جنوب السودان يرفض اتهامات الخرطوم بدعم حركات التمرد

تهديد جوبا باتخاذ إجراءات جديدة بإغلاق الحدود بين الدولتين

جنوب السودان يرفض اتهامات الخرطوم بدعم حركات التمرد
TT

جنوب السودان يرفض اتهامات الخرطوم بدعم حركات التمرد

جنوب السودان يرفض اتهامات الخرطوم بدعم حركات التمرد

عبرت دولة جنوب السودان عن استغرابها لتهديد الحكومة السودانية بإغلاق الحدود المشتركة بين البلدين، وأعلنت أن رئيس الدولة، التي استقلت حديثًا عن السودان، سيرسل مبعوثًا خاصًا عنه إلى الخرطوم في الأيام القادمة، كما سيجري سلفا كير اتصالاً هاتفيًا بنظيره عمر البشير في وقت قريب، كما نفت جوبا بشدة دعمها لحركات التمرد ضد الخرطوم، ردًا على الاتهامات الأخيرة لها بالاستمرار في دعم الحركات المسلحة، التي تحارب في دارفور، والحركة الشعبية التي تقاتل في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، مؤكدة أنها سحبت قواتها لمسافة خمسة أميال، جنوب حدود 1956 الفاصلة بين الدولتين، ومنذ إصدار الرئيس كير تعليماته بهذا الشأن في فبراير (شباط) الماضي.
ورفض ويك تنيج ويك، السكرتير الصحافي لرئيس جنوب السودان بشدة اتهام الخرطوم لبلاده بدعم المتمردين في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجبال النوبة، وقال إن جنوب السودان تواجه مشكلات اقتصادية صعبة، وليس من مصلحتها أو بإمكانها تقديم أي دعم لأي جهة، خاصة وأن مصالحها الكبرى ترتبط مع السودان، معترفًا بأن الحدود الطويلة بين البلدين، والتي تمتد على مسافة ألفي كلم لا يمكن ضبطها من قبل البلدين، ونافيًا وجود أي طلب من الخرطوم لحكومته بفتح الحدود للقوات السودانية باستخدام أراضي بلاده لمطاردة الحركات التي تقاتل حكومة البشير.
وأشار ويك إلى أن الرئيس سلفا كير سيجري اتصالاً هاتفيًا مع البشير حول هذا الشأن، وقال إنه «إذا تم ترتيب مع المبعوث الخاص للرئيس سلفا، أو بين وزارتي الخارجية في البلدين، لعقد لقاء قمة بين الرئيسين، فإن جوبا ستقرر في ذلك»، مؤكدا في الوقت ذاته انسحاب وحدات جيش جنوب السودان على الحدود مع السودان منذ قرار رئيس الدولة الشهر الماضي تمهيدًا لفتح الحدود بين البلدين، وتابع موضحا: «نحن ملتزمون باتفاق التعاون المشترك مع الخرطوم، وقد امتثلت قواتنا لتعليمات الرئيس كير، القائد العام للجيش الشعبي».
في غضون ذلك، هدد مساعد الرئيس السوداني ونائبه في حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم محمود دولة جنوب السودان باتخاذ إجراءات جديدة بإغلاق الحدود بين الدولتين مرة أخرى، متهمًا جوبا بأنها ما زالت تواصل دعم الحركات المتمردة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وقال إن الرئيس عمر البشير عقد لقاءً مع رئيس الآلية الأفريقية الرفيعة ثابو مبيكي أول من أمس، تطرق إلى استمرار جوبا في دعم المعارضة المسلحة ضد بلاده، وناقش تنفيذ اتفاقيات التعاون المشترك مع جنوب السودان، والتي تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار بين البلدين.



روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)

سعت موسكو خلال مؤتمر وزاري روسي أفريقي عقد السبت والأحد في سوتشي (جنوب غرب) إلى فرض نفسها شريكاً لا غنى عنه للدول الأفريقية، واعدة بتقديم «دعم كامل» لها في «عالم متعدد الأقطاب» يروج له الكرملين بمواجهة الغرب.

