الصين: نسعى لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية.. ونتشاور مع الرياض

السفير الروسي أكد التزام بلاده بإنجاح الهدنة والمفاوضات

الصين: نسعى لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية.. ونتشاور مع الرياض
TT

الصين: نسعى لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية.. ونتشاور مع الرياض

الصين: نسعى لتحريك «المياه الراكدة» في الأزمة السورية.. ونتشاور مع الرياض

أكد لي تشنغ ون السفير الصيني لدى السعودية، عزم بلاده تحريك المياه الراكدة في الأزمة السورية، عبر لعب دور أكثر فاعلية لإنقاذ العملية السياسية من الانهيار، وإيجاد مخرج لتعثر الحل السياسي نتيجة تباين وجهتي نظر الطرفين المتفاوضين، مشيرًا إلى أن بلاده تتشاور مع الرياض في مختلف القضايا.
وقال لي تشنغ ون لـ«الشرق الأوسط»: «للمرة الأولى تقدم الصين على خطوة جديدة تتمثل في تعيين مبعوث خاص لسوريا، ونأمل أن يحرك المبعوث المياه الراكدة في القضية السورية، خصوصًا أنها دخلت مرحلة جديدة ووصلت إلى نقطة حاسمة من الحل السياسي».
ولفت إلى أن الصين بوصفها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، تسعى إلى أن تلعب دورًا بناءً لدفع العملية السياسية السورية نحو الأمام، مشيرًا إلى أن الاتفاقية المتعلقة بالهدنة تهدف لوقف إطلاق النار بصورة دائمة في النهاية، في حين أن المجتمع الدولي بذل مجهودًا مقدرًا لإنجاح توصيل المساعدات الإنسانية.
وقال السفير الصيني: «نعتقد أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد لوضع حد للمعضلة السورية ومعاناة الشعب السوري، ولذلك فإن الأمم المتحدة تلعب دورًا رياديًا في هذا الإطار، والصين تدعم الجهود الدولية والأطراف المعنية بما يؤدي إلى إيجاد مخرج للأزمة السورية وإنجاح المفاوضات في جنيف».
وأضاف أن الصين أرادت في هذه المرة أن تكون أكثر فاعلية في العمل الدولي المشترك لإنقاذ العملية السياسية السورية من الانهيار، ولذلك عينت مبعوثًا لتوفير فرصة أكبر تمكن من دفع الحل السياسي إيجابًا نحو الأمام، مشيرا إلى أن بلاده ستستمر في عصف الأفكار حول القضية السورية.
وأكد المسؤول الصيني، أن بكين ملتزمة بتقديم الخدمات والمساعدات المطلوبة من أجل تعزيز الحل السياسي من خلال التنسيق والتشاور وتبادل الأفكار حول هذه القضية مع الأطراف المعنية في المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول المعنية، خصوصًا السعودية، للوصول إلى حل النهائي. وتابع: «بكين في حالة تشاور وتنسيق مستمر مع الرياض».
إلى ذلك، أكد أوليغ أوزيروف السفير الروسي لدى السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن موسكو ملتزمة بإنجاح الهدنة ووقف إطلاق النار، لتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها في المواقع المتأثرة بالحرب، مشيرًا إلى أن بلاده تسعى لدفع المفاوضات نحو تشكيل هيئة حكم انتقالية وإصلاح دستوري وإطلاق انتخابات يحدد من خلالها الشعب السوري من سيحكم سوريا.
وشدد السفير الروسي على أن الهدنة تؤكد جدية روسيا في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، مشيرًا إلى أن واشنطن تؤيد بلاده للدفع في هذا الاتجاه، مشيرًا إلى أنها لا تفرض رأيها على الشعب السوري في أن يختار من يحكمه، مبينًا أن ذلك تفصل فيه نتائج الانتخابات.
وفيما يتعلق بموقف الهيئة العليا السورية للمفاوضات من الهدنة، وإمكانية مراجعة موقفها منها بعد معضلة تعثر المفاوضات نتيجة إبعاد مصير الأسد عن النقاش والتفاوض، أكد السفير الروسي أن «الحكومة السورية تتمسك بالهدنة ولا يوجد طرف يشك في ذلك، بما فيها أميركا، مستبعدًا أن تقدم المعارضة على مقاطعة الهدنة لأنها خطوة غير إيجابية، وفي حال اتخذتها تتحمل عواقب ومسؤولية قرارها».
ونفى أوزيروف أن يكون موقف موسكو من القضية السورية هو العمل على إبقاء الأسد في الحكم، مشددًا على أن موقف موسكو هو أن الشعب السوري هو من يقرر بقاءه من عدمه، مؤملاً أن تنجح المفاوضات، وتتجه لتشكيل هيئة حكم انتقالية وتعمل على الإصلاح الدستوري ثم إطلاق الانتخابات التي يحدد من خلالها الشعب السوري من سيحكمه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.