قبل زيارة كيري.. موسكو تحذر واشنطن من تأخرها في مناقشة ملف وقف إطلاق النار في سوريا

الولايات المتحدة تمتنع عن الرد .. والمعارضة السورية اعتبرت التحذير الروسي ذريعة لخرق الهدنة

رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية أثناء وصوله أمس إلى جنيف حيث تجري محادثات السلام مع النظام (رويترز)
رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية أثناء وصوله أمس إلى جنيف حيث تجري محادثات السلام مع النظام (رويترز)
TT

قبل زيارة كيري.. موسكو تحذر واشنطن من تأخرها في مناقشة ملف وقف إطلاق النار في سوريا

رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية أثناء وصوله أمس إلى جنيف حيث تجري محادثات السلام مع النظام (رويترز)
رياض حجاب منسق الهيئة العليا للمفاوضات في المعارضة السورية أثناء وصوله أمس إلى جنيف حيث تجري محادثات السلام مع النظام (رويترز)

انضمت وزارة الخارجية الروسية إلى تحذيرات وزارة الدفاع، إلى واشنطن وذلك عبر بيان رسمي استهلته بالتعبير عن ارتياحها للتعاون مع الولايات المتحدة في مسائل ضمان وقف إطلاق النار في سوريا، لتقول بعد ذلك إن «نتائج المراقبة تدل على أن عددا من الفصائل المقاتلة التي تتهرب من وقف إطلاق النار، تقوم بانتهاكه، وعوضًا عن ابتعادهم عن (جبهة النصرة) المصنفة وفق الأمم المتحدة جماعة إرهابية، فإنهم يتعاونون معها». من ثم تعرض الخارجية الروسية جوهر المشكلة القائمة حاليا وتشير إلى أن الاتصالات مع الولايات المتحدة بهذا الصدد تجري منذ وقت بعيد، إلا أنها لم تؤد إلى التوافق بين روسيا والولايات المتحدة على آليات للكشف عن كل حالات انتهاك وقف إطلاق النار والحد منها، واعتبرت أن «المماطلة إلى ما لا نهاية في صياغة موقف مشترك في هذا المجال أمر خطير وغير بناء»، لتطلق بعد ذلك تحذيرات بأنها لا تستبعد أن تضطر القوات الروسية لأن ترد بشكل أحادي الجانب على ممارسات المقاتلين الذين لا يلتزمون بوقف إطلاق النار.
وفي أول رد فعل لواشنطن دعت إدارة الرئيس أوباما روسيا إلى الامتناع عن خطوات أحادية الجانب في سوريا، وفق ما نقلت وكالة «إنتر فاكس» عن متحدث من البيت الأبيض، الذي أكد أن بلاده تدعو موسكو للرد على الاقتراحات التي قدمتها الولايات المتحدة مقابل (رد على) الاقتراحات الروسية بشأن آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مرجحًا عدم توفر اطلاع كافٍ على المعلومات لدى من أطلق مثل تلك التصريحات، ويقصد تحذيرات الخارجية والدفاع الروسيتين، ليؤكد بعد ذلك أن «هذه المسائل تم بحثها بالتفصيل، والنقاشات حولها بين روسيا والولايات المتحدة ما زالت جارية بأجواء بناءة». وأطلقت موسكو تحذيرات موجهة إلى واشنطن بأنها ستباشر من جانب واحد اعتبارا من اليوم 22 مارس (آذار) توجيه ضربات للمجموعات المسلحة التي تخرق وقف إطلاق النار بشكل ممنهج، ولن تراعي التزاماتها مع الجانب الأميركي المشترك لوقف الأعمال القتالية في سوريا.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان رسمي عرضه سيرغي رودسكوي رئيس دائرة العمليات في هيئة الأركان الروسية إنها وجهت يوم 25 نوفمبر (تشرين الثاني) عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية اقتراحات إلى ممثلي الولايات المتحدة حول ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار في سوريا وآليات مراقبته، مشيرة إلى أن تلك الاقتراحات تتضمن آليات التشاور بين روسيا والولايات المتحدة في حال الحصول على معلومات بخرق نظام وقف الأعمال العدائية، فضلا عن إجراءات استخدام القوة العسكرية بحق التشكيلات التي تنتهك التزاماتها بوقف إطلاق النار بشكل مستمر، وترى وزارة الدفاع الروسية أن مثل هذه الإجراءات ستساعد على تشكيل آلية فعالة للمراقبة وردع الانتهاكات المحتملة لوقف إطلاق النار في سوريا.
والتحذير الروسي الموجه بصورة رئيسية إلى أميركا، جاء وفق وجهة النظر الروسية بعد مشاورات جرت مع ممثليها بتاريخ 18 مارس ليظهر الجانب الأميركي عدم جاهزية لمناقشة موسعة للاقتراحات الروسية بشأن آليات ضمان وقف إطلاق النار، والتوافق على نص الاتفاق بين الجانبين بهذا الصدد.
