خامنئي يجهض بـ«الاقتصاد المقاوم» مشاريع حكومة روحاني

الحرس الثوري يحذر من تجاهل توصيات المرشد الأعلى الاقتصادية

إيرانيون أمام أحد المحال التجارية في طهران أول من أمس، في وقت يتوقع فيه نمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 8% خلال السنوات الخمس المقبلة (إ. ب. أ)
إيرانيون أمام أحد المحال التجارية في طهران أول من أمس، في وقت يتوقع فيه نمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 8% خلال السنوات الخمس المقبلة (إ. ب. أ)
TT

خامنئي يجهض بـ«الاقتصاد المقاوم» مشاريع حكومة روحاني

إيرانيون أمام أحد المحال التجارية في طهران أول من أمس، في وقت يتوقع فيه نمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 8% خلال السنوات الخمس المقبلة (إ. ب. أ)
إيرانيون أمام أحد المحال التجارية في طهران أول من أمس، في وقت يتوقع فيه نمو الاقتصاد الإيراني بنسبة 8% خلال السنوات الخمس المقبلة (إ. ب. أ)

بعد يومين من تدشين المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي شعار «الاقتصاد المقاوم» في العام الجديد، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال مسعودي جزائري، استعداد قوات الحرس الثوري والجيش وميليشيا الباسيج للعب دور فاعل في الخطة العليا التي أطلقها المرشد.
ويعد مصطلح «الاقتصاد المقاوم» من بين جملة مصطلحات أطلقها المرشد الأعلى؛ كان أهمها التحذير من «التغلغل» الخارجي في إيران بحجة الاتفاق النووي. وفي مجموعها تعد مصطلحات تعد عن مخاوف خامنئي تجاه خروج الأجهزة الحكومية عن سيطرته. كما يتخوف الحرس الثوري من تراجع دوره في الاقتصاد الإيراني بعد رفع العقوبات، ودخول المستثمرين الأجانب إلى البلاد. وفي المقابل، يتمسك الرئيس حسن روحاني بسياسة الناي بعيدا عن تأثير الحرس الثوري على سياسة حكومته الاقتصادية، بفتح أبواب الاستثمار الخارجي.
وشدد جزائري، الذي يعد أبرز قادة الحرس الثوري أيضا، أمس، على ضرورة تجنب «الشعارات» و«المحاسبات المغلوطة» تجاه استراتيجية «الاقتصاد المقاوم والمقاومة الاقتصادية» فيما قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن حكومته تعمل بسياسة «الاقتصاد المقاوم» بعيدا عن «الشعارات» منذ وصوله إلى الرئاسة في 2013، مؤكدا أن «التعامل البناء» مع الدول الأخرى يأتي ضمن تلك السياسة. وحاول روحاني تجاوز الخلافات الداخلية خصوصا في وقت توجه فيه أصابع الاتهام إلى حكومته بسبب فشلها في معالجة الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، وأطلق وعودا جديدة حول حركة اقتصادية تشهدها البلاد قريبا، متهما من وصفهم بـ«أعداء إيران» بالسعي وراء حرمان بلاده من إنجازات ما بعد الاتفاق النووي.
من جانبه، عدّ جزائري أن «تضخيم» العقوبات ورفع العقوبات «خطاب انحرافي» وبعيد عن الواقع، يهدف إلى التأثير على الرأي العام. كما وجه تحذيرا شديدا إلى جهات حكومية حول خطاب المرشد الأعلى، مؤكدا «عدم التسامح» مع أي جهة لا تقوم بتطبيق توصيات خامنئي في خطابه بمناسبة عيد النوروز. كذلك أوصى جزائري الحكومة الإيرانية بعدم الثقة بالوعود الأجنبية، ودعاها إلى سد ثغرات «التغلغل» بوجه «الأعداء».
سبق ذلك، في بداية مارس (آذار) الحالي، إعلان قائد الحرس الثوري، الجنرال محمد علي جعفري، استعداد قوات الحرس الثوري وميليشيا الباسيج للتعاون مع الحكومة الإيرانية على صعيد «الاقتصاد المقاوم» إذا ما أرادت الحكومة العمل بتلك السياسة، نافيا أي نشاط اقتصادي مستقل للحرس الثوري في إيران.
وكان الإيرانيون استقبلوا العام الجديد الأحد الماضي، بخطابين تقليديين من خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني، وبينما أطلق خامنئي شعار «الاقتصاد المقاوم» قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إنه بحاجة إلى برنامج عمل مشترك في الداخل من أجل «المصالحة الوطنية» على قرار برنامج العمل المشترك (الاتفاق النووي) الذي توصلت إليه الدول الكبرى مع إيران خلال الصيف الماضي في فيينا. إلا أنه بعد ساعات هاجم خامنئي رسالة روحاني «النوروزية»، وعدّ من يردد من شعار «اتفاق ثاني وثالث» على المستوى الداخلي من أجل تعديل مسار إيران في الداخل والمنطقة، يضخ الخطاب الأميركي. كما اتهم خامنئي وزارة الخزانة الأميركية بالعمل ليل نهار من أجل حرمان إيران من فوائد الاتفاق النووي.
