الجزائر: خليل يعلن عدم رغبته في متابعة المخابرات المتهم بـ«تلفيق» تهمة الفساد ضده

انتقادات حادة لتنظيم صوفي احتفل بعودته إلى البلاد

الجزائر: خليل يعلن عدم رغبته في متابعة المخابرات المتهم بـ«تلفيق» تهمة الفساد ضده
TT

الجزائر: خليل يعلن عدم رغبته في متابعة المخابرات المتهم بـ«تلفيق» تهمة الفساد ضده

الجزائر: خليل يعلن عدم رغبته في متابعة المخابرات المتهم بـ«تلفيق» تهمة الفساد ضده

تعرض تنظيم صوفي جزائري، تموله الحكومة، لانتقادات شديدة بسبب احتفاله بعودة وزير الطاقة السابق شكيب خليل إلى البلاد، بعد 3 سنوات من إصدار مذكرة اعتقال دولية بحقه، لاتهامه بتلقي رشى وعمولات في صفقات مع شركة إيطالية، تخص مجال المحروقات.
وتحدث خليل لأول مرة عن هذه القضية، إذ صرح لفضائية جزائرية خاصة بأنه «تعرض لتلفيق التهمة»، وكتب عبد الرزاق مقري رئيس الحزب الإسلامي الأبرز في البلاد، «حركة مجتمع السلم»، بصفحته بـ«فيسبوك»، أمس، تعليقا على انتشار صور الاحتفال بخليل في «زاوية بنهار» لتعليم القرآن في الجلفة (600 كلم جنوب العاصمة): «عندما نرى زاوية من الزوايا تفعل ما فعلت مع شكيب خليل، نتذكر عهد الاستعمار الفرنسي ونفهم كل شيء. نتذكر حينما سيطرت فرنسا على بعض الطرق الصوفية التي وقفت في وجهها وقوف الأبطال، جهادا في سبيل الله وحماية للوطن فدجنت بعضها (وحاشا أغلبها) وأصبحت تضعها في الواجهة لتسخرها في السيطرة المعنوية على الجزائريين البسطاء».
وأضاف: «حينما نرى هذه الصورة الكاريكاتورية التي ظهر عليها شكيب خليل داخل الزاوية، نتذكَر بدهشة الزيارات المكثفة للمسؤولين الفرنسيين لبلادنا في الفترة الأخيرة، فيكتمل المشهد وكأن فرنسا الاستعمارية الرأسمالية عادت وأخرجت من سجلاتها أدواتها وأساليبها القديمة، تكررها لعلها تنجح هذه المرة في حالة من الازدراء والاحتقار للجزائريين لا يعلم ردود أفعالها في المجتمع الجزائري، إلا الله. نسأل الله العافية». يشار إلى أن الزاوية القرآنية احتفلت بخليل مساء أول من أمس، بحضور مكثف للصحافة، ما ترك الانطباع بأن الاحتفال تم بإيعاز من السلطات.
وخلَفت مشاهد مسؤولي الزاوية وهم يحتفون به، سخطا في شبكة التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية للصحف المحلية، حيث عرف الموضوع تفاعلا حادا من جانب القرَاء. ولكثرة الحديث عن «فساد شكيب خليل»، خلال السنتين الأخيرتين في الأوساط السياسية والإعلامية، تكرست لدى الجزائريين قناعة بأنه يتحمل لوحده مسؤولية سوء أوضاع البلاد اقتصاديا واجتماعيا.
وعاد خليل إلى الجزائر قبل شهر، من مكان إقامته بالولايات المتحدة الأميركية، وسط جدل حاد حول مصير مذكرة الاعتقال التي طالت أيضا زوجته وولده. وقبل عودته بأشهر، اتهم عمار سعداني أمين عام حزب الأغلبية «جبهة التحرير» الوطني، جهاز المخابرات بـ«تلفيق» تهمة الفساد ضد خليل. وعزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رئيس المخابرات الجنرال محمد مدين، العام الماضي، بسبب تحقيقات أجريت حول الفساد في قطاع النفط، أفضت إلى اتهام خليل. كان ذلك في 2013، ووقتها كان خليل غادر الحكومة. ويعد سعداني من أشد الموالين للرئيس، أما خليل فهو صديق الطفولة بالنسبة لبوتفليقة.
وقال وزير الطاقة السابق في مقابلة مع قناة تلفزيونية خاصة، جرت بعد مغادرته «زاوية بنهار»، إنه لا يعتزم متابعة المخابرات قضائيا بعدما اتضح أن تهمة الفساد غير صحيحة. وقال بهذا الخصوص: «من هو الخاسر في هذه القضية؟ إنها سمعة الجزائر بكل تأكيد ولست أنا. إنني أنظر إلى المستقبل، ينبغي طي هذه الصفحة وأنا مستعد للمساعدة». وفهم كلامه على أنه سيعود إلى المسؤولية في الحكومة، ربما هذه المرة كرئيس للوزراء في ظل الحديث عن «تغيير حكومي وشيك».
وبخصوص أملاكه العقارية التي تمت مصادرتها، بعد إصدار مذكرة توقيفه، والتي استعادها منذ شهرين، قال: «كل أملاكي سواء في بلادي أم في الخارج، اشتريتها من أموالي التي جنيتها من عملي بالبنك الدولي مدة 20 سنة، ومن عملي بالجزائر في قطاع المحروقات خلال سبعينات القرن الماضي، زيادة على شغلي برئاسة الجمهورية». وعدَ رجوعه إلى الجزائر «تضحية مني إذ بإمكاني العمل بالولايات المتحدة الأميركية أو في أي دولة أخرى، كمستشار في شؤون النفط».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.