مصير روسيف في يد البرلمان.. و«لولا» يستأنف على تعليق تعيينه في الحكومة

انقسام في اللجنة النيابية حول إقالة رئيسة البرازيل

عمال في شركة «إمبريير» للطيران يتظاهرون ضد رئيسة البرازيل ديلما روسيف وسلفها لويس لولا دا سيلفا في سان خوسيه دي كومبوس أمس (رويترز)
عمال في شركة «إمبريير» للطيران يتظاهرون ضد رئيسة البرازيل ديلما روسيف وسلفها لويس لولا دا سيلفا في سان خوسيه دي كومبوس أمس (رويترز)
TT

مصير روسيف في يد البرلمان.. و«لولا» يستأنف على تعليق تعيينه في الحكومة

عمال في شركة «إمبريير» للطيران يتظاهرون ضد رئيسة البرازيل ديلما روسيف وسلفها لويس لولا دا سيلفا في سان خوسيه دي كومبوس أمس (رويترز)
عمال في شركة «إمبريير» للطيران يتظاهرون ضد رئيسة البرازيل ديلما روسيف وسلفها لويس لولا دا سيلفا في سان خوسيه دي كومبوس أمس (رويترز)

يعمل اليسار البرازيلي الذي يواجه عاصفة سياسية وقضائية على إحباط مساعي لجنة نيابية لإقالة الرئيسة ديلما روسيف، فيما يبذل سلفها لولا دا سيلفا كل ما في وسعه ليعود وزيرا في الحكومة.
وبدأت أعمال جلسة جديدة في البرلمان، حيث تبحث لجنة مؤلفة من 65 نائبا منذ يوم الجمعة الماضي احتمال المباشرة بإجراء إقالة ديلما روسيف، كما تطالب بذلك المعارضة التي تتهمها بالتلاعب بالحسابات العامة في 2014. وتواجه الرئيسة التي تتولى السلطة منذ 2011، وضعا بالغ الصعوبة، وسط أجواء من العداء الشعبي الذي حمل ثلاثة ملايين شخص على النزول إلى الشارع للمطالبة باستقالتها، حتى لو أن اليسار عبأ أيضا أنصاره الذين كانوا أقل بكثير ولم يتجاوزوا 267 ألفا في كل أنحاء البلاد يوم الجمعة الماضي.
وأكد استطلاع الرأي الذي نشرت نتائجه مؤسسة «داتافولها» السبت أن 68 في المائة من البرازيليين باتوا يؤيدون الإقالة، أي بزيادة 8 نقاط عن نتائج فبراير (شباط) الماضي. وتبدو أن اللجنة النيابية التي يفترض أن تصدر توصيتها في غضون شهر، منقسمة؛ إذ يؤيد 32 من أعضائها الإقالة، ويعارضها 31، أما الآخران فمترددان، وفق استطلاع للرأي أعدته مؤسسة «آركو أدفايس» ونشرت نتائجه الأحد صحيفة «او ديا». وتحتاج هذه التوصية بعد صدورها إلى موافقة ثلثي النواب ثم ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ. لكن الاستطلاع نفسه أوضح أن نحو ثلثي النواب (62 في المائة) يعربون عن اعتقادهم بأن الرئيسة ستقال، أي ما يفوق بثلاث مرات عددهم في الاستطلاع السابق في فبراير الماضي.
وبعد «اتحاد الصناعات» الواسع النفوذ في ساو باولو (فيسب) ونقابة المحامين، قدم الرئيس الاشتراكي الديمقراطي السابق فيرناندو هنريك كاردوسو (1995 - 2002) تأييده الأحد لإجراء الإقالة. وقال في تصريح لصحيفة «أو استادو دو ساو باولو» إنه «نظرا لعجز الحكومة عن القيام بواجباتها اليوم، أعتقد أن الطريق الذي يتعين سلوكه الآن هو الإقالة» حتى لو أن هذه العملية ستكون «مؤلمة». وأضاف: «لكن الإقالة مؤلمة مثل الضرر الذي يلحق بالاقتصاد والمجتمع».
وتواجه البرازيل التي تعد الاقتصاد الأول في أميركا اللاتينية، وتستضيف الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو في أغسطس (آب) المقبل، ركودا تاريخيا والتبعات السياسية والقضائية لفضيحة الفساد في «بتروبراس» التي تعصف بحزب العمال الحاكم. واتهم السيناتور اليساري، دلسيديو أمارال، يوم السبت في مقابلة مع مجلة «فيجا» الأسبوعية، الرئيسة روسيف بأنها «ورثت واستفادت مباشرة» من شبكة رشى تشكلت حول شركة النفط الرسمية. وإذا كان الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (2003 - 2010) الذي يحقق معه القضاء بتهمة الفساد وتبييض الأموال «يقود هذا النظام.. فان ديلما كانت تعرف كل شيء أيضا»، كما أضاف.
وكانت ديلما روسيف عينت الأسبوع الماضي لولا دا سيلفا، رمز اليسار البرازيلي والرئيس الأكثر شعبية في تاريخ البرازيل، رئيسا لديوان الرئاسة (الذي يعادل تقريبا رئيس الوزراء)، لكن متاعبه القضائية سرعان ما لاحقته؛ إذ عمد قاض في المحكمة الفيدرالية العليا إلى تعليق هذا التعيين مساء الجمعة.
إلا أن دا سيلفا الذي أغضبه هذا الإجراء، شن هجوما مضادا مساء أول من أمس ورفع دعوى استئناف. وقال «معهد لولا» في ساو باولو (جنوبي شرق) مساء الأحد الماضي، إن «لولا ليس متهما بأية جريمة، حتى بعد أن تعرض للترهيب في الأشهر الأخيرة». وندد «معهد لولا» الذي يهتم بالتعاون بين البرازيل وأفريقيا وأميركا اللاتينية، بـ«الهجمة الإعلامية على لولا، عبر تسريبات غير قانونية وتصريحات غير مسؤولة والتدخل المنهجي في حياته الخاصة بالتواطؤ المعيب من وسائل الإعلام وعملاء الدولة المتواطئين».
وأضاف المعهد أن الرئيس السابق «ضحية سلسلة من الممارسات التعسفية» من القضاء، خصوصا «طلب نيابة ساو باولو العنيف والتعسفي واللادستوري والإجرامي، بالتوقيف الاحتياطي للرئيس السابق». والمحكمة الفيدرالية العليا، وهي أعلى سلطة قضائية في البرازيل، هي الجهة الوحيدة التي يمكنها أن تؤكد أو تلغي قرار القاضي، لكنها لن تجتمع قبل 30 مارس (آذار) الحالي بسبب عيد الفصح، مما يترك لولا تحت رحمة القضاء العادي الذي يمكن أن يأمر بتوقيفه احتياطيا.



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.