محافظ عدن يتهم الرئيس المخلوع بوقوفه خلف الانفجارات في عدن

الأحداث الدامية أوقعت قرابة 37 شخصًا.. كان آخرها اغتيال مدير شرطة القاهرة العقيد الويكا

إحدى النقاط الأمنية التي تم استهدافها في عدن من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة (أ.ف.ب)
إحدى النقاط الأمنية التي تم استهدافها في عدن من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة (أ.ف.ب)
TT

محافظ عدن يتهم الرئيس المخلوع بوقوفه خلف الانفجارات في عدن

إحدى النقاط الأمنية التي تم استهدافها في عدن من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة (أ.ف.ب)
إحدى النقاط الأمنية التي تم استهدافها في عدن من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة (أ.ف.ب)

اتهم محافظ عدن، اللواء عيدروس الزبيدي، الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، بوقوفه خلف الاغتيالات والهجمات الانتحارية بالسيارات المفخخة التي شهدتها العاصمة المؤقتة عدن أمس وأول من أمس، كان آخرها اغتيال مدير شرطة القاهرة بمدينة المنصورة العقيد الويكا. وقال الزبيدي في تصريح تلقته «الشرق الأوسط» إن تلك الهجمات هدفها تقويض النجاحات التي تحققت في العاصمة المؤقتة عدن بالتعاون مع قوات التحالف العربي ولجهود تطبيع الحياة وعودة الأمن والاستقرار إلى عدن. وتوعد الزبيدي منفذي الهجمات والداعمين لها بالعقاب الرادع، طال الزمن أم قصر، لافتا إلى تزامن الهجمات الإرهابية مع الاستعدادات الجارية في عدن للاحتفاء بالذكرى الأولى لانطلاق التحالف العربي.
وقال الزبيدي «نعلم جيدا من يقف خلف تلك التفجيرات والعمليات التي تستهدف المدنيين الأبرياء وعناصر الأمن والمقاومة التي تسعى لفرض الأمن والاستقرار في العاصمة عدن». وتابع: «مزامنة هذه العمليات للاستعدادات التي تجريها العاصمة عدن للاحتفال بالذكرى الأولى لانطلاق التحالف العربي وعاصفة الحزم تقطع الشك باليقين بأن من يقف خلف تلك العمليات ليس داعش أو القاعدة أو أي تنظيمات متطرفة، فمن يقف خلفها هو داعش المخلوع وقاعدته ومن يتضررون من النجاحات التي تحققها الأجهزة الأمنية والمقاومة بالتعاون المشترك مع التحالف وتحت إشراف ومباركة القيادة السياسية في تطبيع الحياة وعودة الأمن والاستقرار في العاصمة عدن».
وفي الأمس قال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» بأن أربعة مسلحين كانوا يستلقون سيارة تاكسي لوحة زرقاء هاجموا العقيد الويكا في فرزة القاهرة بالمنصورة وهو مار بسيارة الشرطة بوابل من الرصاص واستشهد على أثرها.
وقال الناطق باسم محافظة عدن، نزار أنور، إن ثلاثة انفجارات استهدفت النقاط الأمنية المؤدية إلى مدينة البريقة ومقر التحالف هناك، موضحا أن الانفجار الأول حدث في النقطة الأمنية الواقعة بالقرب من محطة الحسوة وهي نقطة مرور تؤدي إلى مدينة البريقة غرب عدن، سقط على إثر ذلك الانفجار الكثير من الضحايا بين قتيل وجريح ووصل عدد القتلى في تلك النقطة إلى 18 قتيلا بينهم الكثير من المدنيين.
وأشار نزار في بلاغ تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن الانفجار الثاني وقع في النقطة التي تليها ومن خلال سيارة مفخخة سقط فيها أفراد الأمن المتواجدون في تلك النقطة وعددهم أربعة، منوها إلى أن الانفجار الثالث كان لسيارة مفخخة ثالثة تسير بالقرب من مصنع الحديد استهدفتها إحدى طائرات التحالف قبل أن تصل إلى مبتغاها. ولفت إلى أن الاشتباكات التي تلت الانفجارات جرت بين قوات الأمن وعناصر مسلحة حاولت السيطرة على تلك النقاط وتصدت لها عناصر الأمن بنجاح. وقالت شرطة مدينة عدن إن ثلاثة انفجارات عنيفة بسيارات مفخخة نفذها إرهابيون مساء الجمعة استهدفت نقاطا أمنية تابعة للأمن والمقاومة المنضوية في إطار الأمن والجيش الوطني بالخط الرئيسي للبريقة منها نقاط قريبة من بوابة معسكر قوات التحالف العربي الذي كان الهدف الرئيسي لها.
وأشارت في بلاغ إلى أن الانفجارات أوقعت قرابة 37 شخصا بين شهيد وجريح من الأمن والمقاومة ومواطنين، كاشفة عن أن الضحايا الذين تم نقلهم وتوزيعهم على مستشفيات عدة تفحموا بإحدى السيارات.
وكان عدد من جرحى المقاومة الجنوبية رووا تفاصيل هجوم بسيارتين مفخختين حاولتا الوصول إلى مقر قيادة قوات التحالف العربي بعدن. وأشاروا أنه عقب دقائق من هذا الاشتباك انفجرت سيارة في المنطقة التي تقع خلف معسكر قوات التحالف، مشيرين إلى أن عملية الهجوم بالسيارة الحاملة لسلاح المضاد الأرضي كانت عملية مشاغلة للقوات التي في المعسكر بحيث يتم التركيز على مصدر النيران.
كما أحبطت قوة أمنية تابعة للمقاومة وشرطة عدن في مدينة القاهرة وسط عدن فجر أمس السبت هجوما مسلحا كان يستهدف المركز الأمني. وقالت مصادر أمنية في شرطة عدن لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين اثنين هاجما المركز الأمني واشتبكا مع عناصره، مشيرة إلى أن الاشتباك أسفر عن مقتل أحد المهاجمين وإصابة آخر، وأن المهاجمين كانا يستقلان حافلة نوع هايس.
وأضافت أنه وبعد مصرع وإصابة المهاجمين تبين أن الحافلة الصغيرة كانت مفخخة بالمتفجرات، مؤكدة أن أجهزة الأمن ضبطت السائق وتقوم بالتحقيق معه فيما فريق متخصص بنزع الألغام والمتفجرات شرع بتفكيك ونزع المتفجرات.
ورجحت أن تكون العناصر المهاجمة لمركز الشرطة تابعة للعناصر المهاجمة لنقاط التفتيش مساء الجمعة، وهي العملية التي أودت بحياة 25 قتيلا من المدنيين والجنود ورجال المقاومة.
وكانت مقاتلات التحالف قصفت بغارتين منزلا في المدينة الخضراء شمال عدن، يعتقد أنه أحد الأوكار التي يتحصن فيها مسلحون إرهابيون على صلة بالهجمات التي وقعت في عدن مساء الجمعة.
وشنت المقاتلات غارات مماثلة على مواقع الجماعات الإرهابية في منطقة الرباط بين محافظتي عدن ولحج. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين اثنين قتلا أمس السبت أثناء محاولتهما الهجوم على مركز شرطة القاهرة بالقنابل اليدوية.
وأضاف هؤلاء أن أشخاصا وصلوا على متن حافلة ركاب صغيرة فجر أمس السبت وعند وصولها للمكان خرج منها شخصان سارعا بإلقاء القنابل على مركز الشرطة، قتل على إثرها أحد المهاجمين برصاص أفراد الشرطة أثناء محاولته الهرب وأصيب الآخر نتيجة لانفجار القنبلة فيه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم