«العربية» تغلق مكتبها في لبنان بسبب «الظروف الصعبة على الأرض»

الجراح عضو كتلة المستقبل لـ «الشرق الأوسط» : باسيل يأخذ البلد إلى منزلقات خطيرة

«العربية» تغلق مكتبها في لبنان بسبب «الظروف الصعبة على الأرض»
TT

«العربية» تغلق مكتبها في لبنان بسبب «الظروف الصعبة على الأرض»

«العربية» تغلق مكتبها في لبنان بسبب «الظروف الصعبة على الأرض»

أقفلت قناتا «العربية» و«الحدث» مكاتبهما في بيروت أمس، من غير أن تتخلى عن تغطية الشأن اللبناني، وذلك على خلفية ما قالت قناة «العربية» إنه عائد إلى «الظروف الصعبة والتحديات الموجبة على الأرض وحرصا من قناة العربية على سلامة موظفيها». ويأتي هذا القرار في ذروة الأزمة التي يعاني منها لبنان مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال صحافيان يعملان في مكتب القناة في بيروت إن الإدارة أغلقت المكاتب التابعة لها في العاصمة اللبنانية، وسرّحت 27 موظفا يعملون فيها. ووصفت القناة، في بيان صدر لاحقًا، الخطوة بأنها إعادة هيكلة فرضتها «التحديات الموجبة على الأرض» وقلقها على سلامة موظفيها. وجاء في البيان: «نظرا للظروف الصعبة والتحديات الموجبة على الأرض وحرصا من قناة العربية على سلامة موظفيها... تقرر إجراء عملية إعادة هيكلة نشاط القناة في لبنان وهو ما أسفر عمليا عن إقفال المكتب المتعاون في بيروت». وأضافت: «بطبيعة الحال تستمر (العربية) بتغطية الشأن اللبناني ومتابعته الحثيثة على كافة الصعد والمستويات مستعينة بنخبة من الخبراء والمتعاقدين وبإمكانات مزودي الخدمات على تنوعهم واختلافهم».
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أفادت بأن قناتي «العربية» و«الحدث»، أقفلتا مكتبيهما في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، صباح أمس، بعدما أبلغت العاملين فيها بواسطة مدير شؤون الموظفين ومحامي المحطة في بيروت إيلي دانيال، بإقفال مكاتبها في بيروت كليا، وأن في جعبة المحامي 27 تبليغ صرف، للعاملين من إعلاميين وتقنيين.
وفيما أشارت قناة «العربية»، تلميحًا، إلى مخاوف أمنية، بقولها: «حرصًا على سلامة موظفيها»، لم تكشف القناة عن طبيعة تلك التهديدات، في حين اعتبر مسؤولون لبنانيون أن المخاوف قد تكون ناتجة عن «التأزم السياسي في البلاد»، في حين أرجع وزير الإعلام رمزي جريج الأمر إلى أسباب سياسية، قائلاً في تصريح لوكالة رويترز: «بالتأكيد لا توجد أسباب أمنية لإغلاق مكتب قناة العربية في بيروت. وقد يكون هناك أسباب سياسية للإقدام على هذه الخطوة».
بدوره، كان عضو كتلة «المستقبل» النائب جمال الجراح أكثر وضوحًا في تفنيد المخاوف الأمنية، قائلاً: «في الشق الأمني، كلما ازداد التوتر السياسي كلما ازدادت احتمالات التدهور الأمني»، مشددًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل «يأخذ البلد إلى منزلقات خطيرة والمزيد من التأزم، مما يؤدي بها إلى مخاطر أمنية».
وتسببت مواقف وزير الخارجية في اجتماع وزراء الخارجية العرب في يناير (كانون الثاني) الماضي، وفي اجتماع منظمة التعاون الإسلامي، بأزمة بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، على ضوء رفضه إدانة هجمات إيران على السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مشهد.
