة لاستعراض كل القضايا التي تهم البلدين وكل ما يتعلق بتحقيق الاستقرار ومواجهة التحديات القائمة»، مضيفا أن «هناك طموحات كبيرة وقيادات واعية تدرك حاجات المنطقة في هذه اللحظة الحرجة، وهي لحظة غير مسبوقة في تاريخ العالم العربي بما تشهده من تحديات كثيرة، والاضطرابات التي تواجهها والتشاحن الإقليمي، وهي تحديات لا يمكن التعامل معها إلا إذا وقفت الدولتان مصر والمملكة صفا واحدا وفي خندق واحد».
وذكر أن «ما شهدته العلاقات الثنائية من تطور غير مسبوق، ارتقى إلى مستوى التحالف العسكري والاستراتيجي في عهد الملك سلمان والرئيس السيسي»، مؤكدا أن العلاقة الاستراتيجية قائمة وتعززت وأخذت أشكالا وصيغا واضحة تعكس الإقرار لوضع قائم والحرص على استمرار تعزيزه.
وأشار شكري إلى أنه «ليس هناك اختلاف في اﻷهداف بين مصر والمملكة العربية السعودية، لكن هذا لا يمنع وجود تداول وتشاور وتبادل لوجهات النظر بصورة مستمرة فيما بيننا حول الأسلوب اﻷمثل لتحقيق هذه اﻷهداف، ولا ضرر في ذلك، ﻷننا نقوم بأدوار داعمة لبعضها البعض، وليس بالضرورة أن تتطابق وجهات نظرنا تماما، وإنما المهم هو أن نعزز من رؤيتنا التي تفضي إلى تحقيق مصالحنا وأهدافنا من خلال توزيع اﻷدوار فيما بيننا».
وقال إن «مصر لا تتدخل في أي توجه أو سياسة تراها المملكة تحقق مصلحتها، والحال كذلك لمصر تماما؛ إذ إننا لم نرصد أي موقف سعودي يتعارض مع ما نراه يحقق مصالح مصر، ودوما نجد أن موقف الدولتين يعكس الشراكة الاستراتيجية بينهما».
وأكد شكري أن «هناك حالة من التفاعل والتغيير في منطقة الشرق الأوسط، وحظيت بتغير كبير، موضحا أن «المنطقة العربية والشرق الأوسط يشهدان تفاعلات كثيرة».
وأضاف وزير الخارجية أن مصر لها مكانة مميزة بموقعها، منتقدا ما يقال من أن مصر استعادت دورها، قائلاً: «من الأفضل القول: مصر مميزة على المستوى الدولي، والتميز يحقق علاقة شراكة مع أشقائنا تؤدي لمصالح مشتركة».
وأشار شكري إلى أن «مصر ستظل في إطار العلاقات مميزة مع الأشقاء، وهو حكم الواقع، وعلينا التفاعل معه، ومواجهة التحديات بمزيد من الترابط»، مؤكدا أن «مصر لا تسعى للانقضاض على أحد، ولن تسمح بأن ينقض أحد عليها»، وأن لها مع السعودية علاقات مميزة، مشيرا إلى تطور العلاقات المصرية – السعودية، وزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى مصر، داعيا إلى السعي لنقطة التوازن التي تخدم المصالح المصرية، وعدم الاعتداء على المصالح المصرية.
وحول العلاقة مع إيران، أوضح أن الثورة الإيرانية كانت لها تأثيراتها في المنطقة، وتسعى لمد نفوذها في النظام الإقليمي وفقا لرؤية سعت فيها طهران لمد نفوذها في مسيرة الدول الإقليمية المحيطة، مؤكدا أن مصر مستمرة في موقفها من قطع العلاقات مع إيران حتى اللحظة. وأكد شكري أن التطورات في الربيع العربي، والنزعة الطائفية، بالإضافة إلى الاتفاق النووي الإيراني مع دول «5+1»، أدى إلى معالجة مزيد من القضايا بمنظور طائفي أضاف تعقيدات على المشهد بالنسبة للعلاقات الإيرانية الإقليمية.
وأوضح أن العلاقات بين الدول لا تتم بالتعالي، وأنه لا بد من أن تبنى على التوافق لتحقيق مصالح متساوية، مشيرا إلى أن إيران وتركيا سعتا لتصدير فكر بعينه في المنطقة، داعيا إيران لانتهاج سياسية معتدلة ونزع فتيل الأزمات وعدم التدخل في شؤون الآخرين. وأشار إلى أن مصر لا تتخذ أي مواقف عدائية من الشعبين التركي والإيراني، داعيا الدول التي تسعى لعلاقات مبنية على التعاون للعمل بشكل واضح على ذلك.
وقال وزير الخارجية إنه سيلتقي أعضاء من لجنة مؤتمر المعارضة السورية قبيل توجههم إلى جنيف للمشاركة في جولة المفاوضات المقبلة، وهم أعضاء من اللجنة المنبثقة عن المعارضة السورية التي شاركت في مؤتمر القاهرة في يونيو (حزيران) 2015، مؤكدا على وحدة وسيادة واستقلالية سوريا وتحقيق تطلعات أبناء الشعب السوري.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.