وعلى الرغم من أن الجانب الروسي كان قد عدل تلك الاقتراحات وأرسل نسخة تسوية من جديد إلى ممثلي الولايات المتحدة، واقترح عقد اجتماع في أقرب وقت ممكن بغية إجراء مشاورات بين الخبراء الروس والأميركيين للتوافق على نص مشروع الاقتراحات، وفق ما جاء في بيان وزارة الدفاع الروسية الذي اعتبر أن «المماطلة في دخول قواعد متفق عليها للرد على انتهاكات وقف إطلاق النار في سوريا حيز التنفيذ أمر غير مقبول؛ حيث يسقط كل يوم مدنيون هناك نتيجة الأعمال الاستفزازية والقصف».
وبعد أن كررت موسكو جاهزيتها للعمل مع ممثلي الولايات المتحدة بغية إنجاز وثيقة الاقتراحات حول إجراءات ضمان الالتزام بوقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، واستعدادها لاستقبال وفد أميركي في موسكو أو أي مكان آخر يناسب الطرفين لعقد لقاء بينهما، حذرت من أنه «في حال عدم الرد من جانب الولايات المتحدة على هذه الاقتراحات، فإن روسيا الاتحادية ستباشر اعتبارا من 22 مارس وبشكل أحادي تطبيق القواعد التي تنص عليها الاتفاقية»، أي أنها ستقوم بتوجيه ضربات للمجموعات المسلحة التي تنتهك وقف إطلاق النار، مؤكدة في غضون ذلك أنها لن تفعل قبل الحصول على معلومات وأدلة موثوقة تؤكد واقعة الانتهاك الممنهج من جانب مجموعة محددة.
من جهتها، أشارت فصائل سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط» إلى أن البيان الروسي «خلق ذرائع لضرب المعارضة»، وفق ما قال عبد السلام عبد الرزاق، المتحدث الرسمي باسم حركة «نور الدين الزنكي»، معربا عن قناعته بأن روسيا لن تستطيع حتى الآن الابتعاد عن النظام أو مرجعًا لكل السوريين متسائلاً عما إذا كانت روسيا ستقوم أيضًا بتوجيه ضربات لتجمعات قوات النظام وميليشياته في حال خرقهم لهدنة وقف إطلاق النار.
وأكد عبد الرزاق، المتحدث باسم واحد من أكبر فصائل الجيش الحر في الشمال أن النظام والميليشيات التي تقاتل إلى جانبه اخترقوا وقف إطلاق النار على الخطوط مع حركة نور الدين الزنكي عشرات المرات، متسائلا عن الأسباب التي تجعل المركز الروسي في مطار حميميم لمراقبة وقف إطلاق النار تجاهل هذه الخروقات وغيرها من جانب النظام، مقابل تأكيد يومي بأن «فصائل محسوبة على الجيش الحر في سوريا تخترق وقف إطلاق النار».
وأكد عبد السلام عبد الرزاق أنهم مستعدون لتقديم وثائق عن انتهاكات قوات النظام والميليشيات الطائفية لوقف إطلاق النار، موضحًا بقوله: «لا تواصل حاليا مع مركز المراقبة الروسي، وندرس الآليات للقيام بذلك لكن ضمن مهمته بموجب البيان الأميركي - الروسي كجهة تراقب وقف إطلاق النار»، إلا أن الضابط في الجيش الحر شكك بقدرة الروس الوقوف على الحياد في المشهد السوري وقال إنهم «ما زالوا أقرب إلى النظام، ولا يمكن اعتبارهم راعيا محايدا للعملية السلمية».
في السياق ذاته، أكد المجلس المحلي لمدينة داريا أنهم أبلغوا الرعاة الدوليين، بخروقات لوقف إطلاق النار وإطلاق جيش النظام قذائف مدفعية وأسلحة الثقيلة باتجاه داريا، وذلك عبر ممثل المجلس في تركيا، إلا أنهم لم يجدوا ما يشير إلى هذه الانتهاكات في التقارير حول مراقبة وقف إطلاق النار في سوريا.
وتساءل عن الهدف الحقيقي الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه من خلال بيانها التحذيري هذا، وإصرارها دوما على ذكر انتهاكات تتهم بها فصائل المعارضة، بينما تتجاهل كليا الانتهاكات الكثيرة من جانب النظام. في غضون ذلك يرى مراقبون أن روسيا تحاول عبر بيانها التحذيري ممارسة الضغط على الولايات المتحدة كي تواصل الثانية نشاطها في مجال التنسيق مع المركز الروسي، ومع روسيا في الشأن السوري بشكل عام، مرجحين أن تكون وزارة الدفاع الروسية إما أنها اختارت التوقيت بنفسها أو بالتنسيق مع الخارجية الروسية، التي قررت إصدار هذا البيان عشية زيارة يُتوقع أن تبدأ يوم غد لوزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو، حيث سيبحث الموضوع السوري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف وربما مع الرئيس بوتين أيضًا. وعليه يقول المراقبون إن الهدف هو فرض هذا الملف على أجندة محادثات كيري - لافروف، وكيري - بوتين، كي تتم مناقشة الموضوع على أعلى مستويات، أملا باتخاذ القرارات التي ترغب بها روسيا على في أسرع وقت.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.