ولم يستبعد الجراح أن تكون أسباب إقفال مكاتب العربية، امتدادا للأزمة التي دفع باسيل لبنان إليها، قائلاً: «أعتقد أن السياسة التي يتبعها باسيل ستؤدي إلى مزيد من الإرباك بالعلاقات العربية والدولية، فهو يتصرف بمنحى غير مسؤول مما أدى إلى كل الانعكاسات السلبية على علاقات لبنان مع الدول العربية، بدءًا من الهبة التي كانت مقدمة إلى الجيش اللبناني، وصولاً إلى إقفال المؤسسات العربية في لبنان، وعدم تجديد الإقامات للبنانيين في دول الخليج». وقال الجراح إن «الاستمرار بهذا المنحى، سيؤدي إلى المزيد من تدهور علاقة لبنان مع الدول العربية ودول العالم، والتي تمثل آخرها بعدم استقبال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون». وأكد الجراح أنه «على الحكومة أن تضع حدًا لهذا التصرف غير المسؤول الذي لا يعبر عن طبيعة لبنان وعلاقته بالدول الشقيقة، وتوضح الأمر للدول العربية»، مشددًا على ضرورة أن «تتدارك الحكومة الأمور قبل أن يتخلى العرب والمجتمع الدولي عن لبنان نتيجة تصرفات لا تخدم إلا إيران وحزب الله».
وقالت «العربية» التي تتخذ من مدينة دبي مقرًا لها في بيان لها أمس إنها تستمر بتغطية الشأن اللبناني ومتابعته الحثيثة، على كافة الصُعد والمستويات، مستعينة بنخبة من الخبراء والمُتعاقِدين، وبإمكانات مزوّدي الخدمات على تنوّعهم واختلافهم، مؤكدة على حرصها وعمل ما في وسعها لتسهيل حصول بعض الزملاء المعنيين بقرار إعادة الهيكلة على فرصٍ وظيفية أُخرى، عبر السعي إلى إيجاد فرص لهم في أقسام ومكاتب تنضوي تحت مظلة «العربية» أو مع مزوّدي الخدمات المتعاقدين معها.
كما أشارت إلى أن كل متعاون ممن تمّ الاستغناء عن خدماتهم من قبل مزود الخدمة المحلي التابعين له قانونيا وتعاقديا في بيروت سيحصل على كامل حقوقهم المشروعة، وذلك بموجب العقود الموقعة بينه وبين مزود الخدمة، وإضافة إلى الحقوق التعاقدية، تؤكد «العربية» أنه وبالتنسيق مع مزود الخدمة المحلي في بيروت سيتم منح الزملاء المعنيين بإعادة الهيكلة، عطاءات استثنائية أُخرى، انطلاقًا من حرص القناة على مصلحة جميع الموظفين والعاملين من صحافيين وفنيين وتقنيين وغيرهم، وذلك تقديرا لمساهمتهم في خدمة القناة عبر مزودي الخدمات، على أمل أن يُسهم ذلك في مساعدتهم، وتحسين فرصهم في الحصول على آفاق جديدة مستقبلاً. وأكدت أن أولوية «العربية» كما عودت المشاهد العربي هي الحصول على السبق الإخباري والتميز المهني لكن ذلك لا يسمح بأي حال من الأحوال بالمجازفة بأمن العاملين في خدمة شاشتها وسلامتهم».
وبحسب معلومات حصلت «الشرق الأوسط» عليها أن عملية الإقفال تأتي ضمن سياق الحرص على سلامة الموظفين، حيث من خلال تجربتها الطويلة في التغطيات الإخبارية، ونتيجة لما خسرته من كوادر في العراق وغيرها أصبحت لديها حساسية عالية لمنع أي مخاطر محتملة لمن يعملون فيها، في الوقت الذي أشارت المصادر إلى أن إجراءات إعادة هيكلة المكتب ليست جديدة، وأنه سبق لقناة العربية إعادة هيكلة لمكاتبها في غزة والسودان والعراق وباكستان وواشنطن والعاصمة البريطانية لندن.
يذكر أن قناة «العربية» بدأت البث في الثالث من مارس (آذار) 2003، حيث تتخذ القناة من مدينة دبي للإعلام في دولة الإمارات مقرًا رئيسيًا لها، ويتّسع نطاق بثها إلى كافة دول الشرق الأوسط، وآسيا باسيفيك، وجنوبي شرق آسيا، وشمال أفريقيا، وأوروبا، والأميركيتين، وأستراليا.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.