اشتباكات بين الحرس الجمهوري والميليشيات في صنعاء.. وتصعيد إعلامي بين «شركاء» الانقلاب

شهدت خطب الجمعة تحريضًا من الحوثيين على عدم المشاركة في مسيرة صالح

اشتباكات بين الحرس الجمهوري والميليشيات في صنعاء.. وتصعيد إعلامي بين «شركاء» الانقلاب
TT

اشتباكات بين الحرس الجمهوري والميليشيات في صنعاء.. وتصعيد إعلامي بين «شركاء» الانقلاب

اشتباكات بين الحرس الجمهوري والميليشيات في صنعاء.. وتصعيد إعلامي بين «شركاء» الانقلاب

يخوض الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، هذه الأيام، صراعا محموما لإثبات وجوده على الساحة اليمنية، بالتزامن مع التطورات الجارية على الصعيدين السياسي والعسكري، والمتمثلة في الاتفاق على عقد جولة جديدة من المفاوضات في دولة الكويت، الشهر المقبل، وفقا لما أعلنه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، الذي أكد أن التحضيرات تجري للترتيب لعقد تلك الجولة التي لقيت ترحيبا إقليميا ودوليا، من أجل وقف الصراع المسلح وإنهاء الانقلاب على الشرعية. وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء، تصاعدا واضحا في حدة الخلافات بين شريكي الانقلاب في اليمن، الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، خلال تحضيراتهما للتظاهر (اليوم) بمناسبة مرور عام على اندلاع الحرب، كل منهما على حدة.
فقد أكدت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مناوشات اندلعت، أمس، بين قوات الحرس الجمهوري، الموالية لصالح، وعناصر من الميليشيات الحوثية، في محيط القصر الجمهوري. وبحسب المعلومات، فإن القوات الموالية لصالح حاولت السيطرة على القصر الذي يخضع لسيطرة الحوثيين ويتخذ منه محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» مقرا له، وقد تكتم الطرفان على التصعيد المسلح بينهما. وفي حين تزامنت تلك المناوشات المسلحة، مع تصعيد في الخطاب الإعلامي من قبل الطرفين، فقد ظهرت قوات الحرس الجمهوري وهي تسيطر على بعض المواقع العسكرية والنقاط الأمنية في عدد من مداخل ومخارج صنعاء، فيما انتشر الآلاف من أفراد هذه القوات وقوات الأمن الخاصة (الأمن المركزي - سابقا) في جنوب صنعاء لتأمين ميدان السبعين يوما، الذي سيشهد المظاهرة التي دعا إليها المخلوع صالح والقيادات المتبقية معه في حزب المؤتمر الشعبي العام. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن محيط المنطقة المستهدفة يشهد إجراءات أمنية مكثفة، حيث استخدمت الكلاب البوليسية في عمليات البحث عن متفجرات، في وقت يتوقع أن يحضر صالح إلى المهرجان ليلقي خطابا في أنصاره.
وبحسب المراقبين، فإن دعوة صالح إلى التظاهر، وبقدر ما تعكس حجم الاختلافات بين شركاء الانقلاب إزاء عدد من القضايا، فإنها، أيضا، تعكس ميولا استعراضية لدى صالح من أجل تحدي الشرعية اليمنية ودول الإقليم والمجتمع الدولي الذي فرض عليه عقوبات بقرارات من مجلس الأمن الدولي، وكذا تقديم نفسه كلاعب رئيسي في المشهد اليمني، رغم أنه ظل لأشهر ينكر صلته المباشرة بالحرب الدائرة. وأكد عدد من أعضاء حزب المؤتمر، من مستويات قيادية مختلفة، لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يمارسون بحقهم نوعا من الترهيب، وأن هذا الترهيب زاد بعد الدعوة لتظاهر عناصر المؤتمر كفريق مستقل، وأشاروا إلى أن الحوثيين باتوا يتحكمون بمفاصل الأمور في العاصمة والمحافظات عبر مشرفيهم في المحافظات الذين يسيرون كافة الأمور ولديهم صلاحيات مطلقة، تتجاوز المحافظين وكافة المسؤولين الكبار، سواء كانوا مدنيين أو عسكريين. وضمن ما تطرق إليه هؤلاء الأعضاء، هو تمويل المظاهرات بمناسبة مرور عام على الحرب، حيث من المقرر أن تمول المؤسسات الحكومية في المحافظات هذه المظاهرات وتتكفل بنقل المشاركين من المحافظات إلى صنعاء، غير أن الحوثيين مارسوا ضغوطا لمنع إتمام هذه الخطوات وعرقلتها وبما يضمن عدم مشاركة الموالين لصالح، مقابل مشاركة الموالين لهم.
وقد انتقلت خلافات طرفي الانقلاب على الشرعية في اليمن، من وسائل الإعلام إلى المساجد، فقد شهدت معظم خطب الجمعة، في المناطق التي تحت سيطرة الحوثيين، تحريضا على عدم المشاركة في المسيرة التي دعا إليها صالح، وحضا على المشاركة في مسيرة الحوثيين التي ستقام عصر اليوم السبت، وذلك بعد أن عمم الحوثيون خطبة الجمعة مكتوبة على كافة المساجد. كما صدرت تعميمات إلى سائقي الحافلات في صنعاء وعقال الحارات بعدم التوجه إلى ميدان السبعين. وجاءت هذه التعميمات بعد يوم واحد على تحذير موظفي الدولة في القطاعين العام والمختلط، في صنعاء والمحافظات التي تخضع لسيطرة الحوثيين، من التغيب عن الدوام الرسمي (اليوم السبت).
ويحتدم هذا الخلاف بين شريكي الانقلاب في صنعاء، في وقت تتهيأ فيه كافة المحافظات اليمنية المحررة للاحتفال بمناسبة مرور عام على انطلاق «عاصفة الحزم» لدول التحالف لإعادة الشرعية إلى اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، فيما يسعى «الانقلابيون» في صنعاء إلى التظاهر للتنديد بالمناسبة، في الوقت الذي اتفق فيه المبعوث الأممي إلى اليمن مع الحوثيين في صنعاء وأنصار الرئيس المخلوع صالح، وكذا مع القيادة اليمنية الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، على استئناف المفاوضات ووقف القتال، الشهر المقبل، ووفقا لما أعلنه إسماعيل ولد الشيخ، فإن الحوثيين وأنصار صالح وافقوا على تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي يقضي بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح الثقيل إلى الدولة.



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.