شركات التواصل الاجتماعي تدخل مجال الأخبار

مع «ثورة الموبايل»

زوكربيرغ مؤسس ورئيس «فيسبوك» يشارك أوباما اجتماعًا سياسيًا: هل سيكون الأكثر تاثيرًا؟
زوكربيرغ مؤسس ورئيس «فيسبوك» يشارك أوباما اجتماعًا سياسيًا: هل سيكون الأكثر تاثيرًا؟
TT

شركات التواصل الاجتماعي تدخل مجال الأخبار

زوكربيرغ مؤسس ورئيس «فيسبوك» يشارك أوباما اجتماعًا سياسيًا: هل سيكون الأكثر تاثيرًا؟
زوكربيرغ مؤسس ورئيس «فيسبوك» يشارك أوباما اجتماعًا سياسيًا: هل سيكون الأكثر تاثيرًا؟

في آخر عدد في مجلة «كولومبيا جورناليزم ريفيو»، التي تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولومبيا (في نيويورك)، كتبت إميلي بيل، أستاذة الصحافة الرقمية في الجامعة، تقريرًا عنوانه: «فيسبوك يأكلنا» (تقصد يأكل الإعلام التقليدي). وأشارت إلى دخول شركات التواصل الاجتماع مجال نشر الأخبار، بعد أن كانت تقتصر على التواصل الاجتماعي.
وقالت: «لم يحدث العكس، لم تدخل شركات الإعلام (صحف، وتلفزيونات، وإذاعات) مجال التواصل الاجتماعي».
واتهمت «ثورة الموبايل». وقالت إنه، في الماضي، كان رئيس تحرير أي صحيفة هو الذي يحدد الأخبار التي سيقرأها الناس في الصباح. وكان مذيع أخبار أي قناة تلفزيونية هو الذي يحدد الأخبار التي سيشاهدها الناس في المساء. لكن، الآن، دخلت شركات التواصل الاجتماعي مجال الأخبار. وصارت هي التي تحدد الأخبار التي سيقرأها الناس، أو سيشاهدونها، في الصباح، وفي منتصف النهار، وفي المساء، وفي منتصف الليل، وفي أي وقت غير ذلك.
في بداية هذا العام، أصدر مركز «بيو» للاستطلاعات في واشنطن نتائج استطلاع أوضح بان أربعين في المائة من الأميركيين يشتركون في موقع «فيسبوك». وتوقع المركز أن تزيد النسبة كثيرًا خلال الأعوام القليلة المقبلة. في الوقت نفسه، تحاول اللحاق بها الشركات الرئيسية الأخرى «تويتر» و«واتساب» و«سنابشات» و«أمازون» و«مايكروسوفت».
حسب تقرير نشر مع نتائج الاستطلاع، ظهرت «أربز وور» (حرب التطبيقات)، وذلك لأن كل شركة من هذه الشركات تريد أن تغري زبائنها باستعمال تطبيقاتها، بهدف «سجن» هؤلاء الزبائن. خلال الشهور القليلة الماضية، تطورت هذه الحرب لتشمل تطبيقات نشر الأخبار.
ليس الهدف من هذه التطبيقات الإخبارية هو فقط زيادة المشتركين، ولكن، أيضًا، جمع معلومات عنهم، والاستفادة من هذه المعلومات لزيادة الإعلانات. (تفضل شركات الإعلانات مخاطبة مجموعات معينة من الناس، كل مجموعة حسب ذوقها، بدلاً عن مخاطبة كل الناس).
خلال الشهور القليلة الماضية، صدرت التطبيقات الإخبارية الآتية:
أولاً: شركة «سنابشات»: تطبيق «ديسكفري» للأخبار.
ثانيًا: شركة «فيسبوك»: تطبيق «انستانت» للأخبار.
ثالثًا: شركة «أبل»: تطبيق «أبل نيوز» للأخبار.
رابعًا: شركة «غوغل»: تطبيق «موبايل نيوز» للأخبار.
خامسًا: شركة «تويتر»: تطبيق «مومنتز» للأخبار.
لم تؤثر تطبيقات الأخبار في شركات التواصل الاجتماعي على مواقع الإعلام التقليدي فقط، ولكن، أيضًا، أثرت على مواقع إخبارية كانت هي الرائدة في مجال المواقع الإخبارية. مثل: «بازفيد» و«فيوشن» و«فوكس» (لا صلة لها بتلفزيون «فوكس»).
يخاف صحافيو الإعلام التقليدي (صحف، تلفزيونات، إذاعات) على مصيرهم بعد أن دخلت شبكات التواصل الاجتماعي مجال الإخبار. لكن، يخاف خبراء وأساتذة الإعلام على الخطوة التالية: على سيطرة هذه الشبكات على العملية السياسية (مثلما ظل الإعلام التقليدي يسيطر عليها منذ أول صحيفة، وأول إذاعة، وأول تلفزيون).
عن هذا كتبت شين غولدماتشر في مجلة «ناشونال جورنال» عن «انتخابات فيسبوك». وقالت: «ليس جديدًا تأثير (فيسبوك) على النشاطات السياسية داخل وخارج الولايات المتحدة. لكن، مع قوته المتزايدة، هل يصير مارك زوكربيرغ (مؤسس ورئيس فيسبوك) عراب السياسة الأميركية، بل السياسة العالمية؟».
بداية بدور «فيسبوك» في مظاهرات المصريين في عام 2011، التي كانت سبب سقوط الرئيس المصري حسنى مبارك. لكن، قبل ذلك وقبل «ربيع العرب»، في عام 2008، لم يهتم العالم بدور «فيسبوك» في الحرب الأهلية في كولومبيا (في أميركا اللاتينية). ساعدت على حملة «مليون صوت ضد فارك» (الميليشيا الثورية اليسارية التي ظلت تحارب الحكومة هناك منذ 40 عامًا).
داخل الولايات المتحدة، وفي عام 2011، حصلت «فيسبوك» على إذن من لجنة الانتخابات الاتحادية لتأسيس «باك» (لجنة عمل سياسي). تعتبر هذه نوعًا من أنواع اللوبيات. لكنها لا تنشط فقط وسط أعضاء الكونغرس، بل في كل الولايات المتحدة. وخصوصًا في موسم الانتخابات.
في ذلك الوقت، قال زوكربيرغ: «نريد فقط إعطاء موظفينا وسيلة لجعل صوتهم مسموعًا في العملية السياسية، وذلك من خلال دعم مرشحين يتقاسمون أهدافنا، ودعم الاختراع والابتكار لتطوير اقتصادنا، ودعم تأسيس عالم أكثر تواصلاً وأكثر انفتاحًا».
في انتخابات رئاسة الجمهورية عام 2012، صار واضحًا أن زوكربيرغ قادر، ليس فقط على دعم هذا أو ذاك، ولكن، أيضًا، على التأثير على هذا وذاك.
وكان كل هذا قبل تطبيقات الإخبار، وقبل توسع «ثورة الموبايل».



