هل يمكن العثور على مساكن بأسعار مناسبة في نيويورك؟

مشروعات إعادة إحياء الضواحي القديمة تثبت أنها مربحة للجميع

مشروع أرفيرن فيو على خليج روكاويز بولاية نيويورك (نيويورك تايمز)
مشروع أرفيرن فيو على خليج روكاويز بولاية نيويورك (نيويورك تايمز)
TT

هل يمكن العثور على مساكن بأسعار مناسبة في نيويورك؟

مشروع أرفيرن فيو على خليج روكاويز بولاية نيويورك (نيويورك تايمز)
مشروع أرفيرن فيو على خليج روكاويز بولاية نيويورك (نيويورك تايمز)

كان إعصار ساندي بمثابة القشة الأخيرة بالنسبة للكثير من سكان مشروع «أوشن فيلاج»، وهو المشروع السكني على خليج روكاويز بولاية نيويورك الأميركية. كان المشروع يُعتبر من أفضل المشروعات المعمارية عند افتتاحه أول مرة في عام 1972، ومن ثم تحول ذلك المشروع المطل على شاطئ البحر، الذي يضم العمائر الشاهقة والمنازل المكونة من أربعة طوابق، على مر السنين، إلى ضحية لسوء الإدارة والجريمة والتحلل. أغرق إعصار ساندي المنازل بالمياه، وأصبح المستأجرون الفقراء محرومين من الكهرباء والمياه الساخنة.. وحاول السكان الفرار، فقط أولائك الذين تمكنوا من ذلك بالفعل.
قمتُ بزيارة المشروع من وقت ليس بالبعيد، وهو يحمل اسم كريستند أرفيرن فيو، والمكان هو من المواقع التي لا يمكن التعرف عليها بسهولة، ولقد عاد الناس للسكنى في تلك الشقق مجددًا. وتم تجديد الممرات، والمطابخ، والحمامات، وأنظمة الكهرباء، وافتتحت الردهات بالنوافذ الكبيرة، وتم تثبيت الجدران المضادة للمياه، وجرى تحديث الحدائق، مع متنزهات موسعة مطلة على الشاطئ، وتم تركيب لوحات جديدة للطاقة الشمسية ذات كفاءة عالية من حيث استخدام الطاقة على واجهات المباني، وانخفضت بسبب ذلك فواتير الطاقة بنسبة 30 في المائة.
فما الذي حدث؟ أبرم المالك الجديد، شركة «إل أند إم للتطوير العقاري والإسكان المدعم»، صفقة لشراء المباني بعد أسبوعين من كارثة الإعصار، حيث كانت ثلث الشقق السكنية في مشروع «أوشن فيلاج» شاغرة، والبالغ إجمالي عدد الشقق فيه 1093 شقة. ولقد ضخت الشركة العقارية الجديدة المالكة للمشروع مبلغ 60 مليون دولار في أعمال التجديد والتحديث.
شعر السكان الذين يعتمدون على الإعانات الحكومية بالقلق بسبب احتمال مواجهة موجة جديدة من الإيجارات المرتفعة أو إجبارهم على المغادرة. ولقد أكدت لهم شركة «إل أند إم للتطوير العقاري» أنهم بإمكانهم الاحتفاظ بمساكنهم ومن دون زيادة في قيمة الإيجار. وإليكم الصفقة الجديدة: سوف تستعيد الشركة أموالها مرة أخرى من خلال الأموال الفيدرالية بصورة جزئية، التي سوف تغطي الفارق بين قيم الإيجار الحالية ومعدلات السوق العقارية، إذ إن استبدال المطابخ والحمامات القديمة، وتجميل الردهات والممرات، وإعادة تنظيم أعمال الكهرباء والسباكة، ترفع جميعها من قيمة العقارات. وبعد انتهاء أعمال التجديد، تسدد الحكومة المزيد لشركة التطوير العقاري، كما يمكن لشركة «إل أند إم للتطوير العقاري» تأجير الوحدات السكنية الشاغرة وفقًا لأسعار السوق.
وكما قال رون مويليس، المؤسس المشارك لشركة «إل أند إم للتطوير العقاري»: «تنفيذ أعمال التجديدات في المباني من الاستثمارات الجيدة. والتصميمات الجيدة توحي بشعور مجتمعي فريد. حيث يشعر الناس بالفخر في المكان الذي يعيشون فيه. ويتحول ذلك إلى دورة قيمية أقل، مع رعاية السكان لممتلكاتهم بصورة أفضل».
كما يُعتبر هذا المشروع من الأدلة الواقعية على إمكانية تنفيذ مشروعات الإسكان بأسعار مناسبة في مدينة نيويورك. وهناك مثال آخر على ذلك، ألا وهو مركز هارلم الشرقي للإسكان والتعليم، الذي افتتح خلال خريف هذا العام. وعلى الجانب الغربي من الجادة الثانية، بين شارع 103 وشارع 104، يحتل المركز ما كان قبلاً موقفًا من مواقف السيارات التابع لهيئة الإسكان بمدينة نيويورك. وكان موقف السيارات متصلاً بمجمع منازل واشنطن، المشروع الذي يعود إلى عقد الخمسينات من القرن الماضي في الجوار.
وبدلاً من موقف السيارات القديم، هناك الآن مبنى سكني كبير مكون من 11 طابقًا، مع دعم حكومي مقدم إلى جميع الوحدات السكنية في العقار، الذي يخدم مزيجًا متنوعًا من المستأجرين من أصحاب الأعمال والمعاقين، وكلهم من سكان الحي نفسه. والتصميم المعماري للمبنى بسيط وعملي. ولقد تقدم ما يقرب من 77 ألف مواطن بطلبات للحصول على شقة في المبنى الذي يضم 88 وحدة سكنية فقط. ويطل المبنى السكني على مبني إداري يضم مكاتب للمنظمات غير الربحية، إلى جانب مدرسة دريم شارتر التي تبلغ مساحتها 60 ألف قدم مربع للصفوف الدراسية التمهيدية وحتى الثامن.
ومبنى المدرسة، التي تخدم 486 تلميذًا من سكان الحي، وهي أول مدرسة أهلية في حي شرق هارلم خلال الـ47 عامًا الماضية، من تصميم شركة «بيركينز ايستمان» الهندسية. وتصميم المدرسة يسمح بدخول الضوء من جميع جوانبها، مع الهواء دائم التجدد، والنوافذ الكبيرة الشفافة المطلة على مجمع منازل واشنطن وصفّ طويل من الأشجار الجميلة. كما سدد المطورون العقاريون كذلك التكاليف لافتتاح حديقة عامة بمساحة 20 ألف قدم مربع، والتي جاءت بدلاً من الأسوار الخرسانية البالية التي كانت تطل على الجادة الثانية، والتي كانت تعتبر الساحة الأمامية الفعلية للمدرسة الجديدة.
والمطورون العقاريون هم مجموعة شركات «جوناثان روز» وشركة «هارلم آر بي آي»، وهي مؤسسة تعليمية غير ربحية ذات جذور عميقة في المجتمع المحلي. ولقد بدأ العمل في المشروع في عام 2009. ولقد كانت مفاوضات الشركات مع الوكالات المدنية، والاتحادات العمالية، والسكان فعلاً شاقة. وكما هو الحال مع مشروع «كريستند ارفيرن فيو»، سمعت بنفسي ردود فعل شديدة الإيجابية بين جموع السكان في ذلك الحي. فهناك 30 موظفًا بالمدرسة من بين السكان في مباني هيئة الإسكان المحلية. وتقدم برامج ما بعد المدرسة الخدمات لأكثر من 1200 طفل من بين سكان الحي. ولقد تقابلت مع بعض من أولياء الأمور والأطفال الذين وصفوا بمنتهى التأثر والشغف فرحتهم الغامرة بالمدرسة والحديقة الجديدة.

المعايير العامة
أرست مدينة نيويورك المعايير العامة للإسكان المدعوم من قبل. ولقد شرعت المدينة في تشييد المباني وتوفير خدمات الصيانة لعشرات الآلاف من الوحدات السكنية للأسر العاملة، كما أشرفت على برامج التدريب المهني والبرامج الاجتماعية المختلفة. وتجلى ذلك كله في عوائد كبيرة على ميزانية المدينة. وانطلقت البرامج الحكومية، مثل برنامج «ميتشل لاما» و«سيكشن 8»، لتوفير الحوافز لشركات التطوير العقاري الخاصة من أجل بناء وإدارة المشروعات الإسكانية عالية الجودة ذات الدخول المنخفضة والمتوسطة. ولقد نشأت في غرينتش فيلاج، حيث صمم كل من جيمس انغو فريد و«آي إم باي» ثلاثة مبانٍ توأم من الشقق السكنية الشاهقة، ولقد خُصّص برجان من الأبراج الثلاثة لصالح عائلات العاملين في جامعة نيويورك، في حين تخصص البرج الأخير لصالح سكان برنامج ميتشل لاما لمحدودي الدخل. ولقد كانت تلك المباني مثار كراهية وسخط الكثير من سكان غرينتش فيلاج، ولكن كما كان الحال في ذلك الحي آنذاك، كان المشروع يجسد قيم المساواة، والانفتاح، والتجديد.

