غرفة العنبر بقصر ملك بروسيا يبحث عنها علماء الآثار وجامعو الثروات

أمر ببنائها فردريك الأول في عام 1701 واختفت في الحرب العالمية الثانية

الصورة الوحيدة لغرفة العنبر
الصورة الوحيدة لغرفة العنبر
TT

غرفة العنبر بقصر ملك بروسيا يبحث عنها علماء الآثار وجامعو الثروات

الصورة الوحيدة لغرفة العنبر
الصورة الوحيدة لغرفة العنبر

العنبر أو الكهرمان أحجار خفيفة الوزن وتتكون على مدى آلاف السنين نتيجة إفراز المواد الهيدروكربونية من النبات ولا سيما من الأشجار الصنوبرية، لذا تنبعث منها عند فركها بين اليدين رائحة الصنوبر الذكية. ومع أن العنبر لا يعتبر من الأحجار الكريمة المعدنية لكن أسعاره ارتفعت في الآونة الأخيرة وتتراوح ما بين الـ10 إلى 30 يورو للغرام الواحد، فهذا يعود إلى لون العنبر ومكان تواجده، ويقال: إن عنبر بحر البلطيق وامتداده شرقا إلى روسيا هو أفضل الأنواع وأثمنها، فماذا لو كانت غرفة بكاملها جدرانها من العنبر؟
هذه الحقيقة كانت قائمة بالفعل إبان القرن السابع، حيث كلف ملك بروسيا فريدريك الأول المهندس أندرياس شلوتر بتلبيس إحدى الغرف في قصره بالعنبر وبدأ عمله عام 1701. وتم تجهيز الجدران في قصر برلين وانتهى العمل فيها عام 1716. إلا أن الملك لم يحتفظ بها لنفسه بل أهداها إلى القيصر الروسي بطرس الكبير الذي وضعها في قصر كاترين في زارسكويزيلو بالقرب من سان بيترسبورغ (ليننغراد سابقا) وظلت هناك أكثر من مائتي عام. وقبل أن تختفي خلال الحرب العالمية الثانية. وتبلع مساحة الغرفة نحو 55 مترا مربعا واحتاجت إلى 6 أطنان من العنبر من أجل تغليف جدرانها التي زينتها لوحات ومرايا إطاراتها من الذهب الخالص ما جعل تكاليفها تصل إلى أرقام خيالية.
* قصة اختفاء الغرفة
ولقد أصبح مصير هذه الغرفة مجهولا تماما بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، فلا أحد يعرف مكان تواجدها، فهل دمرت تماما كما الكثير من القصور في أوروبا أم سرقت وأخفيت؟ مع ذلك ما زالت هذا الغرفة سببا لتعكير الأجواء بين موسكو وبرلين، فكل طرف يدعي ملكيتها وأنها سرقت منه.
والمعلومات المعروفة تقول: إن الجنود الألمان سرقوا خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941 كميات كبيرة من الكنوز التي لا تقدر بثمن من المدن التي كانوا يحتلونها ووضعت في دهاليز لم يعد يعرف مكانها وتراكم التراب فوقها فأخفى معالمها، وهذا كان أيضا مصير غرفة العنبر التي كانت في قصر كاترين في بلدة زارسكويزيلو. إذ فكك جنود النازية جدرانها ونقلت عام 1942 مع الأثاث إلى مدينة كونيغزبيرغ (ليننغراد حاليا)، لكن مع انتهاء الحرب العالمية الثانية وهزيمة النازية اختفت الغرفة تماما وما زال اختفاؤها يعتبر لغزا محيرا، ويتبادل الألمان والروس تهمة إخفائها. إلا أن هذا الخلاف والتهم المتبادلة لم تثن ألمانيا وروسيا للتعاون في بناء غرفة مثيلة لغرفة العنبر المختفية كي تملأ الفراغ، فخطط عام 1976 لإنشائها استنادا إلى صور كانت قد التقطت لها بالأسود والأبيض، ونفذ المشروع بفضل تبرع شركة رور غاز الألمانية بمبلغ 3.5 مليون دولار وبالفعل افتتح في مايو (أيار) عام 2003 بمناسبة يوبيل مدينة سان بيترسبورغ الـ300 بحضور مستشار ألمانيا الأسبق غرهادر شرودر والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ويتوافد اليوم آلاف الزوار لمشاهدة النسخة عن غرفة العنبر بينما يتواصل البحث عن الغرفة الأصلية.
