واشنطن: تطرف ترامب أم تطرف الأميركيين؟

الصحف الأوروبية: قمة المهاجرين.. واعتقال المطلوب الأمني الأول على خلفية تفجيرات باريس

واشنطن: تطرف ترامب أم تطرف الأميركيين؟
TT

واشنطن: تطرف ترامب أم تطرف الأميركيين؟

واشنطن: تطرف ترامب أم تطرف الأميركيين؟

مع زيادة أسهم دونالد ترامب، المرشح الجمهوري المتطرف لرئاسة الجمهورية، وتوقع أن يكون مرشح الحزب عندما ينعقد المؤتمر العام للحزب في الصيف، يزيد قلق كثير من أجهزة الإعلام، متمثلة في افتتاحيات الصحف الرئيسية. في الأسبوع الماضي، بدأت صحيفة «واشنطن بوست» نشر حلقات طويلة ومفصلة عن أسباب زيادة أسهم ترامب. لم تقل الصحيفة إنها ركزت على الأغلبية البيضاء، لكن يبدو واضحا أن قلق هذه الأغلبية البيضاء انعكس في زيادة أسهم ترامب.
وكتبت الصحيفة افتتاحية جاء فيها: «ليس سرا أن أغلبية الأميركيين قلقة لأربعة أسباب لها صلة بالأجانب: الخطر الأجنبي المتمثل في الإرهاب. فشل وقف هجرة الأجانب غير القانونية، وحل مشكلة غير القانونيين منهم. التعددية والتنوع (غير البيض). التأدب السياسي (الحذر في انتقاد الآخرين)».
ومع زيادة معارضة ما تسمى «المؤسسة الجمهورية» (القادة التقليديين للحزب الجمهوري) للمرشح المتطرف دونالد ترامب، حذرت افتتاحية صحيفة «لوس أنجليس تايمز» ترامب بأنه، في نهاية المطاف، ربما لن يفوز بترشيح الحزب لرئاسة الجمهورية. وقالت: «تنبيه لدونالد ترامب: فوزك بفرق كبير في الانتخابات التمهيدية ليس مثل فوزك بترشيح الحزب. نعم، إنها المرة الأولى التي ترشح فيها نفسك لمنصب سياسي. لهذا، قد لا تعرف تعقيدات العملية السياسية. نعم، جئت على رأس القائمة في 30 انتخابا تمهيديا في 30 ولاية. لكن، يجب ألا تنسى حقيقة أنك لم تجتذب 50٪ من الأصوات في أي منها».
ومع زيارة الرئيس أوباما إلى كوبا، التي بدأت يوم الأحد، علقت صحف أميركية عليها. وكتبت افتتاحية صحيفة «نيويورك بوست»: «يوم الأحد، سيكون الرئيس أوباما أول رئيس أميركي، منذ كالفين كوليدج في عام 1928، يزور كوبا. لكن، تظل كوبا شيوعية. لكن، يظل أوباما يأمل فيها خيرا».
وقالت افتتاحية صحيفة «يو إس توداي»: «بعد عام من كشف تلاعب هيلاري كلينتون بوثائق وزارة الخارجية، ووضعها في البريد الإلكتروني الخاص بها (وبزوجها)، لم يختف الجدل حول مدى قانونية ما فعلت. ويمكن أن يقود الجدل إلى ما لا تحمد عقباه».
ورغم انشغال الأميركيين بالحملة الانتخابية، وهي مثيرة هذه المرة، تظل مواضيع خارجية محل الاهتمام. مثل تحدي كوريا الشمالية للمجتمع الدولي، وحتى للصين، جارتها وسندها الأكبر. ومثل إصرارها على تجارب صاروخية بعيدة المدى، يمكن أن تحمل رؤوسا نووية. بالإضافة إلى ما حدث الأسبوع الماضي، عندما حوكم بالسجن هناك أميركي كوري. وكتبت افتتاحية صحيفة «تامبا تربيون»: «تبدو هذه مغامرة خطيرة من جانب كوريا الشمالية. لقد ارتكب الكوريون الشماليون فاحشة بأن حكموا على طالب جامعي أميركي يبلغ من العمر 21 عاما بالسجن 15 عاما مع الأشغال الشاقة لمزحة سخيفة (رفع لافتة)».
وبمناسبة فيلم جديد عن حرب طائرات «درون» (من دون طيار)، وهو فيلم ينتقد الحرب ويعطف على الضحايا المدنيين، كتبت افتتاحية صحيفة «نيويورك تايمز»: «لا بد من الشفافية في حروب الطائرة من دون طيار. قريبا سيعلن البيت الأبيض عدد المدنيين الذين تعتقد الحكومة أنها قتلتهم في غارات طائرات من دون طيار. لكن، سيكون هذا قليلا جدا، ومتأخرا جدا».
وتعددت الموضوعات التي اهتمت بها الصحافة الأوروبية، وخاصة الموضوعات المرتبطة بتطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، ومنها الوضع في تونس وسوريا، والعلاقات بين إيران والولايات المتحدة، اعتقال المطلوب الأمني في أوروبا صلاح عبد السلام، وقمة بروكسل واتفاق بشأن التعاون مع تركيا لمواجهة أزمة اللاجئين.
نبدأ من بريطانيا ومع «الإندبندنت»، التي نشرت موضوعا عن التطورات على الصعيد الإنساني في سوريا بعنوان «برنامج الغذاء العالمي: السوريون يأكلون الحشائش في داريا ودير الزور المحاصرتين». تقول الجريدة إن نظام الأسد رفض السماح بمرور قوافل الغذاء والمساعدات التابعة للأمم المتحدة إلى 6 مناطق تخضع لحصار شامل من قواته ما يفاقم الأزمة الإنسانية في سوريا. وتضيف أن بعض السكان في مدينتي دير الزور وداريا اضطروا لأكل الأعشاب بسبب انقطاع قوافل الإغاثة وعدم توفر أي أطعمة، وذلك حسب ما أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
«الغارديان» نشرت مقالا للكاتبة الفرنسية نتالي نوغايريد بعنوان «لعبة بوتين الطويلة اتضحت وحظوظ أوروبا سيئة». تقول الجريدة إنه في الوقت الذي كان فيه الاتحاد الأوروبي يفاوض تركيا للتوصل إلى اتفاق لحل أزمة المهاجرين كانت هناك قوة أخرى تتربص وتراقب في الخفاء وهي روسيا. وتضيف أن تغريدة على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي على حساب المتحدث باسم الخارجية الروسية الأسبوع الماضي أوضحت الكثير، حيث قال فيها «إن محاولات الغرب غير المسؤولة لنشر ديمقراطيته في الشرق الأوسط هي السبب الوحيد لأزمة المهاجرين». وتقول الجريدة إن هذه التدوينة التي سبقت المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بساعات قليلة لا توضح فقط موقف روسيا المعروف بمقاومة أي تغيير على النمط الغربي بل أيضا اتجاه روسيا لتوبيخ الغرب على سياساته. وتوضح أن روسيا تلقت اتهامات من قادة حلف شمال الأطلسي (الناتو) قبل أسابيع باستخدام أزمة المهاجرين كسلاح للضغط على الاتحاد الأوروبي بهدف زعزعة استقرار أوروبا لكن الأهم من ذلك هو معرفة ماذا تريد روسيا من هذا الأمر؟
أما «الديلي تليغراف» نشرت موضوعا بعنوان «إيران تبني تمثالا للبحارة الأميركيين الذين اعتقلتهم». تقول الجريدة إن الحرس الثوري الإيراني أقدم على خطوة من شأنها أن تسبب غضبا في الغرب وفي الولايات المتحدة الأميركي، حيث أعلن البدء في تشييد تمثال للبحارة الأميركيين الذين اعتقلتهم البحرية الإيرانية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي في المياه الإقليمية الإيرانية. وتضيف أن إيران أعلنت أنها تنوي جعل التمثال مزارا سياحيا بعد الانتهاء منه. وتشير الجريدة إلى أن المعارضين الجمهوريين لسياسات الرئيس الأميركي باراك أوباما خاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي مع إيران سيستخدمون هذا الحدث للهجوم على الاتفاق وعلى أوباما نفسه، كما حدث بعد نشر طهران صورا لمشهد الاعتقال قبل عدة أسابيع.



هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
TT

هل تنجح مساعي دمج صُنّاع المحتوى داخل غُرف الأخبار؟

صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)
صحف سعت لاجتذاب صُنّاع المحتوى (متداولة)

يبدو أن ثمة تطوراً جديداً ربما يظهر داخل «غرف الأخبار»، بعدما سعت صحف بارزة، مثل «واشنطن بوست»، لاجتذاب صُنّاع المحتوى بهدف «تعزيز التواصل مع الجمهور»، في حين أثارت مساعي دمج صُنّاع المحتوى (المؤثرون) داخل غُرف الأخبار تساؤلات بشأن «ضمانات التوازن بين المعايير المهنية والتكيّف مع تطلّعات الجمهور».

ووفق تقرير معهد «رويترز لدراسة الصحافة»، العام الماضي، فإن «الجمهور من الفئات الأقل من أربعين عاماً يعيرون اهتماماً أكبر لصُنّاع المحتوى، أو ما يطلقون عليهم لقب (مؤثرون)، بوصفهم مصدراً للمعلومات وكذلك الأخبار».

كما أشارت دراسة استقصائية ضمن مبادرة «بيو-نايت» الأميركية، المعنية برصد التغيرات في كيفية استهلاك الأخبار والمعلومات، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن أكثر من خُمس البالغين في الولايات المتحدة يعتمدون بانتظام على «المؤثرين» للحصول على الأخبار.

