النظام السوري يكثّف عملياته في دير الزور بعد استعادة تدمر

محللون يشككون في قدرته على خوضها باعتبارها مواجهة وجودية لـ«داعش»

جانب من الضرر الذي لحق بمتحف تدمر الوطني في سوريا بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة الأثرية والمعارك اللاحقة التي جرت لاستعادتها (إ.ب.أ)
جانب من الضرر الذي لحق بمتحف تدمر الوطني في سوريا بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة الأثرية والمعارك اللاحقة التي جرت لاستعادتها (إ.ب.أ)
TT

النظام السوري يكثّف عملياته في دير الزور بعد استعادة تدمر

جانب من الضرر الذي لحق بمتحف تدمر الوطني في سوريا بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة الأثرية والمعارك اللاحقة التي جرت لاستعادتها (إ.ب.أ)
جانب من الضرر الذي لحق بمتحف تدمر الوطني في سوريا بعد سيطرة تنظيم داعش على المدينة الأثرية والمعارك اللاحقة التي جرت لاستعادتها (إ.ب.أ)

احتدمت المعارك أمس في مدينة دير الزور شرق سوريا بين قوات النظام وحلفائه من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، وسط قصف جوي لمناطق الاشتباكات أدى إلى مقتل مدنيين، وهو ما طرح أسئلة عمّا إذا كان تسخين جبهة دير الزور يعني أنها ستكون الهدف الثاني للروس ونظام الأسد بعد تدمر.
في الوقائع الميدانية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن «اشتباكات عنيفة دارت (أمس) بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها، وبين تنظيم «داعش» في محيط منطقة حقل التيم النفطي جنوب دير الزور، وسط تنفيذ الطيران الحربي عدة غارات على مناطق في محيط الحقل». وتحدث المرصد أيضًا عن «اشتباكات متقطعة دارت بين الطرفين في حيي الجبيلة والصناعة داخل المدينة وفي محيط مطار دير الزور العسكري، ترافق مع غارات نفذها الطيران الحربي على محيط المطار وقرية الجفرة في الريف الغربي لدير الزور».
أما «مكتب أخبار سوريا» المعارض، فأعلن أن طيران النظام «استهدف بأربع غارات وسط حي الكنامات، أصابت منازل سكنية فيه، ما أدى إلى مقتل سبعة مدنيين، بينهم خمسة من عائلة واحدة، وإصابة 13 آخرين بجروح، بينهم حالات خطرة، نقلوا إلى النقاط الطبية في المدينة لتلقي العلاج، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة»، مشيرًا إلى أن طائرات النظام «نفذت غارتين على محيط كلية الزراعة في حي الرصافة الخاضع لسيطرة التنظيم جنوب شرقي دير الزور، اقتصرت أضرارها على المادية، في حين قصف التنظيم بعدد من القذائف المحلية الصنع، محيط مبنى أمن الدولة في حي الجورة الخاضع لسيطرة النظام».
مصدر ميداني في دير الزور أكد أن «المواجهات القائمة في المدينة وريفها بين النظام و«داعش» هي من ضمن عمليات الكرّ والفرّ التي تتراجع حينًا وتنشط حينًا آخر»، لافتًا إلى أن «معركة تحرير دير الزور تحتاج لحشد كبير غير متوفر حاليًا للنظام بسبب تشتت قواته على جبهات متعددة».
وكشف المصدر الميداني لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام فتح الآن جبهة مع تنظيم داعش في منطقة القريتين ريف حمص التي تبعد 80 كيلومترًا عن مدينة تدمر بعد طرد التنظيم من المدينة الأثرية، على أن يليها معركة السخنة التي تبعد أيضًا نحو 50 كيلومترًا جنوب تدمر»، مشيرًا إلى أن «استراتيجية النظام تقوم على القضم والسيطرة على المناطق والمواقع التي تعدّ خاصرة رخوة لدى داعش، ليحقق بذلك مكاسب معنوية، ويراهن من خلالها على إنهاك التنظيم وقطع خطوط إمداده عن معقله الأول، لتكون بعدها معركة الرقة أقل كلفة».
مصدر عسكري في المعارضة السورية قال إن «النظام وحلفاءه يستفيدون الآن من الهدنة للتفرّغ إلى مقاتلة تنظيم داعش». وأكد المصدر لـ«الشرق الأوسط» أن النظام «سحب أعدادًا كبيرة من مقاتليه ومدرعاته من الجبهات المواجهة لمناطق المعارضة المعتدلة، وحشدها لمعركة تدمر، وهو الآن يستفيد منها في معاركه الحالية مع التنظيم سواء في دير الزور أو ريف حمص أو التحضير لمعركة الرقّة». ولفت المصدر إلى أن المعارضة «تتجنّب مهاجمة مواقع النظام التي تضعف بفعل هذه الانسحابات، كي لا يقال إنها تخرق الهدنة، أو تشكل عائقًا أمام مهاجمة تنظيم داعش».
أما المحلل الاستراتيجي خطار بو دياب، فرأى أن «هناك فرقًا كبيرًا بين سيطرة النظام على تدمر، وبين ما يحكى عن خطط لاستعادة دير الزور والرقة». وأوضح أن «الروسي كان يريد لعب ورقة إخلاء تدمر من «داعش»، لتلميع صورته وتقديم إنجاز عسكري في سوريا قبل إتمام انسحابه».
وأكد بو دياب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «على الرغم من أحلام النظام السوري في تحقيق مكاسب عسكرية على أكثر من جبهة، لكن الأكيد أن هذا النظام ليس لديه الاحتياطي العسكري الكبير للتفرّغ لمعركة دير الزور والرقة». وقال: «إذا كانت داريا التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن القصر الجمهوري عصية على استعادتها رغم أنه دمّرها، فكيف يستطيع استعادة مناطق مثل دير الزور والرقة؟»، مشيرًا إلى أن النظام «لم يكن مهتمًا بتدمر من الناحية الاستراتيجية بقدر اهتمامه بالناحية الدعائية». وسأل: «إذا كانت تدمر تهمّ النظام فلماذا انسحب منها وسلّمها إلى داعش وترك فيها أسلحة ومعدات عسكرية؟».
بو دياب استبعد أي نية لدى الروس لإرسال قوات إلى دير الزور أو الرقة، مبديًا اعتقاده أن «الولايات المتحدة الأميركية هي المعنية بموضوع الرقة، لأنها متصلة بالخطط الأميركية في محافظة الموصل العراقية». أضاف: «تدمر مهمة بالنسبة للروس لأنها نقطة تقاطع بين المحافظات السورية، ولقربها من منطقة السخنة التي تحوي حقولاً للنفط والغاز، ولذلك ليس مستبعدًا أن تسعى روسيا لضمها إلى ما يسمّى سوريا المفيدة»، مؤكدًا أنه «في الرقصة الجهنمية في سوريا، فإن حدود الدمّ هي حدود مؤقتة». وقال: «في تدمر كان صعبًا على داعش الدفاع عن منطقة صحراوية ومكشوفة، في مواجهة قوات النخبة الروسية ولواء الفاطميين ومقاتلي حزب الله اللبناني، لكن في الرقة ستكون معركة وجودية بالنسبة لهذا التنظيم، ولذلك هي صعبة جدًا على النظام، ولا أعتقد أنه في وارد هكذا مغامرة».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.