التوفو الذي يعرف أيضا بروبة الفاصوليا، نوع من أنواع الجبن النباتي المصنوع من حليب فول الصويا وتدخل في عمليات إنتاجه أحيانا مواد أخرى كالبازلاء والجوز. ويعتبر التوفو جزءا لا يتجزأ من المطابخ في شرق آسيا وجنوب شرقي آسيا، وقد بدأ استخدامه أيام حكم أسرة هان الإمبراطورية في الصين قبل 2000 عام تقريبا. وقد ذكر الطبيب والعالم والصيدلي خبير الأعشاب لي شي تشن الذي عمل أيام سلالة منغ، سبل صناعة وتحضير التوفو في كتابه المعروف «خلاصة وافية من المواد الطبية - The Compendium of Materia Medica».
وهناك عدة نظريات حول أصول التافو، أولها أن الأمير ليو آن ابن أخ الإمبراطور وو في سلالة هان، هو من أوجد أو ابتكر التوفو لأول مرة عام 164 قبل الميلاد. وقد عثر علماء الآثار في ستينات القرن الماضي على ما يدعم استخدام الصينيين للتوفو، لكن الكثير من الخبراء أيضا يقولون: إن التوفو الذي كان سائدا أيام سلالة هان كان بدائيا ولم يكن صلبا ما يكفي وطعمه لا يقارن بطعم التوفو الحديث واللذيذ.
وتقول النظرية الثانية، إنه تم اكتشاف التوفو بالصدفة من قبل أحد طباخي البلاط الإمبراطوري في الصين عندما تخمر حليب الصويا عن طريق الخطأ لمدة طويلة لا تقل عن سنة. وقد وجد هذا الطباخ الحليب وقد تحول إلى جبنة ذات مذاق طيب. وقد تم خلط الفاصوليا مع ملح البحر (غني بالماغنسيوم والكالسيوم) قبل تخثره.
أما النظرية الثالثة فتقول إن أهل الصين القدماء، أخذوا ونقلوا تقنيات تخثير لبن الصويا من منغوليا أو شرق الهند لأن تقنيات وعمليات تخثير الحليب كانت محرمة من قبل الكونفوشيوسية قديما، وهناك تقارب كبير بين أصل اسم التافو - tofu واسم الحليب المخثر باللغة المنغولية روفو - rufu إضافة إلى اسم دوفو - doufu الذي يعني «الفاصوليا المخثرة».
وتدرج اسم التوفو - tofu - الذي نستخدمه حاليا من اليابانية مأخوذا عن الصينية، وهو يعني فاصوليا + مخثر أو مروب. بأية حال، وعلى ما يتفق عليه معظم الأكاديميين الصينيين، فإن قصة ليو آن جاءت عبر الفيلسوف والمفكر الكونفوشي تشو شي أيام أسرة سونغ (بين 960 و1279 للميلاد)، أي بعد ألف عام على الابتكار.
وقد ذكر الطبيب والعالم والصيدلي خبير الأعشاب لي شي تشن الذي عمل أيام سلالة منغ، سبل صناعة وتحضير التوفو في كتابه المعروف «خلاصة وافية من المواد الطبية - The Compendium of Materia Medica. ما هو مؤكد أن التوفو كان ينتج ويستهلك بكثرة في الصين منذ القرن الثاني قبل الميلاد، وقد جاء ذكر تقنيات إنتاجه في كتابات وإشعار السلالتين سونغ ويوان.
وقد كان الصينيون في قديم الزمان يستخدمون التوفو في تقاليدهم اليومية ويقدمونه خلال زيارة قبور أقاربهم، إذ كان الناس يعتقدون أن الأرواح والأشباح فقدت ذقونها وفكوكها ولا ينفع لإطعامها إلا التوفو اللين والطري.
ومن الصين انتقل التوفو إلى كوريا ثم اليابان في فترة نارا (اسم المدينة التي احتضنت البلاط الإمبراطوري في اليابان آنذاك) في القرن الثامن للميلاد ومن هناك أصبح من المواد أو المكونات الأساسية للمطبخ الياباني. وانتقل التوفو إلى فيتنام في القرن الحادي عشر قبل أن ينتشر في بلدان جنوب شرقي آسيا مع انتشار الديانة البوذية نفسها والتي تفضل المأكولات النباتية الغنية بالبروتين والقليلة السعرات الحرارية كالتوفو.
وتشير المعلومات المتوفرة، إلى أن المهاجرين الصينيين هم الذين جلبوا التوفو إلى دول جنوب شرقي آسيا التي تستخدم اسم تا هو - tau - hu وتاو - غوان - tau - goan له خصوصا في إندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاندا والفلبين. ولا تزال هذه الدول تستخدم التوفو بكثرة. ويتم استخدامه في هذه الدول في أطباق الكاري ويتم قليه وإضافته إلى أطباق أخرى. ويعتبر التوفو من المواد الرئيسية في المطبخ المحلي في الفلبين، حيث يستخدم منذ مجيئه من الصين في القرن العاشر للميلاد في أطباق الفطور والكثير من أطباق المناطق الريفية.
في الغرب كان الاسم قد استخدم لأول مرة في الإنجليزية في رسالة من أحد مؤسسي الولايات المتحدة الأميركية بنيامين فرانكلين إلى المكتشف الأميركي جون بارترام نهاية القرن الثامن عشر. وقد اكتشف فرانكلين التوفو أثناء زيارته إلى لندن وأطلق عليه اسم «الجبنة الصينية» آنذاك.
