شاشة الناقد

Batman v. Superman
Batman v. Superman
TT

شاشة الناقد

Batman v. Superman
Batman v. Superman

‫Batman v Superman: Dawn of Justice ‬(1*)
إخراج: زاك سنايدر
كوميكس | الولايات المتحدة (2016)

كلفة هذا الفيلم، كما تذكر المصادر 250 مليون دولار. مدة العرض: 160 دقيقة. أي إن كل دقيقة تكلّفت مليونا و600 ألف دولار وبعض الفكّة. لو أن الفيلم جيد لما كانت هذه الحسابات ضرورية، لكن أن تصل التكلفة إلى ما يكفي لتمويل 16 فيلما في أي مكان آخر خارج هوليوود، فإن ذلك مشكلة تفتح العين على كل شيء رديء في أفلام السوبرهيروز اليوم.
في الأساس عنوان الفيلم «باتمان ضد سوبرمان: فجر العدالة» غير صحيح، لأنه في وقت ما بعد الساعة الأولى سيعملان معًا. ولأنه لو كانت هناك «عدالة» لما أتيح لزاك سنايدر أن يحقق هذا الفيلم، أو - الأفضل - ألا يحقق أفلامًا على الإطلاق.
كان لا بد لأقوى بطلين خياليين في عالم الفانتازيا بعد عصر هيركوليس وماشيستي (يبدوان حمامتين وديعتين بالمقارنة) أولاً لأنهما يسكنان مدينة واحدة (مشادة على نسق نيويورك) وثانيًا لأنهما عاشا في زمن واحد. لا بد أن أحدهما سمع بالآخر. كلاهما أيضًا بلا أب (والكثير من الشخصيات هي بلا أب لأن هذا قُـتل بينما كان الابن صغيرًا). في حالة سوبرمان (هنري كافيل)، هبط الطفل الغريب من كوكبه فوق الأرض فتبناه مزارع، وفي حالة باتمان (بن أفلك)، قتل مجرمون الأب أمام عيني ابنه الصغير فنشأ هذا بلا معين عاطفي.
عند هذه الخطوط تنتهي أهم نقاط اللقاء بينهما. الباقي هو تضاد: واحد هبط من كوكب بعيد مليء بالصحة والقوّة التي تمكنه من الانتقال عبر الزمان والمكان بأسرع من لمح البصر، والثاني لا قدرات بدنية مماثلة له ولكن لديه القدرة على مواجهة شرور الناس بذكائه وقوّته الطبيعية. عدا كل ذلك كل يحارب الشر لكنهما في أول لقاء لهما على الشاشة يحاربان بعضهما البعض أولاً.
يكاد خلافهما يتيح للشرير لوثر (جيسي آيزنبيرغ) تحقيق أحلامه بالسيطرة على الكون بأكمله طالبًا معاونة بعض السياسيين، لكن إزاء هذا الخطر لا بد لهما، وبعد مشاهد قتال محسوبة بكم لقطة لصالح باتمان وكم لقطة لصالح سوبرمان (ضرورة عدم تفضيل أحدهما على الآخر)، لا بد من اتحادهما ومواجهة هذا الشرير وسواه.
كل هذا لا يهم الذين تزاحموا على مشاهدة الفيلم حول العالم. بعد أقل من أسبوع على عرضه، ينتشي صانعوه بالأرقام المتلألئة: 500 مليون دولار والعداد لا يزال جاريًا. كذلك لا يهتم الجمهور بحقيقة أن الفيلم تعثر كمشروع منذ أكثر من عشر سنوات، إلى أن تم تركيبه على عجلات جديدة قبل ثلاث سنوات. جيء بسيناريو كتبه ديفيد س. غوير الذي وضع سيناريو «باتمان يبدأ» للامع كريستوفر نولان وطُـعّم بما وضعه الكاتب كريس تيريو (الذي كتب، بين ما كتب «أرغو» الذي أخرجه بن أفلك).
السيئ هو الإتيان بزاك سنايدر لإدارة كل هذا الجهد. هذا يعتبر أن على الفيلم أن يكون ضربًا وقتالاً وأن المفادات الوحيدة التي يمكن لها أن تعيش في جوانب ذلك هو أن العالم لا يؤخذ إلا بالغلبة الفاشية. على عكس «سوبرمان» 1978 كما حققه رتشارد دونر ورديفه «سوبرمان 2» لرتشارد لستر، حيث جمال الحياة وفانتازيا الترفيه المتقن يسودان الفيلمين، وعلى عكس «باتمان» كما أنجزه كريستوفر نولان، فإن الهم الوحيد لدى سنايدر هو إتقان الركاكة. وهو فشل في ذلك.

(1*) لا يستحق
(2*) وسط
(3*) جيد
(4*) ممتاز
(5*) تحفة



شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز