«دار الهلال» تُصدر عددًا تذكاريًا يسرد العلاقات المصرية ـ السعودية خلال 90 عامًا

بمناسبة زيارة الملك سلمان التاريخية لمصر

غلاف العدد التذكاري - مولد الجامعة العربية - صور نادرة في صفحات العدد التذكاري
غلاف العدد التذكاري - مولد الجامعة العربية - صور نادرة في صفحات العدد التذكاري
TT

«دار الهلال» تُصدر عددًا تذكاريًا يسرد العلاقات المصرية ـ السعودية خلال 90 عامًا

غلاف العدد التذكاري - مولد الجامعة العربية - صور نادرة في صفحات العدد التذكاري
غلاف العدد التذكاري - مولد الجامعة العربية - صور نادرة في صفحات العدد التذكاري

أصدر مركز «الهلال» للتراث الصحافي التابع لمؤسسة «دار الهلال» الصحافية في مصر عددا تذكاريا بعنوان «العلاقات المصرية السعودية.. حصن العروبة والإسلام»، بمناسبة زيارة الملك سلمان بن العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين التاريخية لمصر.
العدد صدر في 200 صفحة فاخرة بالألوان مع غلاف ببصمة ذهبية، يتضمن العدد رحلة العلاقات المصرية السعودية على مدى 90 عاما.
الإصدار التاريخي يتضمن صورا نادرة من كنوز ينفرد بنشرها «مركز التراث» في «دار الهلال»، التي تأسست منذ ما يقرب من 125 عاما في عام 1892.
الفصل الأول بدأ بعنوان «مصر والسعودية حصن العروبة والإسلام» وجاء في مقدمته أنه «لم يهيئ التاريخ الحديث لدولتين في منطقتنا العربية من أسباب القوة والتعاون مثلما هيأ لمصر والسعودية، وهذا يفسر نمط وماهية العلاقات الثنائية المتميزة بين الدولتين في مطلع القرن العشرين، ثم تخلل الفصل عناوين «ما بين الحربين العالميتين»، و«توقيع أول معاهدة بين البلدين» وهي معاهد «صداقة ومودة» وقام بالتوقيع عليها مساء يوم 7 مايو (أيار) 1936 نيابة عن الحكومة المصرية علي ماهر رئيس وزراء مصر آنذاك، وعن الحكومة السعودية فؤاد حمزة مستشار الملك عبد العزيز.
وتم التصديق عليها من الطرفين في 8 مايو حيث أُعلنت في البلدين، و«العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين»، ثم «مولد الجامعة العربية»، وزيارة الملك فاروق للملك عبد العزيز، ثم زيارة الملك عبد العزيز الأولى لمصر في 14 فبراير (شباط) عام 1945 وكانت زيارة خاطفة لساعات محدودة، ولم يلتق فيها بالملك فاروق؛ لكنه التقى بالرئيس الأميركي روزفلت بالإسماعيلية.
ثم تحدث الفصل عن زيارة الملك فاروق الثانية للمملكة في عام 1945 وكانت ضمن رحلة في البحر الأحمر، ثم زيارة الملك عبد العزيز الكبرى لمصر في 7 يناير (كانون الثاني) عام 1946.
وقال الملك عبد العزيز وقتها من فرط انبهاره بحفاوة استقباله الشعبي «لقد خرج 17 مليون مصري لاستقبالنا».. وكان 17 مليونا هو تعداد سكان المملكة المصرية في ذلك الوقت. وتناول الفصل مقالا بعنوان «أسد الجزيرة قال لي» بقلم محمد رفعت ونشر في مجلة «المصور» الصادرة عن مؤسسة «دار الهلال» في أبريل (نيسان) 1950. ثم رحلة «المصور» للأراضي المُقدسة، ونشرت «المصور» عددا خاصا.. جاء فيه: نحن العرب، من ذكرياتي 3 قصص عن الملك عبد العزيز آل سعود، بقلم الشيخ يوسف ياسين مستشار الملك سعود، ثم نشرت «المصور» في 9 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1973، واصفة الملك عبد العزيز آل سعود، بـ«الرجل الذي أعاد عهد الأساطير»، بقلم حبيب جاماتي، وتضمنت شعرا بعنوان «قاهر الصحراء» للشاعر الراحل عباس محمود العقاد.
وتناول الفصل الثاني موقف المملكة العربية السعودية من تأميم قناة السويس، وإعلان التعبئة العامة وتطوع الأمراء للدفاع عن مصر. فيما تناول الفصل الثالث حياة ومسيرة الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.
أما الفصل الرابع فتناول مسيرة الملك خالد بن عبد العزيز، النجل الرابع للملك عبد العزيز. والفصل الخامس تناول حياة الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود. والفصل السادس تناول إنجازات الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، وتناول رسالة العاهل السعودي «مصر العروبة والإسلام» التي فاجأ بها العالم وبثها عبر التلفزيون السعودي للعالم، حيث حملت أقوى رسالة تأييد من جانبه لمصر بعد ثورة 30 يونيو عام 2013. وتضمن الفصل صورا نادرة للحرمين الشريفين، ولمحات من الفنون الشعبية في المملكة.
أما الفصل السابع فتناول عهد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود خادم الحرمين الشريفين. تحت عنوان «أمين الأمة.. رجل الدولة.. أمين سر العائلة». وجاء فيه أن «الملك سلمان أنشأ منطقة الرياض، ووضع حجر أساس المناطق الصناعية، وأمر بتوسعة جديدة للحرمين الشريفين.. والمملكة في عهده دخلت عصر التقدم والتكنولوجيا».
وفي 41 صفحة بالصور تناول العدد التذكاري لـ«دار الهلال» لمحة تاريخية عن حياة خادم الحرمين الشريفين والمناصب التي شغلها لخدمة المملكة، والمشروعات التي قام بافتتاحها، حيث دشن متحف تاريخ العلوم والتقنية في الإسلام، وخصص مليار ريال للأعمال الإغاثية والإنسانية، وأجاز الملك سلمان التوسعة الثالثة للحرمين الشريفين لرفع طاقة المسجد الاستيعابية لأكثر من 2.3 مليون مصل للفرض الواحد و105 آلاف طائف بالكعبة الشريفة في الساعة الواحدة، ودشن أيضا أنفاق المشاه وعددها خمسة، وكذلك مجمع الخدمات المركزية، وتضمن الفصل صورا نادرة للملك سلمان مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وصورا نادرة للحرم المكي.
وتنتهي صفحات العدد التذكاري بطموحات زيارة الملك سلمان لمصر.. كما رصد العدد التذكاري مواقف متعددة من بينها مقالات الملك عبد العزيز في مجلة «المصور»، ودور الملك فيصل في معركة البترول 1973، وتطوع الأمراء سلمان وفهد وفيصل وترك للدفاع عن بورسعيد في 1956.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.