نجاحات وإخفاقات الجولة الأولى من المحادثات السورية

مصادر غربية لـ «الشرق الأوسط» : وضع حسن في الأسبوع الأول من «جنيف» قلب المعادلات السياسية والدبلوماسية لصالحها

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا  يغادر قاعة المؤتمرات في قصر الأمم في جنيف أول من أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يغادر قاعة المؤتمرات في قصر الأمم في جنيف أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

نجاحات وإخفاقات الجولة الأولى من المحادثات السورية

المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا  يغادر قاعة المؤتمرات في قصر الأمم في جنيف أول من أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا يغادر قاعة المؤتمرات في قصر الأمم في جنيف أول من أمس (إ.ب.أ)

كان قصر الأمم في جنيف مقفرا أمس، وسيكون حاله اليوم كذلك، بعد أن هجره الدبلوماسيون والمفاوضون والصحافيون عقب أسبوع حافل باللقاءات التي كان محورها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا. ثلاثة اجتماعات رسمية مطولة مع وفدي كل من الهيئة العليا للمفاوضات، والنظام، ولقاءات أخرى مع «مجموعة موسكو - القاهرة»، و«معارضة الداخل»، فضلا عن «مجلس النساء السوريات».. كلها شهدتها الأيام الخمسة من الجولة الحالية للمحادثات غير المباشرة التي تنتهي يوم الأربعاء المقبل.
غدا الاثنين سيعود النشاط إلى قصر الأمم، ويريد المبعوث الدولي أن يحقق «شيئا ما» رغم اعترافه، في آخر حديث له للصحافة، بأن «الهوة ما زالت كبيرة» بين مواقف المعارضة والنظام. ويريد دي ميستورا أن يحصل من الطرفين على إجابات عن الأسئلة المكتوبة التي طرحها عليهما، وتتناول تصورهما للمرحلة الانتقالية، وآلية السير بها، ومحطاتها الزمنية، وهيئة الحكم الانتقالي التي يفترض أن تعود إليها الصلاحيات التنفيذية وفق بيان جنيف لصيف عام 2013 وللقرارين الدوليين رقمي «2118» و«2254». ووفق مصادر دبلوماسية غربية تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن عين المبعوث الدولي ستكون متجهة نحو موسكو والنتائج التي من المنتظر أن تسفر عنها زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إليها. ويعول دي ميستورا عليها للسير قدما في مهمته وتذليل العقبات التي أعاقت تقدمه ليس فقط في الميدان السياسي، ولكن أيضا في موضوع إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق الـ21 التي ما زالت محرومة منها، وإخلاء المرضى، وإطلاق المعتقلين بدءا بالنساء والأطفال.
ما الذي تحقق في خمسة أيام من المحادثات؟ تقول المصادر الغربية التي تواكب المحادثات عن قرب، إن «الإنجاز» الأول يتمثل في أن هذه المحادثات ما زالت مستمرة ولم تنقطع ولم تؤجل ولم يغادرها أحد؛ مما يعني أحد أمور ثلاثة: الأول، أن كل طرف لا يريد تحمل مسؤولية نسف المحادثات القائمة بفضل إرادة دولية وانخراط الطرفين الكبيرين وهما موسكو وواشنطن فيها. والثاني، أنه يعدها «غرفة انتظار» حتى تتبين حقيقة المواقف الإقليمية والدولية وكيفية التعامل معها وانعكاساتها على مواقعه وطموحاته. أما الاحتمال الثالث، فهو أنه يريد فعلا تجربة ما يمكن أن تفضي إليه العملية السياسية من نتائج إذا تبين وجود قرار دولي بتثبيت الخطوط الميدانية على ما هي عليه اليوم، وبالتالي خروج طموح الغلبة العسكرية من المعادلة.