* أحقية الغرفة لألمانيا
ويعتمد الألمان على أحقية ملكية غرفة العنبر إلى ملفات تشير إلى أن جدرانها جهزت بالأصل لتكون لجدران إحدى الغرف في قصر شارلوتنبورغ ببرلين، فعلى هذا الأساس تم وضع المخططات لها من قبل المهندس والفنان أندرياس شلوتر وكان عليه تغطية كل جدران الغرفة بشرائح من العنبر وفي عام 1706 نفذ المشروع بناء على طلب من الملك فريدريك الأول ووضع جزءا منها في القاعة البيضاء بالقصر البرليني حيث كانت تعقد جلسات المجلس. وخلال زيارة القيصر الروسي بطرس الكبير لبرلين شاهد الغرفة وأعجب بها، فقدمها له الملك كهدية مقابل تقديمه حراسا مدربين تدريبات خاصة فاعتبر هذا التبادل عنوانا لروابط الصلة بين برلين وبيترسبورغ ضد ملك السويد، إلا أن هذه الهدية أحدثت يومها ضجة إعلامية كبيرة، فوضعتها ابنة القيصر الروسي إليزابيث أولا في القصر الشتوي بمدينة سانت بيترسبورغ بعدها في قصر كاترين في زارسكويزيلو وزاد عليها فنان إيطالي مرايا في إطارات ومنحوتات مطعمة بالذهب.
وفي سبتمبر (أيلول) عام 1941 صادر الجيش الألماني قصر كاترين وحوله إلى سكن للضباط،، وبسبب عجز الجيش السوفياتي عن تفكيك الجدران لتهريبها غلفت بورق مقوى، فاكتشفها الجيش النازي وفي الـ14 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) من نفس العام فككها خلال 36 ساعة ووضعها ملفوفة بورق خاص في 28 صندوقا نقلت بعدها إلى قصر كونيغزبيرغ (في التشيك اليوم) من أجل ضمها إلى مجموع المقتنيات البروسية التي سرقها. على إثر ذلك ضجت الصحف بأخبار هذه الغرفة المدهشة مع وصف دقيق لها، لكن لم يتم البحث عنها في خضم الحرب المشتعلة. وبعد حريق اندلع في قبو قصر كونيغزبيرغ في أغسطس (آب) عام 1944 نتيجة غارات للطيران البريطاني على المدينة ساد الاعتقاد بأن الصناديق في القصر لحقها ضرر كبير. ومنذ ذلك الوقت ولا أحد يعرف أين هي هذه الصناديق التي تحتوي على غرفة العنبر.
* معلومات متضاربة
مع ذلك تظهر في كل مرة إشاعات وأخبار غير مؤكدة تتحدث عن احتمال وجود غرفة العنبر في هذا المكان أو ذاك، ولقد فشلت حتى الآن محاولات الكثير من علماء الآثار الأجانب والألمان وجامعي الثروات للعثور عليها مدفونة رغم استعانتهم بأجهزة كشف أو أجهزة لاقطة للمعادن، لكن ما هو شبه مؤكد أنها شوهدت آخر مرة في كونيغزبيرغ عام 1945. وفي هذا الصدد يقول عالما الآثار البريطانيان أدريان ليفي وكاترين سكوت كلارك بأن غرفة العنبر أحرقت عام 1945 بعد دخول الجيش السوفياتي المدينة واحتلاله للقصر، أي ليس قبل غارات الطائرات البريطانية على المدينة في أغسطس عام 1944 وهذا ما كان واردا في وثيقة في أرشيف الاتحاد السوفياتي كتبها اناتولي كوتشونفو الذي أوكل إليه أمر غرفة العنبر، ويظهر واضحا التناقض بينه وبين نتائج بحوث عالمي الآثار البريطانيين ما يجعل مصير هذا الغرفة النادرة أكثر تعقيدا.
