شاهدان لدى «سي آي إيه»: «القاعدة» وإيران تعاونا على تفجيرات الخُبر وسفارتي أميركا في شرق أفريقيا والمدمرة «كول»

قالا إن تعاون إيران مع تنظيم بن لادن كان بموافقة شخصية من المرشد الأعلى خامنئي ووزير الاستخبارات علي فلاحيان

«بطاقات بريدية» بالنصب التذكاري لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وضع  مسؤولون بمدينة نيويورك الزهور بجانب أسماء ضحايا مركز التجارة العالمي (غيتي)
«بطاقات بريدية» بالنصب التذكاري لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وضع مسؤولون بمدينة نيويورك الزهور بجانب أسماء ضحايا مركز التجارة العالمي (غيتي)
TT

شاهدان لدى «سي آي إيه»: «القاعدة» وإيران تعاونا على تفجيرات الخُبر وسفارتي أميركا في شرق أفريقيا والمدمرة «كول»

«بطاقات بريدية» بالنصب التذكاري لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وضع  مسؤولون بمدينة نيويورك الزهور بجانب أسماء ضحايا مركز التجارة العالمي (غيتي)
«بطاقات بريدية» بالنصب التذكاري لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر حيث وضع مسؤولون بمدينة نيويورك الزهور بجانب أسماء ضحايا مركز التجارة العالمي (غيتي)

