ميدان المرجة.. مفترق طرق للسوريين في قلب دمشق

يعج بالقصص حول شتى صنوف المعاناة من مختلف مناطق البلاد

نازحون من معارك سوريا في ميدان المرجة بقلب دمشق (واشنطن بوست)
نازحون من معارك سوريا في ميدان المرجة بقلب دمشق (واشنطن بوست)
TT

ميدان المرجة.. مفترق طرق للسوريين في قلب دمشق

نازحون من معارك سوريا في ميدان المرجة بقلب دمشق (واشنطن بوست)
نازحون من معارك سوريا في ميدان المرجة بقلب دمشق (واشنطن بوست)

تحول ميدان المرجة، في قلب دمشق، لأيقونة لدماء الثورة، حيث امتزج تاريخه بآمال ومآسي أولئك الذين تجرأوا على التشكيك في سلطة سادة سوريا التاريخيين.
في عام 1916. أعدم الحاكم العثماني أحمد جمال باشا، الذي أطلق عليه لقب «السفاح»، ثوريين سوريين هنا، بجوار عمود من البرونز والبازلت ما يزال مرتفعًا داخل الميدان حتى اليوم. وفي وقت لاحق، فعل الفرنسيون المثل لمن قاتلوا ضد انتدابهم على سوريا. وتركت جثث القتلى شنقًا معلقة داخل الميدان كرسالة تحذير صارمة لآخرين.
اليوم، يعج الميدان بالقصص حول شتى صنوف المعاناة من ثورة أخرى، والتي تحولت بمرور الوقت إلى حرب تجذب إليها قوى عالمية وما تزال مستعرة رغم مرور خمس سنوات على اشتعالها.
وتفد هذه القصص على الميدان من الرقة ودير الزور وعدة مناطق مختلفة تقع تحت سيطرة تنظيم داعش، وما يزال الميدان ملاذا للمنشقين الذين تعرض بعضهم للتشريد حديثًا ولم يعد أمامهم ملاذ، بينما يزور آخرون العاصمة لإنجاز أعمال أو تلقي العلاج الطبي، وينوون العودة لديارهم. ويختلط هؤلاء بالموظفين خلال فترات استراحة الغداء، ومع الجنود خلال الدوريات ومع الأطفال الذين يقدمون الطعام لأسراب من الحمام تتجمع حولهم. ويبدو المشهد برمته شبيهًا بلوحة سريالية لأفراد تتناقض حياتهم على نحو عميق.
تحت واحدة من أشجار النخيل الأربع التي يزدان بها الميدان، اجتمعت مجموعة من النساء غطى الوحل ملابسهن الريفية. وبجوارهن على الأرض، وضعن كومات من القماش الملفوف تضم متعلقاتهن.
وقالت إحداهن، 30 عامًا، بأنها وأطفالها الخمسة فروا منذ أسبوعين من منزلهم الواقع خارج منبيج التي سيطر عليها «داعش». وتحول منزلها إلى خط مواجهة بين الجماعات المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة و«داعش». وقد سيطر مسلحون على المنزل وخرقوا فتحات في جدرانه لاتخاذ أوضاع تأهب للقتال داخله، وأجبروا الأسرة على الرحيل.
ولدى وصولهم دمشق، استأجروا مسكنا قرب الميدان، لكن المال نفد منهم الآن، وطردوا من مسكنهم الجديد ذلك الصباح. وقالت وهي تشير إلى الأرض: «يبدو أننا سننام هنا الليلة». ومثلما الحال مع آخرين قادمين من مناطق يسيطر عليها «داعش»، رفضت السيدة كشف هويتها لحماية أقاربها الذين ما يزالون تحت سيطرة التنظيم.
وقام فريق مؤلف من سيدتين من وزارة الصحة السورية بالمرور على المجموعة، وقدم تطعيمًا ضد شلل الأطفال. ويمر هذا الفريق من المنطقة يوميًا بحثًا عن المشردين لتطعيمهم في محاولة لاحتواء تفشي الفيروس الذي عاود الظهور جراء تعطل إجراءات التطعيم بسبب فوضى الحرب.
وقالت جانيت عواد، 36 عامًا، أثناء تقديمها جرعة لطفل صغير: «نستهدف الأطفال القادمين من المناطق المشتعلة. وهناك الكثير منهم بهذه المنطقة».
على الطرف الآخر من الميدان جلس رجلان يرتديان أغطية رأس تقليدية باللونين الأبيض والأحمر، على طاولة في مواجهة عمود ضخم شيد في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني للاحتفال بمناسبة إقامة أول وصلة تلغرافية بالمنطقة.
قدم الرجلان من البوكمال في دير الزور، قرب الحدود مع العراق، لإنجاز بعض الأعمال. وقد زاد «داعش» من صعوبة مغادرة المدنيين للأراضي الخاضعة تحت سيطرته، لكنه أحيانًا يصدر تصاريح لأفراد راغبين في السفر لتلقي علاج طبي أو احتياجات أخرى. ووصف أحد الرجلين، 78 عامًا، أشار لنفسه باسم أبو رياض الوضع تحت سيطرة التنظيم بأنه «أسود وبائس».
أيضًا كانت هناك سيدة قادمة من دير الزور لتلقي العلاج لمعاناتها مشكلات بالقلب، تفاقمت جراء نقص الغذاء. وقالت: «إننا نتضور جوعًا، وأصبح من الصعب إيجاد عمل. كما أنهم يقتلون أبناءنا. إذا رفض شخص الانضمام إليهم، فإن أسرته قد تتعرض للقتل». أما الآن، فهي موجودة لفترة موجزة بقلب منطقة سيطرة بشار الأسد، الذي ارتفعت بالقرب منها صورة ضخمة له في الزي العسكري، مع صور لدبابات وقاذفات صواريخ وطائرات من حوله.
إضافة لذلك، يضم الميدان مبنى وزارة الداخلية السورية، ما جعله نقطة تجمع للمظاهرات التي خرجت عام 2011. عندما وصلت شرارة الثورة السورية دمشق للمرة الأولى. في وقت لاحق، ومع تحول الثورة لحرب، تحول الميدان لساحة لتفجيرات السيارات المفخخة.
على جانب آخر من الميدان، يقف مسجد بني محل مسجد مملوكي عتيق دمره والد بشار، حافظ الأسد، في سبعينات القرن الماضي لإعادة بنائه. وأطلق على المسجد الجديد اسم باسل، الشقيق الأكبر لبشار الأسد الذي لقي حتفه في حادث سيارة. وبدا المسجد ومركز تجاري خلفه خاليين تمامًا فيما وصفه البعض بنموذج على الفساد الذي تعانيه سوريا.
مع ذلك، فإنه حتى هنا في قلب دمشق، لم يخف بعض المسافرين عدم رفضهم لـ«داعش». ومن بين هؤلاء سيدتان كانتا في طريقهما من الرقة إلى لبنان لزيارة زوجيهما هناك وتنويان العودة لاحقًا. وقالت إحداهما وكانت ترتدي غطاء شعر يحمل طرفه تطريزا ذهبي اللون: «الوضع جيد للغاية، ولسنا بحاجة لتدخل أي شخص. فقط نريد أن نعيش في سلام».
وأثناء حديثها، مر موكب من سيارات «هامفي» مزدان بصور الأسد وزعيم جماعة «حزب الله» حسن نصر الله، احتفالاً بذكرى سيطرة حزب البعث على السلطة. واحتشد سكان البنايات المطلة على الميدان لالتقاط صور وفيديوهات. وتطلعت السيدات القادمات من الرقة لمشاهدة الموكب، ثم حولن أنظارهن بعيدًا.
* خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.