الخارجية الأميركية تتوقع استهداف «داعش» لمصالحها في تركيا

بعد إصدار قرار إجلاء عائلات دبلوماسيين وعسكريين من جنوب شرقي البلاد

الخارجية الأميركية تتوقع استهداف «داعش» لمصالحها في تركيا
TT

الخارجية الأميركية تتوقع استهداف «داعش» لمصالحها في تركيا

الخارجية الأميركية تتوقع استهداف «داعش» لمصالحها في تركيا

قال مصدر في الخارجية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن قرار وزارتي الخارجية والدفاع بإجلاء عائلات موظفيهما من بعض مناطق تركيا جاء على خلفية التفجيرات الأخيرة، التي وقعت في بروكسل وأنقرة وإسطنبول. وأضاف أن وزارة الخارجية تشاورت مع وزارة الدفاع وأبلغت الوزارتان المسؤولين الأتراك قبل إعلان قرار الإجلاء.
وقال المصدر نفسه إنه «يبدو أن الصيف سيكون ساخنا»، في إشارة ضمنية إلى أنه يتوقع اعتداءات جديدة كرد فعل على هزائم تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق. كما توقع تسلّل عناصر من التنظيم الإرهابي إلى الدول المجاورة، خصوصا تركيا، ثم تسلل إلى دول أوروبية، عبر خطوط اللاجئين من خلال اليونان ودول البلقان. وقال المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه أو منصبه، إن «داعش» أعلن تبنيه للتفجيرات التي وقعت مؤخرا في أنقرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وفي إسطنبول في يناير (كانون الثاني) الماضي، وإن حكومة تركيا نفسها أكدت ذلك، فيما تبنّى تنظيم «صقور الحرية الأكراد» تفجيرات أنقرة في فبراير (شباط) ومارس الماضيين. وقال: «أعتقد أن عمليات (داعش) والصقور ستزيد، ولن تقل. وأعتقد أن تركيا على أبواب صيف ساخن». كما أشار إلى أن المنظمتين موجودتان على قائمة الإرهاب التي وضعتها الخارجية الأميركية، وأنهما «يعرفان ذلك، وسيسعيان لاستهدافنا».
وأشار إلى أن الخارجية الأميركية حذرت الشهر الماضي من زيادة نشاط المنظمتين في تركيا، ونصحت المواطنين الأميركيين بعدم السفر إلى جنوب تركيا، قريبا من الحدود مع سوريا، وإلى جنوب شرقي تركيا، قريبا من الحدود مع العراق. في ذلك الوقت، ذكر بيان للخارجية الأميركية «استهدفت هجمات من منظمات دولية ومحلية، في الآونة الأخيرة، مناطق سياحية مشهورة في تركيا، وممتلكات أميركية، ومراكز شرطة»، مضيفا: «يظل خطر خطف أميركيين يشغل بالنا، خصوصا في جنوب شرقي تركيا، بالإضافة إلى زيادة العمليات العسكرية على الحدود مع سوريا».
من جهته، أمر آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي، أول من أمس، عائلات الجنود والموظفين الأميركيين التابعين للوزارة بمغادرة تركيا. وقامت القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا بنشر القرار في مقرها بمدينة شتوتغارت الألمانية. كما أصدرت الخارجية الأميركية بيانا تحذر فيه «الرعايا الأميركيين من تهديدات إرهابية متزايدة في تركيا»، وتطلب تجنب السفر إلى جنوب شرقي تركيا. وقالت الخارجية إن أوامر صدرت لعائلات دبلوماسيين أميركيين في قنصلية أضنة، في جنوب شرقي تركيا، بمغادرة تركيا.
في وقت لاحق، أكد المتحدث باسم الخارجية، جون كيربي، القرار، لافتا إلى أنه اتّخذ بمعزل عن قمة الأمن النووي التي ستعقد في واشنطن في نهاية هذا الأسبوع. وقال إنه «لا علاقة بين القرار ومواضيع سياسية بين البلدين»، وإن دوافع إصدار القرار «تتعلق فقط بالتهديد الأمني، وبسلامة الأميركيين في جنوب شرقي تركيا».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.