اتهامات للحكومة العراقية بقصف الفلوجة بالبراميل المتفجرة بدلاً من إغاثة سكانها

مجلس الأنبار: مواد إغاثة جاءت من الخارج سابقًا أصابها التلف في مخازن الدولة

إطفائي في موقع انفجار سيارة مفخخة في البصرة أمس (رويترز)
إطفائي في موقع انفجار سيارة مفخخة في البصرة أمس (رويترز)
TT

اتهامات للحكومة العراقية بقصف الفلوجة بالبراميل المتفجرة بدلاً من إغاثة سكانها

إطفائي في موقع انفجار سيارة مفخخة في البصرة أمس (رويترز)
إطفائي في موقع انفجار سيارة مفخخة في البصرة أمس (رويترز)

مع ازدياد المخاوف من حدوث كارثة إنسانية في مدينة الفلوجة ومخاطر الموت الجماعي الذي يهدد حياة أكثر من 105 آلاف شخص محاصرين داخل المدينة ويتضورون جوعًا بينما تتواصل عمليات القصف الجوي والمدفعي من قبل القوات الحكومية على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، تحيط مشاهد الموت بالأهالي المحاصرين حصارًا مزدوجًا من كل جانب وبين مطرقة نيران القوات الحكومية وسندان جرائم تنظيم داعش يسقط عشرات الضحايا من سكان المدينة بينما يخطف الموت جوعًا أعدادا أخرى منهم وسط صمت حكومي غريب وعجيب.
عضو مجلس محافظة الأنبار راجع بركات قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع المأساوي والكارثي الذي تشهده مدينة الفلوجة أصبح الشغل الشاغل للرأي العام العالمي وتتناقله كل وسائل الإعلام في العالم بينما تقف الحكومة العراقية مكتوفة الأيدي جراء ذلك رغم مطالبتنا ومناشدتنا لها بمعالجة الوضع الكارثي الذي يتسبب بموت العشرات من أبناء المدينة بشكل يومي». وأضاف بركات «كنا نستعد ونتناقش في كيفية إيصال المساعدات الغذائية للمحاصرين داخل مدينة الفلوجة وطلبنا من الحكومة أن تقوم بإلقاء تلك المساعدات جوا، حيث من المتوقع أن تصل مساعدات غذائية وطبية خلال الأيام القليلة المقبلة من المملكة العربية السعودية الشقيقة ومن دول ومنظمات إنسانية، لكننا فوجئنا بأن الطائرات والمروحيات شنت عمليات قصف جوي وبالبراميل المتفجرة على الأحياء السكنية المكتظة بالسكان وتسبب القصف في مقتل أكثر من خمسين شخصا بينهم نساء وأطفال، فكان هذا القصف الوحشي للأبرياء كرد على مطالبنا بإغاثة أهلنا الذين يواجهون إبادة جماعية جراء مواقفهم البطولية وتصديهم للمحتل».
وأشار بركات إلى أن «عائلات محاصرة في الفلوجة قررت الانتحار وهناك جثث لسكان المدينة تم انتشالها من نهر الفرات المحاذي للمدينة، وهناك حالات لوفاة العشرات جراء تناولهم الأعشاب والحشائش لسد الجوع، مع ارتفاع نسبة الوفيات بين الأطفال وكبار السن. وهناك أكثر من 90 شخصا فارقوا الحياة في الأسبوع الماضي، مع تسجيل خمس حالات انتحار لنساء عجزن عن توفير الغذاء لأطفالهن، لذا قمنا بتشكيل وفد من أعضاء مجلس محافظة الأنبار وشخصيات عشائرية لزيارة مقر السفارة الأميركية في بغداد وقدمنا شرحا مفصلا عن الأوضاع الإنسانية الكارثية في الفلوجة، وشدد الوفد على أهمية تدخل قوات التحالف الدولي في عملية التحرير، وإنقاذ المدنيين العزّل المحاصرين هناك».
وأكد بركات «إن المساعدات التي سترسلها الدول والمنظمات الإنسانية من أجل إغاثة أهالي مدينة الفلوجة سوف تذهب حتمًا إلى مخازن الحكومة المركزية وسوف يصيبها التلف كما أصاب المواد المرسلة سابقًا ولن تصل إلى الفلوجة».
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار فالح العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن «تدهور الأوضاع الإنسانية في الفلوجة سببه تنظيم داعش الإرهابي الذي يسيطر بشكل كامل على المدينة ويمنع أهلها من الخروج منها والتوجه عبر الممرات الآمنة التي وفرتها القوات الأمنية لهم». وأضاف العيساوي «إن إنهاء معاناة أهلنا في الفلوجة لن يكون عبر إلقاء المساعدات الغذائية والطبية عن طريق الجو لكون هذه العملية ليست بالأمر الهيّن خاصة أن عدد المواطنين المحاصرين داخل الفلوجة يفوق 100 ألف شخص وهو ما يحتاجُ إلى طلعات جوية مكثفة وهذا شبه مستحيل، بسبب أن مسلحي تنظيم داعش الإرهابي سوف يستهدفون تلك الطائرات التي ستحتاج حتمًا إلى التحليق مسافات قريبة من الأرض، وهذا سيعرضها وطاقمها للخطر».
من جانب آخر، أعلنت جمعية الهلال الأحمر العراقية عن استعدادها لإيصال المساعدات الغذائية إلى جميع المناطق الساخنة ومنها مدن الأنبار، وقال المتحدث الإعلامي بلسان الجمعية محمد الخزاعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «جمعية الهلال الأحمر العراقي سعت منذ سيطرة تنظيم داعش على مدن ومناطق محافظة الأنبار غلى تقديم المساعدات للنازحين عبر نصب العشرات من المخيمات في أماكن متعددة وقدمت المساعدات الغذائية والطبية عبر إقامة الكثير من المطابخ في المخيمات وتقديم الإسعافات الطبية والعلاجية من خلال الفرق الطبية المتمركزة في المخيمات وأخرى جوالة».
وأضاف الخزاعي «إن الجمعية مستعدة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية لجميع الأماكن الساخنة ومنها مدن الأنبار، لكننا نعاني من نقص هائل في المواد الإغاثية حيث توقف الدعم المالي المخصص من قبل الحكومة العراقية للجمعية منذ نحو عامين، ونعتمد الآن على المساعدات الغذائية والطبية والمواد الإغاثية المقدمة لنا عبر الجمعيات الإنسانية والمنظمات الدولية». وأشار الخزاعي إلى أن «هناك مساعدات إغاثية تصل إلى الحكومة وتذهب إلى مخازن الدولة، ونحن لم نتلق أي شيء منها، حيث تقوم وزارة الهجرة والمهجرين واللجنة العليا لإغاثة النازحين مسؤولية توزيع تلك المساعدات».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».