حلول المشكلات المزمنة
تُعتبر غرينتش فيلاج في الوقت الحالي ملعبًا مفتوحًا للثروات المتدفقة، إذ إن الوحدات السكنية ذات الدعم الحكومي في مختلف أرجاء البلدة تحولت إلى شقق سكنية بإيجارات توازي سعر السوق ووحدات سكنية صغيرة بأكثر مما يمكن لمجلس المدينة أن يشيد من وحدات سكنية بأسعار معقولة أو مجرد الحفاظ على الوحدات الحالية وصيانتها. ليس هناك من أموال في خزينة هيئة الإسكان بمدينة نيويورك. وتتطلب العقارات التابعة لها، التي تواجه خطر الشيخوخة، ما يقرب من 17 مليار دولار من الإصلاحات والتجديدات.
ولقد كانت إدارة «بلومبيرغ» متأخرة في التفكير في الاستحواذ على بعض من مواقف السيارات غير المستعملة التابعة لهيئة الإسكان بالمدينة لتنفيذ مشاريع التطوير العقاري للمساعدة في توفير الأموال، ولكن السياسيين قاموا بأعمال رديئة، من حيث تفسير الخطة الجديدة للمستأجرين، الذين، كما كان متوقعًا، كانوا على شفا الانفجار. وكما قالت شولا أولاتوي، رئيسة هيئة الإسكان بمدينة نيويورك حاليًا تحت إدارة بيل دي بلاسيو عمدة المدينة: «بعد عقود من الوعود الوهمية، أصبح هناك أزمة ثقة عميقة حيال الحكومة، واعتقاد راسخ بأن المضاربين لا يأتون إلا من أجل الاستيلاء على الأراضي».
وأضافت تقول: «ما يحتاج إليه السكان، بخلاف الكلمات الجوفاء، دليل على المفهوم الجديد المطروح».
وهنا تظهر قصص النجاح المعتبرة مثل مشروع كريستند ارفيرن فيو ومركز هارلم الشرقي. فكلا المشروعين من أعمال شركات التطوير العقاري الخاصة، التي أتيحت للجمهور من خلال حزم الحوافز الضريبية وغير ذلك من البرامج الممولة من قبل الحكومة. ولقد كانت السيدة أولاتوي نائبة رئيس شركة «إنتربرايز كوميونتي بارترنرز»، وهي من شركات خدمات الاستثمار العقاري، عندما كانت تلك الشركة تشرف على المشاريع في مركز هارلم الشرقي. ولذا، فهي تعرف تمامًا مثل أي شخص آخر الدروس المستفادة من تلك المشاريع.
وأخبرني ريتش برلين، المدير التنفيذي لشركة هارلم «آر بي آي» أن هناك عددًا قليلاً من المشروعات الكبيرة والواضحة في ذلك المجال، كما يعتقد. فقبل الشروع في أعمال البناء، يتشاور المطورون العقاريون مع السكان الذين قد يتأثرون بأعمال البناء الجديدة، ويستمعون لما يريدونه بالضبط، ويتم بناء التوافق في الآراء بعد ذلك. وقال السيد برلين أن شركة «هارلم آر بي آي» إلى جانب شركات جوناثان روز أمضت السنوات الطويلة في التفاوض مع مجموعات تمثيل المستأجرين، والمنظمات المحلية في المجتمع، وغرف التجارة المحلية، وأنصار الحدائق العامة، والمسؤولين المنتخبين، وسكان الوحدات المدعومة حكوميًا، وأضاف يقول: «لقد أنشأنا نواة من أصحاب المصالح الحقيقيين».
يحافظ كلا المشروعين على الفرق الإدارية دائمًا في الموقع، للإشراف على العقارات، يومًا بيوم. لم يتفاخر أي من المشروعين بالتصميمات الجديدة، ولكن في كلتا الحالتين، اهتم المهندسون المعماريون بتوفير الطاقة، وتحسين الحي والجوار، ونشر الكرامة واحترام الإنسانية والمرح. إن ذلك يعتبر دليلاً واضحًا على مفاهيم المستأجرين المتشككين الخاطئة - المعتادين على الخيانة وكسر الوعود المبرمة من قبل الحكومة، مما أدى إلى عنادهم للتخلي عن مواقف السيارات أو أي شيء آخر في مقابل أن التغيير سوف يكون جيدًا ويعود عليهم بالخير.

أكثر من مجرد مسكن
وكما هو الحال في مركز هارلم الشرقي، يمكن للتغيير أن يأتي بما هو أكثر من الوحدات السكنية الجديدة. فالأحياء في حاجة إلى المدارس والحدائق، وليس لمجرد الشقق، بعد كل شيء. وهم يعتمدون على التخطيط الجيد. وهو ما يكسبهم ثقة الجمهور في نهاية المطاف. ولقد خاضت مشروعات الإسكان لمحدودي الدخل الخاصة بالسيد بلاسيو عمدة نيويورك في مواجهة الرياح المعاكسة بسبب أنها لا تنشأ من الخطط المتكاملة التي تعكس كيفية عمل الأحياء الفقيرة في المدينة وما تريده تلك المجتمعات فعلاً. وحسبما أفاد، فإن العمدة وموظفيه يتحدثون الآن بلهجة أكثر شمولية حول تلك الأحياء، والبنية التحتية، والتصميمات.
وقد يحاول الرجل أيضًا الارتقاء فوق مستوى السياسات؛ فلقد بدأ العمل في مركز هارلم الشرقي في ولاية عمدة المدينة السابق. ومدرسة دريم ليست إلا ميثاقًا من مواثيق السياسة التي يواجه بها السيد بلاسيو مواثيق أخرى مناوئة.
كما أن العمدة لم يحضر حفل افتتاح المركز في خريف هذا العام كذلك، ولم يقم بزيارته حتى الآن.. ولكنه يجب عليه أن يعاود التفكير في الأمر مليًا.

* خدمة «نيويورك تايمز»



هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»