في عام 2006 وفي وقت كان تنظيم القاعدة قد نجح في تقطيع أوصال الدولة العراقية بعد احتلاله محافظة الأنبار، وتمدده حتى جنوب بغداد عبر ما عرف بـ«مثلث الموت» بين محافظتي بغداد وبابل، تمكنت عشائر الأنبار وبمساعدة لوجيستية من قبل الأميركيين على عهد قائد القوات الأميركية في العراق آنذاك ديفيد بترايوس من تكوين تحالف عشائري تمكن من طرد هذا التنظيم عبر ما سمي بقوات «الصحوة».
وفيما تمكنت قوات الصحوات من بسط سيطرتها على كل مناطق المحافظة الأمر الذي أدى إلى هروب زعيم التنظيم آنذاك مصعب الزرقاوي من معقله في الأنبار إلى محافظة ديالى القريبة من بغداد (65 كم شرق العاصمة بغداد) ومن ثم مقلته في غارة أميركية، فإن الأوضاع سرعان ما تغيرت بعد سنوات حيث بدأت الأنبار وكأنها تدفع ثمن طردها لداعش عبر اتباع سياسات تهميش وإقصاء متعمد من وجهة نظر مسؤولي وممثلي المحافظة في البرلمان والحكومة العراقية. وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف الوطنية عن محافظة الأنبار حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السياسات التي اتبعتها الحكومة السابقة (حكومة نوري المالكي) وعدم تعاملها بشكل صحيح مع قضية التظاهرات هناك كان هو السبب فيما حصل من تمدد داعش» مشيرا إلى أن «الاحتجاجات التي شهدتها الأنبار ومحافظات أخرى لم تتسم بطابع طائفي، بل تهدف إلى إصلاح العملية السياسية، مشيرا إلى أن «الملفات المتراكمة التي لم يتم حلها من قبل الحكومة أسهمت في تأجيج الاستياء الشعبي». وأوضح المطلك أن «هؤلاء الناس يريدون أن يكون هناك تغيير في طريقة عمل الحكومة، وتوفير الخدمات، وتوفير فرص العمل، وتعزيز الوحدة الوطنية، وإلغاء الطائفية، وإيقاف انتهاك حقوق الإنسان». وفي عام 2014 حيث تمكن تنظيم داعش من احتلال الموصل ومن ثم تمدد باتجاه محافظتي صلاح الدين والأنبار بعد أن كان قد احتل الفلوجة القريبة من بغداد (56 كم غرب العاصمة) منذ يناير (كانون الثاني) «كانون الثاني» عام 2014 فإنه واجه مقاومة صعبة من أهالي الأنبار الذين يملكون ثأرا معه، وهو ما انعكس على سير المعارك التي حصلت خلال الشهور الثلاثة الماضية، حيث شهدت مدن الأنبار النسبة الكبرى من الدمار فيها.
وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار فارس الفارس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «السبب الرئيس الذي جعل البرلمان يتخذ قراره بالتصويت على جعل الأنبار محافظة منكوبة هو الأصوات التي جمعناها نحن داخل البرلمان وعددنا 60 نائبا من كتل مختلفة من أجل ذلك لكي نعرف العالم بحجم المأساة التي تعانيها الأنبار وما حصل فيها من دمار واسع طال كل شيء». وعن حجم الضرر والتدمير قال الفارس أن «النسب تتراوح بين 40% في بعض المناطق إلى ما يزيد على الـ 80 في المائة في مناطق أخرى، لا سيما مركز مدينة الرمادي الذي طاله تدمير شبه شامل».
وأوضح أن «التدمير كان بسبب الأعمال الإرهابية وكذلك الأعمال العسكرية حيث شمل الطرق والجسور والمباني والدور والمنشآت فضلا عن المؤسسات الخاصة بالكهرباء والماء والصرف الصحي وغيرها».
وأكد الفارس أن «المشكلة التي نعانيها هي أن الحكومة العراقية لا تملك الإمكانيات التي من شأنها تحقيق، ولو الحد الأدنى من إسعاف الناس، وهو ما يجعلنا في وضع نحتاج فيه إلى وقفة إنسانية جادة». ومحافظة الأنبار الواقعة غرب البلاد تعد أكبر محافظات العراق مساحة حيث تشكل ما يعادل 1 / 3 من مساحة العراق. تبلغ مساحتها 138، 500 كم مربع، ويبلغ إجمالي عدد سكانها مليونا و600 ألف نسمة (إحصاء 12 يناير 2014». وطبقا للإحصائيات الرسمية فإن هجمات تنظيم داعش في العراق أدت إلى تدمير أكثر من 1500 مدرسة في محافظة الأنبار بالإضافة إلى أكثر من 120 جسرا، فضلا عن المباني والمنشآت الحكومية والخاصة.
الأنبار المحافظة التي طردت القاعدة فدمرها «داعش»
نائب المحافظة الفارسي: يجب أن يعلم العالم حجم الكارثة فيها
الأنبار المحافظة التي طردت القاعدة فدمرها «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة