ألف طاه من كل أنحاء العالم يحتفلون بيوم «النكهة الفرنسية» في بيروت

تنظّمه سفارة فرنسا بهدف نشر خصائص المطبخ الفرنسي

السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون يتوسّط فريق الطهاة وأصحاب المطاعم المشاركين في يوم «النكهة الفرنسية» في لبنان في مقرّه في «قصر الصنوبر»
السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون يتوسّط فريق الطهاة وأصحاب المطاعم المشاركين في يوم «النكهة الفرنسية» في لبنان في مقرّه في «قصر الصنوبر»
TT

ألف طاه من كل أنحاء العالم يحتفلون بيوم «النكهة الفرنسية» في بيروت

السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون يتوسّط فريق الطهاة وأصحاب المطاعم المشاركين في يوم «النكهة الفرنسية» في لبنان في مقرّه في «قصر الصنوبر»
السفير الفرنسي في لبنان إيمانويل بون يتوسّط فريق الطهاة وأصحاب المطاعم المشاركين في يوم «النكهة الفرنسية» في لبنان في مقرّه في «قصر الصنوبر»

تسعة طهاة من لبنان وفرنسا اختارتهم السفارة الفرنسية في بيروت ليوقعوا بأناملهم «يوم النكهة الفرنسية» الذي سيجري غدا. هذا التقليد الذي يقام للسنة الثانية على التوالي، هدفه نشر خصائص المطبخ الفرنسي في كل أنحاء العالم وفي القارات الخمس. وفي هذه المناسبة سيجتمع تحت هذا العنوان 1000 طاه يتوزّعون على بلدان مختلفة ومن بينها لبنان، منضوين تحت راية فن الطبخ الفرنسي.
ويرتكز هذا الحدث على اختيار عدد من المطاعم والفنادق في كل بلد، ليكونوا خير ممثّل للمطبخ الفرنسي الذي ما زال يتربّع على عرش فنون الطعام في العالم. وبذلك سيتسنّى لمتذوّقيه أن يتمتعوا بتناول أطباق فرنسية أصيلة تتنوّع ما بين المقبلّات والسلطات والأطباق الأساسية، المحضّرة من اللحوم على أنواعها والسمك وثمار البحر.
وفي مؤتمر صحافي عقد في «قصر الصنوبر» في بيروت، بدعوة من السفارة الفرنسية، تعرّف أهل الصحافة والإعلام على الطهاة التسعة المشاركين في هذا الحدث، وبينهم أربعة لبنانيين وهم يوسف عقيقي وأمين أبو غصن وجورج منصور وحسّان حجازي. أما المطاعم التي ستستضيف هذا الحدث فهي «بيرغاندي» (وسط بيروت) و«سيدنيز» (فندق لو فاندوم) و«بيرجيراك» و«فريد» وفندقا «أومونو» و«لوغبريال» (الأشرفية)، إضافة إلى كلّ من فندق «غراند هيلز» (بيت مري) ومطعمي «مارتينغال» (كازينو لبنان) و«تايلران» (القنطاري).
أما الطهاة الفرنسيون المشاركون في الحدث فهم: ألكسي كلايرول وسيلفان أرتوس وباتريك بورا وجيروم أنفراي.
وألقى سفير فرنسا في لبنان إيمانويل بون كلمة في المناسبة أكد فيها أن هذا الحدث هو بمثابة عيد الموسيقى لذوّاقة الطعام الفرنسي، بحيث سيتاح لهؤلاء التمتّع بأسلوب عيش على الطريقة الفرنسية، لا سيما وأنه أحد الفنون التي تخاطب القلب والروح والمعدة معا. وأضاف: «هناك أسلوب عيش يجمع ما بين اللبنانيين والفرنسيين في هذا الصدد، فنجتمع على المائدة، نتسامر ونأخذ وقتنا في التمتع بما نتناوله. كما أن فنّ الطبخ بحدّ ذاته ليس جامدا بل هو في حالة تطوّر دائم، كما أنه أيضا بمثابة فنّ علماني، ووجه من وجوه الحياة الفرنسية وقوّة اقتصادية تتمتع بها فرنسا».
وختم مشيرا إلى أن القارات الخمس ستشارك في هذا الحدث من خلال 1000 طاه و1000 لائحة طعام لأطباق فرنسية، سيساهمون في هذا الحدث الكلّ من موقعه مساء 21 الحالي، لافتا إلى أن «قصر الصنوبر» بدوره، يستضيف هذا الحدث من خلال دعوته لستّين شخصا، سيتناولون الطعام الفرنسي كما حضّره وأعدّه لهم شيف القصر سيباستيان بيشورو.
وأشار هذا الأخير في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه سعيد بالمشاركة في هذا الحدث للسنة الثانية على التوالي، لافتا إلى أن عملية اختيار المطاعم المشاركة في «يوم النكهة الفرنسية» ترتكز على تسميتهم من قبل أفراد طاقم السفارة بعد جولات يقومون بها على بعض المطاعم المختصّة في المطبخ الفرنسي في لبنان. وأكد أن المطاعم تمّ اختيارها نظرا لتفوّق طهاتها وتميّزهم في تقديم هذا المطبخ، وقد سبق وشاركت أيضا في هذا الحدث العام الماضي. وعما إذا هذه اللائحة ستبقى هي نفسها للسنوات المقبلة قال: «لا أدري إذا ما سيكون هناك نسخة ثالثة، ولكننا بالطبع سنركّز خياراتنا على من هم الأفضل في هذا المجال».
أما الشيف اللبناني يوسف عقيقي والذي يعدّ واحدا من أهم الطهاة المتخصصين في المطبخ الفرنسي في لبنان، فقد أشار إلى أن لائحة الطعام التي حضّرها لهذه الليلة في مطعم (بيرغاندي) تتضمن:(croustilled’anguille fumee) معطّرة بثمار الحمضيات، و(شرائح سمك السلمون) النصف مطهية مع قشرة الحمضيات، و(escargots de Bourgogne) المعطّرة بالطرخون (estragon)، والمرفق مع موسلين البطاطا المهروسة، إضافة إلى أطباق أخرى (turbot grille a la plancha) مع مهروس الباذنجان المدخّن والخضراوات. وأكد في سياق حديثه لنا أنه يشارك في هذا الحدث للمرة الثانية، وأنه يبذل الجهد الدائم لتقديم الطعام الفرنسي بمواصفات رفيعة المستوى وعلى أفضل وجه، وأن عنوانه العريض في هذا المجال يرتكز على معادلة مؤلّفة من الجودة والدقة والشغف.
أما الشيف الفرنسي جيروم أنفراي (فندق أومونو)، الذي بدا سعيدا بالمشاركة بهذا الحدث للمرة الثانية أيضا، فقد اعتبر أن التطوّر أهم ما يشهده المطبخ الفرنسي حاليا، وأن اللبنانيين يعدّون من أهم الذوّاقة له.
ورأى الشيف أمين بو غصن، أن اختياره للمشاركة في هذا الحدث جاء نتيجة إعجاب السفير الفرنسي شخصيا بالأطباق التي يحضّرها في فندق «لو غبريال»، وأن نوعية الطعام إضافة إلى كيفية تقديمه يشكّلان العنصرين المهمّين على المائدة، وأنه أخذ على عاتقه هذا العام تقديم لائحة طعام منوّعة فيها الربيان وسمك السلمون وجبنة الروكفور وغراتان المحار، إضافة إلى غيرها من الأطباق الفرنسية كقطعة اللحم من نوع (chevreuil roti) والمرفقة مع خضراوات الهليون والخرشوف. ومن بين أطباق الحلوى التي يقدّمها «جبنة الكاميمبير بالفرن» مع جوز الهند وكومبوت والفواكه الاستوائية و«Dacquoisepistache» مع المشمش وصلصة الشوكولاته.
أما الشيف جورج منصور الذي تمّت تسميته من خلال أطباقه المميزة في مطعم «سيدنيز» في فندق (لو فاندوم)، فأكد أن خبرته الطويلة في مجال الطهو تعود لأكثر من 15 سنة مع فريق من الطهاة الفرنسيين، فزوّدته بخبايا هذا المطبخ وفنونه، وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عملت بجهد للوصول إلى هذا المستوى في فنّ الطبخ الفرنسي، وهو مجال واسع كون مطبخه عريقا وقديما والأكثر شهرة في العالم. كما أن اختياري من قبل السفارة الفرنسية للمشاركة في (يوم النكهة الفرنسية) الذي يقام في العالم أجمع، يحفّزني للاطلاع أكثر فأكثر على فنون المطبخ الفرنسي وخباياه، فأكون على أفضل مستوى».
صاحب مطعم «بيرجيراك» مارك نعمان، أشار من ناحيته إلى أن هذه المشاركة تعني له الكثير، وهي تضعه على لائحة العالمية من حيث الأطباق التي يقدّمها وطريقة تحضيرها من قبل الشيف الفرنسي ألكسي كلافايرول. وقال: «نحن فخورون كوننا نمثّل لبنان في المطبخ الفرنسي، خصوصا وأن أطباقنا مستوحاة من صلب جنوب غربي فرنسا، وهو ما يميّزنا عن غيرنا من المطاعم المشاركة في الحدث». أما عن أنواع الأطباق المقدّمة في مطعمه مساء 21 الحالي، فلخّصها بـ(petits gris au bleu de brebis et comteaffine,tartine de seigle)، و(Merou,polenta aux olives et bonbons de tomatesconfites)، وأخيرا (Fondant de boeuf aux jus de cepes).
ومن أنواع الحلويات التي سيقدّمها مطعم «فريد» في الأشرفية، «سوربيه بالزنجبيل والفراولة، باليه الشوكولاته مع الفانيلا، وكريما براليني مثلّجة».
ليلة فرنسية بامتياز سيمضيها ذوّاقة المطبخ الفرنسي في تسعة مطاعم لبنانية متخصصة، يستمتعون بتناول أطباق تمّ تحضيرها بنفس مستوى تلك المقدّمة في قلب فرنسا، فتكون خير مناسبة للاحتفال بوصول فصل الربيع وعيد الأمّ معا.



المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
TT

المؤثرة «ماما الطبّاخة» نموذج للمرأة العربية العصامية

تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)
تقول إن مهنتها صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء (ماما طباّخة)

تلتصق بالأرض كجذور شجرة منتصبة تصارع العواصف بصلابة بانتظار الربيع. زينب الهواري تمثل نموذجاً للمرأة العربية المتمكنّة. فهي تطهو وتزرع وتحصد المواسم، كما تربّي طفلتها الوحيدة المقيمة معها في إحدى البلدات النائية في شمال لبنان. غادرت زينب بلدها مصر وتوجّهت إلى لبنان، ملتحقة بجذور زوجها الذي رحل وتركها وحيدة مع ابنتها جومانا. تركت كل شيء خلفها بدءاً من عملها في وزارة الثقافة هناك، وصولاً إلى عائلتها التي تحب. «كنت أرغب في بداية جديدة لحياتي. لم أفكّر سوى بابنتي وكيف أستطيع إعالتها وحيدة. أرض لبنان جذبتني وصارت مصدر رزقي. هنا كافحت وجاهدت، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي رحت أنشر ما أقوم به. توسّع جمهوري ليطول الشرق والغرب. اليوم تنتظرني آلاف النساء كي يتعلمّن مني وصفة طعام لذيذة. وكذلك يكتسبن من منشوراتي الإلكترونية كيفية تحضير المونة من موسم لآخر».

"ماما الطبّاخة" تزرع وتسعد بحصاد موسم الخرشوف (ماما طباّخة)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتها المليئة بمواقف صعبة. «كانت ابنة أختي التي رحلت في زمن (كورونا) هي ملهمتي. قبلها كنت أجهل كيف أتدبّر أمري. فتحت لي حساباً إلكترونياً، ونصحتني بأن أزود المشاهدين بوصفات طعام. وانطلقت في مشواري الجديد. لعلّ جارتي أولغا هي التي لعبت الدور الأكبر في تقدمي وتطوري. علّمتني طبخات لبنانية أصيلة. كما عرّفتني على أنواع المونة اللبنانية اللذيذة. كل ما أقوم به أصنعه من مكونات طبيعية بعيداً عن أي مواد كيمائية. أزرع وأحصد وأطهو على الحطب. أعيش بسلام في قرية نائية مع ابنتي. هنا اكتشفت معنى الحياة الهانئة والحقيقية».

تحب تحضير الطعام كي تسعد الناس حولها (ماما طباّخة)

قصتها مع الطبخ بدأت منذ كانت في الـ13 من عمرها. «كانت والدتي تعمل فأقوم بمهام المطبخ كاملة. صحيح أنني درست الفنون الجميلة، ولكن موهبة الطهي أسرتني. في لبنان بدأت من الصفر عملت في مطعم وتابعت دورات مع شيف عالمي. اكتسبت الخبرة وتعلّمت أصول المطبخ الإيطالي والصيني. ولكنني عشقت المطبخ اللبناني وتخصصت به».

تصف حياتها بالبسيطة وبأنها تعيش ع «البركة» كما يقولون في القرى اللبنانية. وعن منشوراتها تقول: «أحضّر الطبق مباشرة أمام مشاهديّ. وكذلك أي نوع مونة يرغبون في تعلّم كيفية تحضيرها. أمضي وقتي بين الأرض والحصاد والطبخ. أجد سعادتي هنا وبقربي ابنتي التي صارت اليوم تفضّل الاعتناء بالدجاج وقطف المحصول على أن تنتقل إلى بيروت. إنها ذكية وتحقق النجاح في دراستها. أتمنى أن تصل إلى كل ما تحلم به عندما تكبر. فكل ما أقوم به هو من أجل عينيها».

مع ابنتها جومانا التي تساعدها في تحضير منشوراتها الإلكترونية (ماما طباّخة)

وعن سرّ أطباقها اللذيذة ووصفاتها التي وصلت الشرق والغرب تقول: «أحب عملي، والنجاح هو نتيجة هذا الحبّ. لطالما كنت أبحث عما يسرّ من هم حولي. ومع الطبق اللذيذ والشهي كنت أدخل الفرح لمن يحيط بي. اليوم كبرت دائرة معارفي من الجمهور الإلكتروني، وتوسّعت حلقة الفرح التي أنثرها. وأسعد عندما يرسلون إلي نجاحهم في وصفة قلّدونني فيها. برأيي أن لكل ربّة منزل أسلوبها وطريقتها في تحضير الطعام. وأنصح النساء بأن تحضّرن الطعام لعائلتهن بحبّ. وتكتشفن مدى نجاحهن وما يتميّزن به».

لقبها «ماما الطبّاخة» لم يأتِ عن عبث. وتخبر «الشرق الأوسط» قصّتها: «كانت جومانا لا تزال طفلة صغيرة عندما كان أطفال الحي يدعونها لتناول الطعام معهم. ترفض الأمر وتقول لهم: سأنتظر مجيء والدتي فماما طباخة وأحب أن آكل من يديها. وهكذا صار لقب (ماما الطباخة) يرافقني كاسم محبب لقلبي».

ببساطة تخبرك زينب كيف تزرع وتحصد الباذنجان لتحوّله إلى مكدوس بالجوز وزيت الزيتون. وكذلك صارت لديها خبرة في التعرّف إلى الزعتر اللذيذ الذي لا تدخله مواد مصطنعة. حتى صلصة البيتزا تحضّرها بإتقان، أمام كاميرا جهازها المحمول، وتعطي متابعيها النصائح اللازمة حول كيفية التفريق بين زيت زيتون مغشوش وعكسه.

تحلم زينب بافتتاح مطعم خاص بها ولكنها تستدرك: «لا أملك المبلغ المالي المطلوب، إمكانياتي المادية بالكاد تكفيني لأعيل ابنتي وأنفّذ منشوراتي الإلكترونية. فشراء المكونات وزرع المحصول وحصاده والاعتناء بالأرض عمليات مكلفة مادياً. والأهم هو تفرّغي الكامل لعملي ولابنتي. فأنا لا أحب المشاركة في صبحيات النساء وتضييع الوقت. وعندما أخلد إلى النوم حلم واحد يراودني هو سعادة ابنتي».

مؤخراً صارت «ماما الطبّاخة» كما تعرّف عن نفسها على صفحة «تيك توك»، تصدّر المونة اللبنانية إلى الخارج: «زبائني يتوزعون على مختلف بقاع الأرض. بينهم من هو موجود في الإمارات العربية والسعودية ومصر، وغيرهم يقيمون في أستراليا وأوروبا وأميركا وبلجيكا وأوكرانيا. أتأثر إلى حدّ البكاء عندما ألمس هذا النجاح الذي حققته وحدي. واليوم صرت عنواناً يقصده كل من يرغب في الحصول على منتجاتي. وأحياناً سيدة واحدة تأخذ على عاتقها حمل كل طلبات جاراتها في بلاد الاغتراب. إنه أمر يعزيني ويحفزّني على القيام بالأفضل».

لا تنقل أو تنسخ زينب الهواري وصفات طعام من موقع إلكتروني أو من سيدة التقتها بالصدفة. «أتكّل على نفسي وأستمر في المحاولات إلى أن أنجح بالطبق الذي أحضّره. لا أتفلسف في وصفاتي، فهي بسيطة وسريعة التحضير. أدرك أن مهنتي صعبة وتصلح للرجال أكثر من النساء. ولكنني استطعت أن أتحدّى نفسي وأقوم بكل شيء بحب وشغف».