مصادر إيرانية: أزمة سياسية في طهران بين المرشد والرئيس

الصراع السياسي يترك آثارًا سلبية على النفوذ في العراق

مصادر إيرانية: أزمة سياسية في طهران بين المرشد والرئيس
TT

مصادر إيرانية: أزمة سياسية في طهران بين المرشد والرئيس

مصادر إيرانية: أزمة سياسية في طهران بين المرشد والرئيس

كشفت لـ«الشرق الأوسط» مصادر سياسية إيرانية وعراقية مطلعة وعلى صلة بالأحزاب والقوى الشيعية في العراق أن «إيران تواجه الآن أزمة حكم عقب الانتخابات الأخيرة التي رجحت كفة الإصلاحيين، الأمر الذي أدى إلى حصول أزمة حادة بين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي والرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف».
وقال سياسي عراقي مطلع ويقيم في العاصمة البريطانية لندن إن «المعلومات التي بحوزته تشير إلى أن السبب الرئيسي لتأجيل سلسلة الزيارات التي كان ينوي روحاني القيام بها إلى العراق والتي كان من المفروض أن تقوده إلى دول أخرى ليست لأسباب أمنية وإنما بسبب تفاقم خلافه مع خامنئي، مما حدا بروحاني إلى التفكير في تقديم استقالته»، مضيفا أن «هناك معلومات خاصة تفيد بأن خامنئي اتهم وزير الخارجية جواد ظريف بالعمالة للغرب، وهو ما جعل خامنئي يصعد الآن ضد الولايات المتحدة الأميركية ويهاجم كل مرشحيها للرئاسة».
وكان خامنئي وجه انتقادات لاذعة إلى حسن روحاني وهاشمي رفسنجاني أول من أمس، مؤكدا عدم تراجع إيران عن تطوير برنامج الصواريخ الباليستية. وتفاقم الخلاف بين خامنئي وروحاني بعد إعلان تنفيذ الاتفاق النووي، وحذر خامنئي من توجهات روحاني الاقتصادية وإقامة علاقات تجارية مع الدول الغربية، وفي الأيام الأخيرة دعا خامنئي إلى تطبيق توصياته في الاقتصاد حول مشروع «الاقتصاد المقاوم». وأوضحت معلومات إيرانية أن روحاني أجّل زياراته إلى العراق والنمسا بسبب «تعطيل جهود حكومته في السياسة الخارجية والاتفاق النووي ورفع العقوبات» بعد قيام الحرس الثوري بتجارب صواريخ باليستية.
في هذا الصدد، أوضح مصدر إيراني أن «روحاني أرسل إلى بغداد وفدا رفيع المستوى للإعداد لزيارته التي كانت مقررة السبت الماضي، وأن الوفد قام من خلال ممثلين من رئاسة الجمهورية العراقية بوضع الترتيبات الخاصة بالزيارة من النواحي البروتوكولية والسياسية، غير أن بغداد فوجئت بتأجيل الزيارة لأسباب أمنية في وقت كان الوفد الإيراني قدم صورة ممتازة للجانب الإيراني بشأن الترتيبات الأمنية». كما ألغى الرئيس الإيراني قبل يومين في آخر لحظات زيارة إلى النمسا وأعلن إن التأجيل جاء نتيجة ظروف أمنية.
وفي السياق نفسه، كانت وسائل إعلام إيرانية كشفت عن زيارة المستشار الأعلى لخامنئي، غلام علي حداد عادل، إلى العراق من أجل تقديم دعم إضافي لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم على حساب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر. وقال السياسي العراقي المطلع إن «حداد عادل موجود في العراق بالفعل منذ ثلاثة أيام وإنه حسب معلوماتي يقيم في دار ضيافة تابعة لعمار الحكيم، ولكن دوره لا يتعلق بدعم هذا بالضد من ذاك، بل يتحدد دوره في مسألة أساسية واحدة وهي مراقبة الأوضاع عن كثب في العراق مع حرص إيران على بقاء البيت الشيعي والمقصود به التحالف الوطني موحدا». وردا على سؤال في كيفية تعامل إيران مع تمرد الصدر مقابل استمرار علاقة الحكيم الإيجابية مع طهران، قال السياسي العراقي: «أعتقد أن الأمر ليس بهذه الطريقة، بل هناك ما هو أعمق من مجرد علاقة جيدة بالحكيم وسيئة بالصدر من قبل إيران لأن المؤشرات تقول إن الحكيم هو الآخر بدأ يتمرد على النفوذ الإيراني، لكن طريقته ليست مثل طريقة أو أسلوب الصدر الذي يميل إلى الثورية والمواجهة المباشرة، لأن الحكيم سبق أن أغضب الإيرانيين حين قال لهم إن عليكم أن لا تتعاملوا مع العراق كما لو كان ضيعة لبنانية، وهو ما حدا بهم إلى قطع التمويل عنه منذ شهور»، مبينا أن «الخلاصة تكمن في أن مؤسسة المرشد الأعلى الإيراني بدأت تشيخ وتهرم في العراق، وهو ما جعل إيران تركز على الفصائل الشيعية المسلحة التي لا تجد قبولا في الشارع العراقي بينما بدت مواقف الصدر والحكيم تمثل مواقف وطنية عراقية مقبولة من السنة والأكراد بشكل عام».
وحول السبب الذي يجعل أحزابا وحركات عراقية كان لإيران تأثير كبير عليها سواء على مستوى النشأة (المجلس الأعلى الإسلامي) أو المرجعيات الدينية (التيار الصدري الذي يقلد معظم أنصاره كاظم الحائري المقيم في إيران)، يقول السياسي العراقي إن «هذه القوى والأحزاب صار لها نفوذ في السلطة من خلال نواب ووزراء، وهو ما وفر لها الغطاء المالي المناسب الذي يجعلها ليست بحاجة إلى أموال إيران}.



إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يوجه تحذيراً صارماً لـ«العمال الكردستاني»

إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)
إردوغان تعهد بدفن مسلحي «العمال الكردستاني» إذا رفضوا إلقاء أسلحتهم (الرئاسة التركية)

بينما يواصل وفد الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة في تركيا، عبد الله أوجلان، في إطار مبادرة لإنهاء الإرهاب في تركيا ينظر إليها على أنها عملية جديدة لحل المشكلة الكردية، ثار الجدل حول إمكانية تخلي مقاتلي الحزب عن أسلحتهم.

ووجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رسالة صارمة بشأن حلّ حزب «العمال الكردستاني» نفسه، قائلاً إن «الإرهابيين الانفصاليين باتوا أمام خيارين لا ثالث لهما... القتلة الانفصاليون إما أن يدفنوا أسلحتهم في أقرب وقت ممكن، وإما سيدفنون تحت الأرض بأسلحتهم. لا يوجد خيار ثالث غير هذين الخيارين».

لا تسامح ولا عفو

وقال إردوغان، في كلمة خلال مؤتمر لحزبه في ريزا شمال تركيا، الأحد: «سننقذ بلادنا من آفة الإرهاب التي ألحقها الإمبرياليون بشعبنا في أسرع وقت ممكن، نحن مصممون وعازمون على حسم هذه القضية، وقد حددنا هدفنا في هذا السياق».

إردوغان متحدقاً في مؤتمر لحزبه في طرابزون شمال تركيا الأحد (الرئاسة التركية)

وفي مؤتمر آخر في طرابزون، قال إردوغان: «لا أحد، سواء كان تركياً أو كردياً أو عربياً، لديه أي تسامح مع الإرهابيين الذين هم بيادق في مخططات الإمبرياليين الإقليمية». وأيد إردوغان دعوة حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، بدء عملية حوار مع أوجلان من خلال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، تنتهي بدعوته إلى البرلمان للحديث من خلال المجموعة البرلمانية للحزب، وإعلان حل حزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمة إرهابية، وإلقاء أسلحته، وانتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا، مقابل النظر في خطوات قانونية للعفو عنه بعدما أمضى 25 عاماً في سجن انفرادي بجزيرة إيمرالي في ولاية بورصة جنوب بحر مرمرة، غرب تركيا.

وقام وفد من الحزب يضم نائبيه؛ عن إسطنبول سري ثريا أوندر، ووان (شرق تركيا) بروين بولدان، بزيارة لأوجلان في إيمرالي، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ونقلا عنه استعداده لتوجيه الرسائل اللازمة، وتأكيده على الأخوة بين الأكراد والأتراك، في ظل الظروف في غزة وسوريا التي تشكل تهديداً خطيراً، على أن تتم العملية من خلال البرلمان وتشارك فيها المعارضة.

لقاء «وفد إيمرالي» مع رئيس البرلمان نعمان كورتولموش (موقع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب)

وبعد ذلك قام الوفد، الذي انضم إليه السياسي الكردي البارز أحمد تورك، بزيارة لرئيس البرلمان، نعمان كورتولموش وبهشلي، ليستكمل لقاءاته مع حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وأحزاب المعارضة، باستثناء حزبي «الجيد» و«النصر» اللذين أعلنا رفضهما العملية الجارية.

في السياق ذاته، شدّدت مصادر عسكرية تركية على أهمية مبادرة بهشلي لجعل «تركيا خالية من الإرهاب»، لافتة إلى أنه إذا تحقق هذا الهدف وألقت منظمة حزب «العمال الكردستاني» أسلحتها، فإن العناصر الإرهابية في سوريا، في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تقود «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، ستتأثر سلباً.

وأكّدت المصادر، بحسب ما نقلت وسائل إعلام تركية، الأحد، أنه إذا تم القضاء على «التنظيم الإرهابي» (حزب العمال الكردستاني) وإلقاء أسلحته، فسيتم محاكمة المستسلمين من عناصره، وسيتم إطلاق سراحهم إذا وجد القضاء أنهم غير مذنبين، «لكن من المستحيل أن يتم إصدار عفو عن الإرهابيين».

وتوقّعت المصادر هروب قادة حزب «العمال الكردستاني» في جبل قنديل (معقل العمال الكردستاني في شمال العراق) إلى دول أوروبية، إذا تم نزع سلاحهم.

رفض قومي

في المقابل، قال رئيس حزب «النصر»، أوميت أوزداغ، إنه «لا يوجد في تاريخ العالم أي منظمة إرهابية ألقت أسلحتها، هذه كذبة كبيرة».

رئيس حزب النصر القومي التركي المعارض أوميت أوزداغ (حسابه في «إكس»)

وأضاف أوزداغ، في تصريحات الأحد: «نريد (...) أن يدرك (الجمهور التركي) أن ما يحدث فقط هو أن عبد الله أوجلان سيظهر في البرلمان، وسيوجه الدعوة لإلقاء السلاح وسيحصل على العفو». وتابع: «نعتقد أن الوقت قد حان للنزول إلى الشوارع، حتى لا يتم العفو عن قتلة الجنود الأتراك». وأعلن أن حزبه سيبدأ مسيرات في أنحاء تركيا بدءاً من الخميس المقبل، مضيفاً: «حزبنا ليس في البرلمان، لكننا سنحول تركيا كلها إلى برلمان، نحن ضد هذه العملية التي تحرج الأمة وتكسر شرف الدولة التركية».

بدوره، قال زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، خلال تجمع لحزبه، الأحد، إن حزبه «لن يقول نعم لأي شيء لا تقوله عوائل الشهداء والمحاربين القدامى».