مسؤول العمليات السرية بـ«سي آي إيه»: اعتراف واشنطن بضلوع خامنئي في أحداث سبتمبر يعني الدخول في حرب ضد إيران

أكد لـ «الشرق الأوسط» تقديم طهران دعمًا لوجيستيًا وملاذًا آمنًا للمنفذين

بروس تيفت
بروس تيفت
TT

مسؤول العمليات السرية بـ«سي آي إيه»: اعتراف واشنطن بضلوع خامنئي في أحداث سبتمبر يعني الدخول في حرب ضد إيران

بروس تيفت
بروس تيفت

أحد الشهود الأساسيين في قضية «هالفيش» هو الدكتور بروس تيفت. بين عامي 1975 إلى 1995، عمل تيفت مسؤول عمليات سرية ورئيس وحدة لدى وكالة الاستخبارات المركزية، وقضى 17 عامًا في الخارج في أفريقيا وجنوب آسيا وجنوب شرقي آسيا. كان عضوًا مؤسسًا في «مركز مكافحة الإرهاب» في وكالة الاستخبارات المركزية عام 1995، حيث تولى مهام خاصة بإيران، ودعمها لحزب الله، والإرهاب الشيعي. بين عامي 2002 و2004، في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، عمل متطوعًا كمستشار استخباراتي في مكافحة الإرهاب لدى مكتب مكافحة الإرهاب وقسم الاستخبارات في إدارة شرطة نيويورك. بالإضافة إلى قضية هافليش، أدلى تيفت بشهادته في تسع قضايا أخرى أمام المحاكم الأميركية ضد الحكومة الإيرانية، وانتهت جميعها بالحكم لصالح المدعين.
في حوار خاص مع «الشرق الأوسط»، قدم الدكتور تيفت تقييمًا رفيع المستوى لقضية هافليش، وبعض مضامينها فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الأميركية.
* بناء على الأدلة التي قدمتها في قضية «هافليش»، كيف تصف الدور الإيراني في أحداث 11 سبتمبر، في جملة واحدة؟
- قدمت إيران دعمًا لوجيستيًا وملاذًا آمنًا، كما شاركت في التخطيط للعملية. وكانوا على اتصال بكبار عناصر «القاعدة» طوال تلك الفترة.
* في إطار المحاكمة، ما هي الضمانات التي تم اتخاذها لفحص الأدلة التي قدمتها، في ظل عدم مشاركة إيران في الدعوى؟
- اتخذ القاضي موقفًا حياديًا، تجاه الشهود طوال المحاكمة. وعارض جميع البيانات والحقائق والشهود. وبعد أن حصل على كل ما كان في إمكانه، أصدر حكمه لصالح المدعين.
* في شهادتك، اتخذت مراجعك من مسؤولي الاستخبارات الأميركيين الذين يشاركونك في استنتاجاتك بشأن إيران، ولم تفلح محاولتك لإقناع الحكومة باتخاذ إجراء ضد إيران كرد فعل. فما هي نتائج تلك المحاولات ولماذا؟
- كانت الحكومة الأميركية مترددة في الاعتراف بضلوع الحكومة الإيرانية - نظام خامنئي - في أحداث 11 سبتمبر، لأن ذلك سوف يتطلب من الحكومة اتخاذ خطوات ستمثل انتهاكًا لاتفاقية الجزائر.
دعت اتفاقية الجزائر، التي وقعت في يناير (كانون الثاني) عام 1981 في أعقاب أزمة الرهائن الإيرانية، إلى إفراج إيران الفوري عن الرهائن الأميركيين، ووقف تجميد 7.9 مليار دولار من الأرصدة الإيرانية، ومنح إيران حصانة ضد الدعاوى القضائية التي قد تواجهها إيران في أميركا بسبب احتجاز الرهائن. بالإضافة إلى ذلك، في أحد شروط الاتفاقية، ذكرت الولايات المتحدة التالي: «بداية من الآن فصاعدًا سوف تكون سياسة الولايات المتحدة عدم التدخل، بصفة مباشرة أو غير مباشرة، سياسية أو عسكرية، في الشؤون الإيرانية الداخلية».
* وما نوع الإجراءات التي تعنيها؟
- اتخاذ إجراء ضد الدور الإيراني في أحداث 11 سبتمبر سوف يعني الدخول في حرب ضد إيران.
* كيف تعاملت السلطة التنفيذية في الحكومة الأميركية مع الأحكام التي أصدرتها المحاكم الأميركية ضد إيران؟
- من المهم الإشارة إلى أن الكونغرس الأميركي مرر عدة قوانين بشأن تعويض ضحايا العمليات الإرهابية من الأرصدة التي تم تجميدها أو حيازتها من أطراف إرهابية، مثل إيران. ولكن هناك قيد بسيط تُعطى كل تلك القوانين بموجبه القرار النهائي بالتنفيذ إلى وزارة الخارجية، وأخيرًا إلى الرئيس. هناك مواقف كثيرة تدخلت فيها وزارة الخارجية بالفعل، وحصلت على إعفاء، بعد الدفاع بفاعلية عن الإيرانيين مقابل الضحايا. ولكن ذلك ليس في كل القضايا؛ كانت هناك مخاوف من أنهم سيقومون بذلك في قضية «هافليش»، ولكن يبدو أنهم لم يفعلوا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.