الأنبار المحافظة التي طردت القاعدة فدمرها «داعش»

نائب المحافظة الفارسي: يجب أن يعلم العالم حجم الكارثة فيها

جندي من الجيش العراقي يعاين سيارة محترقة حيث استعادت القوات الحكومية مناطق عدة قرب هيت غرب بغداد (أ.ف.ب)
جندي من الجيش العراقي يعاين سيارة محترقة حيث استعادت القوات الحكومية مناطق عدة قرب هيت غرب بغداد (أ.ف.ب)
TT

الأنبار المحافظة التي طردت القاعدة فدمرها «داعش»

جندي من الجيش العراقي يعاين سيارة محترقة حيث استعادت القوات الحكومية مناطق عدة قرب هيت غرب بغداد (أ.ف.ب)
جندي من الجيش العراقي يعاين سيارة محترقة حيث استعادت القوات الحكومية مناطق عدة قرب هيت غرب بغداد (أ.ف.ب)

في عام 2006 وفي وقت كان تنظيم القاعدة قد نجح في تقطيع أوصال الدولة العراقية بعد احتلاله محافظة الأنبار، وتمدده حتى جنوب بغداد عبر ما عرف بـ«مثلث الموت» بين محافظتي بغداد وبابل، تمكنت عشائر الأنبار وبمساعدة لوجيستية من قبل الأميركيين على عهد قائد القوات الأميركية في العراق آنذاك ديفيد بترايوس من تكوين تحالف عشائري تمكن من طرد هذا التنظيم عبر ما سمي بقوات «الصحوة».
وفيما تمكنت قوات الصحوات من بسط سيطرتها على كل مناطق المحافظة الأمر الذي أدى إلى هروب زعيم التنظيم آنذاك مصعب الزرقاوي من معقله في الأنبار إلى محافظة ديالى القريبة من بغداد (65 كم شرق العاصمة بغداد) ومن ثم مقلته في غارة أميركية، فإن الأوضاع سرعان ما تغيرت بعد سنوات حيث بدأت الأنبار وكأنها تدفع ثمن طردها لداعش عبر اتباع سياسات تهميش وإقصاء متعمد من وجهة نظر مسؤولي وممثلي المحافظة في البرلمان والحكومة العراقية. وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية عن محافظة الأنبار حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السياسات التي اتبعتها الحكومة السابقة (حكومة نوري المالكي) وعدم تعاملها بشكل صحيح مع قضية التظاهرات هناك كان هو السبب فيما حصل من تمدد داعش» مشيرا إلى أن «الاحتجاجات التي شهدتها الأنبار ومحافظات أخرى لم تتسم بطابع طائفي، بل تهدف إلى إصلاح العملية السياسية، مشيرا إلى أن «الملفات المتراكمة التي لم يتم حلها من قبل الحكومة أسهمت في تأجيج الاستياء الشعبي». وأوضح المطلك أن «هؤلاء الناس يريدون أن يكون هناك تغيير في طريقة عمل الحكومة، وتوفير الخدمات، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإلغاء الطائفية، وإيقاف انتهاك حقوق الإنسان». وفي عام 2014 حيث تمكن تنظيم داعش من احتلال الموصل ومن ثم تمدد باتجاه محافظتي صلاح الدين والأنبار بعد أن كان قد احتل الفلوجة القريبة من بغداد (56 كم غرب العاصمة) منذ يناير (كانون الثاني) «كانون الثاني» عام 2014 فإنه واجه مقاومة صعبة من أهالي الأنبار الذين يملكون ثأرا معه، وهو ما انعكس على سير المعارك التي حصلت خلال الشهور الثلاثة الماضية، حيث شهدت مدن الأنبار النسبة الكبرى من الدمار فيها.
وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فارس الفارس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب الرئيس الذي جعل البرلمان يتخذ قراره بالتصويت على جعل الأنبار محافظة منكوبة هو الأصوات التي جمعناها نحن داخل البرلمان وعددنا 60 نائبا من كتل مختلفة من أجل ذلك لكي نعرف العالم بحجم المأساة التي تعانيها الأنبار وما حصل فيها من دمار واسع طال كل شيء». وعن حجم الضرر والتدمير قال الفارس أن «النسب تتراوح بين 40% في بعض المناطق إلى ما يزيد على الـ 80 في المائة في مناطق أخرى، لا سيما مركز مدينة الرمادي الذي طاله تدمير شبه شامل».
وأوضح أن «التدمير كان بسبب الأعمال الإرهابية وكذلك الأعمال العسكرية حيث شمل الطرق والجسور والمباني والدور والمنشآت فضلا عن المؤسسات الخاصة بالكهرباء والماء والصرف الصحي وغيرها».
وأكد الفارس أن «المشكلة التي نعانيها هي أن الحكومة العراقية لا تملك الإمكانيات التي من شأنها تحقيق، ولو الحد الأدنى من إسعاف الناس، وهو ما يجعلنا في وضع نحتاج فيه إلى وقفة إنسانية جادة». ومحافظة الأنبار الواقعة غرب البلاد تعد أكبر محافظات العراق مساحة حيث تشكل ما يعادل 1 / 3 من مساحة العراق. تبلغ مساحتها 138، 500 كم مربع، ويبلغ إجمالي عدد سكانها مليونا و600 ألف نسمة (إحصاء 12 يناير 2014». وطبقا للإحصائيات الرسمية فإن هجمات تنظيم داعش في العراق أدت إلى تدمير أكثر من 1500 مدرسة في محافظة الأنبار بالإضافة إلى أكثر من 120 جسرا، فضلا عن المباني والمنشآت الحكومية والخاصة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.