وبعدما كانت موسكو خلال الحقبة السوفياتية لاعباً رئيسياً في أفريقيا، تعمل منذ سنوات على إعادة تعزيز نفوذها في دول القارة التي لم تنضم إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، في كلمة موجهة إلى كبار المسؤولين من نحو خمسين دولة أفريقية في سوتشي، أن «بلدنا سيواصل تقديم دعمه الكامل لأصدقائنا الأفارقة في مجالات مختلفة». وقال في الكلمة التي تلاها وزير الخارجية سيرغي لافروف إن هذا الدعم قد يكون على صعيد «التنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والأمراض الوبائية، وحل المشاكل الغذائية أو تبعات الكوارث الطبيعية». وأعرب الرئيس الروسي عن أمله في تعزيز «العلاقات الروسية الأفريقية بمجملها»، في ختام المؤتمر الذي عقد استكمالاً لقمتين بين موسكو والقارة استضافتهما روسيا في عامي 2019 و2023.

روسيا «ليست قوة استعمار»

وأكد لافروف أن كلاً من روسيا والدول الأفريقية يلمس «تقدماً على كل محاور» التعاون، «رغم العقبات المصطنعة» التي طرحها «الغرب الجماعي»، وهو التعبير الذي تستخدمه موسكو للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها. ويأتي «مؤتمر سوتشي» بعد قمة لدول «مجموعة بريكس» استضافتها مدينة قازان في جنوب غربي روسيا الشهر الماضي، سعى بوتين خلالها إلى إظهار فشل سياسة العزل والعقوبات التي يتبعها الغرب ضده. وتقوم استراتيجية روسيا لبسط نفوذها الإعلامي في أفريقيا، ولا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على التنديد بـ«الاستعمار الجديد»، داعية إلى «نظام عالمي أكثر عدلاً»، وهو خطاب يلقى استجابة لدى قسم من المسؤولين الأفارقة. وأكد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب السبت على هامش المؤتمر أن «روسيا ليست قوة استعمارية»، و«لم تكن يوماً قوة استعمارية». وتابع: «بل على العكس، كانت بجانب الشعوب الأفريقية وشعوب أخرى في العالم لمساعدتها على الخروج من النظام الاستعماري». وفي المقابل، يتهم كثير من المسؤولين الغربيين موسكو بشن حرب إمبريالية في أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة.

معادن وأمن ومجال رقمي

وتنشط مجموعات مرتزقة روسية، مثل مجموعة «فاغنر»، أو مجموعة «أفريقيا كوربس» التي خلفتها، في أفريقيا دعماً للحكومات المحلية، فيما يعمل «مستشارون»، وفق موسكو، لمساعدة مسؤولين محليين. وينطبق ذلك بصورة خاصة في أفريقيا الوسطى ودول الساحل، حيث ترافق تنامي النفوذ الروسي مع تراجع النفوذ الفرنسي. وفي عام 2023، زوّدت روسيا أفريقيا أسلحة بقيمة تزيد على خمسة مليارات دولار، وفقاً لشركة «روسوبورون إكسبورت» الحكومية، لكنّ المسؤولين المجتمعين في سوتشي يعدون أن الدعم يجب أن يمضي أبعد من المسائل الأمنية. وقالت ماري تيريز شانتال نغاكونو مفوضة البنى التحتية في المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا: «يجب تطوير المجال الرقمي في وسط أفريقيا» بمواكبة روسية، حسبما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية». وتبدي مجموعات روسية كبرى اهتماماً خاصاً باستغلال المواد الأولية في أفريقيا، ولا سيما الألماس في أنغولا وزيمبابوي، والنفط في نيجيريا وغانا والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والبوكسيت في غينيا. وقال يانغ بييرو أوماتسايي مؤسس منظمة «جيت إيج نايشن بيلدرز» التي تعمل لتشجيع تقدم القارة الأفريقية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لدينا أكثر من 75 معدناً في أفريقيا، ولا يتم استغلالها بالطريقة المناسبة». وتابع السياسي النيجيري أنه «بفضل شراكة مع روسيا»، أحد كبار مصدري الغاز والنفط والألماس في العالم: «سنتمكن من استخدام هذه الموارد بصورة جيدة». لكن بكاري سامبي مدير معهد «تمبكتو» في السنغال رأى أن الشراكة مع روسيا على المدى البعيد تطرح تساؤلات، موضحاً: «هل ستولي روسيا أفريقيا الاهتمام ذاته إن انتهت الحرب في أوكرانيا؟»، وهل الشراكة مع أفريقيا تمثل «أولوية استراتيجية حقيقية» أم اهتماماً ظرفياً على ارتباط بصراعها مع الغرب؟