بيد أن «الإنجاز» الأهم الذي شهده الأسبوع الأول يتمثل في عودة عملية الانتقال السياسية لاحتلال واسطة العقد في المحادثات؛ الأمر الذي يعد كسبا لوفد الهيئة العليا للتفاوض التي ما فتئت، منذ اليوم الأول، تركز عليها وتعمل لتظهير تصورها لها. ونال وفدها أكثر من مرة تنويها من المبعوث الدولي للورقة المفصلة التي قدمها وتتضمن تصورا للعملية السياسية وتشكيل الهيئة التي ستناط بها. وبعكس ذلك، فإن دو ميستورا اتهم صراحة وفد النظام بالمماطلة وكسب الوقت، ودعاه أكثر من مرة إلى التوقف عن إثارة المسائل الإجرائية أو الاكتفاء بالتمسك بتعداد المبادئ المتضمنة في الورقة التي قدمها رئيس وفد النظام بشار الجعفري للمبعوث الدولي تحت عنوان: «عناصر الحل السياسي». ويريد المبعوث الدولي من الطرفين أجوبة عن الأسئلة التي قدمها للوفدين، والتي يريد الانطلاق منها والبناء عليها لتظهير «نقاط الالتقاء» بينهما، وتعميق فهم تصور كل منهما للخطوات اللاحقة ليتم عندها الانتقال من المحادثات غير المباشرة إلى مرحلة التفاوض المباشر بعد أن يكون قد حضر الأرضية.
تقول المصادر الغربية إن أهم ما تحقق في جنيف هو «انقلاب الموازين». وفيما النظام يجد نفسه في وضع أقوى بعد النجاحات التي حققها ميدانيا بفضل التدخل الروسي المكثف إلى جانب قواته والميليشيات التي تدعمه، فإن ميزان القوى الدبلوماسي مخالف تماما؛ إذ إن النظام في وضع «دفاعي»، لا بل إنه يظهر بمظهر «الطرف الضعيف» الذي يحتمي وراء المناورات وغرضه تأجيل أو منع الوصول إلى البحث في عملية الانتقال السياسي. ومما استجد على المعارضة أنها أصبحت اليوم ورغم هناتها التنظيمية «أكثر خبرة» في التعاطي الدبلوماسي، وأيضا الإعلامي؛ حيث إن لها فريقا مهنيا ينظم لقاءاتها الإعلامية ويساعدها على إيصال صوتها.
بيد أن هذه «النجاحات» الدبلوماسية، رغم أنها لم تفض بعد إلى أي نتيجة «ملموسة»، تبقى رهن الهدنة التي بدأت بتوافق روسي - أميركي في 27 من فبراير (شباط) الماضي. ويرى أكثر من مصدر دبلوماسي يرافق مجريات جنيف أنها «ستبقى هشة ومعرضة للانتكاسات ما دام لم يتحقق أي تقدم يذكر على الصعيد السياسي».
يبقى أن «جنيف» ترافقت مع إخفاقات على الصعيد الإنساني؛ حيث إن المساعدات لم تصل بعد، وفق يان ايغلاند، مساعد دي ميستورا للشؤون الإنسانية، إلى مئات الآلاف من السوريين المحاصرين على الأقل في 12 منطقة، وذلك رغم الهدنة. وقد ندد ايغلاند في الأيام الماضية وأكثر من مرة بـ«عدم تعاون» النظام. أما الإخفاق الثاني، فيتناول ملف المعتقلين، وهم بعشرات الآلاف الذي لم يتحقق فيه أي إنجاز. ووعد دي ميستورا بأن يولي هذا الملف الاهتمام الكافي، وأن يطلب المساعدة من الراعيين الدوليين. ويريد ايغلاند كذلك أن تتمكن فرق الصليب الأحمر والهلال الأحمر والمنظمات الإنسانية العاملة في سوريا، من إخراج المرضى وذوي الاحتياجات الخاصة من المناطق المحاصرة.
يبدو المبعوث الدولي مقتنعا بأن الجولة الأولى من المحادثات «لن تفضي إلى نتائج حاسمة»، لكنه يريد منها، خصوصا في الأيام الثلاثة المتبقية، أن تساعده عندما تستأنف المفاوضات في الأسبوع الأول من الشهر المقبل.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.