ضغوط واشنطن على «ميتا» تجدد مطالب «ضبط المحتوى»

زوكربيرغ (آ ب)
زوكربيرغ (آ ب)
TT

ضغوط واشنطن على «ميتا» تجدد مطالب «ضبط المحتوى»

زوكربيرغ (آ ب)
زوكربيرغ (آ ب)

عادت مطالب «ضبط محتوى» منصات التواصل الاجتماعي إلى الواجهة، من جديد، إثر كلام مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، عن تعرّض شركته لـ«ضغوط» من جانب إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن هدفها فرض قيود على المحتوى المتعلق بجائحة «كوفيد - 19» على المنصات التي تملكها الشركة. إلا أن بعض الخبراء الذين يرون ضرورة لضبط محتوى المنصات، لا يتوقعون نهاية قريبة للجدل بشأن هذه القضية.

عبر رسالة مؤرخة يوم26 أغسطس (آب) الماضي، أعرب زوكربيرغ للجنة القضائية في مجلس النواب الأميركي عن ندمه على إحجامه عن كشف أمر هذه الضغوط في وقت سابق... وأيضاً على بعض القرارات التي اتخذتها «ميتا»، التي تملك منصات «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» بشأن حذف محتوى بعينه.

ووفق رسالة زوكربيرغ، التي نشرتها اللجنة القضائية في الكونغرس عبر صفحتها على «فيسبوك»، فإنه «في عام 2021 دأب مسؤولون كبار من إدارة بايدن، منهم مسؤولون من البيت الأبيض، لشهور، على الضغط على طواقم (ميتا) من أجل تقييد محتوى بعينه يتعلق بكوفيد - 19، بما في ذلك الفكاهة والسخرية، وعبّروا عن غضب شديد لموظفي (ميتا) عندما لم يوافق هؤلاء على ذلك».