تكشف «الشرق الأوسط» اليوم عن تفاصيل إضافية متصلة بالأدلة والوثائق التي تم تقديمها إلى محكمة نيويورك، وساعدت في إيضاح السبب وراء حكم القاضي جورج دانيلز بتغريم طهران بـ10.7 مليار دولار إضافة إلى الفائدة على التعويض عن فترة ما قبل صدور الحكم، والتي تقدر بـ9 في المائة سنويا، ليتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.
وحصلت «الشرق الأوسط» على الوثائق ذات الصلة، وسوف تنشرها حصريًا في جزأين. يكشف الجزء الأول عن مقاطع من الشهادة، تم استخدامها لصالح المدعين ضد حكومة طهران و«حزب الله» اللبناني وتنظيم القاعدة، وكلها نقاط أساسية في القضية.
ونعرض اليوم شهادة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في القضية المعروفة باسم «هافليش» والتي رفعها عدد من ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وشركات التأمين الخاصة. و«هافليش» هي أرملة أحد الضحايا الذين لقوا حتفهم في البرج التجاري الشمالي وأول مدعية بالقضية.
وأكدت شهادة مسؤولين بوكالة الاستخبارات الأميركية أن الحكومة الإيرانية قدمت مساعدات مادية إلى تنظيم القاعدة في هجمات 11 سبتمبر 2001.
في 26 مارس (آذار) من عام 2010، أدلى اثنان من المسؤولين العاملين منذ فترة طويلة في الاستخبارات المركزية الأميركية، بشهادة موسعة ضمن أدلة قضية «هافليش» المرفوعة ضد إيران، في محكمة المقاطعة الجنوبية في نيويورك، وقد وصفتهما المحكمة بـ«الشاهدين الخبيرين».
وأكد الشاهدان في أقوالهما للمحكمة: «لم تكن العلاقة بين مقاتلي (القاعدة) وإيران وليدة اليوم، ولكنها تعود إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي في أفغانستان، وتضمنت إقامة علاقات شخصية وثيقة بين مسؤولين إيرانيين، وأمير حرب أفغاني تدعمه إيران، وقياديي تنظيم القاعدة فيما بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري. وكانت لتلك العلاقات في أفغانستان دور فعال في سلسلة من الأحداث والتي أدت إلى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكذلك هروب مئات من عناصر (القاعدة) من جبال تورا بورا إلى إيران بعد الغزو الأميركي لأفغانستان فيما بعد الحادي عشر من سبتمبر».
كان التعاون بين تنظيم القاعدة من جهة وإيران و«حزب الله» من جهة أخرى فعالاً، ليس فقط في تخطيط وتنفيذ أحداث 11 سبتمبر في عام 2001. ولكن أيضًا في الكثير من العمليات الأخرى التي قام بها تنظيم القاعدة قبل ذلك. من بين تلك العمليات تفجير أبراج الخُبر في المملكة العربية السعودية عام 1996. وتفجير سفارتي الولايات المتحدة في شرق أفريقيا عام 1998، والتفجير الانتحاري باستخدام قارب سرعة الذي استهدف المدمرة الأميركية يو إس إس كول قبالة سواحل اليمن عام 2000.
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن الشهادة المرفوعة ضد إيران، تتهم ستة من الأفراد والجهات المستهدفين بالمقاضاة وهم، آية الله علي خامنئي، ووزير الاستخبارات والأمن علي فلاحيان، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني، العميد محمد باقر ذو القدر. إضافة إلى ثلاث جهات وهي وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، والحرس الثوري الإيراني، وجناحه فيلق القدس.
يقول الشاهدان الخبيران العاملان بوكالة الاستخبارات لأميركية: «لم يكن التعاون رفيع المستوى بين عناصر من الحكومة الإيرانية و(القاعدة) سيحدث دون تعليمات سابقة من أعلى مستويات السلطة الإيرانية»، تتضمن المرشد الأعلى آية الله خامنئي ذاته، ووزير الاستخبارات علي فلاحيان، ومسؤولين آخرين تم ذكرهم في الشهادة. واستخدِمت تلك التأكيدات لدعم إضافة اسمي خامنئي وفلاحيان ومعهم آخرون، كمدعى عليهم في الكثير من قضايا أحداث 11 سبتمبر المنظورة في المحاكم.
يقول مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إنه رغم المحتوى الكبير للشهادة، التي يمكن الاطلاع عليها من محكمة المقاطعة الجنوبية في نيويورك، هناك الكثير من الصفحات المحجوبة في الوثائق. وتلك المواد المحجوبة عبارة عن معلومات حصل عليها عميلا الاستخبارات المركزية الأميركية من خلال تعاملاتهم المهنية التي تندرج تحت بند «السرية». وهكذا من المحتمل أن بعض الادعاءات، التي تم التوصل إليها عن طريق الاستدلال، موثقة باستفاضة من خلال الشهادة السرية.
وأضاف المصدر القضائي الذي رفض الكشف عن اسمه: «توضح الشهادة وجهة نظر الشاهدين حول (طريقة عمل) الحكومة الإيرانية في تعاونها مع (حزب الله)، بل وأيضًا مع تنظيم القاعدة وحماس وجماعات أخرى: حيث الرغبة في مهاجمة أهداف غربية وغيرها مع الاحتفاظ بقدرة على الإنكار المقبول لتورطها».
