الرواية الكاملة لاقتحام مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت

هجوم مباغت بدأ بالتخويف.. وانتهى بالتهديد والوعيد

الرواية الكاملة لاقتحام مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت
TT

الرواية الكاملة لاقتحام مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت

الرواية الكاملة لاقتحام مكتب «الشرق الأوسط» في بيروت

انجلى مشهد الخراب الذي حلّ بمكتب «الشرق الأوسط» في بيروت أمس بعد ساعات على «غزوة» شبان يُعرّفون عن أنفسهم بأنهم من الحراك المدني. الصحف والأوراق مبعثرة في أرجاء المكتب، والكراسي انقلبت رأسًا على عقب. لم يخلّف اقتحام المكتب سوى العبث بمحتوياته وسرعان ما بدأت لملمته، تأكيدا على أن «الهمجية» التي قوبلنا بها، لن تثنينا عن العمل ومتابعة الأحداث اليومية، ولن تؤثر بتاتًا على «استمرار علاقة (صحيفة العرب الدولية) بقرائها الأعزاء في لبنان»، كما جاء في البيان الصادر بعد التعرض للاعتداء.
قبل الهجوم على مكتب الجريدة، كانت حملة في مواقع التواصل الاجتماعي، نشطت ضد الصحيفة، مطالبة بـ«إغلاق مكتب (الشرق الأوسط)» في بيروت. انخرط كثيرون بها، قبل أن تتحول الحملة إلى خطوة عملية مساء.
كان الهجوم مساء الجمعة مباغتًا. ثمانية أشخاص، بعضهم معروفون بالوجه والاسم، خرجوا من المصعد، ويحمل اثنان منهم هواتف نقالة تصوّر العملية مباشرة. سألوا عن مكتب الجريدة، واقتحموا المكان.
كنا أربعة أشخاص لا نزال في المكتب لحظة الاقتحام. ففي المساء، يكون الجميع قد أوشك على الانتهاء من عمله، ويبقى شخص أو اثنان لمتابعة أي حدث مفاجئ. خرجنا إلى باحة المكتب لاحتوائهم، ومنعهم من الدخول إلى داخل المكتب، بينما بقيت زميلتان تعملان في قسم الترجمة للغة الإنجليزية في الداخل، وقد بدت ملامح الخوف والقلق والتوتر عليهما.
التوجه لسؤال المقتحمين عن هدفهم، لا يجدي نفعًا هنا. فهم جاءوا بمهمة التخويف والترهيب والتكسير والعبث، وانتزاع مواقف من الموظفين تحت ضغط القوة والتخويف. تعاطوا بغوغائية، ووثقوا فعلتهم بكاميرات هواتفهم بغرض نشرها لاحقًا في مواقع التواصل الاجتماعي.
وكنا، لحظة «غزو» مكتب «الشرق الأوسط» أمام تحديين، الأول: منعهم من الدخول إلى داخل المكتب، والثاني يتمثل في تجنب أي صدام مباشر معهم، وبالتالي إسقاط أي ذريعة لهم لاستخدام العنف. من هنا، تم حثهم على الخروج من المكتب، واللجوء إلى المؤسسات الرسمية القانونية في حال كانوا يحتجون على رسم الكاريكاتير الذي أوضحت «الشرق الأوسط» في بيانها أنه «فُسّر من قبل البعض بصورة خاطئة».
غير أن المهاجمين، كانوا مصرين على العبث. اندفع اثنان منهم إلى داخل المكتب بالقوة، وبدءا بالعبث بمحتوياته وتخريبه. ولم تنفع كل محاولات ردعهما ومنعهما، قبل أن يغادروا جميعًا المكتب بالطريقة التي دخلوا بها، مستخدمين عبارات التهديد والوعيد.
استغرق الهجوم نحو عشر دقائق من بث الرعب والتخويف. وبعد مغادرتهم، انجلى المشهد على خراب عاثوه في المكتب. وثقوا بعض ما فعلوه، ونحن بدورنا وثقنا بالصورة، قدر المستطاع، عمليات التخريب التي ننشرها حصريًا.
وكانت «الشرق الأوسط» أسفت للغط الدائر حول الكاريكاتير المنشور في عددها الصادر أول من أمس، والذي فسر من قبل البعض بصورة خاطئة. وأكدت «الشرق الأوسط» احترامها للبنان، مشيرة إلى أن الكاريكاتير كان يهدف للإضاءة على الواقع الذي تعيشه الدولة كبلد يعيش كذبة كبيرة سببها محاولات الهيمنة عليه وإبعاده عن محيطه العربي.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.