وتعليقاً على رسالة زوكربيرغ، أفاد الناطق باسم البيت الأبيض في بيان مقتضب نقلته وكالات الأنباء بأن «موقف الرئاسة الأميركية كان واضحاً وثابتاً... فنحن نعتقد أن على مجموعات التكنولوجيا والجهات الخاصة الأخرى الخاص أن يأخذوا في الاعتبار تبعات أعمالهم على الشعب الأميركي، واتخاذ خيارات بطريقة مستقلة بشأن المعلومات التي ينشرونها».

أما يوشنا إكو، الباحث الإعلامي الأميركي رئيس ومؤسس «مركز الإعلام ومبادرات السلام» في نيويورك، فقد شدد على «أهمية حوكمة محتوى منصات التواصل الاجتماعي». وعلق لـ«الشرق الأوسط» قائلاً «لا بد لأنظمة الحكم الديمقراطية العمل على حوكمة شركات التكنولوجيا العملاقة التي تمارس عملها بلا محاسبة، بشأن تأثيرها على المستخدمين أو غير المستخدمين الذين قد يصبحون ضحايا لما ينشر من معلومات مضلِّلة».

إكو يؤيد الدعوات المطالبة بتعديل المادة 230 من قانون الاتصالات الأميركي لعام 1996، التي تحول دون تحمل شركات التكنولوجيا المسؤولية عما ينشره المستخدمون على المنصات التابعة لها، لأنها «منحت تلك الشركات قوة وهيمنة كبيرة». ولقد أوضح أن «هذه المادة وُضعت بناءً على فكرة عُرضت وقتها، بأنه عند استخدام شركات الهاتف في ارتكاب جريمة، لا تُحاسَب شركات الهواتف، بل يُحاسَب الشخص مرتكب الجريمة. من هنا فإن شركات التكنولوجيا تقول بضرورة محاسبة منشئ المحتوى لا صاحب منصة التواصل»،

وبرّر الباحث الأميركي مناصرته حوكمة المحتوى على منصات التواصل لأنه تكون «المعلومات المضللة (والشائعات الكاذبة) أكثر جذباً من الحقيقة، وبالتالي فإن تأثيرها يكون أكبر... والواقع أن خوارزميات منصات التواصل تُعطي الأفضلية لتحقيق الأرباح على حساب المستخدم».

وبشأن معارضة البعض فرض قيود على محتوى المنصات بداعي «حرية التعبير». قال إكو إن «الحرية تأتي مع المسؤولية... وفي عصر الإنترنت تحوّل المجتمع إلى مواطنين رقميين، أي إلى أفراد متصلين بالإنترنت. هذا المواطن الرقمي له حقوق، لكن عليه التزامات، ولا يجوز أن تضرّ حريته بالآخرين».

تصريحات زوكربيرغ تزامنت، في الواقع، مع تزايد المخاوف من انتشار «المعلومات المضللة»، وخصوصاً مع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأميركية، ما فتح جدلاً بشأن حوكمة منصات التواصل وقواعد ضبط المحتوى ومنع انتشار «التزييف المعلوماتي».

وكانت «ميتا»، حظرت أخيراً حسابات في «واتساب» قالت إنها «مرتبطة بمجموعة قرصنة إيرانية استهدفت حملتي المرشحين للرئاسة الأميركية».

وتعليقاً على كلام زوكربيرغ، قال أنس بنضريف، الصحافي المغربي المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» إن كلامه الآن «قد يكون مرتبطاً بالانتخابات الرئاسية الأميركية، خاصة أن شركته (ميتا) تتعرّض لضغوط تقوم على اتهامات بأنها تساعد على نشر التضليل».

وقال بنضريف إنه «لا توجد في الولايات المتحدة قوانين من شأنها إجبار المنصات على مشاركة البيانات... فحوكمة المنصات مشكلة جدلية لا سيما مع ضرورة حماية حرية التعبير، وبالتالي، فإن جدل ضبط محتوى المنصات لن يحسم في القريب العاجل، والمشهد المقبل سيحكمه مَن يصل إلى البيت الأبيض، لا سيما أن شركات التكنولوجيا قد تتماهى مع السلطة حفاظاً على أرباحها».