لكن ما هو معروف أن قصر كونيزبيرغ تضرر كثيرا خلال الحرب العالمية الثانية وفي عام 1968 أعطى ليونيد بريجينيف الرئيس السوفياتي أوامره بإزالة القصر وبناء «بيت السوفيات» مكانه، لكن القرار لم ينفذ لأسباب مالية ومعمارية وما زالت بقايا القصر قائمة ولا يسمح لأحد بالبحث في الركام عن غرفة العنبر من أجل التأكد من أنها احترقت حقيقة.
وراجت مؤخرا معلومات روسية استنادا إلى خرائط بناء القصر تقول: إن القبو في قصر كونيزبيرغ الذي وضعت فيه غرفة العنبر ما زال قائما ولو جزئيا ويربطه بكنيسة قريبة ممر سري يؤدي إلى غرف أخرى، وفي القصر أقبية وغرف عميقة تحتوي على أشياء ثمينة، ومن أجل إعاقة الوصول إلى هذه الكنوز نسف الجيش السوفياتي كل المخارج والمداخل إليها بعد نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقوي هذا المعلومات الجديدة الاعتقاد بأن غرفة العنبر ما زالت موجودة ومخبأة في أحد دهاليز القصر. وفي هذا الصدد قال أحد أقارب كورنيليوس غورتيلات جامع التحف والذي عثر في شقته بميونيخ عام 2013 على 1500 لوحة كانت في خزائن النظام النازي أنه يعرف مكان غرفة العنبر لكنه سيحتفظ بالسر لنفسه وتوفي دون البوح بالسر.
وعرضت مفروشات غرفة العنبر بشكل غير متوقع عام 1997 خزانة صغيرة وقطع موزاييك مصنوعة من العنبر في مزاد سوق المقتنيات بمدينة بريمن بنحو 2.5 مليون دولار، لكن وقبل إرساء المزاد تدخلت الشرطة وصادرتها.
ومنذ بضعة أعوام عادت قصة غرفة العنبر تبرز من جديد والباحثون عنها يتزودون بمعلومات إلكترونية ومعدات متطورة من أجل العثور عليها، من بينهم الألمانيان اريك شتينك وجيورج ميدرير وهما على ثقة بأنها موجودة في أحد أقبية قصر فريدلاند بجمهورية التشيك. وما رواه كلاهما يشبه قصص الخيال لكنهما على ثقة بصدق كلامهما. ويقول شتينك الذي عمل في دائرة المخابرات السرية الألمانية في خمسينات القرن الماضي بأنه أخبر صديقه بما قالته له ابنة امرأة عجوز (93 سنة) عما شاهدته في قصر فريدلاند وعملت هناك كطباخة. ففي فبراير (شباط) عام 1945 أي قبل أسابيع من نهاية الحرب العالمية الثانية لاحظت العجوز حركة غير عادية في القصر الذي كان يحتله جنود ألمان، فعلى مدى أسبوعين كانوا ينقلون ليلا من شاحنات صناديق كبيرة مليئة بالذهب والحجارة الكريمة ويضعونها في قبو القصر، بعدها سدوا المنافذ ببناء جدار إسمنتي ضخم.
ومن أجل التأكد مما قالته العجوز لابنتها قصد وصديقه قصر فريدلاند الذي افتتح لاستقبال السياح، وخلال جولة في القصر تمكنا من التسلل إلى القبو، وبالفعل وجدا الجدار الإسمنتي والتقطا صورا له، وهنا يقول جيورج ميدرير «يدل الجدار بأنه لم يبن في زمن بناء القصر الذي يتجاوز عمره قرونا».
ويعتقد الصديقان بأن حكومة التشيك تخفي سرا ظلت سنوات طويلة لا تريد خروجه إلى العلن، وهذا الأمر يحتاج لوقت كي يكتشف، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيطالب بالغرفة عندما تتوفر لديه المعلومات الكافية والأدلة الأكيدة لأن روسيا تعتبر الغرفة ملكا لها، فملك ألمانيا أهداها إلى القيصر الروسي بطرس الكبير وسرقها النازيون خلال الحرب ولا أحد يعرف كيف وصلت إلى التشيك، فهل ستندلع الآن حرب بسبب «غرفة العنبر»؟ لكن ما هو معروف أن عمليات البحث عنها سوف تتواصل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».