ومع ذلك، فإن معظم هؤلاء «المؤثرين» الذين ينشرون الأخبار لا ينتمون إلى مؤسسات إخبارية ولا يخضعون لتدريب صحافي. وحسب دراسة أجرتها منظمة «اليونيسكو» ونُشرت نتائجها، نهاية نوفمبر الماضي، فإن غالبية هؤلاء المؤثرين (62 في المائة) لا يتحقّقون من صحة المعلومات التي يشاركونها مع جمهورهم، ما يُثير مخاوف من انتشار «المعلومات الزائفة».

ومعروف أن ثمة تجارب بدأت تخوضها أخيراً غرف الأخبار للدمج بين الصحافي المدرب وصانع المحتوى صاحب الكاريزما والجمهور. وظهرت، في هذا الإطار، نماذج؛ مثل: «واشنطن بوست»، والمنصة الأميركية «مورنينغ بيرو» التي أطلقت بالفعل مبادرات يقودها صُنّاع محتوى على منصات التواصل الاجتماعي، غير أن الاتجاه لا يزال قيد التجربة والتقييم، حسب ما يبدو.

الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، مهران كيالي، رهن نجاح تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار بـ«تنظيم العلاقة بين الطرفين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على غرف الأخبار أن توفّر لصُنّاع المحتوى أدوات؛ مثل: التحقق من المصادر، والالتزام بأخلاقيات الصحافة، في حين يقدّم صُنّاع المحتوى خبراتهم في الإبداع الرقمي وفهم الجمهور على المنصات الحديثة». وأضاف: «كما يجب تقنين العلاقة من خلال وضع إطار واضح يحدّد المسؤوليات وأسلوب العمل».

غير أن كيالي أشار إلى «تحديات أمام تجربة دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار»، قائلاً: «هناك نظرة سلبية من قِبل بعض الصحافيين التقليديين تجاه صُنّاع المحتوى، بل هم يعدونهم دخلاء على المهنة، رغم امتلاكهم جمهوراً واسعاً وتأثيراً كبيراً». وأضاف: «بعض المؤسسات الصحافية تعاني صعوبة التكيّف مع أسلوب المحتوى السريع والبسيط الذي يتناسب مع منصات التواصل الاجتماعي، خشية خسارة الصورة الوقورة أمام الجمهور».

وعدّ كيالي أن غرف الأخبار قبل أن تستعين بصُنّاع المحتوى، هي بحاجة إلى «التجهيزات والإجراءات التي تمكّن الصحافيين من إنتاج ونشر محتوى رقمي جذاب بسرعة».

وعن الحلول لتجاوز هذه التحديات، أوضح الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» أنه «يجب على المؤسسات تحديث سياساتها وتوفير الدعم الفني والتدريب اللازم للصحافيين، مع تغيير النظرة السلبية تجاه صُنّاع المحتوى والبحث عن تعاون».

وأشار كذلك إلى أهمية تحقيق التوازن بين المهنية والتطوير، قائلًا: «بعض غرف الأخبار تحتاج إلى تعزيز مصداقيتها بالالتزام بمبادئ الصحافة، من خلال تجنّب المصادر غير الموثوقة وتدقيق المعلومات قبل نشرها»، و«لجذب الجمهور، يجب تقديم محتوى يلامس اهتماماته بأسلوب مبسط مع استخدام أدوات حديثة مثل الفيديوهات القصيرة؛ مما يضمن الجمع بين الدقة والجاذبية لتعزيز الثقة بعصر المنافسة الرقمية».

المحاضرة في الإعلام الرقمي بالجامعة البريطانية في القاهرة، ياسمين القاضي، ترى أن بعض المؤسسات الإخبارية لا تزال تعتمد الاستراتيجيات «القديمة» نفسها على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «منذ سنوات تبنّت بعض وسائل الإعلام مفهوم (التحويل إلى منصات) من خلال جمع المعلومات وتدقيقها، وهو الدور الأصيل للصحافة، ثم نشرها بأسلوب يحاكي وسائل التواصل الاجتماعي، غير أن هذا الاتجاه ربما لن يكون كافياً في ضوء احتدام المنافسة مع صُنّاع المحتوى، مما أفرز اتجاه الاستعانة بـ(المؤثرين)».

وأوضحت القاضي أن «الغرض من دمج صُنّاع المحتوى في غرف الأخبار، هو تقديم المعلومات المدققة بأسلوب مبتكر». وأضافت أن «الاستعانة بشخصية مؤثرة لنقل المعلومات لا تعني بالضرورة المساس بمصداقية المحتوى ودقته، فالأمر يعتمد على مهارة كُتّاب المحتوى، فكلما كان الكُتاب صحافيين محترفين يسعون لتطوير أدواتهم ضمنت منصة الأخبار تقديم معلومات دقيقة وموثوقة».