في السياق نفسه، وصف خامنئي الاتفاق النووي بأنه «محض خسارة» لإيران، كما حمل خطابه انتقادات لاذعة لسياسة روحاني الخارجية والاقتصادية، واتهم جهات، لم يذكر اسمها، بتضخيم «العقوبات» وكذلك «رفع العقوبات» عن إيران، كما أنه اعترف للمرة الأولى بأن الحكومة تجاوزت بعض الخطوط الحمر. وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أكد سابقا أن خامنئي كان على اطلاع مباشر بمسار المفاوضات.
وبين خطاب خامنئي تفاقم الخلافات بينه وبين روحاني حول دور إيران في المنطقة، وقال خامنئي إن أميركا تمارس الضغط والعقوبات على إيران حتى تكف عن دعم مناصريها في اليمن والبحرين.
وكانت مصادر إيرانية ذكرت أن الحكومة تنوي عزل مساعد وزير الخارجية الإيراني، أمير عبد اللهيان الذي يتمتع بدعم كبير من خامنئي، واعتبروا ذلك دليلا على اتجاه الحكومة لإعادة النظر في سياستها الحالية، كما أن قائد «فيلق قدس»، قاسم سليماني، انتقد في آخر خطاب له «المناوشات السياسية» في الداخل التي تظهر إيران بلدا مغامرا في المنطقة.
ويطلق خامنئي سنويا في خطابه بمناسبة عيد رأس السنة (نوروز) شعارا سنويا، ويمثل الشعار تأكيد خامنئي على السياسية التي تتخذها الحكومة وكل الأجهزة التابعة له خلال العام، ويتبع ذلك إطلاق مؤتمرات ودراسات وأجندة لتناول الشعار، كما تصدر كتب حول مآثر الثورة وعلاقتها بالشعار السنوي الذي يطلقه المرشد. لكن تجارب السنوات الماضية، بحسب مراقبين، أثبتت فشل البلاد في النقاط التي يركز عليها خامنئي في شعاراته السنوية.
في هذا الصدد، أصدرت القوات المسلحة، أمس، بيانا قالت فيه إن «الاقتصاد المقاوم» الطريق الوحيد لإيران لتجاوز الأزمات. وتعد هذه المرة الأولى التي تعترف فيها القوات المسلحة الإيرانية صراحة بوجود أزمات داخلية في إيران. ويأتي بيان القوات المسلحة بعد يومين من خطاب خامنئي بمناسبة عيد رأس السنة الإيرانية الذي أطلق شعار «الاقتصاد المقاوم» على السنة الإيرانية الجديدة. وعدّت القوات المسلحة الإيرانية أن تأكيد خامنئي حول ضرورة الاقتصاد المقاوم، هو الطريق الوحيد إمام إيران للخروج من الأزمات والقيود التي تعرقلها. ودعا البيان المسؤولين الحكوميين والأجهزة الحكومية للعمل بالشعار «المحوري»، مشددا على أن شعار «الاقتصاد المقاوم» يعد خارطة طريق وقاعدة لإجراءات السنوات المقبلة في البلاد. كما أعلنت القوات المسلحة استعدادها التام لمساعدة الحكومة في تنفيذ «الاقتصاد المقاوم» من أجل تجاوز منعطف تاريخي يواجه إيران.
وفي إشارة إلى تشكيك تلك الأجهزة في مصداقية الحكومة في العمل على تطبيق شعار «الاقتصاد المقاوم»، تتضمن تحذيرا لإدارة روحاني، شدد البيان علي ضرورة التحرك الحقيقي والعمل بالاقتصاد المقاوم وألا يختصر ذلك على الشعارات وإقامة المؤتمرات.
من جانبه، انتقد قائد الحرس الثوري السابق محسن رضايي إدارة حسن روحاني لشؤون البلاد، ودعا الحكومة إلى إتاحة المجال للقوى الثورية في حال عجزها عن «رفع المشكلة الاقتصادية وبطالة الشباب». كما انتقد رضايي فشل الحكومات السابقة برئاسة أحمدي نجاد ومحمد خاتمي في السيطرة على أزمة البطالة. واعترف رضايي بفشل حكومة روحاني في السيطرة على أزمة البطالة، وتهكم رضايي على سياسة روحاني الاقتصادية عبر حسابه في شبكة «إنستغرام» قبل أيام، وقال إنه لا يمكن رفع أزمة البطالة وارتفاع الأسعار بالشعارات ومد اليد لكل أحد.
وأعرب قائد الحرس الثوري عن أسفه تجاه خلل النظام الإداري في البلد، وبعض الفساد والتمييز والمحسوبية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وطالب رضايي الحكومة الإيرانية بالسماح لقوى الثورة الإسلامية بدخول النشاط الاقتصادي، كما شدد على ضرورة فسح المجال من الحكومة الإيرانية أمام القوى الثورية لممارسة النشاط الاقتصادي لخوض الحرب ضد الفقر والبطالة والتمييز.
وتواجه الحكومة الإيرانية تحديا كبيرا على صعيد سياستها في تعديل الوضع الاقتصادي في ظل إصرار الحرس الثوري على ضمان حصته بعد محاولة حكومة روحاني الخروج من العزلة عقب التوصل إلى اتفاق نووي ورفع العقوبات عن إيران.
يذكر أن الحرس الثوري يعد أبرز المنافسين للحكومة الإيرانية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ يسيطر الحرس على شركة الاتصالات وموانئ تجارية والمطارات وشركات كبيرة في مجالات الطاقة والطرق والسكن، فضلا عن النفط والغاز.



تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

تشييع وزير اللاجئين الأفغاني غداة مقتله في هجوم انتحاري

سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
سيارات همفي تابعة لـ«طالبان» متوقفة أثناء مراسم جنازة خليل الرحمن حقاني جنوب كابل 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

شارك آلاف الأفغان، الخميس، في تشييع وزير اللاجئين خليل الرحمن حقاني، غداة مقتله في هجوم انتحاري استهدفه في كابل وتبنّاه تنظيم «داعش»، وفق ما أفاد صحافيون في «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقف أفراد أمن «طالبان» في حراسة بينما يحضر الناس جنازة خليل الرحمن حقاني بمقاطعة غردا راوا في أفغانستان 12 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

وقتل حقاني، الأربعاء، في مقر وزارته، حين فجّر انتحاري نفسه في أول عملية من نوعها تستهدف وزيراً منذ عودة حركة «طالبان» إلى السلطة عام 2021.

وشارك آلاف الرجال، يحمل عدد منهم أسلحة، في تشييعه بقرية شرنة، مسقط رأسه في منطقة جبلية بولاية باكتيا إلى جنوب العاصمة الأفغانية.

وجرى نشر قوات أمنية كثيرة في المنطقة، في ظل مشاركة عدد من مسؤولي «طالبان» في التشييع، وبينهم رئيس هيئة أركان القوات المسلحة، فصيح الدين فطرت، والمساعد السياسي في مكتب رئيس الوزراء، مولوي عبد الكبير، وفق فريق من صحافيي «وكالة الصحافة الفرنسية» في الموقع.

وقال هدية الله (22 عاماً) أحد سكان ولاية باكتيا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم كشف اسمه كاملاً: «إنها خسارة كبيرة لنا، للنظام وللأمة».

من جانبه ندّد بستان (53 عاماً) بقوله: «هجوم جبان».

أشخاص يحضرون جنازة خليل الرحمن حقاني القائم بأعمال وزير اللاجئين والعودة في نظام «طالبان» غير المعترف به دولياً العضو البارز في شبكة «حقاني» (إ.ب.أ)

ومنذ عودة حركة «طالبان» إلى الحكم، إثر الانسحاب الأميركي في صيف 2021، تراجعت حدة أعمال العنف في أفغانستان، إلا أن الفرع المحلي لتنظيم «داعش - ولاية خراسان» لا يزال ينشط في البلاد، وأعلن مسؤوليته عن سلسلة هجمات استهدفت مدنيين وأجانب ومسؤولين في «طالبان»، وكذلك أقلية الهزارة الشيعية.

وخليل الرحمن حقاني، الذي كان خاضعاً لعقوبات أميركية وأممية، هو عمّ وزير الداخلية، واسع النفوذ سراج الدين حقاني. وهو شقيق جلال الدين حقاني، المؤسس الراحل لشبكة «حقاني»، التي تنسب إليها أعنف هجمات شهدتها أفغانستان خلال الفترة الممتدة ما بين سقوط حكم «طالبان»، إبان الغزو الأميركي عام 2001، وعودة الحركة إلى الحكم في 2021.