وتعتمد الشهادة المستفيضة، الحافلة باتهامات خطيرة ضد أعلى مستويات النظام الإيراني، على شهادة اثنين من مسؤولي «سي آي إيه» وهما كلير م. لوبيز مسؤولة سابقة لعمليات سرية لدى «سي آي إيه»، وبروس دي. تيفت رئيس وحدة سابق لدى وكالة الاستخبارات المركزية، وقد امتدت فترة عملهما في الوكالة إلى عقدين أو أكثر، وكانت مهامها الخاصة ذات صلة مباشرة بقضية إيران وعلاقاتها بالجماعات الإرهابية.
تستند الشهادة أيضا إلى اقتباسات من مواد منشورة تعد في الولايات المتحدة مصادر جديرة بالثقة، مثل تقرير «لجنة 11-9» الضخم، بالإضافة إلى شهادات وتصريحات عامة لكبار المسؤولين العسكريين الأميركيين وغيرهم ممن لا غبار على مصداقيتهم. في الوقت ذاته، ذكر الشاهدان بعض الادعاءات بناء على عملهما المهني في «سي آي إيه» والذي لا يمكن تأكيده عبر مصادر عامة أخرى. لذلك تعد مسألة مصداقيتهما ونزاهتهما بالغة الأهمية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن القاضي في قضية هافليش قَبِل شهادتهما بصفتهما «خبيرين» ونظرا لأن الحكومة الإيرانية لم تقبل بشرعية المحكمة ورفضت المشاركة في عملية التقاضي، فلا يوجد محام عن المدعى عليهم للطعن في الشهادة.
يقول مصدر قضائي رفيع لـ«الشرق الأوسط» هناك ثلاثة أنماط رئيسية تبرزها هذه الشهادة المهمة:
أولا هو عمق التعاون بين تنظيم القاعدة والحكومة الإيرانية و«حزب الله» - وهو ما يرجع إلى العلاقة المباشرة والشخصية بين قيادات هذه الكيانات الثلاثة - والذي تجلى في العمليات السابقة على هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وخلال الهجمات نفسها ثم خلال النشاطات الدموية التي أعقبت الهجمات وذلك وفقا لشاهدي الإثبات:
- ساعد «حزب الله» تنظيم القاعدة في عمليات غسل الأموال وتعزيز قدراته المالية عبر تجارة الماس الأفريقية.
- في لحظة تاريخية فارقة وقبل عدة أشهر من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، تعاونت المنظمتان معا في اغتيال الزعيم الأفغاني أحمد شاه مسعود، للتخلص من أحد الشخصيات الرئيسية المعارضة للتحالف الحيوي بين بن لادن وحركة طالبان.
- ومن الواضح أنه، بعد تحقيق «النصر» الكبير في 11 سبتمبر – من وجهة نظر المنفذين - استمر التعاون بين الجمهورية الإسلامية والتنظيم اللبناني التابع لها وبين التنظيمات الأخرى وهو ما أسفر في النهاية عن تفجيرات مجمع الرياض في مايو (أيار) 2003 الذي أسفر عن مقتل 38 شخصا وجرح 160.
والنمط الثاني الذي يمكن ملاحظته من الشهادة هو أنه لسنوات طويلة قبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر وبعدها، أظهر الكثير من المسؤولين الأميركيين على كافة المستويات الحكومية إدراكا ووعيا بأن تنظيم القاعدة وإيران يتعاونان معا وتحدث بعضهم عن ذلك ليس فقط في الدوائر الخاصة بل في الكثير من المنابر العامة. ويعتقد بعض المسؤولين أن الحكومة الأميركية إذا استفادت من تلك التحذيرات واتخذت إجراءات محددة، ربما كان بإمكانها تجنب هجمات الحادي عشر من سبتمبر والمآسي التي تلتها كنتاج لهذا التعاون بين إيران وتنظيم القاعدة.
ورغم أن الآلاف من عمليات التنصت على الهاتف التي قامت بها الاستخبارات، وغيرها من المواد التي توثق التعاون بين إيران و«القاعدة» كانت متاحة للجنة الحادي عشر من سبتمبر، فإنها قدمت للجنة قبل أسابيع محدودة من تقديم التقرير المطول للجنة. ومن ثم أكد الباحثون باللجنة أنهم لم يكن لديهم الوقت الكافي لتضمين الوثائق في نتائج التقرير وناشد الباحثون كل المهتمين بمكافحة الإرهاب الذين سيعملون في المستقبل في هذا المجال بأن يفحصوا كل جزء من هذه الوثائق ويحددوا تبعاتها على نحو منهجي. ولكن الشهود يزعمون أنه رغم مرور هذه السنوات لم يعمل أحد بتلك التوصية حتى الآن.
قبل عدة سنوات من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، رصد محلل بوكالة استخبارات الدفاع الصلة بين إيران وتنظيم القاعدة مقدرا حجم الخطر الذي تمثله وحاول حث زملائه على فحص الكيانين الإرهابيين معا وليس كل كيان على حدة. ولكنه لم ينجح في إقناع المؤسسة التي يعمل بها بأن تتبنى مقاربته التحليلية.
وتظهر كمية الوثائق الداخلية والتصريحات العامة التي أدلى بها بعض كبار المسؤولين الأميركيين أنهم كانوا يدركون الصلة بين إيران وتنظيم القاعدة – ولكن من الواضح أن هذا الإدراك لم يؤد إلى إجراء حكومي على نطاق يوازي حجم الخطر. وتتضمن الوثائق، على سبيل المثال، برقية لوزارة الخارجية أفرج عنها تذكر العلاقة بين بن لادن وإيران، ومن بين المسؤولين الذين شهدوا علانية بالصلة بين إيران وتنظيم القاعدة كان بورتر غروس، المدير السابق للاستخبارات الأميركية، وجورج تينيت، المدير السابق للاستخبارات الأميركية، وكوفر بلاك، المنسق العام لشؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأميركية سابقا، واثنان من الدبلوماسيين الذين عملوا كسفراء في القارة الأفريقية من بين آخرين.
(يتبع غدا بالجزء الثاني)



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.