اليابان «المحافظة» تتحسس طريق «المصرفية الذكية»

ثالث أكبر اقتصاد في العالم ما زال يبحث عن التحرر المالي

بنك اليابان المركزي في العاصمة طوكيو (رويترز)
بنك اليابان المركزي في العاصمة طوكيو (رويترز)
TT

اليابان «المحافظة» تتحسس طريق «المصرفية الذكية»

بنك اليابان المركزي في العاصمة طوكيو (رويترز)
بنك اليابان المركزي في العاصمة طوكيو (رويترز)

تتجه اليابان المتأخرة في تبني ثورة التكنولوجيا المالية إلى تخفيف قيود الاستثمار، بما قد يساعد في زيادة تحرير التدفقات الرأسمالية في اقتصاد تقدر حجم الودائع النقدية للأفراد فيه بتسعة تريليونات دولار.
وتعاني التكنولوجيا المالية في اليابان بسبب اللوائح الصارمة وسهولة الحصول على الائتمان، في ظل أسعار الفائدة بالغة التدني والطلب الضعيف من سكان يتحاشون المخاطرة، وما زالوا يفضلون استخدام الأوراق النقدية على بطاقات الائتمان.
وجمعت مشاريع التكنولوجيا المالية، التي تتكون غالبا من شركات جديدة تستفيد من تقنيات مثل التخزين السحابي للبيانات والهواتف الذكية لتقديم خدمات القروض والتأمين والدفع 2.7 مليار دولار في الصين العام الماضي، وأكثر من 1.5 مليار دولار في الهند، وفقا لبيانات من «سي بي إنسايتس». وجذبت المشاريع المماثلة في الولايات المتحدة استثمارات بنحو 7.4 مليار دولار.
وعلى الجانب الآخر، وبالمقارنة، لم تتجاوز الاستثمارات في المشاريع اليابانية نحو 44 مليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من 2015.
والآن تأمل الهيئة المنظمة للقطاع المالي في اليابان أن يقر البرلمان بحلول مايو (أيار) المقبل قواعد مخففة للاستثمار في المشاريع المالية، ونظاما جديدا لتقنين مبادلات العملة الافتراضية، في خطوة أولى صوب إطلاق ثورة التكنولوجيا المالية بثالث أكبر اقتصاد في العالم.
وقال نوريو ساتو، المسؤول الكبير في سلطة الخدمات المالية، لـ«رويترز» إن «تعديلات القانون ليست هدفا بل خطوة أولى.. وسيكون للتكنولوجيا المالية أثر كبير على الخدمات المالية».
وستسمح التغييرات للبنوك بشراء حصص تصل إلى مائة في المائة في الشركات غير المالية، وستتيح للبنوك اليابانية الثلاثة العملاقة الدخول في علاقات شراكة مع مشاريع التكنولوجيا المالية المطورة لخدمات مثل الاستشارات الاستثمارية الروبوتية وتكنولوجيا دفاتر الحسابات اللامركزية المستخدمة في العملة الرقمية (بتكوين).
وتقول مجموعة «ميتسوبيشي يو إف جيه» المالية ومجموعة «ميزوهو» المالية ومجموعة «سوميتومو ميتسوي» المالية إنها تتطلع إلى مثل هذه الاستثمارات بعد أن كانت لا تستطيع شراء حصص تتجاوز خمسة إلى 15 في المائة فقط في الشركات الناشئة.
وتحت ضغط الطلب الضعيف على القروض، ترى البنوك العملاقة فرصة لكسب المال عن طريق التكنولوجيا المالية، لكنها تدرك أيضا أنها قد تعطل نماذج الأعمال التقليدية.
* تغيير قواعد اللعبة
وبسبب البيئة غير المواتية للتكنولوجيا المالية في اليابان، التي صدمها الانهيار المدوي لبورصة «ماونت جوكس» لعملة البتكوين في عام 2014 عندما سرق المتسللون ما يقدر قيمته بنحو 650 مليون دولار من العملة الرقمية، يلجأ بعض رجال الأعمال إلى خارج اليابان من أجل جمع التمويل.
فقد أسس غونيتشي هوريغوتشي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمزود خدمات «البتكوين زيروبيلبنك» شركته الناشئة في تل أبيب العام الماضي. وقال إن الاستثمار في مشاريع التكنولوجيا المالية الجديدة من قبل البنوك العالمية وعمالقة التكنولوجيا مثل باركليز وغوغل وفيسبوك أكثر شيوعا خارج اليابان.
وقال معهد يانو للأبحاث في تقرير إن مبيعات مشاريع التكنولوجيا المالية الجديدة في اليابان قد تقفز إلى أكثر من نصف مليار دولار بحلول عام 2020، مع زيادة استخدام تقنيات مثل دفاتر الحسابات اللامركزية.
وقد تجعل القواعد الجديدة لسلطة الخدمات المالية بخصوص بورصات العملة الرقمية، من اليابان واحدة من أولى الدول التي تنظم استخدام البتكوين على المستوى الوطني.
وقال ساتو: «لم يسبق أن تحمست اليابان للتكنولوجيا المالية.. لكن سن هذه القواعد بهذه السرعة قد يلفت انتباه العالم».



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).