الرئاسة المصرية تشيد بالتعاون القبرصي خلال واقعة اختطاف الطائرة

قبرص أظهرت سرعة الاستجابة ومهنية عالية وحكمة مُقدّرة في معالجة تحديات أمنية صعبة

شريف فتحي وزير الطيران المدني المصري في مؤتمره الصحافي في القاهرة أمس (رويترز)
شريف فتحي وزير الطيران المدني المصري في مؤتمره الصحافي في القاهرة أمس (رويترز)
TT

الرئاسة المصرية تشيد بالتعاون القبرصي خلال واقعة اختطاف الطائرة

شريف فتحي وزير الطيران المدني المصري في مؤتمره الصحافي في القاهرة أمس (رويترز)
شريف فتحي وزير الطيران المدني المصري في مؤتمره الصحافي في القاهرة أمس (رويترز)

أعربت الرئاسة المصرية عن خالص الشكر والتقدير لقيادة وحكومة جمهورية قبرص الصديقة على ما قدمته أمس من دعم كامل وما أبدته من تعاون وثيق مع السلطات المصرية خلال واقعة اختطاف طائرة مصر الطيران صباح اليوم وتحويل مسارها إلى مطار لارنكا القبرصي.
وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالات مع الرئيس القبرصي حسمت الموقف خلال ساعات وقبل أن تتسع التكهنات حول الحادث وتوظيفه في أمور سياسية ضد الدولة المصرية، وقد أصدرت رئاسة الجمهورية بيانها الأول الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، بأن الرئيس السيسي أجرى اتصالاً هاتفيًا بالرئيس القبرصي نيكوس أنستاسيادس، حيث استعرض معه الموقف بالنسبة إلى طائرة مصر الطيران المُختطفة والموجودة في مطار لارنكا القبرصي. وقد أكد الرئيس حرص مصر على أمن وسلامة جميع ركاب الطائرة المختطفة وقيامها باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لضمان ذلك، مشيدًا بما أبدته السلطات القبرصية من تعاون وتنسيق متواصل مع الجانب المصري حول هذا الموقف.
وقد أكد من جانبه الرئيس القبرصي خلال الاتصال على تعاون بلاده التام مع السلطات المصرية، واتخاذها جميع التدابير اللازمة لتأمين الطائرة المصرية المختطفة، مع تأكيده على مواصلة التواصل والتنسيق القائم بين المسؤولين القبارصة ونظرائهم المصريين حتى انتهاء هذا الموقف، وفي وزارة الخارجية المصرية كانت خلية إدارة الأزمة عبر سفيرها في نيقوسيا والاهتمام بتقديم الرعاية القنصلية اللازمة للمواطنين المصريين الموجودين في مطار لارناكا القبرصي، والتأكيد على اهتمام الحكومة المصرية بإعادتهم إلى أرض الوطن في أقصر وقت ممكن، والتنسيق مع السلطات القبرصية في هذا الشأن. وهو ما تم بالفعل، كما تعاونت وزارة الطيران المدني بسرعة كبيرة لإعادة المواطنين المختطفين إلى مصر.
وكان المتحدث الرسمي للخارجية المصرية المستشار أحمد أبو زيد قد أوضح بأن وزارة الخارجية فور علمها بحادث اختطاف طائرة مصر للطيران المتجهة من مطار برج العرب إلى القاهرة صباح أمس، قامت بتكليف السفير المصري في قبرص بإجراء اتصالات فورية مع الخارجية القبرصية لمتابعة الموقف بشأن الطائرة المصرية المختطفة في مطار لارنكا أمس.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن السفير المصري في قبرص شارك في اجتماع غرفة العمليات التي شكلتها الخارجية القبرصية لمتابعة الأزمة بحضور عدد من الوزراء القبرصيين المعنيين، وأن برج المراقبة في مطار لارنكا أجرى اتصالاً مع قائد الطائرة.
من ناحية أخرى، أشار أبو زيد إلى أن سامح شكري وزير الخارجية في طريقه الآن إلى واشنطن للمشاركة في قمة الأمن النووي، وأن اتصالاً قد تم ترتيبه بين وزيري خارجية مصر وقبرص فور وصول الوزير شكري إلى مطار دالاس بواشنطن. كما تابعت وزارة الخارجية الاتصالات مع الجانب القبرصي على مدار الساعة، حتى انتهاء الأزمة. وقد نجحت أجهزة الأمن القبرصية في اعتقال مختطف الطائرة المصرية في مطار لارنكا القبرصي سيف الدين مصطفى وتحرير جميع الرهائن، بينما أشارت وزارة الطيران في بيان مقتضب إلى أنه تم الإفراج عن جميع الرهائن والقبض على الخاطف الذي تعددت حوله روايات عن دوافع اختطافه للطائرة ومدونة سلوكه وحياته الشخصية.
وتبقى الحقيقة المؤكدة التي ستكشف عنها نتائج التحقيقات وروايات المختطفين، وقد أعربت رئاسة الجمهورية عن خالص الشكر والتقدير لقيادة وحكومة جمهورية قبرص الصديقة على ما قدمته أمس من دعم كامل وما أبدته من تعاون وثيق مع السلطات المصرية خلال واقعة اختطاف طائرة مصر الطيران صباح أمس وتحويل مسارها إلى مطار لارنكا القبرصي، حيث أظهرت السلطات القبرصية خلال الساعات الماضية ما تتميز به من سرعة الاستجابة ومهنية عالية وحكمة مُقدّرة في معالجة تحديات أمنية صعبة مثل حالة اختطاف الطائرة أمس.
وأكدت رئاسة الجمهورية في هذا السياق على أن ما أظهرته قيادة وحكومة قبرص اليوم من تعاون وتنسيق خلال هذا الموقف عكس مجددًا عُمق ما يجمع مصر وقبرص من علاقات صداقة قوية وما تتميز به هذه العلاقات من روابط تاريخية وثقافية مشتركة تجعلها مثالاً يحتذى به في التعاون الإقليمي البناء الذي يساهم في تحقيق أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.