كما تم استخدام تعبير «روبة الفاصوليا/ الفاصوليا المخثرة» لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1840. وهو تعبير لم تعرفه الدول الانغلوساكسونية كبريطانيا ونيوزيلاندا وأستراليا إلا حديثا.
وبدأ إنتاج التوفو في الولايات المتحدة الأميركية نهاية القرن التاسع عشر. وافتتح الصيني لي يويينغ المتخصص في البيولوجيا والزراعة أول مصنع للصويا في فرنسا بداية القرن العشرين. ومع هذا لم يعرف التوفو حقا وينتشر في الدول الغربية إلا في منتصف القرن العشرين مع زيادة التبادل التجاري والثقافي بين دول آسيا والدول الغربية بشكل عام.
وهناك عدة طرق لتحضير التوفو الذي لا يملك رائحة أو طعما خاصا به، فإما أن يحضر في أطباق اليخاني العادية أو في أطباق الحلوى. وهو عادة ما يلعب دور المادة المساندة للمذاقات الأخرى لحياديته، وحينما يتم تناوله وحيدا ينقع بزيت السمسم والفلفل الحار وصلصة الصويا.
في الكثير من البلدان الآسيوية الشرقية يؤكل التوفو نيئا ومطبوخا بالصلصة ومقليا بسرعة وفي الشوربة ومحشوا، ولا يستخدم بديلا عن اللحم كما يحصل في الكثير من البلدان إذ إن كثيرا من أطباق التوفو في هذه الدول تشمل اللحم أيضا.
ومن أشهر أطباق التوفو في اليابان طبق الغداء هاياياكو - Hiyayakko الصيفي الذي يقدم باردا مع إضافات عدة كقطع الزنجبيل الطازج والبصل الأخضر وشرائح الكاتسوبوشي السمكية وصلصة الصويا. أما في أيام الشتاء فيأكل اليابانيون التافو (yudofu) منقوعا بالخضار كالملفوف الصيني والبصل الأخضر وصلصة السمك الكانبو داشي.
وفي المطبخ الصيني، ورغم أن الكثير من الناس يأكلون التوفو مع صلصة الصويا وزيت السمسم وشرائح الكاتسوبوشي، فإن بعض الناس يستخدمون التافو (Douhua) الطري والخفيف مع الفستق المسلوق وفاصوليا الأزوكي واللوز والزنجبيل والشوفان وجذور الكاسافا. وعادة ما يتم خلطه بالصيف مع قطع الثلج.
في كوريا، يفضلون التوفو (dubu gui) الصلب مقليا كقطع مع الصويا والثوم وغيره، وأحيانا على الطريقة اليابانية مع الزنجبيل. ومن أكثر الأنواع شيوعا هو الدوبو كميتشي - Dubu kimchi الذي يشمل قطع التوفو المستطيلة والصلبة والمسلوقة مع مخلل الكيمتشي الشهير الذي يضم الملفوف والثوم والفلفل الحار.
وفي الفلبين، يستخدمون التوفو الحريري الطازج في حلوى التاهو - Taho مع السكر قطر السكر الأسمر والساغو (وهو نوع من الحب يصنع من النشويات الموجودة في القلب الأسفنجي للنخيل - وعادة ما يصنع منه الدقيق الذي يسمى دقيق الساغو).
أما في فيتنام فيتم تناول التوفو (douhua) عادة مع السكر المطحون وعصير اللايم وقطر الزنجبيل، وعادة ما يقدم الطبق حارا في أيام الصيف.
يقلى التوفو بزيت البلح وزيت دوار الشمس. ويعمل بعض الناس على تناوله بعد القلي السريع وأحيانا القلي العميق كما يحبه اليابانيون مطعما بصلصة الصويا ككل شيء في تلك البلاد.
وتقول الموسوعة الحرة في هذا المضمار إن جبنة التوفو المحضرة في المنزل تتميز «بكونها طازجة. أما التوفو المبيعة في المتاجر فيتم عرضها بعدة أشكال منها الصلب أو اللين وتمتاز بالملمس الحريري الناعم. ويمكن طهو التوفو على البخار، أو بطريقة التقلية السريعة أو خبزها. ويمكن الاستمتاع بمذاق التوفو بمفردها أو مع الحساء أو مع اليخنة أو مع أطباق الشعيرية أو الفطائر على أنواعها أو مع أنواع الصلصة ومرق توابل السلطات. أما الأطفال فهم يفضلون تناولها مقلية. وتتميز التوفو المصنوعة من كتل جافة رفيعة بقوام صلب ومذاق لا مثيل لهما». وحول عملية حفظ مادة التوفو، تقول الكاتبة كفاية العبادي إن «التوفو مادة غذائية قابلة للتلف مرتبطة بمدة صلاحية وتخزن في الثلاجة لمدة أسبوع واحد إذا كان مغطى بالماء وطازجًا مع تغيير الماء يوميًا لأنه يحافظ على عدم جفافه نتيجة لقوامه الإسفنجي، كما أنه يمتص نكهات الأطعمة الأخرى المحفوظة في الثّلاجة بجانبه».
يساعد التوفو على تسهيل الهضم وتحسين الدورة الدموية وتعتبر لصقاته أفضل من الثلج لتخفيف الالتهابات والأورام والكدمات وتقلب المزاج.
التوفو.. لا طعم ولا رائحة
يحد من الاكتئاب وتقلبات المزاج
التوفو.. لا طعم ولا رائحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة