قصة مدينتين في حلب.. حطام على جانب.. ومطاعم مزدحمة على الجانب الآخر

مناطق النظام في نعيم.. وسكان الأحياء الخاضعة لسيطرة الثوار في جحيم

بقايا سوق مدمرة في حي بحلب تسيطر عليه قوات المعارضة.. وحديقة غناء في منطقة خاضعة لسيطرة النظام (واشنطن بوست)
بقايا سوق مدمرة في حي بحلب تسيطر عليه قوات المعارضة.. وحديقة غناء في منطقة خاضعة لسيطرة النظام (واشنطن بوست)
TT

قصة مدينتين في حلب.. حطام على جانب.. ومطاعم مزدحمة على الجانب الآخر

بقايا سوق مدمرة في حي بحلب تسيطر عليه قوات المعارضة.. وحديقة غناء في منطقة خاضعة لسيطرة النظام (واشنطن بوست)
بقايا سوق مدمرة في حي بحلب تسيطر عليه قوات المعارضة.. وحديقة غناء في منطقة خاضعة لسيطرة النظام (واشنطن بوست)

خمس سنوات من الاقتتال مزقت سوريا، وليس هناك مثال أوضح من مدينة حلب الأكثر ازدحاما التي انقسمت إلى نصفين متناقضين غاية التناقض.
أصبحت حلب بفعل الحرب مدينة التناقضات الحادة، حيث بات لأحد النصفين اليد العليا. ففي أحد المتنزهات في الجانب الخاضع لسيطرة القوات الحكومية ترى العائلات والأطفال في صفوف لشراء البالونات والفشار. وعلى بعد أميال معدودة وداخل مبنى الجامعة ترى آلاف الطلاب يحضرون محاضراتهم في مبنى الجامعة الذي يحتل مساحة شاسعة. وفى وسط المدينة تعرض دور السينما أحدث أفلام هوليوود، وفي المساء تمتلئ المطاعم عن آخرها.
الحرب تأتي بالموت وانعدام الراحة، لكن الحياة هنا تستمر بشكل طبيعي وبدرجة مدهشة. غير أن هناك صورا أخرى صارخة في نفس المدينة شاهدها العالم، صورة للحرب الدائرة في سوريا، صور الشوارع المليئة بالحطام، ومشاهد الجثث التي ينتشلها الأحياء من بين الحطام عقب الضربات الجوية، تلك المشاهد لا نشاهدها سوى في الجزء الخاضع لسيطرة الثوار.
هناك في ذلك الجزء من المدينة حوصرت بالكامل الفصائل المسلحة المختلطة التي كانت تسيطر على المدينة وجرى قصفها بوحشية قبل قرار وقف إطلاق النار الذي صدر مؤخرا ليهدئ الأمور نسبيا. من يعيش على يمين خط المعركة يرى مدينة حلب القديمة متهالكة، والقلعة التي تعلو المدينة والتي بنيت منذ ثلاثة عشر قرنا، وإلى الأسفل تجد أسواقها الشهيرة ذات الأسقف المقنطرة وقد باتت الآن قاعدة للجيش السوري.
تحيط القوات الموالية للنظام المدينة التي بلغ عدد سكانها قبل الحرب ثلاثة ملايين نسمة. ساندت الضربات الجوية الروسية القوات الحكومية وساعدتهم على التمدد وتأمين الطريق الوحيد الذي يمثل شريان الحياة للجانب الخاضع لسيطرة القوات الحكومية، وهو الطريق الوحيد للدخول أو الخروج من المدينة.
يتطلب الوصول إلى هناك تصريحا رسميا، بالإضافة إلى ضرورة اصطحاب حراس حكوميين للصحافيين، والدخول مقتصر على المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، ولن يتسنى للصحافي سوى إلقاء نظرة بسيطة على الوضع هنا. فبالإضافة إلى العوائق البيروقراطية هناك أيضًا المتاريس في الطرقات لمنع المرور بسبب الهجمات.
تطلبت الرحلة من العاصمة دمشق إلى حلب هذا الشهر طريقا غير مباشر ينحرف باتجاه شرق الرقة لتجنب المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار على الطريق الرئيسي، وأصبحت الرحلة تستغرق ثماني ساعات بدلا من أربع.
وبالقرب من بلدة خناصر، 30 ميلا جنوب شرقي حلب، تسيطر جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، على أحد جانبي الطريق، في حين يسيطر تنظيم داعش على الجانب الآخر. والشهر الماضي تعرضت نقطة تفتيش لهجوم بالقنابل، وعقب التفجير تقدمت قوات الجماعتين من خلف التلال المجاورة، وفق الجنود.
غير أنه على مدار العام الماضي استمر الطريق مفتوحا، وأفاد سكان الجزء الخاضع لسيطرة الحكومة السورية بأن الأوضاع تحسنت، وبعد ثلاثة شهور من دون ماء عادت شبكات الماء للعمل في أغلب المناطق هذا الشهر، بيد أن الكهرباء لا تزال مقطوعة ولا تتوافر إلا من خلال المولدات.
في مقهى فورستا الذي يقع في منطقة العزيزة الثرية، قالت هديل قصبجي، 25 عاما، التي جلست تنصت لأغنية المطرب ديفيد غويتا «لا مال، لا حب»، مع أسرتها، إن انقطاع الكهرباء يعتبر صراعا في حد ذاته، مضيفة: «الآن علينا أن نفكر في هذه الأمور، ضرورات الحياة».
وعلى امتداد الطريق في دار سينما الزهراء جلس نحو 50 متفرجا لمشاهدة فيلم الحركة «سقوط لندن» بطولة مورغان فريمان الذي تدور قصته عن هجوم إرهابي حول لندن إلى حطام.
قال رافعي بعلبان (31 عاما) أثناء مغادرته دار العرض: «من الصعب أن تعيش هنا»، في حين أفادت زوجته نور: «حاولت إقناعه بمغادرة البلاد مثل غيره ممن رحلوا لحياة جديدة في أوروبا وغيرها من المناطق».

*خدمة: «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.